نقابة الأطباء: هدفنا حماية المريض والطبيب ومحاربة دخلاء المهنة والمعلومات غير العلمية    مدير تعليم أسيوط يجري جولة لمتابعة 9 مدارس بالبداري ويشدد على متابعة خطط الدراسية    محافظ مطروح يناقش 4 مشروعات جديدة مع خالدة للبترول    الوكالة اللبنانية: غارة إسرائيلية على سيارة في صيدا تقتل 3 أشخاص    إيران تجري تجارب صاروخية في 5 محافظات    مصطفى زيكو يقود هجوم بيراميدز في مواجهة مسار بكأس مصر    أوشينج أول الراحلين عن الزمالك فى يناير    يوسف بلعمري ينضم لمعسكر المغرب بعد إصابة رومان سايس    أمم إفريقيا - صفقة الأهلي المحتملة.. بلعمري ينضم لمعسكر المغرب    كأس أمم أفريقيا 2025.. تعرف على تشكيل زامبيا لمواجهة مالى    السخيري قبل مواجهة أوغندا: روح عالية بمعسكر تونس.. وهدفنا بداية قوية في أمم إفريقيا    تجديد حبس تاجر خردة وحارس عقار بتهمة سرقة فيلا تحت التشطيب بالقاهرة الجديدة    زكي طليمات مؤسس معهد التمثيل، بدأ موظفا بحديقة الحيوانات وهذا سر علاقته بالقرود    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    هل يجوز تلقي الطفل لقاح الإنفلونزا فى ديسمبر ويناير؟ استشارى يجيب    موعد ومكان عزاء الفنانة سمية الألفى اليوم الإثنين    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    أبو بكر رئيسا لمجلس إدارة غرفة البترول والتعدين.. ضاحي وزاهر وكيلين    عضو بالشيوخ: تحركات الرئيس السيسي الخارجية تُدار بعقل الدولة وتحفظ توازنات الأمن القومي    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    مدرب تونس: حسام حسن يواجه ضغطا.. وأتمنى مصالحة الجماهير فى أمم أفريقيا    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    محافظ المنيا يوجّه بتوسعة المركز التكنولوجي النموذجي بملوي وصرف مساعدات عاجلة لحالات إنسانية    رئيس الشيوخ يهنئ الشعب المصري بمناسبة العام الميلادي الجديد    شهد أمين : جوائز قرطاج ل "هجرة" هي إنجاز جديد للسينما السعودية    وزير الاتصالات: استثمار 3.3 مليار دولار لرفع كفاءة الإنترنت أدى لزيادة السرعة 16 ضعفا    حكم المسح على الشراب الخفيف أثناء الوضوء.. دار الإفتاء توضح    الخطيب يبحث مع وزير التجارة الكوري تعزيز العلاقات الاستثمارية    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    رئيس جامعة سوهاج يلتقي الفريق الطبي المُنقذ للطفل «يوسف» ويشيد بجهودهم    جامعة قناة السويس تكرّم قياداتها الإدارية بمناسبة التجديد    مصر تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    تأجيل اعادة إجراءات محاكمة متهم بخلية اللجان النوعية بالمرج    الأزهر يشارك في احتفالية اليوم العالمي للغة العربية بجناح وورش للخط العربي وجولة لطلابه بمتحف الحضارة    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    اتحاد المهن الطبية: 30 ديسمبر آخر موعد للاشتراك في مشروع العلاج    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    بعد قليل.. أمين «البحوث الإسلامية» يشهد مراسم صلح في خصومة ثأريَّة بالأقصر    شعبة الملابس الجاهزة تكشف ارتفاع الصادرات بأكثر من 21% منذ بداية 2025    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    روائح رمضان تقترب    جيفرى إبستين.. العدل الأمريكية تدافع عن النشر الجزئى وعودة صورة ترامب المحذوفة    الداخلية تفتتح قسمًا جديدًا للجوازات داخل مول بالإسكندرية    موعد مباراة بيراميدز ومسار في كأس مصر.. والقنوات الناقلة    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    نائب وزير الصحة والسكان يعقد اجتماعاً مع وفد رفيع المستوى من دولة ليبيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    أمم إفريقيا – محمد الشناوي: هدفنا إسعاد 120 مليون مصري بكأس البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقام معرضا جديدا بعنوان «حلقة مفقودة».. مصطفى كمال يحمل فرشاته ويندفع مع الزمن
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 04 - 2017

مغامر يستحيل العالم بين يديه إلى بحار متلاطمة الأمواج وصحراوات بغير نهايات

لديه ابتسامة تجمع فى آن واحد بين الرضا والمرارة

تحت عنوان «حلقة مفقودة»، أقام الفنان التشكيلى «مصطفى كمال» معرضا بمركز مختار الثقافي، وعبر لوحات المعرض تنعكس تراكمات الفنان الداخلية، وتتسرب من ذاكرته صور واقعية، إنها الذاكرة البصرية، والخيالات التى استدعاها الفنان، ومزج بينها وبين واقع معاش، ما حقق للمشاهد متعة حسية وذهنية ونفسية، متعة خاصة، وجماليات تفرد بها الفنان فى رسومه، فى حوار تصويرى جرافيكى، تمثلت فيه شخصيته التى تطغى بصفة مستمرة على أعماله ومعارضه الفنية، إنها دعوة للحلم وتعايش مع الجمال، فخطوطه سريعة، وفرشاته تلاحق فى سرعتها الذاكرة.
فى شهادة للفنان الكبير محمد طه حسين، فإنه يرى أن أسلوب الفنان مصطفى كمال الفني، اتجه فى بداية ممارسته للإبداع التشكيلى نحو الواقعية، ثم سار فى اتجاه التعبيرية الحرة، بمعنى أنه كان يوظف تقنيات فن الحفر تحت سيطرة طاقته الإبداعية فى سبيل التعبير عن مضمون الفكرة، التى انفعل بها، وأراد نقلها عبر الوسيط الجرافيكى، وقد استمرت رحلة ممارسته لفن الحفر مسيطرة على إنتاجه الفنى بانفراد حتى عام 1974، حيث سافر فى بعثة إلى إنجلترا ثم إلى فرنسا، واستقر به الوضع فى شمال إيطاليا، حيث عايش تجربة جديدة داخل مناخ أعرق معهد أكاديمى فى فنون الحفر والجرافيك بمدينة أوربينو، العريقة والشهيرة بهذا الفن على مستوى العالم.
كانت ممارسة مصطفى كمال فى مجال فن الحفر حتى عام 1975 ومع ذلك كانت هذه الفترة فى حد ذاتها هى مدخله المباشر إلى مجال تصوير الزيتى، حيث أنتج أعمالاً تصويرية، ذات رؤية تشكيلية بين التعبيرية والتأثيرية، المتجهة فى قالب خاص، تغلله فلسفة ميتافيزيقية، وقد جاءت تجاربه التصويرية متأثرة بخبراته فى مجال الحفر، حيث كتب عنه النقاد تحليلاتهم لأعماله، عبر مراحل تطوره بين فن الحفر والتصوير.
ومنذ عام 1975 حتى عام 1981 كانت انعكاسات وتعبيرات مصطفى كمال، تدور حول قضايا إنسانية، من خلال معايشة العلاقة الثلاثية الطبيعية بين عناصر الحياة، ثم بدأت تعبيراته بعد ذلك تتجه إلى التأثيرية البحتة، من خلال ظهور رغبة حذره فى الاهتمام بالانعكاس البصرى للشكل، دون الخوض فى تفصيلاته الدقيقة، ويظهر هذا فى مجموعة الورود، التى قدمها فى المرحلة من 1990 حتى 1994 وأيضاً فى مجموعة المناظر الطبيعية، لتكون مرحلة متميزة فى إنتاج الفنان، حيث يشعر المشاهد بمكنونات المنظر الطبيعى، دون الخوض فى تفصيلات محددة.
إن أعمال مصطفى كمال – كما كتب الفنان الكبير الراحل حسين بيكار يوما – تراوح بين الالتزام وبين التجديد، كما تجمع أيضاً بين التشخيصية والتجريدية، فبينما يلتزم فى جميع مراحل حياته الفنية بالعنصر الإنسانى، يستخدمه كوسيط، ينقل من خلال فلسفته وأفكاره ونظرته للحياة، فإنه لا يتوقف عند أسلوب معين، بل يساير العصر فى سرعة إيقاعه، وينتقى من العطاء الفنى الشامل ما يتواءم مع تفكيره، ويجعل منه لغة تشكيلية خاصة، يحقق بها ما يعن له من أفكار، لا تخرج عن مضمونها الإنسانى، الذى التزم به.
أما الفنان حازم فتح الله فإنه يرى أن عالم مصطفى كمال بلا حدود، عالم خارج الزمان والمكان، فهو مغامر، مرتحل، يستحيل العالم بين يديه إلى عوالم يرتحل إليها: بحار متلاطمة الأمواج، صحراوات بغير نهايات، سماوات رحبة، كل هذا يمتزج فى آن معا، فعالمه يختلط فيه الواقع باللا واقع، الحقيقة بالخيال، وإن كان يحاول أحياناً أن يمسك بعناصره: حصان منطلق، امرأة كالمهرة الجامحة، قط يتربص، وفى محاولته يجرى بخطوط، فى حريتها وانطلاقها، تؤكد حركة العناصر، فالحركة مستمرة حتى فى المكان.
هذا فى حين يرى الفنان مصطفى الرزاز، أن كمال لديه ابتسامة تجمع فى آن واحد بين الرضا والمرارة، تلك الابتسامة المركبة تعبر بقدر كبير عن شخصيته الفنية، فهو يجمع فى لوحاته بين هواء نقى محلق فى صفائه وبين دوامات انفعالية عنيفة، بين الرسم الناعم للوجوه الصبوحة وبين شلالات الألوان الصاخبة، التى تغلف تلك الوجوه والشخوص والخيول، ذلك الجمع بين النقيضين، هو الذى يفصح عن الشخصية الفنية لمصطفى كمال، وفى هذا الإطار يبحر الفنان فى عوالم التجريب، ليحيل الألوان والعجائن واللدائن إلى نغمات، يتآلف بعضها ويرتطم البعض الآخر، فيحدث طفرات صوتية صاخبة، ويحرك هدوء الألحان.
إن تجربة مصطفى كمال محاولة جادة للجمع بين الحس والعقل، وكلاهما فى صراع دائم، وينتصر العقل من خلال عقلانية الفكر المتحد، فى لوحاته، ويتحقق هذا فى كثرة أعماله، فسرعان ما تفاجأ بالعقل، وسرعان ما يأخذ الحس مداره الحقيقى، وهى حقيقة الفن، على حد تعبير الفنان صالح رضا، فهو يمثل وجهة نظر الفنان الحديث، حيث يربط عالمه التصويرى بين نقيضين شديدى الغرابة، بحيث يحدث صدام جمالى على نحو فريد، فوق مساحة متوترة، وتمثل أعماله فى جملتها تصعيداً ذهنياً وشكلياً للجمال.
وفى رأى الفنان محمد رزق، فإن مصطفى كمال يستثمر على قماشة الرسم كيانه كله، جسداً وفكراً ومتخيلا، ليلتحق بالاندفاعة الأصلية، ورعشة المادة الحية فى بداياتها، حيثما ينبثق الليل والضوء والعناصر الأولى للحياة والحقول المتعددة للطاقة، حيث يمحو كل تعارض بين التجريد والتشبيه، بين الخط واللون، إن اللون يتقدم ويقتحم السطح، ويتجاوز الحجوم والمساحات، ويحمل نبوءة العين، وتغامر مساحاته فى المجهول وتطارد الفراغ، فيتناثر الضوء فيها فى نقاط مكثفة ملونة متوهجة أو خابية، تنتشر فى نظام رياضى محكوم، لكن ببساطة وعفوية الحياة ذاتها، وقدرتها النشيطة والتكوينية والطبيعية، فتتحول طاقة التناقض تلك إلى مثير تعبيرى حاد، يجعل الأشكال فى حالة توهج دائمة.
لهذا لا تأخذ لوحات مصطفى كمال جمالياتها الخاصة، من كونها شكلاً مكتملا، يتحدد بالمظاهر المحسوسة، وإنما تأخذها من كونها نسيجا، تتجلى فيه أبعاد العالم النفسى، أو ما يمكن أن نسميه بانفجارات الداخل المسكون بأثقال الخارج، وتحمل هذه الانفجارات عذاب القلق والتوتر، لكنها تحمل كذلك حيوية الغبطة والفرح، التى تحتضنها حركية المساحات وتحولاتها، حتى ليمكن القول عند تأمل اللوحة: حقاً فى الإبداع يموت الموت.
تتخطى عمليات التفاعل مع إبداعات مصطفى كمال نطاقها المحلي، لتجد عيونا أوروبية تستطيع أن تقرأ الألوان والأضواء والظلال والكتلة والفراغ، فالناقدة الإيطالية سلفيا ساسى كوبينى، تؤكد أن فن مصطفى كمال يعطينا حس وعبق أرضه، من خلال الموضوع المختار، وتنعكس طاقته الفنية، لتعبر عن رؤيته المستقبلية المشحونة بالأمل وبمعنى الحياة، حتى وإن ظهرت مؤشرات عن مواقف صعبة فى الحياة، ومن ناحية أخرى فإن التعبيرات تعطى المعنى، وتحكيه بذاتية كمال وفلسفته المبنية، على حساباته الدقيقة، كفنان مبدع، من خلال عناصر الحياة الرئيسية: الإنسان، والنبات، والحيوان.
ويحاول الناقد الإيطالى جوزيف ماريا قراءة الخطوط، مؤكدا أن هناك علامتين واضحتين تحددان طبيعة محتوى أعمال الفنان مصطفى كمال: نقطة انطلاقه وتعبيره، وواقعيته المحسوبة، التى تذكرنا بمعان عميقة كتبها أدباء مصريون مثل عبد الرحمن الشرقاوى ويوسف إدريس، بينما يشير الناقد جيوفانى فارونى أنه فى الفن المصرى يظهر الحس المتدفق للحياة، من خلال تعبيرات فنانين، بحثوا دائماً عن البعد الشكلى المعبر بعمق عن المضمون والقيمة، من خلال الخط واللون، لبلورة الشكل المعبر، وتوثيقه لمعانى الحياة وأيامها المتتالية المبهجة، كحرب موجهة ضد الموت أو الفناء، ومصطفى كمال فنان يحمل فرشاته بعقلية الإنسان المصرى ويندفع مع الزمن بلا توقف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.