ما الذي يمكن أن يفعله "الفن" في مواجهة التيارات الجامدة الساعية إلي فرض رؤيتها المتخلفة علي حياتنا وجدنا جرا إلي الخلف. وتحريم أشياء الحياة التي لم يحرمها الله. من أهم أسلحة المواجهة احترام الوسائط الفنية لقيم الفن الجميل البعيد عن الابتذال وعن استخدام المؤثرات السهلة التي تتجه عمدا إلي الغريزة وذلك حتي لا نوفر الحجة لمهاجمة الفن. أن يتجه صناع الفن إلي مخاطبة الجانب الأرقي في الانسان. عقله ومشاعره الانسانية وإلي الاختيار السليم لمادته الموضوعية من حياة الناس وتاريخهم وعلاقاتهم الانسانية ومن دون تزييف فالمصداقية أقرب طريق إلي قلب المتلقي. والفن من أقوي الجسور التي تربط بين البشر بغض النظر عن انتماءاتهم وألوانهم وعقائدهم. نسبة كبيرة من الانتاج السينمائي الحالي لا تقدم فنا جميلا وانما بضاعة للتجارة رخيصة ورديئة تعكس تدني الذوق والعجز عن ابتكار أشكال للترفيه الجماهيري لا تتكيء علي الصور الفاضحة والألفاظ الخادشة للأذن. هناك منتجون لا يفكرون في الفن وقيمه الجمالية وانتاجهم يقدم إدانة جاهزة للحكم علي حرمانية المعروض في السوق من الشرائط السينمائية. من القيم التي ينبغي ان يتمسك بها الفن وأن يدافع عنها "الحرية المسئولة" التي لا تخلط الحابل بالنابل تحت زعم حرية التعبير. فالصراع الذي سوف يواجهه صناع الفن عاجلا يستند علي مبدأ الحرام والحلال الذي يشرعه من أقاموا أنفسهم نوابا عن الله جل شأنه. يقيمون الحد بغض النظر عن السياق المجتمعي. والعالمي والتوقيت الزمني. ودون مراعاة لمظاهر التطور وجوهره الذي لا يتعارض مع الحلال. لا نريد أن نواجه بشعار "الفن النظيف" أو السينما النظيفة لأن كل ما هو جميل وانساني وصادق نظيف. ولأن أمور الدنيا لا تنحصر داخل دنيانا وحدنا أو كما يراها المتجمدون داخل الأيديولوجية التي تنغلق عقولهم ومداركهم علينا.. فلسنا الكون وإنما جزء منه. الدفاع عن حرية التعبير فريضة علي كل انسان محب للحياة والتقدم. والتصدي لاشكال الابتذال والسوقية والتشويه المتعمد لمقوماتنا وخصوصيتنا وقيمنا الاخلاقية خطيئة لابد أن يتصدي لها من يريدون لهذا الوطن السلامة. فالحرب القادمة "فكرية حضارية في المقام الأول. وأهلية أيضا بكل أسف بين من يريدون سجن العقل بادعاءات سماوية ومن يسعون إلي تحريره لتقدم البشرية. لابد من صنع التوازن بين تيارات جموحة ذاقت طعم الحرية بفضل ثورة 25 يناير بعد طول حصار وأصبح ينطبق عليهم المثل الفلاحي "كانت في جرة وخرجت لبرة" وهذه يساندها من يتربصون بحرية الشعب المصري ويقودون اعداء ثورته بالمال وينشرون الفوضي والفتن والتخلف عن عمد. ويستغلون بيوت الله واحتياج الناس إلي السند الروحي والمادي لتكريس دعواهم.. وبين تيارات تريد لمصر التقدم والحرية والكرامة الانسانية والاكتفاء الذاتي بعيدا عن التبعية والقمع والاستبداد المحلي والعالمي والاقليمي ودفعت من أجل ذلك الثمن. ومن شأنه الفنون وصناعها تحقيق هذا التوازن. وخلق تيار من الأعمال الفنية التي تروج لصور انسانية وعملية لحياة الانسان. في المسلسلات التي شاهدناها في رمضان 2011 نماذج قليلة من الفن الانساني اذكر منها "مشرفة.. رجل من هذا الزمان" و"دوران شبرا" و"شهر زاد الحكاية الأخيرة" و"الشوارع الخلفية" و"عابد كرمان". بعض أفلام العيد شهادات دامغة لادانة السنية وجعلها من الوسائط "الحرام" في نظر من يسلطون هذا السيف "الحرام والحلال" علي رقاب المصريين ومن عينوا أنفسهم نوابا عن "السماء" فوق كوكب الأرض.