احتفاءا بالوفاء.. صور لتكريم الراحلين والمتقاعدين والمتميزين في جامعة القاهرة    طفرة.. وزير الاتصالات: ارتفاع عدد مراكز التعهيد من 66 إلى أكثر من 200 خلال عامين    الأقصر تتزين لاستقبال ملك إسبانيا.. والمحافظ يتابع الاستعدادات ميدانيًا (صور)    الملك تشارلز: نعمل مع أمريكا في ملف أوكرانيا من أجل ردع العدوان وتحقيق السلام    الكشف عن آخر تطورات إصابة أشرف داري لاعب الأهلي    الرياضية: بنزيمة يخضع لبرنامج علاجي في فرنسا    "الأول تاريخيا".. محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية مع ليفربول    سيطرة مصرية.. أمينة عرفى تتأهل لنصف نهائى بطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025    هل يقاطع منتخب إسبانيا كأس العالم 2026 في حالة مشاركة إسرائيل؟ الحكومة تجيب    حريق داخل محل ألعاب أطفال بمدينة نصر    وزير الثقافة يترأس اجتماع المجلس الأعلى للثقافة لمناقشة خطة التطوير الشاملة    إيناس مكي تكشف حقيقة وجود خلافات مع شقيقها أحمد مكي    انتهاء تطوير وحدة جراحات العيون بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    زيلينسكي: نتوقع الحصول على 2.9 مليار يورو لشراء أسلحة أمريكية    وئام مجدي بإطلالة جذابة.. لماذا اختارت هذا اللون؟    الاستعلام عن الأسماء الجديدة في تكافل وكرامة لشهر سبتمبر 2025 (الخطوات)    في خطوتين بدون فرن.. حضري «كيكة الجزر» ألذ سناك للمدرسة    700 فصل و6 مدارس لغات متميزة جديدة لاستيعاب طلاب الإسكندرية| فيديو    وزير الأوقاف يشهد الجلسة الافتتاحية للقمة الدولية لزعماء الأديان في «أستانا»    حمدي كامل يكتب: السد الإثيوبي .. من حلم إلى عبء    بوتين يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء الهند الأزمة الأوكرانية وتطورات العلاقات الثنائية    لأول مرة.. ترشيح طالب مصري من أبناء جامعة المنيا لتمثيل شباب العالم بمنتدى اليونسكو للشباب 2025    "أطباء بلا حدود": إسرائيل تمارس العقاب الجماعي على أهالي قطاع غزة    أرتيتا يتفوق على فينجر بعد 25 مباراة في دوري أبطال أوروبا    حسام حبيب يحيي حفل العيد الوطني السعودي ال 95 بالقاهرة    دينا تطلق أول أكاديمية متكاملة لتعليم الرقص الشرقي والفنون في مصر    هل الحب يين شاب وفتاة حلال؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم كثرة الحلف بالطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    اختلت عجلة القيادة..مصرع شخصين بمركز المراغة فى سوهاج    من «كامبريدج».. تعيين نائب أكاديمي جديد لرئيس الجامعة البريطانية في مصر    احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا    إصابة شاب بإصابات خطيرة بعد أن صدمه قطار في أسوان    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    أيمن عبدالعزيز يعلن تمسكه بعدم العمل في الأهلي.. وسيد عبدالحفيظ يرد    كيليان مبابي يعلن غيابه عن حفل الكرة الذهبية 2025    محافظ أسوان يشهد الحفل الختامي لتكريم القيادات النسائية    مدارس «القليوبية» تستعد لاستقبال مليون و373 ألف طالب    فوائد السمسم، ملعقة واحدة لأبنائك صباحا تضمن لهم صحة جيدة    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    80%ملكية أمريكية.. ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والصين بشأن "تيك توك"    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    قرار قضائي جديد بشأن طفل المرور في اتهامه بالاعتداء على طالب أمام مدرسة    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تحديث بيانات المستفيدين من منظومة دعم التموين.. التفاصيل    اليوم الذكرى السنوية الثانية للفنان أشرف مصيلحى.. وزوجته تطلب الدعاء له    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    37 حالة وفاة داخل السجون وأقسام الشرطة خلال العام 2025 بسبب التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان    هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بتهجير السكان قسريا في سوريا    وفاة رضي..عين توأم بعد أخذ حقنة تطعيم الشهرين بالمنوفية.. و«الصحة» ل«أهل مصر»: فتح تحقيق بالواقعة    قبل ما تنزل.. اعرف الطرق الزحمة والمفتوحة في القاهرة والجيزة اليوم    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    "جمعية الخبراء" تقدم 6 مقترحات للحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية    رانيا فريد شوقي تستعيد ذكريات طفولتها مع فؤاد المهندس: «كان أيقونة البهجة وتوأم الروح»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام والفنون الجميلة
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 09 - 2011

الفنون هي المهارات التي يبدعها الإنسان‏,‏ ويتوسل بها الي التجديد والترقيق والتنمية للملكات والطاقات الإنسانية‏,‏ لتصبح الحياة أكثر جمالا, عندما تنفتح قنوات الاتصال بين النفس الانسانية وبين أيات الجمال التي خلقها الله وبثها في هذا الوجود. وهذه الوظيفة الراقية للفنون لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت هذه الفنون ذات رسالة أخلاقية, فهنا تكون الفنون جميلة حقا, لأن الجمال الذي هو صفة من صفات الله سبحانه وتعالي لا يمكن ان يقترن بالفن إلا إذا كانت لهذا الفن رسالة إيجابية في عالم القيم والاخلاق.
فالله جميل يحب الجمال كما جاء في الحديث الشريف وهو الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم, وسخر له الزينة والجمال في هذا الوجود.. ولن يستطيع الانسان ان يشكر الله علي نعمة الزينة والجمال التي سخرها له إلا إذا استمتع بهذه النعمة ووظفها لتحقيق المقاصد التي خلقه الله لتحقيقها: عمران هذه الارض, لتزداد جمالا بالعمران الجميل, ولهذه الحقيقة حقيقة ارتباط جمال الفنون برسالتها الأخلاقية قال الفيلسوف ابن سينا:! جمال كل شيء وبهاؤه هو أن يكون علي ما يجب له.. ووجدنا ذات المعني عند الأديب والناقد الروسي بلنسكي, 18111848 م] الذي قال: إن الجمال شقيق الأخلاق إذن, فمعيار الموقف الشرعي من الفنون التي هي مهارات هو علاقتها بالجمال.. أي بمنظومة القيم والأخلاق.. وبهذا تتميز عن مهارات الشرور والأشرار.. ذلك لأن هذه الفنون المهارات لا تخرج عن كونها إبداعا إنسانيا يحاكي علي نحو نسبي الإبداعات الجمالية والجميلة التي بثها الله سبحانه وتعالي في هذا الوجود, والتي زين بها الأرض والسماء وما فيهما وما بينهما.. فإذا سخرت الزينة الإلهية والزينة الفنية في ترقية زينة النفس الإنسانية, وغدت وسيلة لتجديد الملكات وتنمية الطاقات لتزداد كفاءتها في التسابق علي طريق الخبرات, كانت حلالا.. بل ولربما كانت مستحبة احيانا, وواجبة في بعض الأحايين.
ولقد تفرد القرآن الكريم من بين الكتب المقدسة لدي أصحاب الديانات السماوية بأنه الكتاب الذي يعلم ويدرب القاريء له والمتدبر في آياته فنون البلاغة وجماليات التعبير بالصور الفنية.. كما تفردت العربية لغة القرآن بالحرف الذي استوي فنا جميلا في منظومة الفنون.. وكذلك تفردت عبادات المسلمين التي يتقربون بها إلي الله باقترانها بالزينة والجمال:, خذوا زينتكم عند كل مسجد] الأعراف: 31 ومن هنا رفض الاسلام التقرب الي الله بالقذارة والتجهم ومخاصمة الزينة والجمال. ولقد كان رسول الاسلام صلي الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة يقوم الليل إلا قليلا, ويعشق حياة المساكين, وفي ذات الوقت كان ريحه أطيب من المسك. وعرقه يضاهي اللؤلؤ, وكان يستعيذ بالله في دعاء السفر من كآبة المنظر.. ويدعو ربه في صلاة الاستسقاء: اللهم أنزل علينا في أرضنا زينتها.
ولأن هذا هو موقف الإسلام من الفنون الجميلة, التي تشيع البهجة في النفوس, وتعينها علي شكر الله بعمارة هذه الارض كي تزداد زينة وجمالا ولأن هذه الجماليات الفنية التي يبدعها الإنسان لا تخرج عن السعي لمحاكاة الجمال الذي خلقه الله في هذا الوجود, كان الموقف الإيجابي لعلماء الإسلام من هذه الفنون وهذه الجماليات.
فحجة الإسلام أبو حامد الغزالي, قد ملك طريق العقل مع الشرع لنفي الحرج عن فنون السماع, وتساءل: لا أحد يحرم الأصوات المنكرة, فهل تحرم الأصوات الجميلة لأنها جميلة؟! ولا أحد يحرم الأصوات الجميلة إذا جاءت من الطيور والأشجار, فهل تحرم إذا جاءت من الإنسان؟! ولا أحد يحرم النغمات المختلفة.. فهل إذا ائتلفت في الموسيقي تصبح حراما؟!.. ثم خلص الغزالي إلي أن قال: من لم يهزه العود وأوتاره, والروض وازهاره فهو فاسد المزاج, ليس له علاج!
أما رائد الإحياء والتجديد للإسلام, كي تتجدد به حياة الأمة الاسلامية في عصرنا الحديث شيخ الإسلام الشيخ حسن العطار الذي كان له ولع شديد بفنون السماع, وعلم بأصول الألحان فإنه هو القائل: من لم يتأثر برقيق الأشعار, تتلي بلسان الاوتار, علي شطوط الأنهار, في ظلال الأشجار, فذلك جلف الطبع حمار!
أما إمام الظاهرية وفيلسوفها ابن حزم الأندلسي وهو صاحب اليد الطولي في نقد النصوص والمأثورات فلقد قطع بأن كل المأثورات التي تحرم فنون السماع موضوعة, وقال: ولم يصح في هذا الباب شيء أبدا, وكل ما فيه موضوع.
ولقد جاء الامام محمد عبده, لينطلق من تراث الاسلام الذي رفع الحرج عن الفنون الجميلة.. وليطرق باب الموقف الشرعي من الفنون التشكيلية.. وليقول: إن الرسم: شعر ساكت, يري ولا يسمع, كما ان الشعر: رسم, يسمع ويري.. وحفظ الآثار بالرسوم والتماثيل هو حفظ للعلم بالحقيقة, وشكر لصاحب الصنعة علي الإبداع فيها.. والشريعة الاسلامية.. أبعد من ان تحرم وسيلة من وسائل العلم, بعد تحقيق أنه لا خطر فيه علي الدين, لا من جهة العقيدة ولا من جهة العمل. وليس هناك ما يمنع المسلمين من الجمع بين عقيدة التوحيد ورسم صورة الإنسان والحيوان لتحقيق المعاني العلمية وتمثيل الصور الذهنية..
وإذا كان شيخ الاسلام حسن العطارقد كان خبيرا بأصول الألحان, وله ولع بفنون السماع فإن الفقيه الاصولي القرافي أحمد بن إدريس ,684ه 1285 م] قد مارس فنون النحت والتصوير, هكذا فتح الإسلام ابواب المشروعية أمام الفنون الجميلة, التي تتغيا بين الحياة الإنسانية بالجماليات, التي هي بعض من الطيبات التي أمر الله سبحانه وتعالي الإنسان ألا ينسي نصيبه منها..
وهكذا ميز الاسلام بين النفوس التي تحقق مع الجمال الأخلاق الفاضلة.. وبين تلك التي تشيع الخنا والفسق والفجور في المجتمعات والتي لا تستحق أن تسمي فنونا بأي حال من الاحوال.
المزيد من مقالات د. محمد عمارة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.