مناهج الأزهر تربى عليها مفكرو وزعماء الأمة فى المشرق والمغرب.. فمن أين تخرج محمد كريم وعمر مكرم وكيف تربى عرابى وسعد زغلول والطهطاوى ومحمد عبده وحسن العطار؟ الدكتور عبد الفتاح العوارى: القول بأن الإمام الأكبر لم يقم بواجبه فى مواجهة التطرف ادعاء وكذب ومناهج الأزهر لا تفرز إرهابيين
الدكتور صفوت العالم: لا يمكن أن يقوم إعلامى بالتجرؤ على توجيه الإهانات لشيخ الأزهر بشكل انفعالى وغير مدروس
قبل أن تقرأ يجب عليك أن تعرف أنه من حقك أن تختلف وتكون لك رؤية مغايرة لكن الأهم أن تعبر عن ذلك بالأسلوب المتحضر وضمن قواعد أدب الحوار وليس عبر الغوغائية والتجنى وإطلاق الاتهامات دون برهان، وأن شيخ الأزهر ليس مقدسا، هو قابل للنقد وللنقاش غير أن التعامل معه، يتعين أن يتكئ على أرضية من الفهم لمحددات الشريعة والفكر الإسلامى ولقواعد السلوك مع أهل الفضل فهو واحد منهم بحسبانه موقعه وتاريخه ودوره. فجأة أضحى الأزهر وشيخه الإمام الجليل الدكتور أحمد الطيب فى خانة الاتهام بأنهما وراء ما تتعرض له مصر من أعمال إرهابية وانتشار التطرف، فانطلق هجوم قوى من بعض مذيعى قنوات فضائية خاصة فى ظل غياب القواعد والأطر التى تضبط وترشد أداء الإعلام بأنماطه المختلفة، هذا الأداء الذى يضر بأهداف الدولة الإستراتيجية فى الداخل أولا ويضر بصورتها فى الخارج ثانيا، فبالمصادفة وحدها استمعت إلى عمرو أديب فى برنامجه اليومى الأسبوع الماضى الذى اعتمد فيه أسلوبا حاداً فى توجيه الانتقادات للدكتور الطيب، صحيح الدكتور الطيب ليس مقدسا لكن ثمة حدودا فى الاختلاف مع أى شخص أو مسئول، للأسف باتت هذه الأنماط الإعلامية التى تفتح لها نوافد الفضائيات الخاصة هى السائدة بينما الإعلام الحقيقى مغيب، وأديب تبنى رؤية أحادية، فهو ينحى باللائمة على شيخ الأزهر فى موضوع التطرف والإرهاب، وهو توجه بات يروج له البعض فى الفضائيات والصحف الخاصة - وإحداها أفردت ملفا خاصا بأحد أعدادها الٍأسبوع الماضى - والمفارقة أن صاحب القناة التى تبث برنامج أديب هو صاحب الصحيفة التى نشرت الملف. فهل لأن الدكتور الطيب رجل مؤدب وعف اللسان يحاول البعض أن يعتدى عليه بالألفاط التى تستوجب المساءلة القانونية؟ المطلوب من الإعلام وغيره من بعض الدوائر داخل مصر أن يرفعوا أيديهم عن الطيب والانتباه لأدوارهم، فثمة إجماع أن المسئولية مشتركة بين كل قطاعات ومؤسسات الدولة التى أضحت جميعا فى حاجة إلى إعادة نظر فى أدواتها وسياساتها وبرامجها وآلياتها، ومن ثم لا يجب التركيز فقط على الجدار الصلب الذى يمثله الأزهر وشيخه الطيب صاحب المدرسة الفكرية الأكثر استنارة فى تاريخ الأزهر، ويا ليت أديب قبل أن يهاجم بهذه الحدة كان قد اطلع على فكره وما أنجزه منذ أن تولى قيادة هذه المؤسسة العريقة. "الأهرام العربى" طرحت كل هذه المعطيات على كل من الدكتور عبد الفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة والمفكر الإسلامى المعروف، الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسى بكلية الإعلام بجامعة القاهرة فجاءت حصيلة الحوار معهما على التالى: بداية يقول الدكتور عبد الفتاح العوارى: دأبت فئة ممن ليس لديهم نصيب من خلق، ولا حظ لهم من أدب، بالتطاول على مقام شيخ الأزهر مع كونه إمام المسلمين وشيخ الإسلام بلا منازع، وهذا التطاول وتلك الإساءات، إنما تدل على إفلاس أصحابها وخبث نياتهم، وتعريهم عن الأخلاق الكريمة التى تمنع أصحابها عن الإساءة إلى الآخرين، فكيف إذا كان الذى أسىء إليه هو شيخ الإسلام وإمام المسلمين؟ لقد عرفه العالم كله الغرب والشرق معا – كما يضيف- بوسطيته واعتداله وحسن خلقه، واستقامة فكره ورجاحة عقله، وعفة لسانه وطهارة يديه، وإخلاصه لوطنه وحرصه على تحقيق السلام العالمى، بين بنى البشر جميعا، وسعيه الدائم لغرس قيم التسامح والمحبة بين الناس جميعا، وإيمانه التام بأن الاختلاف بين بنى الإنسان سنة إلهية، تدعو إلى التعاون والتعارف والتآلف، وهذا أمر شهدته الأوساط العالمية من خلال جولاته فى أوروبا وآسيا وإفريقيا، مما جعل كثيرا من رؤساء الدول الغربية يشيد بجهود فضيلته فى عرض الصورة الصحيحة للإسلام، ومطالبة هذه الدول لشيخ الأزهر بأن يقوم الأزهر الشريف، بتعليم وتدريب الأئمة والدعاة من بلادهم، كى يطمئنوا على فكر هؤلاء وتعلمهم لوسطية الإسلام من مناهج الأزهر، بل إن أحد رؤساء الدول فى آسيا أصدر قرارا بأن تكون محاضرة فضيلة الأمام الأكبر التى ألقاها أمام حشد من المسلمين فى عاصمة بلاده بمثابة منهج يدرس لأبناء هذه الدولة فى مدارسها. ثم يتساءل عميد كلية أصول الدين: أفبعد هذا يحلو لهؤلاء المغرضين أن يدعوا زورا وكذبا أن شيخ الأزهر مقصر فى مهامه؟ وأنه لم يقم بالواجب المنوط به فى مواجهة الإرهاب والتطرف؟ أغفل هؤلاء أم أنهم يتغافلون متعمدين عن المؤتمر العالمى، الذى دعا له فضيلة الإمام الأكبر رؤساء الأديان والطوائف ورؤساء الكنائس الشرقيةوالغربية، لمعرفة وتحديد الموقف العالمى من التطرّف والإرهاب، وذلك فى العام 2014، والذى خرج المؤتمر بمقررات وتوصيات كانت محل تقدير العالم كله، فضلا عن الإشادة بدور الأزهر فى مواجهة التطرّف والإرهاب. ويتساءل: هل صمت آذان هؤلاء ؟ فلم تسمع إشادة العالم بالمؤتمر الأخير، الذى عقده الأزهر على أرض مصر الحبيبة تحت عنوان المواطنة والحريات، والذى حضره 600 شخصية دولية، بمن فيهم رؤساء الكنائس فى البلاد العربية، وأصدر فيه الأزهر الوثيقة المشهورة التى تحدد المساواة فى الحقوق والواجبات لجميع المواطنين، بصرف النظر عن العقيدة والعرق والمذهب، وغير ذلك كثير وكثير مما يقوم به شيخ الأزهر، من تحقيق وحدة المواطنة والحرص على تماسك لحمة النسيج الوطنى، والعمل على استقرار الوطن، وما تجربة بيت العائلة من المنصفين عنهم ببعيد . إن مهاترات هؤلاء الغوغائيين وصياحهم فى وسائل الإعلام ليلا ونهارا، لا يزيدهم فى نظر العقلاء إلا صغارا واحتقارا. فكيف إذا كانت تلك المهاترات، تتعلق بقامة وقيمة اتفقت الدنيا كلها حكاما ومحكومين على تقديره وإجلاله واحترامه، بل أجمعت جميع الأوساط الدينية والعلمية، بل والدوائر السياسية على ذلك، وإن أردت دليلا على ما أقول، فإن إجماع علماء المسلمين فى العالم وحكمائه على اختياره، رئيسا لمجلس حكماء علماء المسلمين خير دليل. ويؤكد الدكتورالعوارى، أن مقام شيخ الأزهر، أكبر من أن تنال منه أقلام هؤلاء أو تسلقه ألسنتهم الحداد، وماذا يصنع من نطح برأسه الجبل الأشم أو الصخرة الصلبة، إلا أن تتكسر على رأس ناطحها؟ وماذا تصنع رغوة الباطل أمام الحق الصراح؟ والشىء من معدنه لا يستغرب، وكل إناء بما فيه ينضح، وهل تتوقع ممن لا يذوقون طعم الأدب قدرا من الأدب؟ كلا ففاقد الشىء لا يعطيه. ويتابع : نحن نعلم أن أقلام أعداء الأزهر تسيل قذى وألسنة السفهاء تخوض فى حق شيخه الجليل، لكن شأنه دائما أنه يتسم بالأدب الجم موكلا أمره لعلام الغيوب، الذى لا تخفى عليه خافية. أقول لهؤلاء: اتقوا الله فى مصر، وخافوا ربكم فى الوطن، إن كُنتُم تملكون ذرة من الوطنية واحذروا عقاب الله وشدة انتقامه، فإن لحوم العلماء مسمومة وأعراض الناس مصونة، وباطلكم الذى تصيحون به فى نواديكم لا يقوى أبدا، على مجابهة الحق الذى يملكه غيركم وصخبكم حوله، إنما هو من قبيل صرير الأبواب أو طنين الذباب، وخداعكم للشعب المصرى الأصيل بشعاراتكم البراقة، انما هى كخيوط بيت العنكبوت، لا يقيكم بردا ولا يدفع عنكم حرا (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانو يعلمون). حفظ الله مصر وحماها من كل سوء وحفظ رئيسها وولاة الأمر فيها، وحمى الله الأزهر الشريف ورد عنه حقد الحاقدين. وسألت عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، عن أن هناك من يرى أن مناهج الأزهر أسهمت فى تهيئة الأسباب لبروز التطرف الدينى والفكرى، ودعنى أشير إلى واقعة تحدث عنها البعض وهى أن الشيخ عمر عبد الرحمن المعروف بمفتى الجماعة الإسلامية الذى توفى أخيرا فى سجنه بالولاياتالمتحدة - حصل على رسالة الدكتوراه التى تتضمن أفكاره المتطرفة ورؤيته المتسقة مع رؤية سيد قطب وغيره، من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر التى تتولى عمادتها حاليا، وتساءل هؤلاء كيف منحته لجنة التحكيم درجة الدكتوراه بتقدير امتياز بمرتبة الشرف على الرغم من كل ما تضمنته من أفكار تدعو للتطرف والتشدد، فكيف تعقب على كل ذلك؟ فعلق الدكتور العوارى بقوله: إن مناهج الأزهر تربى عليها مفكرو وزعماء الأمة فى المشرق والمغرب، ومن الصعب تقديم إحصاء تفصيلى عنهم فى هذه العجالة، لكنى أتساءل من أين تخرج السيد محمد كريم وعمر مكرم وكيف تربى أحمد عرابى وسعد زغلول ورفاعة الطهطاوى، والإمام محمد عبده والشيخ حسن العطار وغير هم كثير كثير، وكل هؤلاء الذين عملوا جاهدين على تخليص الأوطان من الاستعمار الخارجى والاستبداد الداخلى، كانوا من خريجى الأزهر، وفى غير مصر ستجد ملوكا ورؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء وسفراء من الذين أسهموا فى تقدم حضارة بلادهم، كانوا أيضا من خريجى هذه المؤسسة العريقة – الأزهر- وتربوا على فكرها الوسطى المعتدل، ونحن وشيوخنا وشيوخ شيوخنا وكل من سبقوهم تربوا ودرسوا هذا الفكر، فلماذا لم نسمع منهم كلمة أو فكرة تدعونا إلى التشدد والتطرف، ألا يرى الجميع جهود فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب فى محاربة التطرف بكل أنواعه، وهو من خريجى هذه الكلية الأم – أصول الدين - والتى تفرعت عنها فيما بعد سائر الكليات، وهو ما يؤكد أن مناهج الأزهر تتسم بالصفاء والنقاء والوسطية والتعددية، وثقافة قبول الآخر والتعامل مع الآخر بالندية والأخوة، إلى غير ذلك من الأفكار التى لايمكن أن تكون يوما سببا فى إحداث أى توجس من هذه المناهج فهى صمام أمان لهذا الوطن. أما فيما يتعلق بما أثرته فى سؤالك عن الدكتور عمر عبد الرحمن، فإن اللقب الذى يحمله وهو مفتى الجماعة الإسلامية، لهو أكبر رد على ما يقال فى شأن اتهام كلية أصول الدين، صحيح أنه درس بها ونال منها درجة الدكتوراه، لكنه ارتبط فيما بعد بأيدلوجية سياسية علقت بفكره بعيدا عما تربى عليه، فأصبح مخلصا لتلك الجماعة متبنيا لفكرها مؤمنا لمبادئها، فهى التى جذبته إليها لا هو الذى أثر فيها، فجذبها إلى الفكر الوسطى الذى تربى عليه فى الأزهر، أما عن رسالته التى قرأتها فإن العالم الذى أشرف عليها هو الدكتور أحمد سيد الكومى، وكان يلقب بأنه شيخ علماء العالم، وتربى على يديه دينيا وفكريا فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر الراحل، وكذلك فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وكان رحمه الله معروفا بأنه من أصحاب الفكر الوسطى، ودعنى أقول لك إن سطرا واحدا من رسالة الدكتور عمر عبد الرحمن -الذى جرته الجماعة الإسلامية وسحبته إلى مبادئها وأفكارها، وأثرت فيه لم يؤثر فيها - يؤكد أن الفكر الذى تربى عليه لو سلكه على النحو الصحيح ما بلغ مصيره كما رأيناه وانتهى به المطاف سجينا فى الولاياتالمتحدة، وهنا سأشير إلى تعليقه فى الرسالة على الآية القرآنية الكريمة التى تقول "وإن أحد من المشركين أجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه"، الذى أكد فيه - بعد أن تحدث عن حق الاستجارة والوفاء بها -أن تأشيرة الدخول التى تمنحها الدولة لأى سائح، أو أى شخص يدخل البلاد من أجل سفارة أو تجارة تمثل عقد أمان فى الإسلام " بينما جماعته التى أصبح مفتيا لها، هى التى قتلت السياح فى حادث الأقصر عام 1997، ما يؤشر بقوة إلى أنه ترك الفكر الوسطى وخلع ثوب الوسطية، وانجذب إلى مبادئ الجماعة التى أعلنته مفتيا، فالجماعة بمبادئها وأيديولوجيتها، هى التى أثرت فيه وغسلت فكره الصحيح ولم يؤثر فيها هو بفكره النقى الذى تربى عليه فى كلية أصول الدين ومعاهد الأزهر .
تجاوز إعلامى أما الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسى بجامعة القاهرة، فيؤكد أن توجيه الانتقاد لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ينبغى أن يكون فى حضوره وفى مواجهته، لأن الانتقاد يفترض فيه ألا يكون على سمات شخصية بقدر ما يكون على أفكار وممارسات وأفعال، فضلا عن ذلك فإنه يتعين أن يتم من خلال ضيوف يحللون ويقيمون الأفعال والأدوار للشخصيات والرموز موضع الانتقاد، وفى ضوء ذلك لايمكن أن يقوم مذيع بالتجرؤ على توجيه الإهانات لشيخ الأزهر بشكل انفعالى غير مدروس، وبالتالى أطالب الإعلاميين بالكف عن هذه الممارسات لأنها تمثل نموذجا معيبا لجماهير المشاهدين والمتلقين، فضلا عن أن هناك تناغم بين عدد من القنوات الفضائية الخاصة فى تبنى هذا السلوك الإعلامى غير السوى تجاه شيخ الأزهر، خصوصا بعد أن عاتبه الرئيس عبد الفتاح السيسى أخيرا، عتابا رقيقا وقال له فى لغة شديدة الأدب: "تعبتنى يا فضيلة الإمام "، وبالتأكيد لا يعنى ذلك أن يوفر مجالا لكل من هب ودب فى أن يتجاوز فى القول ضد الإمام الأكبر ويستخدم ألفاظا غير لائقة فى مخاطبة هذا الشيخ الجليل، إضافة إلى ذلك فإن الدكتور الطيب يمثل رمزا وقيمة دينية كبرى، ما يستوجب أن تكون المخاطبة معه وفق أداب وقواعدالاحترام، ولايجوز أن تنطوى على تطاول عليه من شخص ليس له دراية كافية، والدليل على ذلك أن كثيرا من تسرعوا فى حسم قضية الطلاق الفقهى، عندما علموا وفهموا مبررات مصادر التشريع الرئيسية بشأنها بعد البيان الذى أصدره الأزهر، تراجعوا عن رأيهم الذى قد يبدو منطقيا . وفى ضوء ذلك أطالب – الكلام للدكتور العالم - المجلس الأعلى للإعلام المشكل حديثا، بأن يقدم للإعلاميين الآليات الواجبة فى مخاطبة الشخصيات المرموقة، لأن الإعلام ليس أداة اتهام أو إهانة بقدر ما هو أداة اتصال ونشر حقائق ومعلومات، كما أدعوه لأن يضطلع بمسئولياته فى تقنين وتقييم الأداء الإعلامى المعيب الذى لا يتفق مع آداب وقيم المهنة أم المحددات الأخلاقية . ويؤكد الدكتور العالم أن محاولة الربط بين الأزهر والإرهاب والتطرف من قبل بعض الإعلاميين، هى محض استنتاجات غير علمية ويقول: إذا كان البعض يوجه اللوم إلى الأزهر وشيخه بسبب مسألة تجديد الخطاب الدينى، فإنهم للأسف غير مدركين بأن تحقق ذلك عملية تراكمية ممتدة وقائمة على جلسات، وأمور عديدة من بينها العمل على تنقية التراث، وهى ليست مسئولية الأزهر فحسب، ولكنها مسئولة مشتركة لجهات عديدة فى مقدمتها إلى جانب الأزهر وزارة الثقافة التى تملك أدوات النشروالتوزيع ووزارة التربية والتعليم والتعليم العالى، فضلا عن الإعلام ذاته والنتائج لا تحقق بالطبع بين ليلة وضحاها، وإنماتتطلب متسعا من الوقت فهل يفهم هؤلاء الذين ينتقدون بدون علم هذه الحقيقة أم يتعامون عنها ؟ ويضيف أستاذ الإعلام السياسى بجامعة القاهرة : هناك للأسف فى هذا السياق الكثير من الممارسات التى ينبغى للمجلس الأعلى للإعلام أن يضطلع بها فى المرحلة المقبلة، حيث لايعقل أن يكون المذيع – وهو ما يحدث فى كثير من البرامج الشهيرة ببعض القنوات الخاصة - هو المتحدث الرئيسى، بينما معه نفر من الضيوف الذين استدعاهم لمناقشة القضية أو الملف المطروح، فهل يمتلك هذا المذيع كل الخبرات التى تؤهله للحديث فى كل الملفات، والأخطر والأشد تأثيرا سلبيا هو أداؤه الإعلامى الانفعالى الذى يصل إلى حد الصراخ واستخدام الألفاظ غير اللائقة وهو ما يبنغى أن يحدث على الإطلاق لو أن ثمة متابعة أومحاسبة من الدولة . ثم يتوقف الدكتور العالم عند قيام بعض المذيعين قبل أيام باستضافة أهالى المتهمين فى الأحداث الإرهابية الأخيرة، ويرى أن هذا سلوك ينطوى على إيذاء لمشاعر الضحايا وأقاربهم، إلى جانب أنه يخلط الأوراق، فما علاقة أن يكون الأخ أو الابن المتهم هنا أو هناك فى قضية ما بباقى أفراد الأسرة، لا سيما أن الأسرة المصرية لم تعد الروابط قوية فيما بين أفرادها فى السنوات الأخيرة، فإذا كان شخص اتهم اتهاما غير مؤكد، فما المطلوب من أخيه أو أبيه حتى يمثلوا أمام الشاشات وتوجه لهم الاتهامات، ويطالبون باعترافات لا يعلمون عنها شيئا دون أن تعطى لهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم ؟ إن الإعلام المصرى بات للأسف يعانى - وفقا لرؤية الدكتور العالم - من بعض الممارسات الغوغائية، ولايخلو الأمر من استضافات متكررة فى بعض البرامح لبعض الضيوف سليطى اللسان الذين لا يخرج أداؤهم عن دائرة الاستفزاز واستخدام الألفاظ المعيبة ويقومون بتوجيه الاتهام للآخرين وتقديم أنفسهم بحسبانهم ملائكة، واللافت للنظر أنهم يأخذون مساحات زمنية تزيد على الحد ولا يعقل أن يترك لهم لأحدهم المجال لتوجيه الاتهاما لجميع من يعارضه دون أن يكون موجودا معه أثناء الحوار معه، الأمر الذى يسهم فى تشويه صورة جميع يخالفه مايكرس سلبية الأداء الإعلامى الذى يتعين فهمه بحسبانه ليس أداة توجيه اتهامات وتصفية حسابات أو خلافات والتى يكون مجالها القضاء وليس الفضائيات، ومن ثم لم يعد منطقيا أن كل من يدير برنامجا أن يقوم بتوظيفه لحساباته الخاصة وتوجهاته الشخصية .