قدمت ثورة الخامس والعشرين من يناير أكبر دعاية مجانية لمصر والمصريين على الصعيد العالمي، حيث كشفت عن مخزون اعلامى كبير، وتقدير واحترام عالمي، يبدو غير طبيعى فى تعامل الاعلام الدولى مع ثورات العالم النامي، هذا التقدير والإعجاب امتد ليشمل العديد من عناصر ومكونات المجتمع المصرى بكل شرائحه، الى الدرجة التى دفعت تحليلات وتقارير إعلامية إلى القول إن الصورة الجديدة لمصر بدأت تجذب السائحين الأوروبيين، الذين يرغبون فى العودة إلى مصر، فيما يعرف ب «سياحة الثورة» والدليل على ذلك حرص العديد من كبار المسئولين الدوليين الذين زاروا مصر على زيارة ميدان التحرير ومنهم كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني، كما توقفت العديد من التحليلات عند دروس عدة استخلصتها من الثورة المصرية خاصة دور المرأة، واختفاء القيم السلبية من المجتمع المصري. وفى هذا الإطار تشير دراسة الإعلام الدولى بمختلف ادواته «صحف، وكالات أنباء، شبكات تليفزيونية، وسائط الكترونية» عن حضور إعلامى «لافت» للثورة المصرية فى الإعلام الدولي، حيث لم تتوقف شبكات التلفزة والقنوات الإخبارية والمواقع الإلكترونية عن البث المباشر على مدار الساعة عن الثورة المصرية، كما احتلت انباء الثورة المصرية صدارة عناوين كبرى الصحف العالمية لأيام طوال، وعلى غير العادة فى التقييم الإعلامي، فقد حظيت تلك التغطيات الإعلامية بأعلى درجات الإيجابية، حيث وصفت افتتاحيات كبريات الصحف العالمية ثورة مصر والمصريين بشكل عام بسمات يندر ان نجدها فى الإعلام الغربي، من جانب آخر، حظيت الثورة المصرية، بجانب الحضور الإعلامى الدولي، باهتمام متنام من قبل العديد من مراكز البحوث والدراسات العالمية، بالنظر إلى أن الثورة علامة فارقة فى تاريخ مصر ومنطقة الشرق الاوسط، كما حرصت العديد من الدراسات على استشراف مستقبل مصر بعد الثورة. وعليه يمكن القول بدقة علمية ومهنية، إن ثورة يناير تمثل أبرز أدوات تغيير صورة مصر فى الإعلام الدولي، تلك الصورة التى شابها الكثير من السلبيات فى فترة ما قبل الثورة وارتبطت ببعض الأحداث ذات الدلالة السلبية فى مصر مثل الانتخابات البرلمانية الأخيرة وحوادث العنف الطائفي. ومما لاشك فيه فإن الحديث عن صورة مصر على الصعيد العالمى ينصرف بالاساس الى الدور الذى تقوم به «الهيئة العامة للاستعلامات» بشكل رئيسي، لما تملكه من خبرات وادوات اعلامية على الصعيدين الداخلى والخارجي، فهى جهاز الإعلام الرسمى والعلاقات العامة للدولة، وتعنى بإعلام الرأى العام الداخلى والخارجى بسياسات ومواقف الدولة، علاوة على ممارسة أدوار التثقيف السياسى والتوعية الاجتماعية للمواطنين وشرح السياسات الوطنية لهم، بجانب التعرف على مواقف واتجاهات الرأى العام الداخلى والخارجى تجاه مختلف القضايا التى تمس الأمن القومى المصري. ويكشف الواقع المصرى بعد ثورة يناير الحاجة الملحة لإحياء الوظيفة الإعلامية للدولة، تلك الوظيفة التى أهملها قطاع كبير من الخبراء. كما أن الإعلام بمعناه الواسع، إحدى وسائل القوة «الناعمة» للدولة الحديثة، والتى يبدو أننا تناسيناها فى غمار الحديث عن ترتيبات مصر ما بعد الثورة. من ناحية أخري، فان طبيعة عمل «الهيئة العامة للاستعلامات» تقوم على تقديم المعلومة لصانع القرار، حيث تستلزم طبيعة عملية صنع القرار فى الوقت الحالى إعلاء المعلومة الصحيحة، لما للعديد من القرارات من اهمية بالغة فى التأثير على الامن القومى المصري، وهو الامر الذى يجعل العديد من اصدارات وتقارير الهيئة غير متاحة للجمهور ووسائل الإعلام، مما قد يوحى للبعض بغياب دور الهيئة.