(إنها مصر. أحداثها تعنيها وتعني الآخرين. أخطاؤها معدية وإنجازاتها معدية. ومن مصلحة الثورة أن يكون العدل هاجسها). أنقل هذه الكلمات عن الزميل الصحفي اللبناني غسان شربل رئيس تحرير الحياة اللندنية والتي جاءت في مقدمة مقاله بعنوان قفص التاريخ المنشور صباح أمس الاول. تعليقا علي محكمة القرن للرئيس المصري السابق وإبنيه وجهازه الأمني, وهي تشير الي معنيين أحدهما بديهي والثاني مأمول, فالأول هو ان مايحدث في مصر يهم إخوانها العرب والمنطقة بما فيها اسرائيل وإيران وتركيا وكأنه شأن داخلي لهذه الدول, فاحداث مصر تنعكس فورا علي الشعوب العربية سواء كانت إيجابية أو سلبية كما أن ثقل مصر يجعل لأي تغيير في أنظمتها, مردودا مباشرا علي توازنات المنطقة والأدوار الإقليمية لكل دولها الرئيسية. أما الثاني فهو المتعلق برؤية من خارج الحدود لمصلحة الثورة والثوار, المتمثلة في احترام القانون وعدم المساس باستقلال القضاء, حتي يكون العدل المفتقد حاضرا بعد الثورة, كأحد أهم منجزاتها. وهنا يقفز السؤال الذي يطرحه البعض ويخشي الآخرون من مجرد سماعه وهو المتعلق بردود أفعال الكثير من المصريين, الذين يطالبون بالانتقام من قتلة الثوار, ويرفضون مسبقا اي حكم علي مبارك والعادلي ومعاونيه سوي الإعدام, بل هم يرفضون تضييع الوقت في التأجيلات والإجراءات القضائية الروتينية, لكي يتم القصاص فورا من القتلة, وكان متطرفون ذهبوا الي ماهو أبعد, مطالبين بأن تكون المحاكمة شعبية في ميدان التحرير وفيه ينفذ الحكم بإعدام المخلوع وزبانيته!وأقول مع كل التقدير والمشاركة الوجدانية لأهالي الشهداء الذين سقطوا في شرخ الشباب فداء لنا جميعا, فلولاهم مانجحت الثورة, أقول: إن المطلوب هو القصاص العادل من خلال احكام القضاء النزيه, الذي هو حكم الله في الارض, وهو لن يكون قضاء ولا عادلا لو كان الحكم معلنا مسبقا. علينا ان نضع من اليوم الاسس السليمة والقوية لبناء مصر المستقبل, وأهم ركائزها قضاء عادل نزية معصوب العينين, لايخضع لضغوط حاكم او محكوم وكلنا ثقة في قضاء مصر الشامخ, ويكفيني قول القاضي رفعت انه سوف يحرص علي إرضاء ضميره وليس الرأي العام, استعدادا ليوم يسأله ربه عما قضي به. [email protected] المزيد من أعمدة عصام عبدالمنعم