بوتين يقدم لنيتانياهو كتاب»حروب اليهود» للمؤرخ اليهودى فيلافيوس الذي يعود للقرن الأول الميلادى موقع «والا»الصهيونى:استعادة التراث اليهودى أهم أسباب زيارة روسيا.. وحصول نيتانياهو على كتب «جيزبرج» الخاصة بالشرائع اليهودية مفاجأة سارة
احتل الحديث عن هضبة الجولان السورية المحتلة المكانة الرئيسية في أجندة زيارات رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نيتانياهو، الخارجية لكل من روسيا والولايات المتحدةالأمريكية، فثمة طلب إسرائيلي يتكرر في كل زيارة لهما، ولعل الزيارة الأخيرة التي قام بها للعاصمة الروسية، موسكو، في التاسع من الشهر الجاري، حملت الطلب نفسه، ولم يبد الرئيس فيلادمير بوتين، أي اعتراض يذكر، بمعنى إعلانه عن موافقته الضمنية لضم الجولان للتجمع الصهيوني، وشرعنتها دوليًا! شهدت زيارة نيتانياهو لموسكو جملة من الملفات والقضايا المهمة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط والقضايا ذات الاهتمام المشترك، الاقتصادية والسياسية والعسكرية والدينية والثقافية، وهو ما توِّج به نتانياهو من تلك الزيارة التاريخية المهمة التي تعد الخامسة خلال عام ونصف العام فقط، حيث كانت زيارته الأخيرة في يونيو من العام الماضي، تتويجًا لمرور ربع قرن على بدء العلاقات الروسية الصهيونية. “استعادة الجنود الصهاينة الأسرى لدى المقاومة في غزة، والاعتراف الدولي بضم الجولان السوري المحتل لإسرائيل، وهدية الكتاب اليهودي حروب اليهود، والتحذير من خطورة التدخل الإيراني في سوريا، والتنسيق الأمني المشترك بطول القطر السوري”، تلك القضايا كانت محور لقاء نيتانياهو القصير ببوتين الخميس الماضي.
ضم الجولان للأبد بداية، رأى الموقع الإلكتروني “واللا “ أن نيتانياهو جدد طلبه دعم بوتين بشكل شخصي، ومساندة موسكو في طلب الاعتراف الدولي بضم التجمع الصهيوني لهضبة الجولان السورية المحتلة وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الهضبة، وضمها للأبد، وهو ما كان محور لقاء نيتانياهو ببوتين في العاصمة الروسية موسكو، طيلة العامين الماضيين، حيث تعد الزيارة الأخيرة التي جرت، في التاسع من الشهر الجاري، الخامسة على التوالي، والثالثة أو الثانية من حيث تكرار طلب الاعتراف الدولي بفرض السيادة الصهيونية على الجولان، مع محاولة فرض مزاعم على القيادة الروسية بضرورة تفهم موسكو للطلب الإسرائيلي من أنه من مصلحة الهضبة السورية وقوعها تحت نير الاحتلال الصهيوني بدلاً من تبعيتها لسوريا، خصوصًا مع استشراء “الإرهاب” في منطقة الشرق الأوسط! لم يجد المحلل السياسي للموقع، طال شيلو، غضاضة في تكرار الحديث عن وجوب الاعتراف الدولي بضم الكيان الصهيوني للجولان المحتل، والملل من الحديث عن وقوع سوريا تحت قبضة المد الإيراني الشيعي وكوادر ونشطاء حزب الله اللبناني، مدعيًا أن فك ارتباط الحزب وإيران عن سوريا من شأنه عودة القضاء على الإرهاب، والحفاظ على الأمن القومي للتجمع الصهيوني. جُل وسائل الإعلام العبرية رأت أن تحذير نيتانياهو لبوتين من محاولات نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله من سوريا يستهدف الأمن القومي الصهيوني، ويزيد من التوتر في قلب الأراضي السورية نفسها، ويهدد المنطقة برمتها، حيث نفخت تل أبيب في النار، وزعمت أن الحزب اللبناني ينقل الأسلحة برًا من سوريا إلى لبنان. وهو الطلب الذي شدد عليه نيتانياهو كثيرًا خلال تلك الزيارة وما سبقها من زيارات مماثلة.
الأطماع الإيرانية والصهيونية بالتوازي مع زيارة نيتانياهو إلى موسكو الأسبوع الماضي، أطلق المتحدث الرسمي باسم الحكومة الصهيونية، أوفير جندلمان، تصريحات مهمة تتعلق بسوريا وحزب الله، وهو ما يتماشى مع أجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي والمتعلقة بالزيارة، حينما قال :”لا توجد قيود على عملياتنا العسكرية في سوريا، فالعمليات التي تنفذها قوات الجيش الإسرائيلي في سوريا الهدف منها منع حزب الله اللبناني من الحصول على أسلحة إستراتيجية من إيران”. استطرد جندلمان:”إن الدول العربية تعلم هذه العمليات وإسرائيل ترفض أي وجود إيراني بالقرب من حدودنا على الجانب السوري، والمحادثات التي دارت بين نيتانياهو وبوتين ناقشت المحاولات الإيرانية المتكررة لنقل أسلحة إستراتيجية ومتطورة لأيدي حزب الله في لبنان وتعزيزه عسكريًا وميدانيًا”، وهي التصريحات التي تتوافق مع الرؤية الصهيونية الخاصة بضم هضبة الجولان السورية المحتلة للتجمع الصهيوني للأبد، بدعوى الحفاظ عليها من “الإرهابيين”، وحتى لا تقع في قبضة الإيرانيين ونشطاء حزب الله اللبناني، وهو الادعاء الذي تتفهمه بعض الدول العربية، كما أوضحه جندلمان! الثابت أنه حتى وقت قريب لم يجرؤ مسئول صهيوني، بما فيهم نيتانياهو أو وزير حربه الحالي، أفيجدور ليبرمان، اليميني المتطرف، أو السابق، موشيه بوجي يعالون، على التصريح بمثل هذه العنتريات، فكل العمليات العسكرية والغارات الجوية التي قامت بها قوات سلاح الجو الإسرائيلي بطول القطر السوري أُغيرت دون أن يتكلم أي مسئول إسرائيلي ببنت شفه، وهو ما يعني وجود تغييرات على الأرض في سوريا، شجعت وحثت التجمع الصهيوني على إطلاق مثل هذه التصريحات الخطيرة، إضافة لعوامل خارجية، من بينها الدعمين، الروسي والأمريكي، الكاملين لتل أبيب حيال الممارسات الإسرائيلية في سوريا! فالدفعة المعنوية التي نالتها تل أبيب من زيارة نيتانياهو للعاصمة الأمريكية، واشنطن، الشهر الماضي، وتبتعها زيارة مهمة للعاصمة الروسية، موسكو، الأسبوع الماضي، زادت من قوة وعنفوان التجمع الصهيوني، حتى صار لا يعبأ بالمجتمع الدولي، ولا بالدول العربية والإسلامية، حيال استشراء غاراته العسكرية بطول الأراضي السورية! لذلك كان طبيعيًا أن ترى صحيفة “معاريف” العبرية أن بناء إيران ميناء في الأراضي السورية سيؤثر على الأمن القومي الصهيوني، والمنطقة بأسرها، وهو ما لم تقبله إسرائيل، وبالتالي توصيل رسالة صهيونية مفادها رفض تل أبيب لوجود قوات إيرانية في سوريا بالقرب من حدودها، يعني وجود النار بجانب البنزين، برغم وجوده منذ سنوات مضت، ولكن الفرصة سنحت للتجمع الصهيوني للاعتراض علنًا على ذلك، خصوصاً مع وجود تنظيم “داعش” في الجنوب السوري، بالقرب من الحدود السورية الفلسطينيةالمحتلة.
تحييد الجولان السورية المحتلة! استطردت الصحيفة في اعتبار طلب نيتانياهو تحييد الجولان السورية المحتلة من أي صيغة للتسوية في سوريا هو أمر طبيعي للكيان الصهيوني مع ارتفاع وتيرة الإرهاب في المنطقة وتدخل إيراني واضح في الشؤون السورية، ووجود لقوات حزب الله فيها، مما يعني ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق الأمني بين تل أبيب وموسكو، بهدف تجنب الاحتكاك العسكري في سوريا، وبزعم عدم السماح باستغلال الأراضي السورية من قبل إيران وحزب الله لاستهداف الأراضي الفلسطينيةالمحتلة . الواضح في هذا الإطار هو تواصل ترديد و “زَّن” الكيان الصهيوني في أذن بوتين بأن ما تقوم به القوات الجوية الإسرائيلية من ضربات وغارات متواصلة هو لضرب قوافل السلاح المتجهة إلى حزب الله اللبناني، وللحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي، حتى إن الطرف الروسي قد تقبل هذا الأمر دون اعتراض يذكر، وكأنه يغض الطرف عما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق الشعب السوري، لذلك اعتبرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن أحد الأسباب الجوهرية لزيارة نيتانياهو لموسكو هو مناقشة النفوذ الإيراني في سوريا، مدعية أنه يتعارض مع المصالح المشتركة بين روسيا وإسرائيل، ويمنع التوصل لتسوية سياسية في سوريا، في المرحلة الراهنة، وهو ما تفهمه بوتين من “بيبي”. اصطحب نيتانياهو معه في رحلته المهمة لموسكو رئيس جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية “أمان” ليقَّص على بوتين المزاعم المحدقة بالأمن القومي الصهيوني جراء التدخل الإيراني في سوريا بالقرب من الحدود السورية الفلسطينيةالمحتلة، وكيف تحاول طهران بناء قواعد عسكرية في سوريا، وما يمثله هذا الأمر من خطورة على المصالح المشتركة بين روسيا وإسرائيل، لذلك كتب، نيتسان قيدار، المحلل السياسي للقناة السابعة الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني أن اصطحاب رئيس أمان كان في محله.
استعادة الجنود الصهاينة من بين الطلبات الإسرائيلية من الرئيس الروسي بوتين التدخل في استعادة الجنود الصهاينة الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، ووعد بوتين بالتدخل بالفعل في أقرب وقت ممكن؛ مع الإشارة إلى أن للكيان اثنين من الجنود، هما أورون شاؤول وهدار جولدن، تم أسرهما إبان الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة ( الجرف الصامد ، يوليو 2014 )، فضلاً عن اثنين آخرين، وهما هيثم السيد من عرب 48 وتقريبا مختل عقليًا، حاولت إسرائيل مبادلته في صفقة تبادل أسرى – أسير مقابل آخر فقط مختل عقليًا مقابل آخر مختل عقليًا أيضًا، في الشهر الماضي، ولكن الحركة الإسلامية رفضت الطلب الصهيوني، ورأت أنه من الأجدى إتمام صفقة تبادل أسرى كاملة أو لا لصفقات. أما الرابع إبراهام منجستو إسرائيلي من أصل إثيوبي دخل قطاع غزة من ناحية البحر المتوسط! وهو المحور الذي ناقشته القناة الإسرائيلية السابعة على موقعها الإلكتروني، لسان حال اليهود الروس في تل أبيب!
التراث اليهودي المزعوم من بين الملفات والقضايا المهمة والتاريخية التي ناقشها نيتانياهو مع بوتين، استعادة ما يدعونه ب “التراث اليهودي المزعوم”، حيث حصل رئيس الوزراء الصهيوني على هدية شخصية من الرئيس الروسي، فيلادمير بوتين، ممثلة في نسخة نادرة من كتاب “حروب اليهود”، للمؤرخ اليهودي المعروف، يوسيفوس فيلافيوس، وهو الكتاب الذي يعود للقرن الأول الميلادي، وطبع في إيطاليا في العام 1526، الذي يتناول حروب يهودا ضد الرومان، حيث ألَّفه المؤرخ فيلافيوس في العام 73 قبل الميلاد، ويدور حول الحروب مع الإمبراطورية الرومانية في فلسطين قبل الميلاد. وهو ما أدهش نيتانياهو نفسه من تلك الهدية الثمينة، على حد زعمه، التي تعد جزءًا مهمًا من التراث التاريخي المزعوم لليهود! على حد زعم طال شيلو، المحلل السياسي للموقع الإلكتروني الإسرائيلي “واللا “، فقد تلقى نيتانياهو مفاجأة سارة من صديقه بوتين، أو كدلالة واضحة على عمق العلاقات الشخصية بينهما، ممثلة في كتاب نادر يسرد جزءًا من التاريخ اليهودي المزعوم، مع التأكيد أن زيارة نيتانياهو الأخيرة لموسكو في يونيو الماضي (وهي الزيارة الرابعة خلال عام واحد فقط) كان أحد أسبابها السرية جلبه لمجموعة كتب “جينزبرج” اليهودية المهمة، والتي تناقش الكثير من الشرائع اليهودية، أهمها قواعد الصلاة، وبعض الأحكام الدينية الأخرى، جزء منها مكتوب بخط اليد، أحد خطي الكتابة في اللغة العبرية، وتعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي. الثابت أن كل زيارة علنية لنيتانياهو للعاصمة الروسية موسكو يجلب معه مجموعة نادرة وثمينة من الكتب اليهودية المزعومة، أو هدايا عينية لشخص نيتانياهو والحكومة الصهيونية بوجه عام، حيث حصل في العام 2015 على رسالة خطية كتبها أول رئيس وزراء للتجمع الصهيوني، ديفيد بن جوريون، كانت الحكومة الروسية قد حصلت عليها من مزاد علني. وكذا حصل خلال الزيارة قبل الأخيرة (يونيو 2016 ) على دبابة إسرائيلية شاركت في معركة “السلطان يعقوب” التي وقعت خلال الحرب الصهيونية الأولى على لبنان، في العام 1982، وكبَّد الجيش السوري خلالها الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة!
زيارة ليبرمان للولايات المتحدة تجدر الإشارة إلى أن زيارة نيتانياهو للعاصمة الروسية، موسكو، تزامنت مع زيارة أخرى مهمة لوزير الحرب أفيجدور ليبرمان للعاصمة الأمريكية، واشنطن، في السابع من الشهر الجاري، ولقاءه بأكثر من مسئول أمريكي، وعلى الرغم من حديث وسائل الإعلام العبرية عن أن الهدف الرئيس من تلك الزيارة هو التنسيق حول مستقبل الضفة الغربية في ظل الحديث عن مفهوم “دولتين” أو دولة واحدة لشعبين أو غيرها من المصطلحات والمفاهيم السياسية العبثية، التي تكرس للوجود الصهيوني على الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، فإن محور الزيارة يدور في فلك “إيران” فحسب! التقى ليبرمان مع نظيره الأمريكي جيمس ماتيس، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، وقبلهما نائب الرئيس مايك بنس، للحديث عن مستقبل الضفة الغربية في ظل الاهتمام الأمريكي بعدم توسيع بناء المستعمرات الصهيونية فيها، والبحث عن حلول للقضية الفلسطينية، بيد أن الهدف الرئيسي من تلك الزيارة يكمن في وضع المزيد من الحطب فوق النيران المشتعلة بين الطرفين، الأمريكي والإيراني، بالتحذير من التواجد الإيراني في سوريا، وكذا التحذير من مخاطر الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم توقيعه، في الخامس عشر من يوليو 2015، بين إيران ومجموعة ( 5+1 )، ناهيك عن التنسيق الأمني بين الجانبين، الصهيوني والأمريكي في سوريا والمنطقة عامة. في السياق نفسه، تحدث نيتانياهو خلال جلسة للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الصهيوني الأسبوع الماضي عن محاولته بذل الجهود مع الإدارة الأمريكية الجديدة لإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وتوسيع الهوة بين الجانبين، الإيراني والأمريكي، وربما ذلك هو الهدف الجوهري من زيارة ليبرمان لواشنطن بالتوازي مع زيارة “بيبي” لموسكو! زيارة نيتانياهو الخامسة للعاصمة الروسية، موسكو، خلال عام ونصف العام، تأتي لتكريس الوجود الصهيونية على هضبة الجولان السورية المحتلة، ومحاولة فرض شرعنة دولية لذلك الوجود، مع توسيع الزعم بأن الوجود الإيراني في سوريا عمومًا يؤثر بالسلب على الأمن القومي الإسرائيلي، ووجوب تفهم روسيا بأن الغارات الصهيونية على القطر السوري ما هي إلا تأمين للتجمع الصهيوني، واستهداف لقوافل الأسلحة المزعومة لحزب الله اللبناني من سورياللبنان، ناهيك عن التأكيد الإسرائيلي المستمر بأن علاقة نيتانياهو ببوتين علاقة شخصية تؤثر إيجابًا على مستقبل التجمع الصهيوني.