يوم أعلن الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم في أولي تصريحاته، عودة الضرب إلي المدارس، قامت الدنيا ولم تقعد وهوجم من كل وسائل الإعلام هجوما شديدا، كان الرجل حسن النية في ضبط العملية التعليمية كما كانت في الماضي، ورغم كراهيتي للضرب في المدارس، إلا أنها كانت الوسيلة الوحيدة للعقاب أيام أن كنا تلاميذا وطلابا في مراحل التعليم الأولية (الابتدائي/ الإعدادي)، ولأنه كان ضربا مبرحا علي الأيدي والأقدام، مما كان يتسبب في إهدار كرامة الطالب، وإيذائه بدنيا ونفسيا، وكان سببا مباشرا في تسرب الكثيرين من التعليم بسبب تعثرهم الدراسي، وتعرضهم للضرب والإهانة يوميا في طابور المدرسة وأمام الجميع، إلا أن الضرب جعلنا نحرص علي مذاكرة دروسنا أولاً بأول، وعمل واجباتنا المدرسية علي أكمل وجه، والتجاوب داخل الفصول، حتي نتجنب هذا العقاب، وأدي إلي التنافس الشريف بين طلاب الفصول وطلاب المدرسة جميعا، كنا نبذل قصاري جهدنا لنحظي بما يحظي به هؤلاء المتفوقون من اهتمام كبير من قبل جميع هيئة التدريس بالمدرسة، فالمتفوقون كان لهم جميع الصلاحيات في الاشتراك في الأنشطة الفنية والرياضية والرحلات والمناظرات وغيرها إذن كان مبدأ (العقاب والثواب ) هو السائد في المدارس، عقاب المقصر وإثابة المتميز، وهذا ما أتمناه أن يعود إلي المدارس مرة أخري، مع ضرورة البحث عن وسيلة أخري غير الضرب لعقاب المقصر، حتي نتجنب أثاره الجانبية، وعلي أن تكون هذه الوسيلة في يد المدرس، حتي تعود له هيبته مرة أخري، بعد أن فقدت تماما، بسبب اللهاث خلف الدروس الخصوصية وإرضاء الطالب بأي شكل حتي لايتركه ويذهب لغيره من المدرسين، يحدث هذا تحت وطأة العوز أو البحث عن مستوي مادي مرتفع مما أضاع العملية التعليمية داخل الفصول، وأصبح التعليم في الفصول هو الاستثناء والدروس الخصوصية هي الأصل، فكيف يهاب الطالب المدرس الذي يذهب إليه في البيت، ويدفع له أجره مقابل الدرس الخصوصي ؟! وأنا من أشد المعجبين بسياسة الوزير الجديد، الذي أري في نشاطه وقراراته، وزياراته المفاجأة إلي المدارس أملا في إصلاح العملية التعلمية التي أفسدها الإهمال وعدم المتابعة، وتشويه المناهج التعليمية بالكثير من الأخطاء والمعلومات القديمة التي عفي عليها الزمن، وإلغاء حصص المكتبة والقراءة الحرة والموسيقي، واستبدال حصص التربية الرياضية، بحصص أخري، يري القائمون علي العملية التعليمية أنها أهم من اللعب، وهذه مغالطة كبري وعدم فهم لحقيقة هذه الحصص،وقد أعلن وزير التعليم السابق ذات يوم أنه ينوي إلغاء حصص التربية الفنية، وشنت الصحافة يومها حملة ضد إلغاء حصص التربية الفنية من المدارس، وشاركت في هذه الحملة بمقال في جريدة القاهرة، وذهبت فيه إلي أن الوزارة تريد قتل الخيال في مهده، والخيال هو أساس كل جديد في حياتنا، ولولا الخيال ما كانت تلك الاختراعات الكبري، فجميعها كانت محض خيال، ونحن نأمل في وزير التعليم الحالي أن ينهض بالتعليم في مصر من كبوته، ويعيده إلي سالف عهده، وقادر علي ذلك، بالحزم والمتابعة، ووضع خطة واستراتيجية لتطوير المناهج، والقضاء علي مافيا مستشاري ومؤلفي الكتب المدرسية، ومن ثم أضع بين يدي وزير التعليم هذه القضية والتي فجرها الصحفي ( سيد رشاد)في تحقيق أجراه مع عدد من المتخصصين في مجلة الأهرام العربي في أكتوبر 2009 بعنوان (فساد جديد في قطاع التعليم.. للعام الرابع.. تدريس "الكتب المسروقة" للتلاميذ)، وراح يثبت بالوثائق أن الوزارة تقوم بتدريس ثلاثة كتب مسروقة من مؤلفها الأصلي عبد السلام العشري، وهي كتاب "علي مبارك" المقرر علي الصف السادس الإبتدائي ضمن منهج اللغة العربية، ومنسوب إلي محمد صلاح فرج ويحمل اسم "علي مبارك رائد النهضة الحديثة "وهو نفسه كتاب عبد السلام العشري عن "علي مبارك" الذي أصدره ضمن سلسلة رجال مشاهير عن نهضة مصرعام 1994، والكتاب الثاني "خديجة بنت خويلد" للعشري أيضا، الذي قررته الوزارة علي الصف السادس الابتدائي ضمن منهج التربية الدينية منسوبا إلي أحمد محمد صقر، والكتاب الثالث "شجرة الدر" للعشري أيضا، وقررته الوزارة علي تلاميذ الشهادة الإعدادية، منسوبا إلي إبراهيم محمد حسن الجمل، وحينما سأل محررالتحقيق أحد مستشاري الوزارة وقتها تعلل بأن الوزارة طبعت الكتب ولا يمكن إلغاؤها حتي لاتسبب خسائر مادية!! وليس مهما كم تساوي قيمة الأمانة في ميزان أرباح وخسائر الوزارة، والعجيب في الأمر أن الكتب مازالت تصدر بنفس الأخطاء رغم الحملة التي شنتها نفس المجلة منذ أربع سنوات علي الوزارة ممثلة في هذه الكتب وغيرها من الأخطاء القاتلة، هذا بعض مما هو موجود في وزارة التربية والتعليم، وأملنا معقود علي السيد الوزير أحمد زكي بدر أن يعيد للتعليم هيبته وقيمته وانضباطه، حتي يتخرج في المدارس طلاب لا يخطئون في أبسط قواعد اللغة العربية، والنحو والإملاء، لأنه للأسف الشديد أن معظم طلاب الجامعة الآن يخطئون في نفس الأخطاء البسيطة التي لم يهتم أحد بتعليمهم إياها في مراحل تعليمهم الأولية، ونحن نعلم جميعا أنها مسؤلية كبيرة، وتركة ثقيلة ورثها وزير التعليم عن أسلافه السابقين، فليعينه الله عليها حتي يعود لمصر وجهها الناصع الوضاء.