الوزارة ترد: ليست مسئوليتنا قانونياً.. والقضية على رأس أولوياتنا - محمد جمالى: إصرار الوزارة يؤكد تواطؤ بعض مسئوليها
- فؤاد مرسى: حملة توقيعات واسعة لإيقاف المهزلة
- الجريمة تجاوزت المناهج إلى خشبة المسرح
- حزين عمر: تشكيل لجنة تحقيق باتحاد الكتاب لمقاضاة «اللصوص»
- د. محمد عبدالفتاح: أطالب الوزارة بالاعتذار رسميا
- د. كمال مغيث: على الوزير الحالى إيقاف المهزلة
- المستشار أشرف سيد: لن يتم تغيير المؤلف إلا بحكم قضائى
- محمد أبو المجد: سأتضامن قضائيا ضد هذه «القرصنة الفكرية»
ضحكت كثيرا.. ذلك الضحك الذى هو أمرّ من البكاء، حين قرأت خبرا يحمل عنوان «تدريب قيادات التربية والتعليم على مكافحة الفساد»، بينما كانت يدى الخالية من الجريدة،مشغولة بالطبعة الجديدة للعام الدراسى الحالى 2015-2016 من الكتب الأربعة المسروقة من مؤلفيها الأصليين، ويتم تدريسها بإصرار مريب على مدار أكثر من عشر سنوات فى وزارة التربية والتعليم، وهى القضية التى فجرتها «الأهرام العربى» قبل نحو عشر سنوات، وأثبتت فيها بالوثائق قيام الوزارة المسئولة عن «التربية» و«التعليم» بتدريس ثلاثة كتب مسروقة من مؤلفها الأصلى، وهو الأديب الراحل عبدالسلام العشرى، هى كتاب «على مبارك» المقرر على الصف السادس الابتدائى ضمن منهج اللغة العربية ومنسوب إلى محمد صلاح فرج، ويحمل اسم «على مبارك رائد النهضة الحديثة»، وهو نفسه كتاب عبدالسلام العشرى على مبارك الصادر ضمن سلسلة رجال مشاهير عن دار نهضة مصر عام 1994، والكتاب الثانى «خديجة بنت خويلد» للعشرى أيضا والمنسوب إلى أحمد محمد صقر، والمقرر ضمن منهج التربية الدينية للصف السادس الابتدائى، أما الكتاب الثالث فهو «شجرة الدر» للعشرى كذلك ومنسوب إلى إبراهيم محمد حسن الجمل، ومقرر ضمن مناهج اللغة العربية للشهادة الإعدادية، فيما يأتى الكتاب الرابع «النشاط الإعلامى فى المؤسسة التعليمية.. نحو صحافة مدرسية متطورة» لمؤلفه الأصلى سمير بسيونى، والذى نسب إلى مؤلفين آخرين هما: على شوقى إمبابى وإبراهيم الشبكشى والمقرر باسم «منهج الصحافة المدرسية» على الصف الأول الثانوى.
العجيب أن أحد مستشارى الوزارة وقتها اعترف بالوقائع وعلل استمرار تدريسها بأن الوزارة طبعت الكتب، ولا يمكن إلغاؤها حتى لا تسبب خسائر مادية، كان هذا قبل عشر سنوات كاملة، وها نحن فى الموسم الدراسى الجديد والجريمة مستمرة، والكارثة أن الوزارة أعادت طبع هذه الكتب فى تحد سافر لكل القيم التربوية والأخلاقية والعلمية، وإصرار صارخ على انتهاك قوانين الأمانة العلمية وحقوق المؤلف..
والسؤال: لماذا لم تعدل الوزارة مناهجها وتقوم بإلغاء تدريس هذه الكتب المسروقة طوال الأعوام العشرة الماضية، خصوصا بعد نفاد الكمية المطبوعة فى مخازنها، ولماذا لم تتخذ إجراءات عقابية رادعة أقلها حرمان المخالفين من التعامل مع الوزارة، بدلا من سيادة منطق «المنافع الخاصة» وحماية أصحاب الذمم الفاسدة وتمرير صفقات المصالح المتبادلة.
«الأهرام العربى» تعيد فتح ملف «الكتب المسروقة» فى وزارة التربية والتعليم، خصوصا مع إصرار الوزارة على استمرار هذه المهزلة، التى تعدت الكتب إلى وسائط فنية أخرى هى «مسرح المناهج»: مما دفع بالعديد من الكتاب والمبدعين إلى السعى لرفع دعوى قضائية لإيقاف هذه المهزلة.
يقول الكاتب فؤاد مرسى، مقرر لجنة القصة والرواية باتحاد الكتاب: بدأ اكتشافى لواقعة سرقة كتب الكاتب والمؤرخ عبدالسلام العشرى، حينما طالعت كتاب على مبارك المقرر من وزارة التربية والتعليم على ابنتى الطالبة بالصف السادس الابتدائى، ضمن منهج اللغة العربية، اكتشفت أن هذا الكتاب والذى يحمل اسم «على مبارك رائد النهضة الحديثة، منسوب إلى المؤلف محمد صلاح فرج، وقام بمراجعته محمد البدرى أحمد القرشى، هو نفسه كتاب عبدالسلام العشرى عن على مبارك الذى أصدره ضمن سلسلة «رجال مشاهير» عن دار نهضة مصر عام 1994 (طبعة أولى)، وبمطابقة الكتابين (المنقول) و(الأصلى)، تبين لى أن الناقل قام ببعض الحذف والإضافة والتعديل الطفيف على النص الأصلى، واستبداله كلمة هنا أو هناك بما لا يمنع تطابق النصين شبه الكامل.
ويضيف مرسى: هذه الواقعة استرعت انتباهى بشدة، خصوصا أن عبدالسلام العشرى اسم معروف، وصاحب إسهامات عديدة فى مجال التراجم لمشاهير التاريخ فى مختلف المحالات، ومعظم أعماله إن لم يكن كلها تصدر عن دار نشر واحدة هى «نهضة مصر»، وهو اسم معروف أيضا لدى وزارة التعليم التى قررت العديد من مؤلفاته على تلاميذ المراحل المختلفة عبر سنوات عديدة.
وقد أسفر البحث فى بقية الكتب المقررة على تلاميذ المراحل المختلفة عن اكتشاف كتابين آخرين لعبدالسلام العشرى، تم نقلهما أيضا ونسبتهما إلى مؤلفين آخرين، هما كتاب «طموح جارية.. شجرة الدر» والمقرر على تلاميذ الشهادة الإعدادية، وتمت نسبته إلى إبراهيم محمد حسن الجمل، وقام بمراجعته محمد البدوى أحمد القرشى، وهو ذاته مراجع كتاب «على مبارك»، وقد قامت بطباعته للوزارة أيضا نفس دار النشر «نهضة مصر، وتم التعامل مع نص العشرى الصادر عن نهضة مصر، ضمن سلسلة «نساء شهيرات» بذات الأسلوب من تعديل وحذف فى بعض الفصول والفقرات واستبدال كلمة هنا أو هناك، مع التطابق فى أكثر من 90% بين النصين.
ويواصل فؤاد مرسى: المثير للغرابة والدهشة هو ما حدث مع الكتاب الثالث المنقول وهو كتاب «خديجة بنت خويلد» الذى قررته الوزارة على تلاميذ الصف السادس الابتدائى ضمن منهج مادة «الدين»، وهو منسوب إلى أحمد محمد صقر، وهذا الكتاب نفسه لمؤلفه الأصلى عبدالسلام العشرى، كانت قد قررته الوزارة فى العام الدراسى 90/91 على تلاميذ الصف الثانى الإعدادى، لتقدم ذات الكتاب منسوبا إلى صقر، وتقرره على تلاميذ الصف السادس الابتدائى، وكأن وزارة التربية والتعليم بلجانها المتعددة ومستشاريها بلا ذاكرة تحميها من السقوط فى مثل هذه الأخطاء الجسيمة، وكأن هذه الوزارة ليست بها مكتبة واحدة، أو وحدة معلومات، أو حتى قائمة بالكتب التى سبق أن قررتها منذ سنوات قليلة.
ويبدى مرسى دهشته مما يحدث قائلا: المثير للغرابة أكثر أن الكتب الثلاثة الأصلية أصدرتها بمؤلفها الأول العشرى نفس دار النشر «نهضة مصر»، وهى الدار عينها التى تولت طباعة الكتب الثالثة المنقولة لحساب وزارة التربية والتعليم.
أيضا تكاد طريقة النقل عن العشرى تتطابق فى الوقائع الثلاث، بما لا يشكل أى شكل من أشكال التغيير الجوهرى فى النصوص الأصلية، بما يشير إلى أن هناك ما يشبه الاتجاه المنظم للتعدى واستغلال مؤلفات العشرى، والخطورة ليست فقط فى إهدار حقوق كاتب ومؤرخ كبير فى قامة العشرى، لكن أيضا فى تدريس كتب منسوبة عمدا إلى غير مؤلفها الأصلى، بما ينسف من الأساس فكرة الأمانة العلمية والأدبية، التى من المفترض أن الوزارة تسعى ضمن أهداف تربوية عديدة إلى ترسيخها فى عقول وضمائر تلاميذها وطلابها.
وفى ختام كلامه يقول فؤاد مرسى: لابد من إيقاف هذا التعدى فورا ورد الأمور إلى نصابها، لأن الأمر يتعلق بسمعة جهاز من أهم أجهزة الدولة، ويصب أداؤه مباشرة فى الإضرار بأمن مصر الاجتماعى ومسئولياتها القومية وموقعها الحضارى، مؤكدا أنه سيجمع توقيعات عشرات الأدباء لرفع دعوى قضائية من خلال اتحاد الكتاب ضد الوزارة والسارقين إذا ما استمرت هذه المهزلة.
من ناحيته يقول الباحث محمد صلاح جمالى، إخصائى المكتبات بوزارة التربية والتعليم، وعضو مجلس إدارة جمعية حماة اللغة العربية، أن تكرار طبع رواية شجرة الدر لطلاب الصف الثالث الإعدادى منذ عام 2006، وحتى العام الدراسى الحالى 2016، بنفس النص، يعد استخفافا بكل قيم الأمانة العلمية وحقوق الملكية الفكرية، برغم كل ما قيل سواء على صفحات «الأهرام العربى» أم ما تلاها من برامج إذاعية وتليفزيونية، وعلى الرغم من معرفة المسئولين بالوزارة بالواقعة، ولا أستطيع تفسير هذا الإصرار، وهذا التجاهل.
ويضيف، كانت آخر محاولة قمت بها شخصيا فى مايو الماضى 2009 هى إخطار الأستاذ الدكتور يسرى عفيفى - مدير مركز تطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم بهذه الوقائع، ففوجئت برد المستشار أن الوزارة لا يعنيها إذا ما كانت الرواية مسروقة أم لا؟ فهذه ليست مسئوليتها، لكن مسئولية جهات أخرى، كالمؤلف أو الناشر، لكن دور الوزارة يقتصر على اختيار مادة علمية ملائمة تربويا لتدريسها للطلاب، وهذه الكتب فازت فى مسابقة اختيار المناهج فى وقت إقرارها على الطلاب وهذا يكفى.
ويواصل محمد جمالى: لقد أسعدنى كثيرا إعادة فتح هذا الملف الشائك الذى يمس كل منزل فى مصر، وبعض الدول العربية التى تدرس طبقا للمناهج المصرية، خصوصا أننى كان لى شرف سبق اكتشاف واقعة سرقة رواية «شجرة الدر» من تأليف عبد السلام العشرى، مع زميلى وليد شكرى مدرس اللغة العربية بإدارة أوسيم التعليمية فى محافظة الجيزة.
وبالاطلاع عليها بحكم عملى فى مكتبات الوزارة، فوجئت بالتطابق التام بين النص الأصلى باسم «العشرى»، والذى أحتفظ به فى مكتبتى، وبين نص الوزارة المنسوب إلى إبراهيم محمد حسن الجمل، فسارعت للتوجه إلى الوزارة، وقابلت مصطفى كامل المستشار المسئول عن منهج اللغة العربية والتربية الدينية على مستوى الجمهورية، وأطلعته على واقعة »سرقة رواية العشرى«، لكنه أبدى عدم اهتمامه بالواقعة، وقال بالنص:«إن المسئول عن هذا الخطأ هو المؤلف الناقل، ودار نهضة مصر باعتبارها الناشر، وأن وزارة التربية والتعليم غير مسئولة عن الواقعة، فدورها يقتصر على اختيار الرواية من قبل اللجنة العلمية والمختصة، وقال لى أيضا يواصل جمالى لقد طبعت الوزارة مليون نسخة من «شجرة الدر» بعد تقريرها على الطلاب فهل يعقل أن يتم إلغاؤها وتكبيد الوزارة خسائر مادية، حتى لو كانت الرواية مسروقة!! السؤال: لماذا استمر تدريس شجرة الدر منذ 4002 حتى الآن برغم علم المسئول الأول بالواقعة.
أضاف، قمت بتسليم مذكرة مماثلة إلى مستشار وزارة التربية والتعليم فى المركز القومى للامتحانات الذى وعدنى برفع الأمر إلى وزير التربية والتعليم آنذاك د. أحمد جمال الدين موسى، وكذلك مذكرة ثالثة لمدير مكتب الوزير محمد فياض، لكن مكتب الوزير مع الأسف حول المذكرة إلى مستشار اللغة العربية (المسئول أساسا عن استمرار الواقعة)، ليصبح هو القاضى والمتهم معا، وبالتالى قبعت المذكرة داخل الأدراج المغلقة، ولا تزال الرواية مقررة على المرحلة الإعدادية، مؤكدا تضامنه مع أية دعاوى قضائية ضد الوزارة والسارقين من أجل إعادة الحق إلى صاحبه.
وفسر جمالى تجاهل الوزارة للتحقيق أو حتى الرد على الواقعة والوقائع المماثلة بأحد أمرين: إما تورط البعض فى الوقائع نفسها وبالتالى محاولة قتلها بالتجاهل، أو خوفا من تعرض اللجنة المسئولة بالوزارة للمساءلة القانونية، حيث كان عليها فى أبسط الحالات تحرى الدقة، واتخاذ كل الإجراءات التى تمنع الشبهات. السرقات لم تقتصر على المرحلتين الابتدائية والإعدادية، بل امتدت إلى المرحلة الثانوية، حيث تقدم الأديب والباحث سمير بسيونى بشكوى إلى الأديب حزين عمر، سكرتير عام اتحاد الكتاب للتحقيق فى واقعة سرقة كتابة «النشاط الإعلامى فى المؤسسة التعليمية، نحو صحافة مدرسية متطورة»، ليصبح باسم «منهج الصحافة المدرسية»، حيث قررته وزارة التربية والتعليم على الصف الأول الثانى، لكن منسوب إلى مؤلفين آخرين هما على شوقى إمبابى وإبراهيم الشبكشى. وتعليقا على الواقعة يقول الكاتب حزين عمر، سكرتير عام اتحاد الكتاب، إن بسيونى عقد مقارنة بين كتابة النشاط الإعلامى والمؤسسة التعليمية، والكتاب الآخر المنقول عنه، الذى أخذ منه الكثير من التبويب والترتيب والتعريفات، ولم يشر إليها فى حوالى 26 نقطة يمكن الرجوع إليها فى الكتابين، ومنها: «أهداف الإعلام التربوى بالمؤسسات التعليمية»، صفحات 42-40 تحول فى الكتاب الآخر إلى «الأهداف العامة والخاصة لمنهج الصحافة المدرسية»، ص65، و«تاريخ الصحافة المدرسية» ص23 إلى 25 ، تم تلخيصه بشكل مخل - كما يقول - فى الفصل الأول: نشأة الصحافة المدرسية وتطورها، وماذا تعنى الصحافة المدرسية ونشأة الصحافة فى مصر وأنواعها؟
ولدى سمير بسيونى فصل «تعريف الخبر» ص83 أصبح فى الكتاب الثانى: «الخبر الصحفى- تعريف الخبر» ص12، و«الخصائص الذاتية للبخر» ص87-85، نقلت كما هى «الخصائص الذاتية للخبر ص12 و«قياس أهمية الخبر» ص87و88 أصبح «أهمية الخبر فى الصحف المدرسية»، و«أسلوب كتابة الخبر» ص89 و90 هو نفسه «أسلوب كتابة الخبر» ص15 و17، و«أجزاء الخبر» ص91 هو «أجزاء الخبر» ص17، و«أجزاء الرسالة الإعلامية فى فن الخبر حديثا ص91 هو«أجزاء الرسالة الإعلامية فى الخبر حديثا» ص18، و«قالب الخبر الإعلامى الحديث» ص91و92 هو «قالب الخبر الصحفى الحديث» فى الكتاب الثانى.. ف ص93، يقول سمير: «يجيب الخبر عن الشقيقات الخمس»، ويقول المؤلفان: «والخبر الصحفى يجيب عن الشقيقات الخمس» ص19 وفى ص132 البناء الفنى للمقال الافتتاحى المبنى على قالب الهرم المعتدل، تقابله مقولة « البناء الفنى للمقال الصحفى المبنى على قالب الهرم المعتدل» ص24 فى الكتاب الآخر، و«أهم وظائف الحديث الصحفى» ص13 يقابله «وظائف الحديث الصحفى» ص29 وغير هذا من تشابهات واقتباسات وأشياء أخرى.
وفيما يخص سرقة كتب عبدالسلام العشرى، يوضح الكاتب والشاعر حزين عمر، أن اتحاد الكتاب الذى أتولى منصب السكرتير العام له دور فى حماية حقوق الملكية الفكرية لأعضائه والدفاع عنها، ونحن من هذه الناحية سنقوم بدورنا القانونى بشأن هذه الوقائع، خصوصا حين يتقدم لنا أحد ورثة الأديب المتوفى أو بعض أعضاء اتحاد الكتاب، إن لم يكن له ورثة، بشكوى بوقائع السرقة، وسوف تحال هذه الشكاوى إلى لجنة التحقيق بالاتحاد والتى تتكون من نائب رئيس الاتحاد، والسكرتير العام، ومستشار من مجلس الدولة، وهذه اللجنة لها الحق فى اتخاذ ما تراه من إجراءات، وحكمها له صفة قانونية يعتد بها، خصوصا أنها تجمع بين أهل التخصص من الأدباء، وكذلك الخبرة القانونية ممثلة فى مستشار مجلس الدولة، ويمكن للاتحاد بعد ذلك أن يرفع دعوى قضائية نيابة عن العضو، أو مشاركة معه، ولدينا محامون معروفون ومتخصصون فى هذه القضايا.
ويشير محمد أبوالمجد مدير عام الثقافة العامة بهيئة قصور الثقافة المصرية أن واقعة السرقة، تعد فى أعراف النشر «قرصنة فكرية»، واعتداء على حقوق الملكية، مؤكدا انضمامه إلى الدعوى القضائية فى حالة ر فعها ضد مرتكبى جريمة القرصنة الفكرية. ويتفق معه د. محمد عبدالفتاح، رئيس الاتحاد العربى للتعليم والبحث العلمى، مطالبا مسئولى وزارة التربية والتعليم بتقديم اعتذار علنى للمؤلف ولجمهور الأدباء ولأولياء الأمور عن واقعة السرقة المؤسفة، وأن تسارع الوزارة بتصحيح الوضع ووضع اسم المؤلف عبدالسلام العشرى على مؤلفاته المسروقة.
وصمة عار ويحمل د. كمال مغيث، أستاذ المناهج التربوية بكلية التربية، جامعة عين شمس إدارة الكتب فى الوزارة مسئولية حماية حقوق الملكية الفكرية للمؤلف. ويوجه د. كمال مغيث رسالة إلى وزير التربية والتعليم الحالى د. الهلالى الشربينى، رسالة يطالبه فيها بترك بصمة إيجابية فى الوقت القصير الذى يتحمل فيه مسئولية أهم وزارة فى مصر، ولتكن البداية بإيقاف مهزلة استمرار تدريس الكتب المسروقة.
وسائط أخرى ولأن واقعة السرقة تعدت تدريس الكتب إلى وسائط فنية أخرى، حين تم إنتاج رواية «على مبارك» ضمن مسرح المناهج، وعرضت على المسرح القومى مع الأسف باسم المؤلف المنتحل، وهو ما جعل الشاعر عبده الزراع، رئيس تحرير «قطر الندى» ومؤلف أشعار المسرحية ينفى علمه بواقعة السرقة، مشيرا إلى أنه حرص على تقديم قيمة إيجابية للتلاميذ ولو علمت بسرقة النص من الراحل عبدالسلام العشرى لامتنعت فورا عن كتابة أشعار له، لأنه الأولى أن يوضع اسمه على بوستر المسرحية المأخوذة من نصه المسروق، وعلى أى وسيط ثقافى أو فنى يخص مؤلفه، وأنا حزين أننى دون قصد شاركت فى هذا العمل، وسأتضامن بالطبع مع أية دعاوى قضائية ضد اللصوص.
ويحذر الزراع من تحول السرقات الفكرية فى الآونة الأخيرة إلى ظاهرة وقحة، وذلك بسبب ضعف الرادع القانونى لمثل هؤلاء اللصوص، مطالبا بضرورة تفعيل قانون حقوق الملكية الفكرية الذى يجهله مع الأسف الشديد الكثيرون من الكتاب والمبدعين وحماية إنتاج المبدعين الراحلين مثل العشرى وغيره. يشير محسن العزب، مخرج المسرحية إلى أنه لا يجوز تدريس أو إنتاج هذا النص المنسوب لغير مؤلفه الحقيقى، ولا أعلم سر إصرار الوزارة على تدريسها، برغم ما بها من معلومات خاطئة حاولت تصحيحها من خلال العرض المسرحى بالرجوع إلى مراجع موثقة وأكثر دقة.
جريمة قانونية عرضنا هذه الوقائع على المستشار محمد نجيب عبدالهادى، الذى قال إن التوصيف القانونى لهذه الوقائع، هى وقائع سرقة لحقوق المؤلف، يجرمها قانون حمالية الملكية الفكرية الذى يحفظ حقوق المؤلف الأدبية والمادية، وهناك أكثر من متهم فى هذه الوقائع، الأول هو بالطبع من قبل الاستيلاء على جهد غيره الفكرى ووضع اسمه عليه، والثانى الذى وافق على نشر وطبع الكتب وعليها اسم المولف المنتحل، والثالث هو الوزارة التى طبعته لحسابها ونشرته، وبهذا ارتكبت جريمة أخرى غير الترويج لكتب مسروقة هى التزوير، حيث وافقت على طبع كتب لمؤلفين غير أصحابها والتزوير فى مفهومه هو تغيير الحقيقة. وأضاف، أن القانون ألزم صاحب الدعوة بأن تكون له صفة شخصية أو اعتبارية ليرفع الدعوى، وعليه فلا يستطيع أن يرفع أحد الدعوى ضد الوزارة والمؤلفين المنتحلين إلا إذا أثبت أنه أخبر بسبب نشر هذه الكتب.
تحريك الدعوى حملنا ملابسات القضية، ووضعناها أمام د. محمد نور فرحات رئيس المكتب المصرى الدائم لحقوق المؤلف، الذى قال إن الواقعة تعد جريمة طبقا لحقوق الملكية الفكرية وإن المسئولية مشتركة بين المؤلفين الناقلين ووزارة التربية والتعليم، ولها شقان: الأول مستعجل حيث تستطيع المحكمة التحفظ على النسخ المسروقة. والآخر مدنى من خلال الحكم ضد المؤلفين والوزارة لصالح ورثة المؤلف الراحل عبد السلام العشرى. وحول ما إذا كان المؤلف الراحل ليس له ورثة، أوضح د. فرحات أن الحق المعنوى هو ملك للمؤلف إلى الأبد، أما الحقوق المادية فى حالة عدم وجود ورثة له فتدخل فى «الملك العام»، وتنتقل الحقوق المادية فى هذه الواقعة إلى وزارة الثقافة كشخص معنوى. وعن دور المكتب الدائم لحقوق المؤلف فى هذا الشأن قال: إذا ما قدم للمكتب أحد من الورثة أو من دار النشر صاحبة الحق فى الكتب الأصلية و«هى هنا دار نهضة مصر» أو أى شخص له مصلحة فى ذلك بلاغا عن الواقعة سيقوم المكتب (ومقره فى المجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا بالقاهرة) على الفور بتحريك الدعوى إلى الجهات القضائية المختصة للتحقيق واتخاذ اللازم.
الوزارة ترد وبمواجهته يؤكد المستشار أشرف سيد، المستشار القانونى لوزارة التربية والتعليم أن الوزارة حينما تقرر تدريس كتب لمرحلة ما، تقيم مناقصة لتدريس الكتب، وتشكل لجنة لتقييم الكتاب من حيث المحتوى العلمى، ولهذا فالوزارة غير مسئولة قانونيا عن الكتب المسروقة، لكنها مسئولة تربويا وأخلاقيا، فليس من المفترض أن يتم تدريس كتب ثبت سرقتها من مؤلفها الأصلى، ومن حق المؤلف أو ورثته أو اتحاد الكتاب كجهة مختصة أن يرفع دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، تلزم الوزارة برفع الاسم وإعادة اسم المؤلف الأصلى، عندها يمكن بعد صدور حكم قضائى يتم رفع مذكرة لوزير التربية والتعليم من خلال الشئون القانونية بالوزارة لتصحيح الوضع، ويمكن للمؤلف أو ورثته العودة بالعويض المادى على من استولى على مؤلفه الفكرى، وعن سر تمسك الوزارة بإعادة طبع الكتب المسروقة للعام العاشر على التوالى يقول المستشار أشرف سيد، إن العمل الوزارى فى مصر يقوم على البيرروقراطية، ولن يتم تغيير أى شىء أو إلغاء تدريس هذه الكتب إلا بحكم قضائى يجبر المسئولين على تعديل الوضع.
تعديلات وردا على استمرار تدريس هذه الكتب يقول د. أحمد شلبى: موجه عام اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم: إن الوزارة غير مسئولة عن الواقعة، ودار النشر هى التى تتحمل المسئولية.. لأنها المسئولة عن كتاب المؤلف، أو ما نطلق عليه فى الوزارة الكتاب الإضافى مثل «القصة» ومنها «على مبارك وشجرة الدر»، ورؤيتى الخاصة يجب تغيير هذه الكتب، وتحديثها، وهناك مناقشات فى هذا الشأن، وهناك فكرة «القراءة الحرة» أو حقيب القراءة، والموضوع فى دائرة الاهتمام، وهناك مشاكل منذ عشر سنوات فى المناهج، وعملت جهدا كبيرا فى هذا الشأن منذ توليت المسئولية للمصلحة العامة، والفترة المقبلة ستشهد تعديلات، وهذه الكتب ستكون على رأس أولوياتنا فى الاهتمام، وهناك نية حقيقية لتغيير هذه الكتب. «نهضة مصر» تبحث أخيرا طرحنا الأوراق على شركة نهضة مصر الناشر لمؤلفات عبد السلام العشرى ومنها الكتب المسروقة، وهى أيضا الدار نفسها التى تتولى طباعة هذه الكتب وغيرها لحساب وزارة التربية والتعليم، وهى كذلك صاحبة »الحقوق المادية« فى هذه الكتب، حيث التقينا بمدير عام النشر الثقافى أسامة محمود، الذى أخبرنا بإحالة الموضوع إلى مدير النشر المدرسى، وأن أكثر من إدارة بالشركة تبحث القضية من جميع جوانبها لاتخاذ الإجراء المناسب، ونحن فى انتظار ما سيسفر عنه البحث فى الأيام المقبلة، وهل ستوقف وزارة التربية والتعليم هذه المهزلة أم ستواصل إصرارها على تدريس الكتب المسروقة لأعوام أخرى لا يعلم عددها إلا الله ثم سدنة الفساد فى الوزارة؟!