دراسة إسرائيلية توصى بعدم التدخل فى سوريا حتى لا تغضب روسيا الكيان الصهيونى يخشى مواجهة عسكرية مع سوريا برغم التدخل السرى فى أراضيها
يبدو أن تداعيات الضربة السورية المفاجئة للكيان الصهيوني، في السابع عشر من شهر مارس الماضي، تسببت في إحداث تصدعات وتشققات كبيرة في التجمع الصهيوني لم تتوقعها تل أبيب، وكشفت بدورها عن تخبط واضح في الجبهة الداخلية الإسرائيلية «راحال»! من بين النتائج الإيجابية التي استفادت منها إسرائيل من الحرب الصهيونية الثانية على لبنان، صيف 2006، إنشاء الجبهة الداخلية "راحال" لتفادي أية هجمات خارجية أخرى على الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو الداخل الإسرائيلي، إذ لم يسبق أن شهدت إسرائيل أية محاولات استباقية أو هجومية على الداخل الإسرائيلي سوى ضربات حزب الله اللبناني في الحرب نفسها، وما تلاها من حروب غزة الأخيرة مع التجمع الصهيوني ( الرصاص المصبوب 2008/2009 عمود السحاب 2012 الجرف الصامد 2014 )، باستثناء ضربات عفوية للرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، إبان حرب الخليج الثانية 1991. وعلى الرغم من إنشاء هذه الجبهة وتنسيقها الكامل مع هيئات ومؤسسات إسرائيلية أخرى إبان الحروب والعمليات العسكرية مع الأطراف المناظرة، وكانت، بالمناسبة، خلال حروب غزة الثلاث فقط، سواء مع نجمة داود، أم الأمن الداخلي، أم الشرطة، أم الجيش أم التعليم في التجمع الصهيوني، فإن مجرد إطلاق صاروخ سوري واحد (أرض أرض) ومضاد للطائرات، قد تسبب في إحداث شرخ كبير في تلك الجبهة الإسرائيلية المتصدعة، التي بات يطلق عليها "شبكة العنكبوت" فعلاً وليس قولاً فحسب! لم تعتد المقاتلات الصهيونية التي أغارت طوال السنوات الست الماضية على طول الأراضي السورية أن تقابل بصاروخ مثل الذي أطلقه النظام السوري بقيادة بشار الأسد، يوم الجمعة قبل الماضية، الموافق السابع عشر من شهر مارس الماضي، والذي سقطت شظاياه في مدينة القدس الفلسطينية المحتلة، وسمع دوي انفجاره في مناطق واسعة من الأراضي المحتلة. وبمجرد انفجار الصاروخ وتأثر التجمع الصهيوني، حكومة ومغتصبين، فإن وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الإسرائيلية، المنشورة باللغة العبرية، قد انهالت على القيادات العسكرية والمسئولين السياسيين باللوم، واتهمتهم بالتقصير حول عدم توقع إطلاق سوريا لمثل هذا الصاروخ ( أرض أرض ) أو الجرأة في الرد من الأساس، وردود الأفعال المتوالية على ذلك، سواء من المجتمع الدولي أو من روسيا، صاحبة القرار في الأراضي السورية، كما تؤكد جُل هذه الوسائل! مع اعتراف رئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، بالضربة الفجائية من نظام الأسد، ردًا على ضربات صهيونية متعاقبة، دخل التجمع الصهيوني مرحلة أخرى جديدة ونوعية في الصراع العربي الصهيوني، خصوصا أن صحيفة "يسرائيل هايوم" العبرية قد اعتبرت الصاروخ السوري بمثابة تهديد وجودي أو إستراتيجي على بلادها، فقد أكد المعلق العسكري للصحيفة، جادي أفيتال، أن إطلاق صاروخ " أرض أرض" السوري هو التهديد الوجودي الحالي على الكيان الصهيوني، إذ لم يعد تكوين دولة فلسطينية هو التهديد الوجودي أو الإستراتيجي الوحيد أو الرئيسي على إسرائيل، وإنما إطلاق الصواريخ هو التهديد الإستراتيجي الآني على التجمع الصهيوني، فقد كشفت عملية إطلاق الصواريخ من قطاع غزة ومن بعدها من الأراضي السورية الأسبوع قبل الماضي مدى هشاشة وضعف واهتراء الجبهة الداخلية الإسرائيلية. كتبت الصحيفة العبرية تحت عنوان "قوة الردع للصواريخ.. الصاروخ السوري كابوس إسرائيل المقبل"، أن الكيان الصهيوني لم يتوقع إطلاق سوريا لصاروخ "أرض أرض"، ردًا على اختراق المقاتلات الصهيونية أراضيها، مؤكدة أن التهديدات الإستراتيجية على إسرائيل باتت كثيرة ومتعددة الجوانب، وصار من بينها الصواريخ متوسطة وطويلة المدى، وما إطلاق النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، لصاروخ واحد وما أحدثه من دوي خطير في قلب الكيان الصهيوني سيشجعه على إطلاق المزيد. التقرير المنشور بالصحيفة يؤكد أن الصواريخ متوسطة وطويلة المدى والصواريخ الباليستية باتت تشكل التهديد الإستراتيجي والوجودي على مناطق واسعة حول العالم، خصوصا منطقة الشرق الأوسط، وإسرائيل على وجه التحديد، في وقت أكد في عنوان فرعي له أن الصاروخ الواحد من نوع " حيتس 2 " الذي تصدي للصاروخ السوري تبلغ تكلفته مليوني دولار، في وقت أشار التقرير إلى أن التجمع الصهيوني بإمكانه التصدي لصواريخ طويلة المدى مثل أية صواريخ قادمة من إيران وليست من سوريا فحسب، لكن الكاتب الصهيوني تمنى ألا تحتاج بلاده لاستخدام مضادات للصواريخ مرة أخرى! بمعنى تمنيه عدم دخول التجمع الصهيوني في حرب مع سوريا. مع الإشارة إلى أن الصاروخ السوري قد أدى إلى تفعيل وتشغيل منظومة الدفاع الصهيونية " حيتس 2 " للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل! المستنقع السورى والرؤية الأخيرة تتوافق مع دراسة إسرائيلية نشرت بعيد التدخل السوري الأول في العمق الصهيوني للمرة الأولى منذ حرب الخامس من يونيو 1967، وتحديدًا الأسبوع الماضي، حول الزعم بأن التجمع الصهيوني لم يرغب في السقوط في المستنقع السوري، نتيجة لتشابك العلاقات مع كل من روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران، ولكنها تدخلت، وبقوة، مع تعرضها لخطر قومي، بمعنى أن الادعاء بأن ثمة قوافل أسلحة لحزب الله اللبناني كانت في طريقها من دمشق لبيروت، واستهدفتها الطائرات الإسرائيلية كان السبب في التدخل الصهيوني في سوريا، ورد نيتانياهو على ذلك بالتصريح بأنه لن يقف مكتوف الأيدي أمام مرور هذه القوافل وأمام التعمق الإيراني في الأراضي السورية، مجددًا، كان في محله! جاءت الدراسة الصهيونية والمنشورة في مركز دراسات الأمن القومي، تحت عنوان " المعركة المناهضة لسوريا: أشكال وصور الوضع العسكري والدبلوماسي الإسرائيلي" لكل من تسيفي ميجان وأودي ديكل، الكاتبان بالمركز الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، وصاحب أوجه التقارب الحكومي، وتوصياته غالبًا ما تكون موجبة على صنَّاع القرار في التجمع الصهيوني. وذكر فيها أن الصاروخ " أرض جو " وهو ما يناقض ما ذكرته وسائل إعلام أخرى من أنه صاروخ أرض أرض يدل على أن سوريا ترغب في إدارة مواجهة جديدة مع إسرائيل من نوع آخر ممثل في الرد على طائراتها في حال اخترقت حدودها مجددًا، وترى بأن قواعد اللعبة قد تغيرت، فكل الاحتمالات باتت ممكنة، خصوصا في ظل وجود قوات عسكرية إيرانية بالقرب من الحدود السورية الصهيونية، وهو أحد الخطوط الحمراء للكيان الصهيوني. تساءلت الدراسة على مدى حفاظ إسرائيل على تلك الخطوط الحمراء، والخاصة بعدم وجود قوات لإيران أو حزب الله بالقرب من حدودها، في ظل عدم المساس بالعلاقات الطيبة مع روسيا والولايات المتحدة من ناحية وعدم تصعيد الجبهة الشمالية مع سوريا من ناحية أخرى؟! مرجحًا أن التجمع الصهيوني يمكنه القيام بعمليات عسكرية فعاَّلة وسرية في قلب سوريا دون المساس بتلك العلاقات مع القوى الكبرى! الغريب أن الجيش السوري قد أسقط طائرة إسرائيلية بدون طيار الأسبوع الماضي، بعد إطلاقه للصاروخ " أرض أرض " في قلب التجمع الصهيوني، وهي الطائرة التي أسقطتها الدفاعات الجوية السورية، في حالة من إفاقة النظام السوري المتأخرة ضد الكيان الصهيوني! في الوقت الذي حاولت إسرائيل غض الطرف عن هشاشة جبهتها الداخلية، وضعف موقفها الداخلي، وقامت باغتيال مازن الفقهاء، القيادي البارز في الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأسبوع الماضي في قطاع غزة، وذلك لتصريف الاتجاه ناحية حركة حماس وقطاع غزة، والابتعاد، ولو قليلاً عن سوريا! مع احتمال أن تكون حلقة اغتيال الفقهاء بداية لحلقة أكبر من سلسلة المواجهات الصهيونية الحمساوية في قطاع غزة، أو بمعنى أدق توجيه الانتقام الإسرائيلي ناحية الشعب الفلسطيني في القطاع، بدلاً من الاحتكاك مع روسيا والولايات المتحدة وتركيا في قلب سوريا، بدعوى أن صمت المجتمع الدولي أمام "دك" غزة أفضل من مواجهة عسكرية، غير محسوبة العواقب، مع سوريا!