إذا أردت أن تعرف عراقة أي شعب لابد أن تتعرف علي حضارته ولا نظن أن هناك أعرق من حضارة المصريين التي بهرت كل شعوب العالم. فبعد أحداث سرقة ونهب المتحف المصري في أيام الإنفلات الأمني عقب الثورة كان لابد من القيام بزيارة للمتحف للتعرف ومشاهدة ما تم انجازه من إعادة وترميم القطع الأثرية إلي سالف عهدها بأيدي الخبراء المصريين المحترفين في هذا الفن منذ القدم ولم أندهش أمام حرفية هؤلاء الخبراء لانهم أحفاد من صنعوا داخل موقع الترميم بالمتحف كان اللقاء مع د. محمود طه أحد خبراء الترميم والذي أكد أنه بعد أحداث يناير تسلمت المتحف من القوات المسلحة يوم6 فبراير ووجدنا العديد من صناديق المتحف محطمة تماما وبعض الاثار ملقاة علي الأرض منها ما تحول إلي شظايا صغيرة, ولايمكن تجميعها بسهولة لهذا تم الاستعانة بصور لكل أثر من قاعدة المعلومات الخاصة بالمتحف لمعرفة الشكل الأصلي للآثر وبعد جهود مضنية استطعنا إعادة بعض الآثار إلي الحالة التي كانت عليها واعادتها إلي صناديق العرض والبعض مازال العمل جاريا به ولتجميع الاجزاء المفقودة بالإضافة إلي عثور الجيش علي28 قطعة اعادها للمتحف والتي تمكن اللصوص بالخروج بها من المتحف خلال الأحداث بالإضافة لبعض القطع التي وجدناها في أكوام القمامة خارج المتحف. وتم إعادة القطع إلي أماكنها حسب العصر الذي تنتمي له بعضها للملك توت عنخ أمون والبعض للأسرة الثالثة والوسطي والرابع لدولة الحديثة والخامس للعصر المتأخر والسادس البردي والسابع التوابيت وجار ترميم بعض أجزاء من جناح توت عنخ آمون وقد تعرضت للتلف بصورة كبيرة لدرجة أن بعضها قد تحطم إلي شظايا وصلت بعضها إلي أكثر من160 قطعة ويجري تجميع الأجزاء بالاستعانة بالصور من أرشيف المعهد لاعادة تجميعه واجراء التحاليل عليه منه صولجان الملك توت عنخ آمون وعصا وبوق بعض اجزائه وجدت خارج المتحف في الميدان وعند محطة مترو الانفاق وبعض الأجزاء في حديقة المتحف. ويؤكد أن هناك قواعد خاصة بالترميم يشترط عدم اضافة خامات للآثر الذي يفقد منه أجزاء حتي لا تتأثر القيمة التاريخية له. وبسؤال الخبير د. محمود طه عن هوية هؤلاء المخربين وهل كان الغرض من ذلك السرقة والنهب أم كان الغرض مجرد التخريب, فقال الغرض الأساسي كان السرقة والبحث عن الذهب داخل كل تمثال فكانوا يستخدمون آلات حديدية لكسر صناديق العرض الزجاجية ويلقون ما بها علي الأرض. فأن ظلت دون أن تنكسر التقطوها والأثر الذي ينكسر تركوه الأمر الذي أدي إلي تحطم بعض الآثار التي يصنفها الأثريون بأنها من روائع الآثار والتي تحطمت إلي أجزاء بعضها إلي أكثر من160قطعة صغيرة عكف خبراء الترميم علي تجميعها وإعادتها لحالتها الأول إلا أن بعض الآثار ظلت مفقودة وبعد معاناة وجدوا بعض اجزاء التماثيل داخل الحديقة المواجهة للمتحف وقد غمرها الطين وبعضها داخل أكوام القمامة خلف المتحف لدرجة أن بعض القطع وجدت في ميدان التحرير ومحطة مترو الانفاق ولازال البحث جاريا عن بعض القطع المفقودة التي لم تعد إلي المتحف حتي الآن. القطع المفقودة ويقول محمود الحلوجي مدير المتحف: كان تركيز اللصوص علي القطع الصغيرة التي يستطيعون حملها والهروب بها دون معرفة قيمتها الأثرية وهناك13 صندوق عرض زجاجي جري تحطيمها تماما من مختلف العصور وكان التيار الكهربائي مفصولا عن المتحف واستعان اللصوص بالمناديل الورقية بعد اشعالها ومن بين القطع التي حطمها اللصوص لوحة الملك توت عنخ آمون وحذرنا مدير المتحف من استخدامه لأن هناك مقولة تؤكد أن أحد الباحثين قام بالنفخ فيه فقامت حرب1967 ويؤكد مدير المتحف أنه بعد جرد المتحف وجد أن هناك13 صندوق عرض محطمة واختفاء54 قطعة وبعد تحريات الشرطة العسكرية والمباحث العامة تم استرجاع21قطعة فقط وبعض القطع ينقصها اجزاء. سيناريو الهجوم خلال أحداث ثورة يناير هاجم اللصوص الأبواب الخلفية للمتحف وتسلقوا سلما حديديا ليصلوا إلي سطح المتحف والذي يتكون من قباب زجاجية وقاموا بكسرها والنزول داخل المتحف بالاستعانة بالحبال واستخدموا المناديل الورقية وهو ما اعاقهم بعض الشيء للسطو علي المتحف باستخدام قطع حديدية وكانوا لصوصا جهلة يلقون الآثار علي الأرض للتأكد من أنها من الذهب. قصة طريفة إحدي القطع الأثرية تركتها وكانت ناقصة علي أمل أن يتم العثور علي باقي أجزائها وهو ما حدث بالفعل فبعد بحث داخل حديقة المتحف وتقليب الأرض الطينية وجدنا بعض اجزائه مغمورة في الطين بعد أن داس عليها اللصوص إثناء هروبهم من المتحف والبعض في ممر ضيق بين المتحف ومبني الحزب الوطني الذي ظل مشتعلا لعدة أيام وكانت هناك مخاوف من امتداد النيران إلي المتحف وقد تمكن اللصوص من الاستيلاء علي كل القطع الذهبية بالبازار الموجود داخل المتحف وهو ما قلل من الأضرار والتلفيات داخل المتحف لأن اللصوص ركزوا علي البازار وهو ما يؤكد أنهم ليسوا لصوص آثار. جولة بالمتحف اصطحبنا محمد حسن الخبير بالمتحف بعد ترميم بعض القطع جري اعادتها لصناديق العرض بها لكن أحد هذه الصناديق نظر اليها عند الترميم بأسي قائلا لم نجد بهذا الصندوق سوي قطعة واحدة وكان به15 قطعة علي الأقل وهي بين قطع سرقت من داخل المتحف ومفقودة وقطع يجري ترميمها لاعادتها من جديد إلي مكانها ويشير الينا خبير الترميم إلي أن القباب الزجاجية التي دخل منها اللصوص مرتين إلي أحد صناديق العرض التي تعرض للتدمير الكامل بعد سقوط أحد اللصوص من أعلي علي أحد صناديق العرض الزجاجية في قاعة الروائع ووضع داخل صندوق العرض بأن هذا الجزء من التماثيل ناقصة بعد أحداث يناير وقيام اللص بعد سقوطه بتحطيم الصندوق الزجاجي المجاور وقد قام قسم الترميم باعادتها كما كانت تماما ويشير إلي أحد القطع التي عادت إلي المتحف والتي لا تقدر بثمن والتي وجدت بميدان التحرير وأن أحد اللصوص تركها علي الرصيف بعد تضييق الخناق عليه.