الكل يتحدث هذه الأيام خصوصا في دوائر النخب السياسية عن حاجة مصر إلي برلمان قوي يملك قدرة الفعل والتأثير ويكون شريكا أساسيا في عملية صناعة القرار سواء كان نظام الحكم جمهورية رئاسية أو جمهورية برلمانية. وفي رأي الكثيرين أن البرلمان القوي هو الخطوة الأولي لضمان ولادة حكومة قوية تحترم إرادة الشعب باعتباره صاحب القرار الأول والأخير في مجيئها واستمرارها أو رحيلها. ومن هنا يجئ الاهتمام بالانتخابات البرلمانية المقبلة علي أمل أن تمثل في مقدماتها ومعطياتها ونتائجها تحولا حقيقيا يعكس الرغبة الشعبية الجارفة في ترسيخ قواعد الديمقراطية الحقيقية والكاملة بانتخاب أحزاب ونواب يملكون القدرة علي صياغة البدائل والخيارات لمجمل القضايا والتحديات وليس مجرد أصوات زاعقة جوفاء خالية من أي فكر ومن أي رؤية. والحقيقة أن المعركة الانتخابية المقبلة لمجلسي الشعب والشوري في ظل قانون جديد ينبغي أن تتوافق عليه جميع القوي السياسية ليست هي بيت القصيد في البناء الديمقراطي وإنما هي مجرد وسيلة تلبي مطلب الشارع المصري الذي يتجسد في عبارة تلقائية تقول: الشعب يريد كذا وكذا وكذا. ومع التسليم بصحة المخاوف من أجواء كثيرة قد تؤثر في مجريات العملية الانتخابية وتتطلب اتخاذ التدابير وتوفير الضمانات التي تمنح الفرص المتكافئة للمرشحين فإن عاملا جديدا قد طرأ علي الواقع المصري يتمثل في اتساع قاعدة الرأي العام المستنير الذي يملك وحده- في غيبة كافة أنواع ضغوط الترهيب والترغيب المعتادة من قبل- أن تكون له كلمة الاختيار العليا بعيدا عن كافة المؤثرات والأصداء المصنوعة. والأمل كبير في أن أول برلمان يجئ عقب ثورة25 يناير سوف يكون علي مستوي الحلم وعلي مستوي التحدي مادام الشعب سوف يحسن استخدام حقه الدستوري بروح الرغبة في صنع تغيير حقيقي يضع مصر في المكان اللائق بها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحضاريا. ولعلها فرصة تاريخية تثبت بها مصر أن الشعب هو وحده الذي يصنع ويضمن نزاهة الانتخابات بأكثر مما يوفره الإشراف القضائي أو الرقابة الدولية! خير الكلام: ياليت من جهلوا حقيقة الدنيا يعلمون أن المرء مهما علا شأنه أضعف ما يكون! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله