«من يحصل العلم.. ويكسب الثقافة».. هو التعريف الأقرب لحقيقة المثقف فى أى مجتمع إنسانى. والمثقف هو اللبنة الأساسية لأى نخبة فى أى مجتمع على وجه البسيطة. ورغم التحفظ على لفظ النخبة خاصة إذا تبعتها كلمة القاطرة التى تقود هذا المجتمع أو ذاك نحو إجماع الآراء حول الهدف أو وسيلة تحقيقه!! لكن الهدف من تحصيل العلم واكتساب الثقافة هو ليس إيجاد المثقف بل تكوين ثقافة أمة.. التى تنتج بعد أن يمتص ويستوعب زمرة المثقفين فى هذه الأمة أو تلك للأوعية المختلفة المكونة للنتاج الثقافى النهائى عقب عملية صهر حقيقية ساخنة فى بوتقة الأمة المقصودة والانصهار يعنى معاناة وكفاح فكريين عقليين لكل العقول التى تسهم فى تحديد أشكال ومظاهر وسمات الثقافة لأى مجتمع وتكون تحت مسمى الثقافة المحلية المميزة للمجتمع أو الأمة هذه وبتكرار هذه العمليات وعقب جدل خلاق إبداعى لمثقفى مختلف الأمة تتحد مظاهر الثقافات المختلفة لتكوين ثقافة العالم الواعى المتحضر!! وحوار الثقافات والتحام أو اندماج أو تنافس هذه الثقافات هو الذى ينتج الإبداعات الإنسانية التى تسهل من حياة الأفراد الذين يحققون أكبر قدر من النقاط الإيجابية المميزة لهذا النتاج الثقافى أو العلمى الجديد فى تفرده وإبداعه وبعدها يمكن أن نطلق مفردات الإجادة والتميز نتيجة الإبهار الذى تضعه هذه الثقافة أو تلك أمام الرأى العام العالمى فى سوق التنافسية التى حتمتها نظرية العولمة بمختلف تطبيقاتها ونتائجها وأشكالها ومظاهرها! والثورة المصرية الجديدة غير المسبوقة فى أسباب تنزيلها وإطلاق أولى شرارات محركيها التى قادت الأمة المصرية بإجماع أطيافها بالمشاركة أو المباركة أو التأييد لابد أن تكون أيضا غير مسبوقة فى إظهار منتجها الثقافى الإبداعى بتوسيع دائرة النخبة ليصبح المجتمع النخبة لا فئة قليلة من بين الجماهير المثقفة فى مصر ومجتمعها الأرحب باتساع ورحابة جغرافيا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا وأيديولوجيا ودينيا ومدنيا!! والشباب الذى هو الوقود المحرك والخلاق لثورة يناير 2011 يستطيع أن يسجل تفرده وإبداعه الآخر عبر بقية أفراد المجتمع إلى تكوين أكبر نخبة محلية وعالمية أو مجتمع النخبة الرائدة باتساع واختلاف الشرائح والطوائف المشكلة لجميع طبقات المجتمع الاستقراطية والبرجوازية وصولا إلى البروليتارية المنتجة والمحققة لنجاح أى عملية إنتاجية أو صناعية لأنها تمثل شريحة العمالة الوطنية التى هى بمثابة المورد البشرى الأساسى الذى يحفظ لمصر كل طاقاتها المنتجة لدعائم وأسس رسوخ المجتمع المصرى لكن السؤال هو: كيف نوسع دوائر وحلقات النخبة لتكون عملية قيادة المجتمع مسئولية مشتركة للجميع وبمشاركة الجميع لا يقع عاتقها فى أيدى شريحة ضئيلة من زمرة المثقفين هى ما اتفق على تسميتها بمصطلح النخبة. والنخبة التى يحمل شباب الثورة وقودها الحقيقى هى العمل على توسيع قاعدة المنتج الثقافى المصرى المكون للنخبة الأوسع والأكثر تعددية بتحقيق مشروع إيجاد أكبر عدد من المثقفين حتى نصل إلى إجماع الأمة وطريقة تنفيذ هذا المشروع القومى الطموح وبالقفز فوق الأمية التعليمية ذلك هو التحدى الأكبر القادر عليه بشباب مصر، وعلى أن يكون أول منتج ثقافى حقيقى فى طريق إيجاد النخبة الشعبية هو إعلاء إيجاد ثقافة احترام العمل الجاد المقدس لإعلاء قيمة الإنسان المصرى وإيجاد شعوره الجديد بقيمته الإنسانية القادرة على صنع معجزاته وبعثها من جديد لإحياء الحضارة الأم التى أرضعت أطفال الحضارات الأخرى الأحدث لحضاراتنا القائدة من كنوز أو لبنات علومها وأسرارها الرائدة التى حققت لمصر الريادة منذ ما قبل التاريخ فعلا وعملا لا قولا أو فخرا بتاريخ قديم فقط، وعلى أن تسترشد بعملية إيجاد الإنسان المصرى المثقف فى جميع ربوع مصر بأن المثقف هو ذلك الإنسان الذى يجيد لغته القومية إجادة تامة مع الإلمام بلغة أجنبية أخرى وإجادتها إجادة تامة لكى تتوافر له المعارف خاصة المعرفة الدينية ومسارات رحلة التاريخ فى بلاده وأهم رجالاته ورموزه فى كل مرحلة وكل عصر من العصور ويشترط فى المثقف أن يجيد تخصصا مهنيا دقيقا فى فرع من فروع المعرفة كمهنة واحتراف لدرجة تمكنه من الإبداع والإيجاد والابتكار إضافة لإلمامه بالمعارف والمعلومات العامة كالحضارات واللغات والفنون الإنسانية إلى جانب معرفة أهم الأحداث التاريخية العالمية وثوراتها ورجالاتها وثرواتها وأهم النتائج والدروس التى أفرزتها هذه الأحداث والثورات على أرض الواقع.