انشغل الرأي العام بالمحاكمات حول الحيازة المالية, والعقارية, والمؤسسية, والأموال المسروقة, والمغسولة,والمنقولة, والمهربة, ونهب الأراضي وغيرها مما يتصل بممارسات غير مشروعة للحصول علي المال, ووسائله, كالرشوة, واختراق القانون وفق منظومة من الفساد احتوت النظام السابق ورجاله. ومعلوم أن مثل هذه الجرائم لها إجراءات قد تطول, مما يوحي بالبطء الشديد في الممارسة القضائية.. ولعل ما نلاحظه الآن يوحي بأن المدي بعيد حتي تنفرج الأزمة وتستريح القلوب والنفوس. وفي ظل هذا الكابوس تغافلنا عن محاكمة رجال الفساد السياسي من رموز النظام ومن دار حولهم, ودورهم في إشاعة الفساد علي كل المستويات الدنيا والعليا حتي ضرب جوانب البلد جميعها وأدي ذلك إلي تغييب الفكر السياسي وتسطيح الحركة السياسية والحزبية, والشعبية, وتزييف كل ما هو مرتبط بالسياسة وآلياتها.. انتخابا, وأحزابا, ومجالس نيابية, ومحلية, وبالتالي تفرد الحزب الحاكم بالعمل السياسي مما مهد الطريق لأعضائه لممارسة كل أنواع الإفساد الوطني, وانسحب ذلك علي كل جوانب الحياة في الدولة. والسؤال.. أين محاكمة المفسدين سياسيا؟ لم أقرأ أن أحدا أثار هذا الموضوع أو أن محاميا وداعيا قدم بلاغا بهذا الخصوص. فهل المحاكمة السياسية أقل درجة من المحاكمة الجنائية؟ وهل نتائجها لا تتوازي مع تلك؟ أو هي أقل شأنا وقيمة؟ مع العلم أن الفساد السياسي هو أصل الفساد كله. وأحب أن أنوه بما قاله المستشار أحمد مكي في حواره مع جمال الكشكي بالأهرام فى 1/7 وهو رأي لا يحتاج إلي تعليق.. إنه أمر يثير القلق والهواجس والخوف معا. يقول إن القاضي يكتشف أنه (كلما حاول أن يؤدي رسالته يصطدم بأصحاب النفوذ والسلطان فيقنع بتحقيق الممكن. ويرضي بالكفاف من راحة الضمير) كما يؤكد أن (القضاء هو إحدي سلطات الدولة التي تخضع لهيمنة السلطة التنفيذية لتستعملها في العدل حينا, وفي الظلم أحيانا). ألا يحق لنا أن نتوجس ونقلق!! الأديب محمد قطب