توقع تقرير المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي يصدره البنك الدولي، نمواً لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 2.6% عام 2017 ليحقق تراجعاً مقارنة ب 3.5% عام 2016، متوقعاً تحسَّن الأوضاع مدفوعة باستمرار الإصلاحات، ليتجاوز معدل النمو 3% في عامي 2018 و2019. قال حافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: ̎لم ينجُ أي جزء من المنطقة من تأثيرات عدم الاستقرار التي تراوحت بين تدمير حياة الناس وتعطيل حركة التجارة وتثبيط الاستثمار، لكننا بدأنا بتغيير توقعاتنا المستقبلية من تلك التي تبعث على تشاؤم يشوبه الحذر إلى أخرى تبعث على تفاؤل يشوبه الحذر، لأننا نرى مؤشرات مبشرة في ثمار الإصلاح الاقتصادي مع شعور باستقرار سوق النفط وانتهاء جميع الصراعات في نهاية المطاف.̎
رغم أنه من المتوقع تراجع معدل النمو الكلي للمنطقة نتيجةً لضعف النشاط الاقتصادي في البلدان المصدِّرة للنفط، فمن المنتظر أن تحقق البلدان المستوردة للنفط أداءً أفضل مع ارتفاع معدل النمو إلى 3.5% عام 2017 مقابل 2.9% في العام السابق.
ورغم ضعف الآفاق الاقتصادية العامة في المنطقة، فإن هذا التقرير يشير إلى بعض المؤشرات الإيجابية على حدوث تعافٍ في بلدان مثل مصر التي تنفِّذ بنجاح بعض الإصلاحات الرئيسية لزيادة الإيرادات وضبط الإنفاق، ويُتوقع زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر إليها بواقع الضعف عام 2017 إلى 5 مليارات دولار.
وفي الوقت ذاته، في ظل انخفاض أسعار النفط، شرعت البلدان المصدِّرة للنفط في تنفيذ إصلاحات قوية للاقتصاد الكلي والتي ساعدتها في الحفاظ على استقرارها الاقتصادي.
وأضاف غانم، أن توقعات تعافي النمو وتسريع وتيرة التنمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي في متناول بلدان المنطقة، ومن الضروري تطبيق إصلاحات اقتصادية وتنويع النشاط الاقتصادي من أجل إفساح المجال لنمو القطاع الخاص الذي يستطيع توفير وظائف تشتد الحاجة إليها، كما يلزم تحسين نوعية المدارس لتزويد الشباب بما يحتاجونه من مهارات للمنافسة على هذه الوظائف.
ويركز قسم خاص من هذا التقرير الجديد على آثار الصراعات في ليبيا وسوريا واليمن، ويقترح استراتيجيات لإعادة الإعمار من أجل بناء الاستقرار وتعزيزه، ولقد تسببت هذه الحروب الأهلية الثلاث في معاناة بشرية واسعة النطاق، وأضعفت المؤسسات ودمرت الاقتصاد، وأضرت تأثيراتها غير المباشرة أيضاً بالبلدان المجاورة مثل الأردن ولبنان وتونس التي تستضيف عددا غير مسبوق من اللاجئين، وتعاني من تقويض حركة التجارة والسياحة والأوضاع الأمنية بها.
ويعرض التقرير المبادئ التي يمكن أن تسترشد بها عمليات إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع والتي يتعيَّن عليها أن تعيد إنشاء ما هو أكثر من البنية التحتية وذلك يتضمن أيضاً مؤسسات كان غياب دورها سبباً رئيسياً في اندلاع الصراع.
ومن جانبه، قال شانتا ديفاراجان، رئيس الخبراء الاقتصاديين لمكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي: "أدت الحروب الأهلية، مقترنةً بالتراجع الاقتصادي، إلى ظهور فئات جديدة أكثر عرضة للمعاناة كما أنها أدت إلى إضعاف الخدمات العامة بدرجة كبيرة مثل خدمات الرعاية الصحية والتعليم، ما يتطلب كسر الحلقة المفرغة من أعمال العنف والركود الاقتصادي بذل جهود جماعية لمساندة المنطقة في عملية بناء السلام مما سيحقق في نهاية المطاف استقراراً سياسياً واقتصاديا طويل الأمد."
لتوضيح أحد الجوانب الرئيسية للتحدي الماثل أمام إعادة الإعمار، تُظهر تقديرات البنك الدولي أنه لو تم التوصل إلى حل سياسي في سوريا وبدأت عملية إعادة الإعمار، فإن إجمالي الناتج المحلي السوري سيستغرق 10 سنوات حتى يقترب من مستواه قبل اندلاع الحرب شريطة نمو الاقتصاد بنسبة 5% في المتوسط، علماً بأن النمو بأقل من هذا المعدل سيؤخر الانتعاش بواقع 10 سنوات أخرى.