لا أحد ينكر أن ثورة يناير قامت على أكتاف الشباب المعارض للنظام السابق، وظلوا طوال الشهور الماضية يمارسون دورهم في خندق المعارضة إلى أن نجحوا في رحيل من كانوا يعارضونهم، وجاءوا بنظام جديد ورئيس مدني منتخب لأول مرة بعد 60 عاما من الحكم العسكري، فهل انتهى دورهم كمعارضين؟ أم أنهم لن يبرحوا خنادقهم حسبما صرح بعضهم؟ وإذا ظلوا كذلك فمن سيعارضون؟ ولماذا؟ في البداية يقول محمود الحتة، عضو الجمعية الوطنية للتغير والمؤسس والمنسق الإعلامي لحملة البرادعي السابق: لا شك أن وجود مرسى كرئيس مدني منتخب حقق الكثير مما كنا نسعى إليه كمعارضين، ويكفيه أنه أعاد إحياء الثورة، ولن يعيد إنتاج النظام السابق حتى لو كان وجوده مؤقتا لمدة 4 سنوات، أما بالنسبة لنا فسوف نظل في صفوف المعارضة، لأن المعارضة ليست شيئا ضد الوطن ولكنها في صالحه وصالح الرئيس والنظام الذي نعارضه إذا كانت فعالة وحيوية، لأنها تعمل على تقويم الرئيس وتعارض وتعرقل أي شيء يسيئ له، لذلك نحن مستمرون في المعارضة الشعبية والسياسية، ولكن بنظام وآلية جديدة تعتمد على المعارضة الفعالة والصحية التي تعمل على تصويب الخطأ وتصحح المسار دائما، وأعتقد أن هذا مرتبط بإعادة هيكلة الكيانات السياسية في مصر وتطوير الأحزاب لنفسها، وبالنسبة لنا كقوي معارضة بأن نسعى لإطار واحد يضمنا كأن ننزل بقائمة واحدة في انتخابات المحليات المقبلة، وانتخابات مجلسي الشعب والشورى، ثم انتخابات الرئاسة بعد 4 سنوات طالما ذلك في صالح الوطن. ويشير الحتة إلى أنه منذ أن بدأ العمل السياسي بإيديولوجيته الليبرالية وهو في تيار المعارضة ولا يتخيل أن يكون جزءاً من النظام الحاكم، لكن وكما يقولون “لا أحد يظل معارضا طوال الوقت" وبالتالي فعندما يجد تجربة محترمة وحزباً جديراً بالانضمام إليه فسوف ينضم له ,فإذا وصل للحكم ساعتها سأنتقل من صفوف المعارضة لصفوف المنتمين للنظام الحاكم. نهج مختلف وتقول الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح: إننا لن ننتهج نفس النهج الذي كنا نتبعه مع النظام السابق، حتى لو كنا مختلفين سياسيا مع الإخوان، ولكننا نعيش حاليا في مرحلة المراقبة والتقييم للرئيس الجديد، وهل سينفصل عن حزب “الحرية والعدالة" بشكل حقيقي وكذلك عن جماعة الإخوان المسلمين أم لا؟ وهل سيصبح رئيسا لكل المصريين؟ وبالتالي سنظل في أماكننا ولن ننضم لفريق المعارضة إلا بعد الحكم على إدارته، فهذا وحده الذي سيجعلنا نقرر إما أن ننضم لنكون معه في حكومته، أو نكون معارضين إذا انتهج طريقا ضد الثورة ومبادئها، ولم ينفذ الوعود التي قطعها على نفسه مثل اختيار نائب قبطي وامرأة ورئيس حكومة تكنوقراطي و70 بالمائة من الحكومة من خارج حزب “الحرية والعدالة"، وكل ذلك بعيدا عن جو الخطابات فنحن لسنا في مرحلة تقييم خطابات مهما كانت مؤثرة، فالأفعال وليس الخطابات هي التي ستحدد اتجاهنا الفترة المقبلة، كما أننا لا نعارض من أجل المعارضة نفسها. ومن جانبه يقول محمد الجيلاني، عضو الأمانة العامة للتحالف الشعبي: نحن كنا نعارض النظام البائد لأنه كان نظام القطب الواحد وهو الحزب الوطني، المسيطر على كل شيء، ولكن بعد ثورة يناير أصبحت لدينا جماعة الإخوان المسلمين التي تكاد تسيطر على المشهد السياسي بعد انتخابات مجلس الشعب والشورى ووصول د. مرسى رئيس حزب “الحرية والعدالة" الذراع السياسية للجماعة لمنصب رأس الدولة، بجانب القطب الآخر وهو المجلس العسكري، وبالتالي نحن أمام قطبين, هما الإخوان والمجلس العسكري، لذلك سنظل كشباب للثورة نراقب الموقف كمشاهدين في الفترة القليلة المقبلة. لأن المشهد الحالي لا يزال مرتبكا، وسيظل كذلك حتى يصبح لدينا دستور، وحتى يحدث ذلك سنظل في خندق المعارضة، ولن نخرج منه طالما لا يوجد برنامج واضح وصلاحيات الرئيس منقوصة، والتي بدورها ستجعل كل حكومة مقبلة غير مكتملة الصلاحية، وحتى لو حاول الرئيس مرسى إرضاءنا بمناصب فيها فلن نشارك فيها حتى يحصل على صلاحياته الكاملة، وعليه أن يناضل من أجل إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، وأن يكون هناك دستور واضح ومحدد ينظم الحياة السياسية ويحدد صلاحيات وسلطات الرئيس والسلطة التنفيذية والتشريعية والقضاء ويعمل على تداول السلطة بشكل صحيح، ولا يعمل على إنتاج أحزاب مباركية ويتيح حرية تأسيس الأحزاب للشباب، فالثورة حتى الآن لم تفرز الحزب الثوري الذي يمكنه أن ينافس على كرسي الرئيس بعد 4 سنوات، فالكل يعزف منفردا والأجندة الوطنية آخر اهتمامات النخبة. التيار الثالث وترى غادة طلعت عضو المكتب التنفيذي لحركة الإخوان المصريين أن نظام المعارضة سوف يختلف مع نظام الحكم الجديد ورئيس المنتخب بإرادة شعبية ويأتي الاختلاف حسبما يكون أداء الرئيس والذي تراقبه جميع الفصائل، فإذا أثبت أنه جدير بالثقة سيقف الجميع معه, وإذا وجدونا أن الأمر لم يكن سوى وعود، فسيكون الثوار الشباب أول من يعارضونه وسيعودون لميدان التحرير، وبالتالي فالوعود التي قطعها على نفسه ستكون هي الفيصل، مثل المحاكم الثورية وحق الشهداء وخروج المعتقلين السياسيين من السجون بجانب المطالب التي قامت من أجلها الثورة مثل العدالة الاجتماعية والقضاء على النظام السابق وموقفه من القضية المرفوعة التي تطالب بالإفراج الصحي عن مبارك فهي اختبارات وتحديات، ستحدد بالقطع كيف ستكون المعارضة الجديدة خصوصاً في ظل التيار الثالث الذي يعلو صوته حاليا وهو أقرب للمعارضين الجديد ويضم أحزاباً عديدة ومستقلين كثيرين.