تأخرت كثيرا في كتابة مشاعري الشخصية نحو جريدة الأهرام.. لانني لم اجد الكلمات التي تفيها حقها علي وعلي الاجيال التي سبقتنا فالجريدة ليست مجرد ورق مطبوع يدخل منازلنا كل صباح. ولكنها اصبحت هي ومن يحرر موضوعاتها جزءا من حياتنا أخا كان أو اخت.. ابنا كان او ابنة فقد بدأت علاقتي بالأهرام منذ طفولتي, اي منذ أكثر من اربعين عاما عندما كنت بالمرحلة الابتدائية, وكنت اري اول ما اري في صباح كل يوم زحف الجريدة من اسفل باب شقتنا عندما يدفعها البائع وكنت انتظر قدومها وأشعر بسعادة غامرة عندما اركض لانتشالها ويأتي والداي رحمهما الله طالبين مني تسليمهما اياها وأراهما يتجاذبانها فيما بينهما للفوز بسعادة من يطالعها أولا.. من هنا تساءلت ما مدي أهمية تلك الجريدة التي يهتم بها والداي كل هذا الاهتمام؟ ولماذا يتبادلانها فيما بينهما بعد ان يرتب كل منهما صفحاتها ويحاول ان يجعلها مطوية بنفس الطريقة التي بدأ بها مطالعتها؟ واتناولها وابحث فيها عما يجذب والداي إليها متصورا انها الصور التي تجذب انتباهي إليها, فأحيانا كنت اجد ضالتي واحيانا اخري لا اجد سوي الكلام المطبوع, وكان ابي يعلمني كيف امسك بالصحيفة واحاول ان اقرأ وأسرد علي مسامعه ماهو مكتوب بها, وكنت اسرد وبصوت عال واجد استحسانا وتصفيقا لدي أهلي ومن يكون بزيارتنا لطريقتي في القراءة, ولكني كنت, لا افهم شيئا منها.. بدأت ابذل جهدا واسأل عن المعاني والأهداف واحاول ان ارتقي بمحاولاتي من قراءة كلمات إلي محاولة فهم الموضوعات.. ووجدت صعوبات كثيرة في ذلك, ولكني استفدت استفادة عظيمة منها لانها الجريدة التي تربيت علي حواراتها واصبحت كلمات محرريها محور حديثي مع اصدقائي.. ووجهات نظرهم كانت تمثل لي الطريق لنسائم الحرية التي بدأنا نستشق عبق رحقيها الآن..وكانت كلماتها الراقية هي الطريق لرفع مستواي الفكري والثقافي, لقد نمت ثقافتي وعبرت بوجداني بين دروبها, وبدأنا نعبر للمستقبل من خلالها.. تأدبت بأدبائها وتعلمت من كتابها.. فعلا فأنا اهرامي القلب والعقل.. فتحية لها ولمن يعمل بها.. وسنظل اهراميين ابا عن جد وإلي الابد. مجدي أسعد الحسيني مدير شركة كمبيوتر