لقبيلة في ليبيا عنصر في غاية من الأهمية بل تعد عنصرا آساسيا من مكونات المجتمع الليبي. وقد لعب القذافي خلال فترة حكمه علي هذا العنصر لتثبيت أركانه من خلال تقريب قبائل ذات ثقل معين من حاشيته وإغداق العطايا عليهم لضمان ولائهم له, كما استعمل القذافي القبيلة أيضا لمحاولة ضرب الثورة التي اندلعت ضده خلال الأشهر الستة الماضية إلا أنه لم يفلح. والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة خلال المرحلة المقبلة من تاريخ ليبيا بعد سقوط القذافي: هل ستكون القبيلة عامل استقرار أم عامل اضطراب في ليبيا في ظل السعي نحو حكم ديمقراطي في البلاد ؟. وفي إطارسعينا لاستكشاف ما ستسفر عنه الأحداث في ليبيا في ظل مجتمع يوصف بأنه مجتمع قبلي, كان لابد من تشريح التركيبة السكانية للشعب الليبي فجميع القبائل الليبية تعود في أصولها إلي العرب بدرجة أولي والأمازيغ بدرجة أقل ومن أبرز القبائل الليبية قبيلة الورفلة التي تعتبر من أكبر القبائل الليبية حيث يتجاوز عدد أعضائها مليون شخص أي حوالي سدس سكان ليبيا كما أن تلك القبيلة من أكثر القبائل الليبية انتشارا علي الأراضي الليبية وتتمركز تلك القبيلة في منطقة فزان التي كانت إحدي الولايات الثلاث قبل الوحدة وهي في الجنوب والجنوب الشرقي للعاصمة طرابلس كما يعيش عدد من أفرادها في مناطق بنغازي وسرت. كما توجد قبيلة القذاذفة وهي القبيلة التي ينحدر منها معمر القذافي وتتمركز في منطقة سبها في وسط ليبيا وسرت علي الشاطئ المتوسط غرب طرابلس وتعتبر هذه القبيلة الأكثر تسليحا بين القبائل الليبية واعتمد عليها القذافي في حمايته هو وعائلته. ومن القبائل الليبية قبيلة المقارحة حيث تتمركز في منطقة وادي الشاطئ في الوسط الغربي لليبيا وينحدر منها عبد السلام جلود الرجل الثاني في النظام الليبي الذي أبعده القذافي عام3991, وكذلك عبد الله السنوسي الرجل الثاني في نظام القذافي, وعبدالباسط المقرحي المتهم في قضية لوكربي الذي أطلق سراحه في صفقة أثارت الكثير من الجدل, وهي قبيلة ليبية توصف بأنها من أكثر القبائل تسليحا. قبيلة ترهونة أيضا تضم عددا كبيرا من القبائل الفرعية التي يقدر عددها بنحو06 قبيلة وتتمركز في منطقة ترهونة في الجنوب الغربي من طرابلس وهي قبيلة ينتمي إليها قطاع واسع من القوات المسلحة الليبية, وأعداد أفرادها يشكلون نحو ثلث سكان العاصمة طرابلس. أما قبيلة زناتة فهي قبيلة أمازيغية تقطن الصحراء الكبري وتتوزع في عدة دول إفريقية, وتتمركز جغرافيا في مدينة الزنتان بمنطقة الجبل الغربي. وقبيلة الطوارق هي قبيلة أمازيغية أيضا تقطن الصحراء الكبري وتتوزع في عدة دول إفريقية وفي ليبيا تتمركز في مدينة جات بأقصي الجنوب, وقد حرمت هذه القبيلة لسنوات طويلة من أبسط حقوقها الطبيعية, مثل الرقم الوطني وجواز السفر. أما أولاد سليمان فهي قبيلة مكونة من عدة قبائل صغيرة تتركز أساسا في سرت والفزان ولها فروع في مصر وتونس وحتي تشاد والنيجر. وقبائل العبيدات والبراعصة والعواقير وهي قبائل تعيش في أقصي شرق ليبيا بمنطقة الجبل الأخضر ومنها وزير الداخلية الليبية وقائد قوات المعارضة الذي تم اغتياله عبد الفتاح يونس. وبنظرة علي عدد سكان ليبيا نجد أنهم كانوا عندما احتلتهم إيطاليا نحو4 ملايين شخص وبعد أن غادرت روما هبط العدد إلي2 مليون شخص بمعني أن2 مليون ليبي أصبح ما بين قتيل أو مشرد عقب انتهاء الاحتلال. وعقب إنقلاب عام9691 كان عدد السكان3 ملايين وبالتغييرات في التركيبة السكانية التي أجراها القذافي وصل عدد السكان إلي أكثر من خمسة ملايين شخص. ونتيجة لكل هذه التحولات التي ألحقت ضررا كبيرا بالمجتمع الليبي مما نتج عنها تقسيمه بشكل أخل بتماسك ذلك المجتمع وقد كانت ليبيا قبل عام0591 عبارة عن ثلاثة أقاليم هي أقاليم برقة وطرابلس وفزان وكان بين هذه الأقاليم اتحاد فيدرالي إلي أن تم العمل بالنظام الاتحادي. وهذا يعني أن المجتمع الليبي لديه جينات وراثية لديها نزعة نحو الانقسام, فبالإضافة إلي تصرفات القذافي التي كرست الإنقسام داخل تركيبة المجتمع الليبي يوجد أيضا ميراث قديم كان يقسم ليبيا إلي ثلاث ولايات باتحاد فيدرالي. ولاشك أن هذه العوامل الخطيرة نحو الانقسام ستكون هي التحدي الكبير الذي سيواجه المجلس الانتقالي المنوط به نقل ليبيا نحو الديمقراطية المدنية.