بدا ياسر عرمان مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان لرئاسة الجمهورية واثقا من فوزه في ماراثون الإنتخابات المقررة في أبريل المقبل, والتي يخوضها في مواجهة خصوم أشداء من بينهم الرئيس السوداني عمر البشير والسيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة. عرمان الشمالي المسلم والمتمرد السابق الذي إلتحق بالحركة الشعبية لتحرير السودان منذ24 عاما وتدرج في صفوفها إلي أن أصبح قياديا بارزا في صفوفها وناطقا رسميا بإسمها ثم نائبا لأمينها العام, يستند في ثقته بالفوز إلي كونه يمثل جيلا جديدا من السودانيين, ويرفع شعارات جديدة يحاول بها إستقطاب أصوات ليس فقط الجنوبيين الذين تمرد من أجل حقوقهم, ولا إلي الشماليين الذين ينتمي إلي أبرز قبائلهم, وإنما أيضا إلي الراغبين في التغيير في الشمال, وللوقوف علي أفكاره ورؤيته لحل مشكلات السودان إلتقيناه في الخرطوم, ودار الحوار التالي: { لماذا جعلت شعار حملتك الإنتخابية هو الأمل والتغيير؟ = لأن الشعب السوداني يحتاج إلي الأمل والتغيير بعد20 عاما من الشمولية لكي ينتقل إلي الديمقراطية, وبعد حروب أهدرت موارده وأهدرت آمالا كبيرة, فالسودان يواجه مشكلات كبيرة. { ولماذا تبدو متفائلا هكذا بإمكانية فوزك ؟ = لأنني أملك مقومات لايملكها أي مرشح آخر للرئاسة بالنسبة لعدد من القضايا والمعضلات الراهنة, أولها قضية الوحدة الطوعية والإستفتاء, فأنا أحظي بثقة قيادة الحركة وجنوب السودان, وبوصولي للرئاسة ستتغير الكثير من التوجهات والسياسات, وسيولد ذلك وضعا جديدا وآمالا وصلات جديدة, وحتي في حالة إذا ما أختار الجنوب الإنفصال فأنا من سيستطيع أن يربط بين الشمال والجنوب, ويمكنه الوصول لترتيبات قوية بينهما تبدأ من الكونفدرالية. وبرنامجي الأساسي هو العمل علي وحدة السودان, كما أنني أيضا الشخص القادر علي تفهم وتشخيص قضية دارفور تشخيصا صحيحا بإعتبارها قضية عادلة, وحلها بنفس طريقة ومعادلات نيفاشا التي يجب أن تطبق علي جميع أقاليم السودان, لخلق مركز جديد ووحدة علي أسس جديدة, وفيما يخص علاقات السودان الخارجية سأسخر العلاقات الطيبة التي تربطنا بدول جيراننا والمجتمع الدولي من أجل سياسة تحقق المصالح الحقيقة للسودان وتعمل علي إستقراره, وبذلك أكون انا مرشح الإستقرار الإقليمي وإصلاح علاقات السودان مع العالم الخارجي, والقضية الأخري المهمة بالنسبة لي هي قضية رفاهية الشعب السوداني, حيث يحظي بلدنا بموارد كثيرة, يمكن بعث نهضة في مجالات الزراعة والرعي والصناعة وإستخدام البترول كمحفز, وبناء الريف السوداني وتوجيه الموارد للإنتاج والخدمات الصحة والتعليم والمياه, وسآتي في ذلك بآمال جديدة للشعب السوداني, حيث سأحول الدولة من الجباية إلي الرعاية. { أظهرت بعض استطلاعات الرأي تقدم الرئيس البشير ؟ =المؤتمر الوطني بعد20 عاما من الحكم لم يعد لديه جديد,وقد أدخل السودان في حروب في كل أقاليمه, والرئيس البشير لايستطيع أن يقدم شيئا جديدا أو أن يوحد البلد. { الرئيس البشير هو الذي توصل لإتفاق سلام الجنوب وهاهو يصل لإتفاق آخر في الدوحة رغم الميراث الضخم من المشكلات؟ =السودان اليوم يعيش أسوأ حالاته, نعم ورث البشير الحرب في الجنوب, لكن في عهده امتدت شرقا وغربا وتعقدت,فلم تشهد علاقات السودان مع دول الجوار بما فيها مصر أزمة كما شهدتها في عهده, والقضية ليست في شخص الرئيس البشير وإنما في برنامج المؤتمر الوطني الذي يطبقه, والذي لايصلح في السودان البلد المتعدد المتنوع, والآن إتفاقية السلام يمكن أن تؤدي إلي فصل جنوب السودان نتيجة إصرار المؤتمر الوطني علي عدم تغيير سياساته القديمة. { وكيف تري إتفاق الدوحة الإطاري بشأن دارفور ؟ = نحن نرحب بما يحدث في الدوحة, لكننا لانريد أن تكون الدوحة أبوجا ثانية, يجب أن يكون الحل شاملا ونهائيا, ومايتم الآن اعطي حجما أكبر منه, وماسمعناه وعلمناه من حركة العدل والمساواة أن الإتفاق إطاري, وبخبرتنا كمفاوضين يحتاج وقتا وزمنا طويلا, ونحن نرحب بكل مايقرب السودانيين من السلام, ولكن في الوقت نفسه نريده سلاما مرضيا عنه من كل الحركات ومن المجتمع المدني والسياسي في دارفور ويحظي بمباركة القوي السياسية السودانية, ولايكون مجرد علاقات عامة, كما نرحب ايضا بعلاقات جيدة بين السودان وتشاد, وإن كان إصلاح العلاقات بينهما لن يلغي قضية دارفور العادلة, التي تحتاج إلي تشخيص سليم يقود إلي معالجة سليمة. { نائب الرئيس السوداني وصف إنفصال الجنوب بانه سيكون قفزة نحو الظلام ؟ = المضطر يركب الصعب, والجنوبيون لم يكن خيارهم هو الإنفصال, ولم تطرح الحركة حق تقرير المصير في أجندتها, وحينما تم إعلان الجهاد والأسلمة بالقوة وفرضت سياسات خاطئة لم تترك للجنوب إلا أن يذهب مضطرا إلي ذلك بعد أن طرح علي مدي21 عاما الوحدة علي أسس جديدة, والمؤتمر الوطني يشكل عقبة في سبيل وحدة السودان, لأن طرحه للإسلام طرح منفر حتي بالنسبة لمسلمين أنفسهم, دعك من الجنوبيين, والقضية ليس ان يقفز الجنوب علي الظلام, بل أن يدفع المؤتمر الوطني الجنوب نحو القفز في الظلام, وأيضا أن الذي يقفز الأن نحو الظلام هو السودان كله, وإنفصال الجنوب سيأتي نتيجة عدم فتح منافذ وأبواب لوحدة عادلة وطوعية, والمشروع وطني سوداني لايمكن أن يقوم علي معايير محدودة, والإسلام والعروبة اللذان ساهما في توحيد الشمال يجب أن يلعبا دورا في توحيد السودان ككل, وألا يوضعا كعقبة نتيجة لتشبث البعض بالحكم. { ماتتهمون به المؤتمر الوطني من ممارسات ترتكب الحركة الشعبية أفعالا مشابهة لها في الجنوب ؟ = يجب أن يعطي كل ذي حق حقه, ولن تستقر اي منطقة في العالم علي الظلم, والعدل هو المفتاح الرئيسي للإستقرار, ولكن مركز الحكم في الخرطوم هو المحرك الرئيسي للمشكلات في الجنوب, وهو يستثمر في الخلافات الموجودة فيه بإستمرار, وحكومة الجنوب الوليدة التي يمارس عبرها الجنوبيون الحكم لأول مرة بإستقلالية في تاريخهم لديها مهمة كبيرة في أن تصيغ مشروعا وطنيا يجمع بين جميع القبائل علي اساس من العدالة, ولكن الجنوب الخارج من الحرب المثقل بالجراحات والميليشيات يحتاج إلي وقت طويل للتعافي, والحروب الدائرة في الجنوب الآن لها أكثر من سبب, هناك أسباب تتعلق بالصراع حول السلطة وهي تحتاج إلي نظرة صائبة من قيادة الحركة الشعبية وقد اتخذت بشأنها إجراءات ويجب أن تستمر, ومنها أسباب تتعلق بالفقر والتخلف والشح في بعض الموارد, رغم ان الجنوب غني بالموارد التي لم تستغل, وهناك أسباب تتعلق بالتراث السلبي لدي بعض القبائل, والذي يستغل في هذه القضايا, ويجب أن يكون هناك برنامج إجتماعي إقتصادي سياسي لحل هذه القضايا, وقيادة الحركة تنظر بعمق لهذه القضايا, لكن مايحدث مؤخرا هو بسبب تدخلات السلطة في الخرطوم. { لكن كل المؤشرات تؤكد أن الجنوب سيواجه بحروب ومشكلات كبري إذا انفصل ؟ =القول بأن الجنوب سيحترق إذا انفصل هو تفكير إستعماري, كان المستعمرون يقولون إنهم إذا خرجوا من بلداننا ستحترق, والأن تطرح الفكرة نفسها بشأن الجنوب, ولذا فإنني أعتقد أن الجنوب لو انفصل فسيأتي بسلطة تشبهه, والجنوبيون لديهم تاريخ وإمكانات وبشر لايقلون عن كثير من الدول الأفريقية, وهم يريدون الحرية وأن تحترم ذاتيتهم, وهذه قضية اساسية ولايمكن التلاعب بها تحت اي مسمي؟ .{ولماذا لم يتسع صدركم للدكتور لام أكول زعيم الحركة الشعبية- التغيير الديمقراطي ؟ لأن لديه جناحا مسلحا وميليشيات, وهناك قوي كثيرة تعارض الحركة الشعبية موجودة وتعمل بالجنوب. { لاتتوقفون عن إلقاء اللوم في كل مشكلاتكم علي المؤتمر الوطني وتتجاهلون مسئوليتكم والأسباب الداخلية لديكم ؟ =صحيح أن المشكلات في الجنوب لها أسباب متعددة, ولكن المقلق في تدخل المؤتمر الوطني أنه يستطيع إعطاء الأسلحة للقبائل, المشكلات الموروثة يمكن معالجتها. { تلومون المؤتمر الوطني وهو الذي غالبا مايقدم لكم التنازلات الواحد تلو الآخر ؟ =المؤتمر الوطني لايقدم تنازلات, بل يوقع علي إتفاقات, وهو شديد الذكاء, وسياسته الدائمة أن يغمط الآخرين حقوقهم, حتي إذا ما اعطاها لهم صور ذلك وكأنه يتكرم عليهم. { وكيف تقيم حوار القاهرة الذي بدأ بين شريكي الحكم في السودان ؟ =مايعجبني في هذا الحوار هو رعاية القاهرة له, ويجب أن يكون له منظور شامل,لأن العقبات معلومة والتغيير مطلوب والوحدة الطوعية لن تأتي إلا بتغيير سياسات المؤتمر الوطني, ولذا فإن أمام مصر فرصة لتقديم رؤي وأفكار تساعد الأطراف علي المضي للأمام, وهذا يحتاج إلي التعامل مع كل جوانب الأزمة الحالية في السودان. { ماذا ستفعل إزاء التحديات التي تواجهها وحدة السودان ؟ =لا أتمني أن يقسم السودان, وسأسعي حتي آخر لحظة من حياتي من أجل توحيده علي أسس جديدة, وما أحب أن أؤكد عليه أنه ليس الجنوب وحده هو الذي سيواجه تحديات في حال الإنفصال, بل التحديات التي تواجه الشمال ستكون أكبر, وإذا ظن البعض في الشمال أنه يجب فصل الجنوب لأنه يختلف مع الشمال في اللغة أو الدين أو الثقافة, فإن جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ودارفور يختلفون عنه أيضا, وبالتالي التحدي ليس موجودا في الجنوب فقط بل في السودان كله يواجه مشكلات, ومن الناحية الجيو إستراتيجية السودان وحدة واحدة مترابطة وإذا إنكسر فلن يكون في إتجاه واحد, بل في عدة إتجاهات. { وماذا بشأن مايطرح عن تأجيل الإنتخابات والإستفتاء ؟ =الإستفتاء علي كف عفريت, حيث لم يتم الإتفاق بعد علي تفاصيله وهو يحتاج إلي إنشاء مفوضية له وتحديد من يحق له المشاركة فيه وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وإجراءات فنية وسياسية طويلة, وقد سمعنا من حركة العدل والمساواة حديثا عن تأجيل الإنتخابات, لأنها تتقاطع بشكل من الأشكال مع قضية دارفور, لكن بالنسبة للإستفتاء فهو خط أحمر, لايجوز التلاعب في زمانه ولامكانه. { وماذا بشان الخلافات حول قضية أبيي ؟ = أنا أنتمي للمسيرية والدينكا معا ويهمني مصيرهما معا, ومن المفارقة أن الأرض التي يمتلكانها أكثر من حاجتهما معا, والسودان به40 مليون نسمة ويتقاتل الناس في لاشيء, ويمكن أن يستوعب400 مليون نسمة, لكن ضيق السياسات هو الذي يؤدي إلي ضيق القبائل ببعضها البعض, و المؤتمر الوطني هو الذي يحرض المسيرية, وقد ذهب إلي التحكيم بشأن أبيي في لاهاي, ثم يرفض الآن التطبيق, والحركة تطارده, الذين تكمن مصالحهم في التعايش مع الدينكا في كل الأحوال. { وكيف تنظر إلي مؤتمر الإستثمار العربي الذي عقد في جوبا مؤخرا؟ =أعتقد أن إنعقاد هذا المؤتمر هو خبر من أفضل الأخبار وعمل جيد, ولكنه جاء متأخرا.