سيظل تاريخ 3 أغسطس يوما مشهودا فى تاريخ المصريين الذين شاهدوا بأم أعينهم الرئيس المخلوع مبارك وأركان نظامه ونجليه جمال وعلاء فى قفص الإتهام، يحاكمون مثلهم مثل أى مواطنين، سواء أمام القانون، لافرق بينهم وبين أى شخص متهم بارتكاب جريمة أى كان نوعها، مثلوا فى خضوع واحترام للقضاء الشامخ. لحظات تاريخية بكل المقاييس عاشها ملايين المصريين غير مصدقين وهم يرون رئيس دولتهم الذى حكم البلاد لمدة 30 سنة بقبضة حديدية يخضع للمحاكمة وهو على سرير طبى لا حول له ولا قوة. لقد أثبتت ثورة 25 يناير المجيدة حقيقة أنه لا أحد فوق القانون بعد اليوم، ولن يسمح الشعب المصرى لأى شخص مهما تكون حيثيته أن يردد تلك العبارة الممجوجة "أنت متعرفش أنا مين"! عبارة ركيكة تجرى على ألسنة أشخاص تصوروا أنهم باستدعائهم وظيفة الأب أوالخال والعم أو لصلة قرابة مع أى مسئول حتى ولو من بعيد يفلتون من سيف القانون الذى لم يكن بتاراً مع هؤلاء، للأسف نجح هؤلاء الضعفاء المستقوون بأقاربهم فى أحيان كثيرة على مدى العقود الماضية من تحطيم هذا السيف وتمادوا فى غيهم إلا من رحم ربى، وتراجع هذا المجتمع للخلف كثيراً بسبب هذا التهاون مع أمثالهم، وأصبح فى حكم اليقين لدى الملايين من الناس أن فى استطاعتهم اللجوء إلى فلان أو علان أو دفع الرشى للهرب من تنفيذ حكم القانون فيهم، كما وضح تماماً أن القانون لا يطبق إلا على المواطن الغلبان الذى لا يعرف أن يقول تلك العبارات الفجة من نوعية "أنت متعرفش أنا مين وأبن مين"، وانتشرت المحسوبية آفة الآفات فى هذا المجتمع. إن المواطن المصرى مطالب اليوم بألا يقف مكتوف الأيدى بعد هذا التاريخ المشهود - الذى خضع فيه من كان يوماً رئيساً للدولة وأركان نظامه جميعا - للمحاكمة والإيداع فى قفص الإتهام، وكانوا سواء أمام القانون، كما أننا لا يجب أن نسمح بعد اليوم لمن يردد هذه العبارات السخيفة بالوجود بيننا، المجتمع الحر يجب أن يلفظهم أو يحاسبهم حساباً عسيراً. نحن مطالبون جميعاً باحترام القانون والخضوع له دون تمييز أو أستثناء لهذا الشخص أو ذاك، لا فرق بين مواطن عادى ومسئول أو وزير ورئيس، أو من يدعى أنه أبن فلان الفلان أو أبن الباشا أو سعادة البيه.. الجميع يجب أن يكونوا متساوون أما سيف القانون كأسنان المشط. إن تقدم هذا الوطن يعتمد على إرادة هذا الشعب الذى عانى كثيراً من التفرقة بين مواطنيه بسبب تفشى هذا المرض العضال. ولاشك أن محاكمة نظام مبارك تنهى إلى الأبد ذلك العهد الذى كان يقف فيه القانون ضعيفاً مرتعشاً أمام أولئك الذين يدعون القوة وهم ضعفاء. دعونا نحارب هؤلاء بكل قوة وليكن سيف القانون بتاراً لا يخشى فى الحق لومة لائم من أجل صالح وتقدم هذه الأمة. [email protected] المزيد من مقالات محمود النوبى