الضفدع والعقرب مرة أخرى يفرض هذا المثال «المستهلك» نفسه فى محاولة لفهم أو لقراءة المشهد الراهن , وهو مثال كثيرا ما ضرب فى الاوساط الدولية والغربية منها على وجه الخصوص للتدليل على عدم منطقية الامور فى منطقة الشرق الاوسط وكيف أن أحداثها دائما وأبدا مستعصية على الفهم,وفيه أن عقربا لايجيد السباحة أراد أن يعبر الى الضفة الاخرى من القناة فطلب من ضفدع أن يحمله على ظهره ويسبح به حتى يصلا بسلام الى هدفهما المشترك,فوافق الضفدع بعد أن تعهد له العقرب بألا يلدغه, ولكن بينما هما يسبحان وعند منتصف المسافة لدغ العقرب الضفدع فمات الاول غرقا والثانى بالسم,وقبل أن يرحلا سأل الضفدع العقرب لماذا فعلت ذلك وأنت تعلم أنك ستموت معى ؟فأجابه ببساطة:هذا هوالشرق الاوسط ! يعكس هذا المثال حتمية التعاون بين الاطراف المتنافرة أو المتصارعة لضمان البقاء وهو ما يحدث بالفعل فى الديمقراطيات العريقة حيث تتعايش القوى السياسية بما يحفظ توازن المجتمعات,وفى المشهد الراهن على الساحة المصرية هناك ضرورة ملحة كى تسارع الاطراف نحو نقاط التقاء بدلا من هذا السباق المجنون نحو الصدام وتعميق نقاط الاختلاف,وبشكل أو بآخر لامبالغة فى التأكيد على أن المجلس الاعلى للقوات المسلحة يحتاج بشدة للقوى السياسية والعناصر الثورية حتى يتمكن من انجاز مهمته الانتقالية بنجاح تام ومن ثم فأنه لاينتقص من قدره شئ باستجابته لمطالب هذه القوى سواء بالتخلص من ميراث الماضى أو بناء الدولة الجديدة وعلى رأس ذلك اقرار ما تراه القوى السياسية من قوانين مادام قد حدث توافق عليها واجماع على أنها تقود البلاد نحو الافضل,وشئ من التنازل أفضل بكثير من الغرق فى العناد. وفى المقابل فأن على تلك القوى والمجموعات الثورية أن تدرك جيدا أن الامن القومى وسلامة الوطن والحفاظ على الاستقرار كلها عوامل تحتم الابقاء على المؤسسة العسكرية فى أوج قوتها وتماسكها على أساس أنها المؤسسة الوحيدة فى الدولة حاليا المحافظة على قوتها وبأعتبارها القوة المؤهلة لقيادة البلاد الى بر الأمان مهما كانت التحفظات على أداء مجلسها الأعلى سواء من حيث البطء أوأتخاذ قرارات غير مرضية أحيانا, إضافة الى أن الوصول بالصدام بين القوى السياسية والمؤسسة العسكرية الى ذروته أومرحلة اللاعودة هو مخاطرة كبرى غير مأمونة العواقب تذكرنا فورا بمصير الضفدع والعقرب,ولكن يبقى السؤال الذى قد تفيد إجابته فى تحديد طبيعة الادوار والمهام ألا وهو؛من فيهما الضفدع ومن العقرب؟ المزيد من أعمدة عماد عريان