الدكتور فهيم فتحي عميداً لكلية الآثار بجامعة سوهاج    محافظ قنا يستقبل وفدا من مطرانية دشنا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    تسيير 3 خطوط طيران مباشرة إلى دول إفريقية.. "الهجرة" تكشف التفاصيل    طلاب جامعة حلوان يشاركون في حلقة نقاشية بأكاديمية الشرطة    تبدأ من 205 جنيهات.. قيمة المصروفات الدراسية للعام الدراسي المقبل    تراجع أسعار العدس والزيت واللحوم والدواجن في الأسواق اليوم الخميس    تحرك برلماني عاجل بشأن اختفاء الأشجار: قطعها يضر بالبيئة وبصحة المصريين    أسعار الأسمنت اليوم الخميس 13-6-2024 في محافظة قنا    «القليوبية» تحذّر من التعدي على الأراضي الزراعية في العيد: سننفذ حملات مفاجئة    وزارة الصناعة تعلن وقف استيراد هذا النوع من إطارات المركبات    تعرف على أهم توصيات وزارة الزراعة لمزارعى الذرة الشامية خلال يونيو    بسبب موسم الحج.. بن سلمان يعتذر عن المشاركة في قمة مجموعة السبع    الرئيس الأوكرانى: أثق فى دعم مجموعة السبع دائما    أمريكا توافق على حزمة مساعدات عسكرية جديدة تؤمن لأوكرانيا أنظمة دفاع جوية    الخارجية الإيراني: يجب إيقاف الإبادة الجماعية في غزة دون قيد أو شرط    كيف ستبدو السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا في حالة فوز ترامب أو بايدن بالرئاسة؟    حسام غالي يُغني في حفل زفاف محمد هاني (فيديو)    كولر يضع اللمسات النهائية على خط الأهلي لمواجهة فاركو    وكيل وزارة الشباب بالغربية يشهد انطلاق ماراثون احتفالا باليوم العالمى للدراجات    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    موعد تظلمات نتيجة الشهادة الإعدادية بالقليوبية    الصحة: تقديم خدمات الكشف والعلاج ل15 ألفا و361 حاجا بعيادات بعثة الحج    "بينها ضبط 148 توكتوك".. جهود الإدارة العامة لمرور الإسكندرية في يوم واحد    الأمن يضبط جزار لقيامه بالتعدي على شخص في الجيزة    تجديد حبس شخصين 15 يوما لاتهامهما بترويج المواد المخدرة بالهرم    إخماد حريق داخل محل فى إمبابة دون إصابات    "رجل أحلامي".. أول تعليق من سلمى أبو ضيف بعد الاحتفال بعقد قرانها (صور)    «اللعب مع العيال» يحتل المركز الثاني في شباك التذاكر    عمرو دياب يغلق خاصية التعليقات على أحدث أغانيه الجديدة "الطعامة"    فيديو القبض على رجل وضع "السحر" بالكعبة    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    نائب محافظ الوادي الجديد تتابع سير العمل بمستشفى الخارجة التخصصي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 13-6-2024    تحذير لمرضى الكبد من الإفراط في تناول اللحوم.. واستشاري تغذية: تؤدي إلى غيبوبة    أستاذ طب نفسى: اكتئابك مش بسبب الصراعات.. إصابتك بالأمراض النفسية استعداد وراثى    مقتل شخص وإصابة 4 في مشاجرة بين بائعي «أيس كريم» بسوهاج    إصابة 12 شخصا إثر انقلاب أتوبيس أعلى الطريق الدائري بمدينة أكتوبر    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    5 أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. إنفوجراف    يديعوت أحرونوت: اختراق قاعدة استخباراتية إسرائيلية وسرقة وثائق سرية    الخشت يتلقى تقريرًا عن جهود جامعة القاهرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة    انتهاء 96 % من أعمال ترميم مسجد أبو غنام الأثري بمدينة بيلا    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    فطيرة اللحمة الاقتصادية اللذيذة بخطوات سهلة وسريعة    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    «هيئة القناة» تبحث التعاون مع أستراليا فى «سياحة اليخوت»    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات عودة المليارات المنهوبة
نشر في أكتوبر يوم 01 - 05 - 2011

تمثل عودة الأموال المنهوبة لغزا محيرا بين الدول المستفيدة من تجميد تلك الأموال والدول الأخرى صاحبة رأس المال، ففى الوقت الذى تطالب فيه الدول المتضررة بعودة الأموال إلى أصحابها لدفع عجلة الاقتصاد ورفع مستوى معيشة الشعب تتذرع الدول الأخرى بحجج قانونية واقتصادية قد تؤجل استرداد هذه الأموال سنوات وسنوات.
ومع أن خبراء الدبلوماسية والاقتصاد والقانون أكدوا أن عودة الأموال المهربة مهمة صعبة أكد البعض الآخر أن المهمة ليست مستحيلة، وأن هناك سوابق فى القانون الدولى نجحت فى استرداد هذه الأموال.
حقيقة الحسابات السرية لزعماء العالم النامى، وحجم المليارات المنهوبة، وكيفية استعادتها وشروط الدول المستفيدة ومطالب الدول المتضررة.. كثير من الحقائق فى هذا الملف.
قنبلة من العيار الثقيل فجرها رئيس قطاع الشئون المالية والاقتصادية بوزارة الخارجية السويسرية وهى أن الحكومة لن تسلم الأموال المجمدة فى بنوك سويسرا، إلا بعد محاكمة عادلة للمتهمين و التزام مصر باتفاقيات حقوق الإنسان وهى تحديات ربما تستغرق سنوات وسنوات فى ظل الانفلات الأمنى وضياع هيبة الدولة وتوقف عجلة الاقتصاد، والخلط بين قضايا الفساد المالى والجنائى وصدور حكم نهائى فى حق المسئولين المتهمين وسرية المعاملات المصرفية فى دول الإيداع وعدم الإفصاح عن الودائع النقدية أو الأصول العقارية.
كيفية استرداد الأموال المنهوبة وإمكانية تشكيل لجنة قانونية لفحص الأموال المجمدة، ونية الدول الأوروبية فى عودة الأموال أصلا ودور الدبلوماسية والعلاقات الدولية فى عودة الأموال.
كل هذه التساؤلات وغيرها من القضايا طرحتها (أكتوبر) على مائدة البحث.. فماذا قال خبراء القانون والاقتصاد؟
بداية أوضح د.عبد الله الأشعل- مساعد وزير الخارجية السابق أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2005 والتى وقعت عليها مصر وتعد جميع دول العالم تقريبا أطرافاً بها والتى تنص على التعاون فيما بين هذه الدول لرد الأموال التى يتم تحصيلها خلال عمليات فساد إلى حكومات الدول التى تخرج منها هذه الأموال، مشيرا إلى أنه بمقتضى هذه الاتفاقية فإن هناك التزاما على الدول التى توجد بها الأموال المصرية بإحاطة الحكومة المصرية علما بهذه الأموال، ولتفعيل هذه الاتفاقية يؤكد د. الأشعل ضرورة أن تقوم الحكومة المصرية بمطالبة الأمم المتحدة بإبلاغ الدول الأطراف بهذه الاتفاقية بموافاة مصر بجميع البيانات الخاصة عن أية حسابات لديها للمصريين، وذلك حتى تتمكن الحكومة المصرية من عمل حصر دقيق للأموال المصرية المهربة للخارج.
جهاز استرداد الأموال
يقترح د. الأشعل إنشاء جهاز يطلق عليه «جهاز تعقب واسترداد الأموال المصرية المهربة للخارج» على أن يتم إنشاء هذا الجهاز بالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص، بحيث يخضع لإشراف رئيس الحكومة ويتم تشكيل فريق العمل به من النائب العام ومحامى مكتبه ووزير العدل وبعض المسئولين فى وزارات الخارجية والداخلية والمالية، ويرى د. الأشعل أن مسئولية هذا الجهاز تعقب الأموال المصرية بالخارج والتحرى الدقيق عنها بشكل يمكن أن يطلق عليه المخابرات الخاصة بالأموال المسروقة.
ويؤكد د. الأشعل أهمية وجود مثل هذا الجهاز نظرا للحرفية الشديدة التى اتبعت فى تهريب الأموال المصرية للخارج وتسجيلها بأسماء غير أسماء أصحابها، حيث تم إيداع هذه الأموال بأسماء مصرية وعربية وأجنبية.
المنظمات الحقوقية
وعلاوة على ما سبق يؤكد د. الأشعل ضرورة مناشدة المنظمات الحقوقية على مستوى العالم بالإسهام فى إعادة الأموال المصرية للشعب المصرى خلال المساعدة فى جمع البيانات والمعلومات الخاصة بهذه الأموال.
وفيما يتعلق بالرأى الداعى إلى المصالحة مع المسئولين أصحاب الأموال المجمدة، يرى د. الأشعل أن هناك خلطاً بين عمليات التسوية والجرائم، ويرى أنه فى حالة تعاون أصحاب الأموال المجمدة مع الجهات المعنية من خلال الإعلان عن حجم أموالهم وأماكن تواجدها واستردادها بشكل يتسم بالشفافية والجدية فإنه يتم معاملتهم من حيث تخفيف العقوبات التى تصدر ضدهم، مؤكدا فى حالة القبول بهذا الحل تتم عملية استرداد هذه الأموال تحت إشراف حكومى ورقابة شديدة حتى لا يتم التلاعب فى تلك الأموال مرة أخرى.
ومن جانبه ذكر د.صالح بدر الدين رئيس قسم القانون الدولى العام بكلية الحقوق جامعة حلوان أن الإجراءات القانونية الخاصة بإعادة الأموال المجمدة تسير فى اتجاهين، الاتجاه الدولى والاتجاه الداخلى.
وفيما يتعلق بالإجراءات القانونية الخاصة بالاتجاه الدولى أوضح أن كل دولة لها قوانينها الخاصة التى تحمى مصالحها إلا أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 تنص على التعاون الدولى لإعادة الأموال التى يتم التحصيل عليها خلال ممارسات فساد سواء كان هذا الفساد خاصًّا باستغلال النفوذ والتربح أو الجريمة المنظمة عبر الوطنية، مشيرا إلى أن إعادة هذه الأموال تشترط صدور أحكام قضائية نهائية أمام القضاء العادى تثبت تحصيل تلك الأموال خلال ممارسات فساد، مشيرا إلى أن الإجراءات الخاصة بالتحقيق والمحاكمة تمثل الاتجاه الداخلى للإجراءات القانونية الخاصة بإعادة الأموال المجمدة.
كما رصد د. صالح بدر الدين عدداً من التحديات التى تواجه الحكومة المصرية وإعادة هذه الأموال على المستوى الداخلى والخارجى، مشيراً إلى أن التحديات الداخلية تتمثل فى الخلط بين جرائم الفساد المالى الخاصة بممارسات الفساد للحصول على الأموال وجرائم جنائية تتعلق بقتل المتظاهرين إلى جانب العديد من الجرائم الأخرى موضحاً أن جرائم قتل المتظاهرين يتم توصيفها وفقاً للقانون الدولى بأنها جرائم ضد الإنسانية وهى منصوص عليها فى ميثاق روما 1998 المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى أن زيارة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية ربما كان يهدف إلى دفع هذه الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية، ومن ناحية أخرى ذكر د. صالح أن هناك تكاملاً بين القانون الدولى والقانون الوطنى رغم وجود حدود فاصلة لهذا التكامل مؤكداً أنه نظراً لأن جرائم قتل المتظاهرين يتم توصيفها فى القانون المصرى بأنها جرائم قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد وأن عقوبتها تصل إلى الإعدام فإن ذلك أدى إلى البت فى هذه القضايا طبقاً للقضاء المصرى خاصة وأن القضاء المصرى يمتلك مقومات القضاء الجيد والمعترف به على المستوى العالمى، وفيما يتعلق بالتحديات الخارجية ذكر أن السرية التى يتم فى إطارها عمل الجهاز المصرفى السويسرى يمثل تحدياً كبيراً أمام استعادة الأموال المجمدة موضحاً أن هذه السرية تتضمن أيضاً السرية الخاصة بمعاملات العملاء الخاصة بتحويلات الأرصدة إلى حسابات أشخاص آخرين، وعلاوة على هذا التحدى فإن هناك تحدياً آخر يتعلق باستثمار هذه الأموال فى دعم الأنظمة الاقتصادية للدول التى يتم إيداع هذه الأموال بها.
وفيما يتعلق بالمصالحة يقول د. صالح إن أسلوب المصالحة معمول به فى معظم الدول إلا أن الوضع فى مصر به الكثير من التعقيد نظراً لتورط المسئولين السابقين أصحاب الأموال المجمدة فى جرائم دم وهو يضع الكثير من الصعوبات أمام المصالحة، إلا أنه بالرغم من ذلك يؤكد د. صالح أنه من أنصار المصالحة لأنها أقصر الطرق لاستعادة الأموال المجمدة وفى حالة رفض جهود المصالحة يوصى د. صالح بضرورة تشكيل لجنة قومية لاسترداد الأموال المجمدة تتكون من مستشارين فى القانون الدولى ومختلف التخصصات القانونية وأن تكون مسئوليته هى متابعة القضية فى الداخل والخارج بحيث تتولى عملية اتباع الإجراءات القانونية اللاحقة لإصدار الأحكام النهائية الخاصة بمطالبة الدول بإعادة الأموال كل حالة على حدة عقب صدور الحكم النهائى، وذلك علاوة على متابعة عملية التحقيقات وسير القضية.
ومن جانبها أكدت المستشارة تهانى الجبالى أن مطالبة الحكومة المصرية للاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة بتجميد الأموال الخاصة بالمسئولين السابقين هو إجراء احترازى لمنع التلاعب فى هذه الأموال والحفاظ عليها حتى يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وإتمام عملية التحقيق وصدور الأحكام النهائية أمام القضاء العادى.
وهذا ما أكده المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة السابق وأضاف أن الحكم النهائى أمام القضاء العادى يعد الشرط الأساسى لاستعادة الأموال المجمدة.
الدور الوطنى
وفيما يتعلق بالدعوة نحو المصالحة وإعادة الأموال يرى المستشار زكريا عبدالعزيز أن مصلحة الوطن والدور الوطنى يتطلب من هؤلاء المسئولين التعاون الصادق مع الحكومة المصرية وإعادة الأموال المصرية حيث يعد الوطن فى أمس الحاجة إليها على أن يحصلوا على مبلغ يعادل الكسب المشروع.
تحذر د. يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس من مخاطر التضخيم الإعلامى لقضايا الفساد المالى مؤكدة أن المعالجة الإعلامية غير الصحيحة لهذه القضايا أدت إلى دفع سقف تطلعات الشارع المصرى، كما أدت أيضاً إلى زيادة الشعور بالتشفى والرغبة فى الانتقام وهو ما يضر فى النهاية بالصالح العام.
ومن جانبها تؤيد د. يمن الحماقى الاتجاه الداعى للمصالحة إلا أنها تشترط عدم التسامح فى القضايا ذات الشق الجنائى التى ربما يثبت تورط المسئولين السابقين أصحاب الأموال المجمدة بها.
وتوضح د. يمن الحماقى أن الشارع المصرى مازال بحاجة إلى نشر الوعى بكيفية العمل الإيجابى لدعم أهداف الثورة مؤكدة أن الثورة تفتح الطريق فقط ولكن المجتمع بكل أطيافه عليه الإصلاح من نفسه لإتمام تحقيق الأهداف.
ومن ناحية أخرى تشير إلى أن رحلة استعادة الأموال المجمدة فى حالة اتباع الإجراءات القانونية من المحتمل أن تستغرق فترة زمنية تمتد من 3 إلى 5 سنوات وهو ما يجعل خيار المصالحة هو الأفضل لدعم الاقتصاد المصرى فى ضوء تداعيات الأحداث التى تعيشها مصر.
ورداً على تصريحات بعض المسئولين فى الاتحاد الأوروبى بضرورة وجود نظام حكم ديمقراطى فى مصر كشرط لإعادة الأموال المهربة التى تم تجميدها أكدت أن الثورة المصرية قامت لمواجهة الظلم والفساد وهو ما جعل مصر تحتل موقعاً مرموقاً على الساحة العالمية تهيئ الأجواء لإعادة الأموال المهربة.
وفى نظرة أبعد للمستقبل ترى د. يمن الحماقى أن التوظيف الأمثل للأموال المهربة فى حالة إعادتها إلى الحكومة المصرية يجب أن يتم خلال إنشاء صندوق تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمواجهة البطالة وتطوير أدوات سوق العمل المصرى.
وتوضح د. فائقة الرفاعى نائب رئيس البنك المركزى السابق أن تجميد الأموال يعنى وقف التعامل المصرفى بجميع أشكاله وأن يأتى بناء على طلب من دول المنشأ ويتم وفقاً للقوانين الداخلية لدول الإيداع، مشيرة أن وقف التعاملات المصرفية الخاص بهذه الحسابات يستمر حتى يتم البت فى طلب التجميد بناء على الأحكام التى تصدر ضد المتهمين بقضايا الفساد المالى من أصحاب هذه الحسابات، وأضافت أن الإجراءات المصرفية الخاصة بإعادة هذه الأموال تختلف من دولة لأخرى وفقاً لأوضاع هذه الدول.
يرى د. محمد مهنا أستاذ القانون الدولى ومدير مركز التحكيم الإسلامى أن استعادة الأموال المهربة للخارج سواء قبل ثورة 25 يناير أو بعد 25 يناير ليس بالأمر السهل كما يتوقع البعض، إنما يحتاج هذا الأمر التحقيق من صحة هذه الوقائع من تهريب أموال بطرق غير شرعية ومحاولة تتبعها لمعرفة ما إذا كانت هذه الأموال مازالت موجودة فى هذه الدولة أم تم إخفاؤها عن طريق شراء عقارات أو نقلها إلى دول أخرى، ثانياً لا بد أن يخضع هؤلاء المتهمون للمحاكمة أمام المحاكم القضائية العادية، بحيث تأخذ المحكمة طرق الإثبات المعروفة التى تتم فى القضاء المصرى ثم بعد صدور أحكام قضائية نهائية تتقدم الحكومة المصرية بطلب رسمى لتلك الدول التى بها أموال مصرية، وهناك اتفاقيات مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تقوم بهذا الدور فى استرداد الأموال المهربة للخارج التابعة لدول موقعة على هذه الاتفاقية ومنها مصر، ثم تقوم مصر فى ضوء هذه الاتفاقية بالتقدم بطلب رسمى للأمين العام للأمم المتحدة لاستعادة الأموال والأصول المهربة للخارج. وأضاف د. مهنا أن هذا الأمر أيضاً يخضع للاتفاقية الدولية للشفافية وهذه الاتفاقية تفرض على الدول التى تتعامل بشفافية بعيدة عن الفساد وأن تتعامل مع هذه الأموال بشفافية تامة والبعد عن الفساد بمظاهره المختلفة.
ومن المتوقع أن تحدث مشاكل فيما يتعلق بالأحكام التى يمكن أن تصدر ضد هؤلاء الأشخاص فهناك من يدعى أن هذه الأحكام غير عادلة وذات طابع سياسى لأن هذه الأحكام صدرت فى ظل الثورة لأن الثورات عادة ما تستمد شرعيتها من نجاحها وهو ما يجعلها تقدم جميع أفراد النظام السابق للمحاكمة ومن الطبيعى أن تكون الأحكام عليهم ذات طابع سياسى لذلك تقوم هذه الدول بعمل محاكمات أخرى فى محاكمها بحيث تتأكد من عدم تأثر تلك الأحكام القضائية بالشرعية الثورية أو الأحكام السياسية وفى هذا التوقيت يتم تحديد الأمر لذلك يجب على القضاء المصرى أن يتحرى الدقة فى كل القضايا المطروحة أمامه والتى تخص هذا الشأن ولا يتأثر بالعوامل المحيطة وسرعة إصدار تلك الأحكام لاستعادة الأموال المهربة للخارج.
من جانبه يرى د. إبراهيم درويش الخبير القانونى أن استعادة هذه الأموال المصرية المهربة للخارج يتطلب أن تكون هناك إجراءات قانونية سليمة مع سرعة صدور أحكام نهائية من القضاء العادى لأن هذا الأمر يجب ألا نتبع فيه محاكمة هؤلاء أمام محاكم استثنائية أو محاكم أمن الدولة أو المحاكم العسكرية لأن هذا يعتبر خطأ كبيراً وقد يعرض أموالنا بالخارج إلى الضياع لذلك يجب أن يكون القضاء العادى هو الذى يقوم بتلك المحاكمات. الأمر الآخر أن القضايا المتهم فيها هؤلاء من التربح والتهرب الضريبى والكسب غير المشروع متعارف عليها دوليا ولا يمكن إنكارها لذلك إثباتها يوجب على الدول التى تتحفظ على أى من أموال هؤلاء الأشخاص الإفراج عنها وتسليمها لمصر.
أكد د. مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة أن استعادة الأموال المهربة فى الخارج أمل كل المصريين، الذين يحلمون بغد مشرق يسود فيه الرخاء بعد عودة المليارات التى تم نهبها فى غيبة العدالة، إلا أن الآمال والطموحات وحدها لن ترجع هذه الأموال بل لابد من جهود مضنية تقوم عليها مختلف مؤسسات الدولة القضائية للانتهاء من إجراءات المحاكمة العادلة، ثم الحكم النهائى الذى تتولى بعد ذلك جهات تنفيذ الأحكام دورها بتبليغ البلدان المختلفة بنصوص هذه الأحكام النهائية الباتة لكى يكون التنفيذ بما يضمن عودة الحقوق إلى أصحابها.
وأوضح د. على حافظ منصور أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن عصابة الفساد التى حكمت مصر طيلة 30 عاما نجحت فى سرقة وتهريب أكثر من 100 مليار دولار، لذا فإنه غير مقبول بأى حال من الأحوال ترك هؤلاء اللصوص الإفلات بهذه الأموال المهربة بل لابد من مطاردتهم فى نومهم ويقظتهم لإستعادة هذه الأموال المنهوبة لكى يتم الاستفادة منها لإعادة بناء الاقتصاد الذى يعانى أزمات هيكلية ناتجة عن سياسات خاطئة حرصت عليها الحكومات الفائتة للتأصيل للفكر اللصوصي.
ولفت د. منصور إلى أنه يمكن استعادة هذه الأموال من خلال العلاقات الودية التى تربط مصر الثورة بمختلف دول العالم وليكن ذلك بمقتضى القانون الذى يثبت بدون شك تورط هؤلاء اللصوص فى جرائم لا حصر لها ترتب عليها هذا النهب والسرقة غير المسبوقة فى تاريخ مصر، مشددا على أنه من الضرورى أيضا توفير المزيد من الدعم والمساندة لكل الجهود القانونية التى تبذل فى هذا السياق سواء كان ذلك من خلال توفير الأدلة والقرائن التى تؤكد إجرام هؤلاء اللصوص أو تدعيم موقف مصر الساعى لاستعادة كل ما تم نهبه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.