قال مسئولون أفارقة اليوم السبت إن أفريقيا تواجه تهديدا خطيرا من تنظيم القاعدة وحلفائه الذين يحاولون إقامة ملاذ آمن في شمال مالي في إطار بحث هؤلاء المسئولين عن استراتيجيات سياسية وعسكرية تستهدف إعادة توحيد الدولة الواقعة في غرب القارة الإفريقية. ويسعى المسؤولون المجتمعون في مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا لاحتواء تداعيات الانقلابين اللذين وقعا في مالي وغينيا بيساو هذا العام وتسببا في تشويه الخطوات الديمقراطية للقارة بعد أن حققت تقدما في الاستقرار والحكم الرشيد في السنوات القليلة الماضية. ويسعون كذلك إلى تحقيق المصالحة بين السودان وجنوب السودان بعد أن أدى استقلال جنوب السودان العام الماضي إلى تقسيم الدولة التي كانت تعتبر أكبر دولة أفريقية. وهذه المواجهة - التي أدت إلى انقسام بين الدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية والدول الأفريقية الناطقة بالإنجليزية إلى معسكرين كبيرين - تضع نكوسازانا دلاميني زوما وزيرة خارجية جنوب أفريقيا في مواجهة مع جان بينج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي من الجابون وتهدد بان تلقى بظلالها على اجتماع القمة في أديس أبابا. وعمل الرؤساء في اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي اليوم السبت على وضع خطة للتعامل مع مالي حيث سيطرت جماعات جهادية محلية وأجنبية مرتبطة بالقاعدة على شمال البلاد الصحراوي بعد اختطاف تمرد بدأه انفصاليون علمانيون من الطوارق في وقت سابق هذا العام. وندد الحسن واتارا رئيس جمهورية ساحل العاج الذي يرأس مجلس السلم والأمن بالاتحاد بما وصفه بأنه "نية الجماعات الإرهابية إقامة ملاذ آمن في شمال مالي." وقال واتارا الذي ندد بوجود صلات مزعومة بين القاعدة في منطقة الساحل الأفريقي وجماعات إسلامية أخرى عنيفة ومتشددة مثل بوكو حرام في نيجيريا والشباب في الصومال إن هذا "يشكل تهديدا خطيرا للأمن الإقليمي." ويطلب الزعماء الأفارقة دعما من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتدخل العسكري في مالي وإنهاء التمرد في الشمال وإعادة توحيد الدولة الواقعة في منطقة الساحل الأفريقي التي انقسمت بعد انقلاب للجيش في العاصمة باماكو في 22 مارس آذار. ورحب مجلس الأمن الدولي بجهود دول غرب أفريقيا لإنهاء الاضطرابات في مالي لكنه لم يصل إلى حد تأييد عملية عسكرية إلى أن يحدد الزعماء الأفارقة أهدافها وكيفية تنفيذها. وقال دبلوماسي أوروبي يتابع الوضع في المنطقة عن كثب "لا يوجد شيء جاهز في هذه اللحظة." ووصف بينج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي هذه الأزمة بأنها "واحدة من أخطر الأزمات التي تواجهها القارة." وحث الاتحاد الأفريقي على أن يضع بشكل عاجل استراتيجية واضحة لمالي. وقال رمضان العمامرة مفوض مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي أمس الجمعة إن الاتحاد يعطي أولوية للتوصل إلى حل سياسي سلمي في مالي ولكنه يعد لتدخل "كملاذ أخير". وتركز الجهود التفاوضية على إعادة السلطة بشكل كامل لحكومة مدنية في النصف الجنوبي لمالي رغم أن واتارا قال إن العناصر العسكرية ذاتها التي نفذت انقلاب 22 مارس هي التي تعطل هذه التحركات. وفيما يتعلق بشمال مالي كرر واتارا موقف الاتحاد الإفريقي الذي يرفض التفاوض مع "جماعات إرهابية" ولكن هناك قدرا من الحوار يجرى مع انفصاليين علمانيين من الطوارق وزعماء جماعة أنصار الدين الإسلامية المحلية. وحث رئيس دولة بنين توماس بوني ياي والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي زعماء القارة على حل مشكلات الأمن والحكم في مالي وغينيا بيساو قائلا إن المشكلات تمثل انحرافا عن المهمة الاستراتيجية المتمثلة في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية للشعوب الإفريقية. وقال بوني "دون السلام لا يمكن أن تكون هناك تنمية." ولكن بينما كان الزعماء الأفارقة يبحثون مشكلات المنطقة خيم التنافس على رئاسة المفوضية الإفريقية على عملهم. وهذا الصراع لا يزال قائما منذ تصويت في قمة يناير كانون الثاني والذي انتهى بتعادل بين بينج الرئيس الحالي ودلاميني زوما وزيرة خارجية جنوب أفريقيا. ويقول دبلوماسيون إن الاتحاد الإفريقي مهدد بانقسام قد يؤثر على مصداقيته العالمية وعلى قدرته على معالجة الأزمة في حالة استمراره حيث وقفت دول القارة الناطقة بالفرنسية وراء بينج بينما وقفت الدول الناطقة بالإنجليزية خلف مرشحة بريتوريا. وبينما يدور جدل حول التنافس على قيادة مفوضية الاتحاد الإفريقي في أروقة مبنى الاتحاد الذي شيده الصينيون من الصلب والزجاج فإن الشائعات حول التوصل إلى حل وسط للخروج من الأزمة تتردد بين سائقي سيارات الأجرة في شوارع أديس أبابا. وقال هنري أوكيلي وزير خارجية أوغندا "من الصعب معرفة حقيقة هذا." وهو واثق من أن اجتماع الاتحاد الأفريقي قد يتوصل في النهاية إلى اختيار رئيس جديد للمفوضية لكنه شدد على أن يكون الرئيس الجديد "شخصا لا يؤدي إلى استقطاب." وهناك تطلعات في عقد اجتماع بين الرئيس السوداني عمر حسن البشير ورئيس جنوب السودان سلفا كير أثناء القمة لإحياء محادثات متعثرة. وكانت الدولتان على شفا حرب في أبريل نيسان الماضي بعد اشتباكات عند الحدود التي لم يتم ترسيمها وبسبب خلافات على تقاسم عائدات النفط.