كتاب «القاهرة فى عيون الرحالة» نسخ فوتوغرافى لكتابى «رحلة فى زمان القاهرة» سذاجة المنتحل جعلته ينقل 160 صفحة دون تغيير
الجريمة امتدت إلى مقالاتى المنشورة بالهلال
أطالب وزارة الثقافة السعودية بحماية حقوقى ومحاسبة الجانى
فى وقت ينادى فيه العالم كله باحترام حقوق الملكية الفكرية للمبدعين والباحثين والمؤلفين، وتخصص الأممالمتحدة يوما عالميا لاحتفال بحقوق التأليف فى الثالث والعشرين من إبريل كل عام.. والأهم تسن القوانين والإجراءات التى تجرم وتحرم مبدأ الاستيلاء على أفكار وإبداعات وأبحاث وابتكارات الغير، وإلا فالعقوبات الصارمة، والغرامات الضخمة كفيلة بردع كل «لص» تسول له نفسه الوقوع فى خطيئة سرقة مؤلفات غيره، نجد - مع الأسف - عالمنا العربى لا يزال متأخرا خطوات فى مجال حماية حقوق الملكية الفكرية عموما، وحق المؤلف، والحقوق المجاورة له على وجه الخصوص، سواء بسبب ضعف الردع القانونى، أم طول فترة التقاضى، واضطرار صاحب الحق للدخول فى متاهات المحاكم ربما لعدة سنوات، أوحتى لتواطؤ «جهات رسمية» من المفترض حيادها، ونزاهتها، مع اللصوص والمنتحلين، ولعل هذا كله، وغيره هو ما أغرى «تاجر شاى» سعودى يدعى محمد بن سعود، حسبما تقول الوثائق والمستندات، والتى قدمها لنا الباحث والكاتب والمترجم المصرى، عرفة عبده على، فضلا عن روايته الشخصية للواقعة، أغرته بانتحال صفة مؤلف، والاستيلاء على كتاب «رحلة فى زمان القاهرة» للكاتب المصرى عرفة عبده على، والذى صدر عام 1990 عن مكتبة مدبولى بالقاهرة، ليصدره المنتحل فى طبعة فاخرة تحت عنوان «القاهرة فى عيون الرحالة»، على نفقته الخاصة عام 2008، فى جريمة سرقة أدبية أثارت ولا تزال أصداء واسعة بين المثقفين والمبدعين فى مصر والعالم العربى. ليس فقط باعتبارها جريمة عبر وطنية، تعدت الحدود الوطنية لمؤلفها الأصلى إلى حدود دولة أخرى، ولكون المنتحل غير تقليدى، فهو ليس ممن يعملون بالبحث والتأريخ، أو حتى التأليف الإبداعى، ولا من هؤلاء المنتحلين الذين يتسترون وراء لقب «دال نقطة» الذى يسبق أسماءهم، ويمنحهم هالات كاذبة يظنون أنها تصرف النظر عن سرقاتهم الأدبية والبحثية، إنما مجرد تاجر، أغلب الظن أراد أو أغراه بعضهم، بأن يجمع بين المجد المالى الذى حققه من تجارة الشاى المربحة جدا فى بلادنا، وبين المجد الأدبى بالانضمام زورا وبهتانا إلى نخبة الكتّاب والمفكرين والمبدعين بل الباحثين، فأوقعته رغبته الشريرة، وشعوره الفاسد بأن من يمتلك المال يمكنه شراء أى شىء وكل شىء، أوقعته فى جريمة سرقة أدبية شديدة الفجاجة والسذاجة معا، تماما مثله، مثل أى «لص جديد فى الصنعة»، فقام باختيار مؤلف معظم مراجعه النظرية باللغة الفرنسية التى يجيدها مؤلف الكتاب الأصلى «عرفة عبده»، إجادة تامة، فضلا عن سلسلة من الأبحاث الميدانية فى أزمة وحوارى القاهرة التى لا يعرفها معظم القاهريين أنفسهم، بل قام بسذاجة يحسد عليها «هو أو من قاموا له بالمهمة»، قام بالنقل الفوتوغرافى لفصول الكتاب الأصلى بمعظم عناوينها بهوامشها وهمزاتها وفصلاتها.. مضيفا إليها خمسة مقالات أخرى نشرها المؤلف عرفة عبده فى الموضوع ذاته لاحقا ليبلغ مجموع الصفحات المسروقة بالنص 160 صفحة كاملة، وقد هالنا عند فحصها التطابق المطلق، كلمة بكلمة، و«حافرا على حافر» فى استباحة لأفكار وجهود غيره عمدا مع سبق الإصرار، وكأنه تأليف بوضع اليد، وهو ما دفعنا إلى إثارة القضية فى صرخة حق وعدل إلى جميع الجهات المعنية فى السعودية ومصر وكل عالمنا العربى لعلها تجد من النزاهة والحسم ما يعيد الحق لصاحبه، ويحاسب المنتحل على جريمته، ويردع «لصا» جديدا عن سرقته. سرقة غير مسبوقة سألت الباحث والكاتب عرفة عبده على.. كيف علمت بسرقة كتابك «رحلة فى زمان القاهرة» فقال لى: عام 2012 علمت بأمر هذا الكتاب المسروق من كتابى «رحلة فى زمان القاهرة» مع تغيير العنوان إلى “القاهرة فى عيون الرحالة” لكاتب سعودى يدعى “محمد بن سعود الحمد” عن طريق صحفى صديق بمجلة الهلال، فقد أهداه نسخة من الكتاب، ولأن هذا الصديق يعلم اهتمامى بالرحالة الذين وفدوا الى مصر وكتاباتى عنهم، خصوصا ما دونوه عن القاهرة، طلب منى الاطلاع عليه وبمجرد مطالعة المقدمة وجدتها نفس مقدمة كتابى “رحلة فى زمان القاهرة” والصادر عن مكتبة مدبولى عام 1990، وبتوالى الصفحات والفصول فوجئت بالسطو الهائل على نص الكتاب بل عناوين الفصول أيضا!.. ويبدو أن كتابى قد حاز إعجابه، حتى إنه أورد الهوامش والتعليقات بكتابى بنصها كاملة!.. ثم تتوالى المفاجآت عندما أضاف أيضا خمسة موضوعات نشرت لى بمجلة الهلال فى السياق ذاته.. ليصبح مجموع الصفحات المسروقة نحو 160 صفحة!.. وأحسبها حالة غير مسبوقة فى السرقة الأدبية. ويواصل الباحث المصرى عرفة عبده قائلا: وبمقارنة الكتابين اتضح لى أن هذا الكاتب السعودى قام بالاستيلاء على مقدمة الكتاب بالكامل من الصفحات 7 حتى 13 بهوامشها التى تحدث فيها عن سبب تأليفه لهذا الكتاب، كا استولى على فصل «القاهرة فى عيون الرحالة المسلمين» بالنص من الصفحات 17 حتى 26، وفصل مشاهدات ابن جبير فى القاهرة من الصفحات 27 إلى 33، وفصل القاهرة كما صورها البغدادى من الصفحات 41 - 46، وفصل من لم يرها لم يعرف عز الإسلام من الصفحات 47 حتى 50، وكذلك استولى بالنص على فصل بعنوان القاهرة، كما شاهدها النجيبى من الصفحات 51 إلى 57، والقاهرة فى عيون الرحالة الأوروبيين، وهو الفصل الذى جعله عنوانا رئيسيا لكتابه المسروق بعد حذف الأوروبيين، من الصفحات 58 إلى 64، وفصل بعنوان قاهرة القرن الخامس عشر من الصفحات 65 إلى70، كما استولى بالكامل على فصل المقريزى بالصفحات 71 إلى76، والقاهرة وليون الإفريقى بالصفحات 79 - 87، وقاهرة القرن السابع عشر من 88 إلى 91، وفصل الجبرتى والقاهرة من الصفحات 92 إلى 96، والقاهرة فى القرن الثامن عشر من الصفحات 97 - 104، وسافارى من الصفحات 105 - 110، كما استولى على فصل بعنوان وصف مصر من الصفحات 111 إلى 114، وجومار 114 إلى 128، وإدوارد لين من الصفحات 144 إلى 157، وس. لين بول من الصفحات 160 إلى 164 وفصل بعنوان جيرار دى نيرفال، من الصفحات 165 إلى 168. المثير للعجب أيضا أن المنتحل السعودى محمد بن سعود لم يكتف بالاستيلاء على فصول كتابى، بل استولى كذلك على خمسة مقالات لى عن القاهرة نشرت لمجلة الهلال، وأيضا بالنص دون تغيير حرف واحد ، هى: القرن 19 مع شامبليون، وجاء فى الصفحات من 129 إلى133 من كتابه المسروق، وهو المقال الذى سبق أن نشرته فى عدد إبريل عام 1994 بمجلة الهلال فى الصفحات من 114 حتى 121، كما استولى على مقالى ذات شتاء فى القاهرة، الذى جاء فى صفحات كتابه المزعوم من 174 حتى 183، بينما نشرت المقال ذاته فى عدد يناير من مجلة الهلال عام 1994 فى الصفحات من 110 إلى 121، وتكرر الأمر مع ثلاثة مقالات أخرى هى: ألف ميل صعودا فى النيل، والذى نشره فى الصفحات من 184 حتى 198، بينما نشرته فى عدد يوليو 1994 من مجلة الهلال بالصفحات من 109 إلى121، ومقال قاهرة الشرق، الذى نشره فى الصفحات من 199 إلى 206، بينما نشرته فى مجلة الهلال عدد سبتمبر 1997 بالصفحات 100 إلى 109، والمقال الخامس رائد الفن البريطانى، الذى نشره المنتحل السعودى فى صفحات 222 إلى 228، وكنت قد نشرته فى مجلة الهلال عدد ديسمبر عام 2003، بالصفحات من 196 حتى 205، بينما كتاب هذا المؤلف المزعوم محمد بن سعود وصدر عام 2008، وقد طبعه على نفقته الخاصة فى طبعة فاخرة، وقد علمت أنه «تاجر شاى»، وهذا ليس شيئا مشينا، وأنه من هواة قراءة كتب الرحلات، وقد وقع كتابى فى يده، و لسوء الحظ ظن أن أمواله التى ربحها من تجارة الشاى تبيح له سرقة مؤلفات الغير، وتحقيق مجد أدبى مزعوم دون وجه حق. تنقيب وعن فحوى الكتاب والجهد العلمى المبذول فيه، يضيف مؤلفه الأصلى عرفة عبده: من خلال إشرافى على مكتبة المعهد الفرنسى بالقاهرة لمدة 15 عاماً، لفت انتباهى أنه لا يوجد كتاب بالعربية يتحدث عن الرحالة والمستشرقين الذين زاروا القاهرة وكتبوا عنها، وقمت بالبحث والتنقيب فى المكتبة فى كتب الرحالة الأجانب، وبالنسبة للرحالة المسلمين ترددت على دار الكتب المصرية وبحثت فى مقتنياتها عن روائع الرحلات العربية وما كتب عنها، واستلزم الأمر أن أتردد أيضاً على مكتبة المعهد الألمانى بالقاهرة ومكتبة الجامعة الأمريكية العتيدة .. ووجدت نفسى فى بحر زاخر، وبالطبع لا يمكن الإلمام بكل هذه الرحلات فى كتاب واحد، ففكرت فى اختيار نصوص انتقائية، معظمها بالفرنسية التى أجيدها، وعمدت فى اختياراتى لهذه النصوص أن تشكل بانوراما أو صورة مكتملة الملامح عن مدينة القاهرة فى عصورها الإسلامية المتعاقبة: أسوارها وقلعتها الشهيرة ومعالمها الأثرية من قصور وبيوت وبرك وقناطر وعناصر العمارة الإسلامية من مساجد وأسبلة ووكالات وحمامات عامة، وعن تنوع أجناس أهلها ولغاتهم وأنماط حياتهم وتقاليدهم وعاداتهم وأعيادهم .. وإلى جانب ما بذلت من مجهود من انتقاء النصوص وترجمة المختارات من أصولها الفرنسية و دراسة الأبحاث التى تناولت هذه الرحلات، فقد قررت أن أضيف الجديد بالتحقق والدرس للأسبلة والوكالات والحمامات بشكل خاص، وأشرت إلى ما هو قائم منها أو قد اندثر (وأثق أن قدمى هذا المنتحل لم تطئا هذه الشبكة العنكبوتية من الشوارع الضيقة والحارات والأزقة فى أقدم أحياء القاهرة، ومن الصعب للغرباء بل وكثير من المصريين – الذين يجهلونها – أن يصلوا إليها، وعمدت إلى صياغة تعليقات وهوامش ( نقلها بالكامل ) عن المساجد والأسبلة والوكالات والحمامات وغيرها. ويواصل عبده عرفة: فى نهايات العام 2012 توجهت ومعى نسخ من الكتابين الأصلى والمسروق إلى المستشار الثقافى بالسفارة السعودية لحل الموضوع وديا دون اللجوء للقضاء.. تقدمت بمذكرة بالموضوع ومنذ خمس سنوات حتى يومنا هذا، كان الرد دائما أنهم لم يتوصلوا بعد الى عنوانه بالرياض!! فقمت بالكتابة إلى معالى وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشئون القانونية بالمملكة، وعرضت الموضوع موثقاً وتسلم مكتبه رسالتى فى 27 أكتوبر 2016 ولم يرد حتى الآن!! وتكرر الأمر مع لجنة حقوق المؤلف بوزارة الثقافة والإعلام السعودية، الذين أرسلت إليهم سبع مذكرات موثقة بالواقعة، ولم أتلق ردا سوى قبل أيام قليلة، جاءتنى رسالة على موقعى الإلكترونى تطالبنى بضرورة توكيل محام سعودى، أو الحضور بنفسى للمملكة لقبول الشكوى ومتابعتها، على الرغم من إرسالى لجميع المستندات التى تثبت واقعة سرقة مؤلفى. جريمة عرضنا الواقعة على المستشار القانونى خالد حمدان حمادة، الخبير فى مجال حماية حقوق المؤلف فقال: إن التوصيف القانونى لهذه الواقعة، هى سرقة لحقوق المؤلف الأصلى عرفة عبده، يجرمها القانون حماية حقوق الملكية الفكرية، ومنها حق المؤلف والحقوق المجاورة له، حيث قام المنتحل هنا بالاستيلاء على جهد غيره الفكرى والإبداعى، ووضع اسمه عليه، ثم قام بطبع ونشر المؤلف المسروق، ويدخل فى هذه المسئولية القانونية كل من أسهم بالترويج لهذا الكتاب المسروق طبقا لنص المادة 138 من القانون 82 لعام 2002 والمادة 143 التى أكدت أن حق المؤلف غير قابل للتقادم. وبسؤاله حول ضرورة ذهاب صاحب الحق الباحث عرفة عبده بنفسه إلى السعودية برغم إرساله للمستندات والوثائق التى تثبت أحقيته قال: إن قانون حماية حقوق الملكية الفكرية ألزم صاحب الدعوى، بأن تكون له صيغة شخصية كما فى حالتنا هذه، أو اعتبارية ليرفع الدعوى، ومن ثم عليه أن يرفع الدعوى بنفسه أو يوكل أحد المحامين لرفعها نيابة عنه ضد المنتحل السعودى. يؤكد طلعت زايد أمين عام الاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية بالجامعة العربية، أن الواقعة لها شقان الأول: عاجل هو بأن تأمر المحكمة السعودية بالتحفظ على نسخ الكتاب المنتحل فورا حتى نحرم المنتحل من ثمار قيامه بانتحال مؤلف من الغير، وإعادة الحق المعنوى أو الأدبى إلى صاحبه الأصلى، فهذا الحق هو ملك المؤلف عرفه عبده إلى الأبد، والشق الثانى هو خاص بالحقوق المادية من خلال الحكم بالتعويض المادى المناسب عن الضرر البالغ الذى لحق بالمؤلف الأصلى جراء هذه السرقة، مشيرا إلى استعداده لدعم المؤلف الأصلى فى إعادة حقوقه. دعوى عاجلة من جانبها نصحت د. نوران فؤاد المسئول عن حماية حق المؤلف بوزارة الثقافة المصرية الباحث عرفة عبده بسرعة التوجه إلى المكتب المصرى الدائم لحقوق المؤلف الذى يتبع المجلس الأعلى للثقافة ومقره دار الأوبرا بالقاهرة، وتقديم مذكرة بالواقعة مرفق بها كل المستندات والنسختين المسروقة والأصلية، ليقوم المكتب بتحريك دعوى لدى الجهات القضائية المختصة للتحقيق، واتخاذ اللازم. وتطالب د. نوران فؤاد بضرورة تفعيل قانون حماية حقوق الملكية الفكرية ليس فقط على الصعيد المحلى، بل فى الإطار العربى كله داعية مكتب حقوق الملكية الفكرية بالجامعة العربية واتحاد الكتاب العرب وغيرها من الوزارات والجهات العربية المعنية، بتنسيق وتوحيد جهودها لمكافحة جرائم السرقات الأدبية والعلمية والبحثية، سواء بعقد اتفاقية موحدة، أم حتى بتبادل بروتوكولات تعاون وتنسيق يحفظ حقوق المبدع والباحث والمؤلف العربى فى كل شبر من أرض عالمنا العربى.
اليوم العالمى لحق المؤلف بؤساء أولئك الذين اختاروا لأنفسهم عامدين متعمدين، أن يهبطوا فوق القمة «أية قمة»، علم أو فن أو أدب أو رياضة أو سياسة أو اقتصاد.. بالبارشوت أى «بارشوت»، محسوبية أو رشوة أو واسطة أو سرقة وانتحال، لأن من يرتكب هذه الخطيئة يجد نفسه أما أن يتجمد فوق قمته الزائفة، فيكون هو والعدم سواء، مهما حاول خداع الآخرين أو تنكشف خطيئته فيحلق فى الفراغ، فى رحلة هبوط إلى الأسفل، لا صعود بعدها. وقد ذكرتنى واقعة سرقة كتاب «رحلة فى زمن القاهرة» للصديق الباحث والكاتب المتميز عرفة عبده على، بواقعتين مشابهتين كنت طرفا فيهما الأولى حين نسبت للشاعر جميل عبد الرحمن والملحن نصر الصريف إحدى قصائدى فى واقعة مشهورة، وحين تقدمت بشكوى رسمية كما فعل تماما صديقى عرفه، إلى رئيس الجهة الرسمية المسئولة عن إنتاج العمل الفنى الذى تم انتحال قصيدتى فيه، وكان وقتها د. أحمد مجاهد رئيس هيئة قصور الثقافة، وأثبتت التحقيقات وقتها واقعة السرقة وإذبنائبه، أتذكر أن اسمه وقتها طلعت مهران رئيس إقليم وسط وجنوب الصعيد الثقافى يرد رسميا وإعلاميا معترفا بالواقعة، وقد قال بالنص: هو إحنا أخذنا منه مصنع الغزل والنسيج كلها بيتين ثلاثة، فى الحقيقة كانت الأبيات المسروقة 12بيتا كاملة. المثير للدهشة ليس فقط فى اعتبار مسئول ثقافى كبير، وقتها أن سرقة مصنع الغزل جريمة بينما سرقة قصيدة من مؤلفها أمر عادى، وهو الانطباع الذى أكده موقف مجاهد نفسه الذى تواطأ مع الأسف مع المنتحلين، ربما حماية لموظفيه، أو لقناعته هو الآخر أن السرقات الأدبية حلال، وكان الأولى به وهو رئيس جهة ثقافية كبرى أن يكون محايدا، ومرجعية للفصل بين المبدعين والمثقفين، لكنه وضع الهيئة طرفا فى معركة ليست معركتها، وهو ما دفعنى وقتها للجوء إلى القضاء الذى أثبتت الوقائع وشهادة الشهود الموثقة وغيرها من وثائق، وفى مقدمتها تقرير الفحص والتحقيق الذى قام به الشاعر النبيل سعد عبد الرحمن وكيل وزارة الثقافة وقتها أحقيتى، وأذكر اقتراحه بالاعتذار لى رسميا وبعدم التعامل مع الملحن والشاعر المنتحل مرة أخرى، ولهذا فور إزاحة مجاهد وتولى المحترم سعد عبد الرحمن، تنازلت مختارا عن القضية تقديرا لانحيازه للحق والعدل. الواقعة الثانية حين كشفنا هنا على صفحات «الأهرام العربى» واقعة قيام وزارة التربية والتعليم بتدريس 4كتب مسروقة من مؤلفيها الأصليين، ثلاثة منها للكاتب الراحل عبد السلام العشرى وهى (على مبارك وشجرة الدر وخديجة بنت خويلد) والرابع كان خاصا بكتاب الصحافة المدرسية.. وهى الوقائع التى كشفها الروائى فؤاد مرسى والباحث محمد جمالى، وكاتب السطور فى حملة استمرت أكثر من 11عاما وعلى الرغم من هذا انحازت الوزارة أيضا للمنتحلين فى تصرف غير مبرر، ولا تزال هذه الكتب مع الأسف تدرس حتى الآن، مما جعلنا نبحث عن ورثة المؤلف الأصلى لأخذ حقوقهم بالقضاء.. برغم أن الوزارة تماما كما كانت هيئة قصور الثقافة ليست طرفا فى القضية، بل هى ضحية هؤلاء اللصوص المنتحلين فلماذا تنحاز إليهم؟ مما أفقد معظم المبدعين والمؤلفين الثقة فى نزاهة وعدالة هذه الجهات الرسمية. من هنا أدعو وزارة الثقافة السعودية ولجنة حقوق المؤلف، التى أربأبها أن تنحاز لمنتحل أو سارق، مهما يكون على حساب الحقيقة، ادعوها إلى سرعة البت فى واقعة السرقة، وإعادة الحق إلى صاحبه الأصلى، والأهم إعادة الثقة المفقودة لدينا بهذا الحكم فى أننا سنبدأ عهدا جديدا من حماية حقوق المؤلف، وتحقيق العدالة بغض النظر عن جنسية صاحب الحق أو موقعه أو موضعه.. بدلا من توريط المبدع والباحث المجنى عليه فى دهاليز قضائية تستهلك سنوات وكأننا نكافىء لصوص الإبداع وسارقى مؤلفات الغير، وحينها يربح اللصوص لكن يصبح الجميع غيرهم خاسرين، وتكون النتيجة التكريس للأوضاع المقلوبة وصنع المزيد من الانكسارات الثقافية. ونحن فى الانتظار ربما تكون هدية اليوم العالمى لحقوق التأليف.. هو حكم قاطع يحترم حق المؤلف، ويعاقب بحسم وصرامة المعتدين عليه، حتى لا يستمر مجتمعنا العربى منكوبا بمثقفيه وفى مثقفيه إلا من رحم ربى من القلة القابضة على جمر الحق والعدل واحترام الحقوق وفى مقدمتها حق المؤلف.