«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فض الاشتباك بين الخارجية والمخابرات

كانت محاولة الحديث عن العلاقات البينية ما بين وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة فى مصر وحقيقتها بمثابة المشى فى منطقة ألغام قبل ثورة 52 يناير، وكان الحديث فى مجمله يدخل دائما فى دائرة إعلاء هذه المؤسسة على تلك أو العكس بما يظهر ضعف إحداهما وقوة الأخرى وذلك على الرغم من كون المصلحة الوطنية تقتضى أن تكون كلتا المؤسستين الوطنيتين فى كامل عافيتهما لحيوية دور كل منهما فى منظومة الأمن القومى المصرى وأن نكشف مسار وطبيعة ما يدور بينهما وهل هو تعاون وتنسيق كما يقول المسئولون فى السنوات الأخيرة أم أن المسألة بلغت مرحلة تنازع الاختصاص أو حرب المهام والتى دفع إليها - كما يذهب العديد من التحليلات - غياب منصب مستشار الأمن القومى طوال العقود الثلاثة الماضية..
عمر سليمان
ولم يكن مستغربا أن الصورة انتقلت من أحاديث الشارع السياسى إلى السينما والأدب المصرى أيضا، فتجد على سبيل المثال فى فيلم «الرهينة» للنجم أحمد عز الشخصية الأكثر ظهورا فى البعثة الدبلوماسية هو «المستشار الأمنى للسفارة» وكذلك تجد فى رواية «شيكاغو» للأديب علاء الأسوانى تصويرًا لدور رجل المخابرات فى البعثة المصرية فى الولايات المتحدة وهكذا.
طبيعة المهام وتطورها
مبدئيا وقبل الخوض فى تفاصيل العلاقة بين الخارجية والمخابرات تكون أهمية تعريف مهام ودور كلتا المؤسستين، فمنذ أصبحت مصر جمهورية بعد ثورة يوليو 2591 يقوم رئيس الجمهورية بتحديد خطوط السياسة الخارجية وتتولى وزارة الخارجية صياغة مقوماتها بالشكل الذى يحقق أهداف هذه السياسة، مع تحمل مسئولية تمثيل الدولة المصرية بجميع مكوناتها خارجيا.. وكان وقتها جهاز المخابرات يخطو خطواته الأولى كجهاز أمنى له «رؤية سياسية» مهمته التعامل مع المخاطر التى تحيط بالأمن القومى المصرى فى حين كان الجهاز الدبلوماسى المصرى بكامل عنفوانه، إذ لم تنقطع الخارجية عن تاريخها قبل ثورة يوليو وحافظت على نسبة كبيرة من كوادرها المنتمين للطبقة الاجتماعية التى أطاحت بها الثورة المصرية آنذاك وبدأت فى استقدام أبناء الطبقة الوسطى ليكونوا جيلا آخر داخل المؤسسة الدبلوماسية..
وعن هذه المرحلة يقول السفير عبدالرؤوف الريدى سفير مصر الأسبق لدى واشنطن والذى انضم للخارجية فى أولى دفعاتها بعد ثورة يوليو: وقتها كان يتم التعاون بشكل منظم عن طريق إدارة الأبحاث فى الخارجية التى كانت تقوم بإرسال التقارير لمؤسسة الرئاسة ومنها إلى جهاز المخابرات الذى لعب أدوارا مهمة فى هذه الفترة على الرغم من حداثة نشأته آنذاك واستمرت العلاقة على هذا النحو وتميزت فى فترة السبعينيات
عبد الرءوف الريدى
بسبب وجود مستشار للأمن القومى وكان محمد حافظ إسماعيل هو وطاقم العمل الذى كان يعاونه ومنهم وزراء الخارجية السابقين أحمد ماهر السيد وعمرو موسى وأحمد أبوالغيط يقومون بعملية التنسيق بين دائرة الأمن القومى التى ترتكز على المؤسسة العسكرية ووزارة الخارجية وجهاز المخابرات، ورفض الريدى فكرة انتزاع دور الخارجية لصالح المخابرات أو العكس خلال السنوات العشر الماضية، وقال إنها متطلبات مهام تدفع بأدوار هذه أو تلك مستشهدا بأن «جورج تينت» وكان رئيسا للاستخبارات الأمريكية لعب من قبل دورا معلنا فى الصراع العربى - الإسرائيلى وقدم الورقة المعروفة بورقة «تينت» لحل النزاع الفلسطينى الإسرائيلى مؤكدا ضرورة عودة مجلس الأمن القومى ومستشار الأمن القومى مع قدوم رئيس جديد لمصر.
عمرو موسى
براءة المخابرات من النزاع على مقر الخارجية
لم يعرف مبنى حكومى فى تاريخ مصر كما من الأقاويل وحكايات النميمة حول قصته مثلما حدث مع مقر وزارة الخارجية الحالى على كورنيش النيل فى «ماسبيرو»، وطالما تغنى دبلوماسيون بقوتهم فى انتزاع هذا المقر من جهات عدة فى الدولة كانت تضع عينها عليه من بينها وزارة الإعلام والسياحة، والبعض كان يزج باسم المخابرات أيضا إلا أن المعلومات الدقيقة التى توافرت ل «روزاليوسف» فى هذا الشأن تؤكد أن المخابرات لم تدخل فى هذا الأمر من قريب أو من بعيد وأن الصراع الفعلى دار ما بين الخارجية والإعلام وكان على الأرض الفاصلة بينهما والتى أصبحت حديقة داخل وزارة الخارجية فيما بعد، إلا أن قصة هذا المبنى تستحق أن تروى وبدأت عندما خصص الرئيس جمال عبدالناصر الأرض لوزارة الخارجية دون أن يمدهم بالتمويل، ووقتها قام المهندس الاستشارى بعمل الماكيت الأساسى للمبنى بشكله الحالى وذهب به إلى المقر القديم لوزارة الخارجية «قصر التحرير» وهناك التقى بالملحق الدبلوماسى «عمرو موسى» وزير الخارجية الأسبق والأمين العام الحالى للجامعة العربية فاصطحبه موسى إلى مكتب وكيل وزارة الخارجية حينها وكان الدبلوماسى الكبير محمد حافظ إسماعيل وتوقفت عمليه البناء بسبب أزمة التمويل، إلى أن جاء وزير الخارجية إسماعيل فهمى وقدمت إليه هدية من أحد المبعوثين عبارة عن مليون جنيه فاستدعى مدير مكتبه وطلب منه استلام المبلغ واستخدامه فى بناء مقر الوزارة الجديد واستمرت عملية البناء 25 عاما وتصادف معها قدوم عمرو موسى وزيرا للخارجية، والذى قام بمفاجأة أعضاء مكتبه وأعضاء الوزارة بإبلاغهم الانتقال الفورى لمبنى ماسبيرو على الرغم من عدم جاهزيته اللوجيستية وإلا لن يدخلوه أبدا وبالفعل تم ذلك وهو الأمر الذى أثار غضب الرئيس السابق حسنى مبارك وهو ما استدعى عدم تعليق لوحة الإنشاء المعهودة فى مختلف المبانى الحكومية التى توضح فى أى عهد تم افتتاح هذا المبنى.
عمر سليمان أزمة لثلاثة وزراء خارجية
فى التسعينيات اختلف الوضع خاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك فى أديس أبابا وبزوغ نجم اللواء «عمر سليمان» نائب رئيس الجمهورية ورئيس جهاز المخابرات السابق، ويقول الدكتور مصطفى الفقى الذى عاصر هذه الفترة عن قرب من خلال موقعه كسكرتير الرئيس للمعلومات ثم سفيرا لمصر فى فيينا ومن بعدها مساعدا لوزير الخارجية قبل انتقاله للعمل البرلمانى تولى اللواء عمر سليمان رئاسة جهاز المخابرات عندما تم تعيين اللواء أمين نمر رئيس الجهاز الأسبق سفيرا لمصر فى الكويت عقب تحريرها عندئذ تولى سليمان المنصب وترك رئاسة المخابرات الحربية وحظى بثقة كبيرة من الرئيس السابق مبارك نظرا لكفاءته وهدوئه والتزامه الشديد بالتكليفات المحددة التى يتلقاها وبدأ مبارك يوكل ثلاثة ملفات رئيسية إلى جهاز المخابرات العامة وهى ملف النزاع الفلسطينى - الإسرائيلى وملف السودان إلى جانب ملف عربى عام أهم ما فيه ليبيا باعتبارها دولة جوار وظل سليمان مبعوثا شخصيا لمبارك إلى القادة العرب وللإدارة الأمريكية فى مناسبات مختلفة وامتد دور المخابرات العامة لكى يكون شريكا كاملا للخارجية بل ربما اقتطع أيضا جزءا من مسئولياتها الأساسية خصوصا بالنسبة لملفات دول الجوار وهو أمر لم يكن بدعة وأرساها العهد الناصرى عندما كان حسن صبرى الخولى هو الممثل الشخصى للرئيس جمال عبدالناصر مع وجود الخارجية كمؤسسة تقليدية ولكن كان هناك إحساس عام دائما بأن الموضوعات التى تحتاج قدرا من السرية فإن المخابرات أقدر عليها والواقع أن اشتغال المخابرات فى السياسة الخارجية ليست بدعة ومعمول به فى معظم عواصم العالم المتحضر ولكن المهم هو درجة التعاون بين جهاز المخابرات وبين الجهاز الدبلوماسى المعلن وهو ما يبدو واضحا حتى الآن فى ملفات السياسة الخارجية المصرية، وأضاف: ارتبطت فترة عمرو موسى بقدر من الاستقلالية النسبية للخارجية عن جهاز المخابرات واستمر الحال كذلك أيضا مع الوزير أحمد ماهر وازداد التعاون فى فترة أحمد أبوالغيط وأصبح مشهدا تقليديا أن نرى وزير الخارجية ورئيس المخابرات فى رحلات مكوكية فى العواصم المختلفة،
ابو الغيط
وقال: الآن لدى الدكتور نبيل العربى وزير الخارجية أكبر قدر من المرونة فى الحركة مقارنة بوزراء الخارجية الذين سبقوه وذلك لأن مبارك كان هو المسئول الأول عن ملفات السياسة الخارجية ويستخدم الخارجية والمخابرات فى تنفيذ السياسات التى كان يضع خطوطها العريضة، لذا فالوزير العربى بخبراته الطويلة ومكانته الدولية لديه ما لم يكن متاحا لأى ممن سبقوه وهو ما أتاح له أن يحدث اختراقات جديدة فى دور مصر الإقليمى خصوصا فيما يتصل بإيران والعلاقات مع إسرائيل وإعلانه مواقف قومية فيما يخص حصار قطاع غزة واحتمالات ترتيب جدول جديد لمعبر رفح الحدودى.
نبيل العربى
كانت ثقة مبارك فى سليمان بلا حدود وهى المسألة التى تناولها عديد من التقارير الإعلامية فى الصحف العالمية وذهبت بعضها إلى أن سليمان هو أقوى رجل مخابرات فى العالم وأنه بالفعل كان أزمة لثلاثة وزراء خارجية.. هكذا تحدث مصدر مصرى مطلع رفض ذكر اسمه لحساسية وضعه الوظيفى وقال إن عملية سحب الملفات من الخارجية وإسنادها للمخابرات بدأت قبل رحيل عمرو موسى من الخارجية إلى الجامعة العربية، وذلك بعدما اتخذ موسى عددا من المواقف المتتابعة تجاه إسرائيل فقامت الولايات المتحدة بإبلاغ مبارك بأنها لن تتعامل مع موسى مطلقا وطلبت منه ترشيح شخص آخر يباشر ملف العلاقة ووقع اختيار مبارك على عمر سليمان وبعدها جاء إلى الخارجية الوزير أحمد ماهر ولم يكن يريد صداما خاسرا فاستتبع ذلك سحب ملفات أخرى من الخارجية وفى مقدمتها ملف السودان، وأصبحت سيطرة الخارجية على الملف الفلسطينى شبه معدومة ثم جاء أحمد أبوالغيط ليتولى وزارة الخارجية وفوجئ بأنه لم يتبق له كوزير للخارجية سوى أن يذهب سنويا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة فسعى لصياغة علاقة جديدة تضع بها الخارجية أقدامها فى الملفات المسحوبة منها مدركا قوة عمر سليمان وصلابة علاقته بمبارك وبدأ أبوالغيط يدفع بالصندوق المصرى لدعم التعاون الفنى مع أفريقيا ليكون ذراع الخارجية فى جنوب السودان، واستتبع ذلك مباشرة الاتصالات الخاصة بعملية السلام كملف أصيل للخارجية فى حين ترك ملف المصالحة الفلسطينية لعمر سليمان، هذه العلاقة نتجت عنها التكليفات الثنائية التى كانت تضع وزير الخارجية فى الصورة مع رئيس جهاز المخابرات.
احمد ماهر
كلمة المخابرات هى الأوضح فى المجال المحيط بمصر
السفير محمد عاصم إبراهيم ارتبط اسمه بمنظومة الأمن القومى بداية من عمله فى مؤسسة الرئاسة مسئولا عن ملف إسرائيل ثم انتقاله للعمل الدبلوماسى فى جميع دول حوض النيل واختتمها سفيرا لمصر فى إسرائيل.. يرى من جانبه أن ملفات الأمن القومى أو الملفات السياسية الخارجية التى لها انعكاس على أمن مصر القومى كانت ملفات رئاسية فى يد رئيس الجمهورية وهو الذى يحدد الجهات التى تباشر التعامل معها، وفى النظام السابق رئيس الجمهورية اختار ألا يكون له نائب أو مجلس أمن قومى ولا عدد كبير من المستشارين وكانت سياسته أن يحكم من خلال الوزراء ورئيس مجلس الوزراء، ومثال ذلك موضوع مياه نهر النيل وهى «الأخطر» على الأمن القومى.. تم تكوين لجنة عليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء وكان بداخلها وزير الخارجية لأن لديه بعثات دبلوماسية لها تقديرها للموقف، وكذلك تضم وزير الموارد المائية والرى لأنه الذى يباشر عملية التفاوض بالإضافة إلى جهاز الأمن الخارجى أو «المخابرات» فضلا عن الخبراء والقانونيين، هذه اللجنة تجمع هذه الرؤى وتقدم توصياتها، ولكن علينا أن نلتفت أن العلاقة ما بين الخارجية والمخابرات هى علاقة جدلية موجودة فى جميع النظم بالعالم، فمثلا «هنرى كسينجر» كان مستشار الأمن القومى للولايات المتحدة ثم أصبح وزيرا للخارجية محتفظا بمنصبه فى الأمن القومى، لذا من الممكن أن تكون هذه العلاقة فى شكل تعاون وممكن أن تكون فى شكل تنافس وفى النهاية يتم الاحتكام لرئيس الجمهورية، وبالنسبة للوضع فى مصر ستلاحظ أن كلمة المخابرات كانت الكلمة الأوضح فيما يتعلق بدول الجوار، سواء فلسطين وإسرائيل أو السودان أو ليبيا إنما لا تدخل فى أمور تخص العلاقات مع أمريكا اللاتينية أو المسائل الخاصة بالأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبى لأنها ملفات دبلوماسية بحتة يصعب للمخابرات أن يكون لها دور حيوى فيها إنما تكون متواجدة فى مجال خط الدفاع المحيط بمصر والخارجية أيضا تكون متواجدة ولها رأى كجزء من منظومة الأمن القومى، وحسب «معلوماتى» فإن اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات السابق كان على علاقة جيدة بجميع وزراء الخارجية السابقين وكان بينهم تعاون، قد يختلفون فى بعض الأحيان فى وجهات النظر أو التقييم ووقتها يتم العودة إلى رئيس الجمهورية وبدوره كان يحدد السياسة التى سيتم اتباعها وسواء كانت هذه السياسة صائبة أو خاطئة إلا أن ذلك ما كان يحدث أما الحديث عن «سرقة الورق» وانتزاع الملفات فهذا أعتبره ترفا فكريا وإحداث للوقيعة لأن هناك دولة مصرية لها أجهزتها ومؤسساتها بغض النظر عن الأنظمة الحاكمة، كما أنه من الممكن أن تجد خلافات فى وجهات النظر داخل الطاقم الدبلوماسى فى أى بعثة أو سفارة مصرية وقد تجد أيضا أمرًا مشابهًا داخل طاقم المخابرات فى أى مكان.
الجميع يعمل داخل منظومة واحدة، وأعتقد أن ما يقال عن احتكار المخابرات للخارجية وأنها استولت على ملفاتها كلمة ليست سليمة.
المخابرات لم تنفرد بالقرار عبر تاريخها
سامح سيف اليزل
فى حين قال اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمنى والاستراتيجى: يجب أن نعلم أن المخابرات جهاز دولة هدفه الأساسى الحفاظ على الأمن القومى المصرى وخدمة السياسة الخارجية لمصر على جميع الأصعدة وجميع الدول وليس فقط دول الجوار، سواء كانت دولاً عربية أو غيرها، والمخابرات المصرية فى تاريخها لم تكن يوما منفردة بالقرار فى أى موضوع كلفت به، بل على العكس خلقت صيغة تعاونية مع مختلف أجهزة الدولة المعنية خاصة وزارة الخارجية فى جميع الملفات السياسية المكلفة بها، ومؤخرا وعندما كلفت المخابرات بملف «مياه النيل» كان هناك تعاون مع الجهات المعنية مثل وزارة الرى والموارد المائية وكذلك وزارة الخارجية والتى لم يتم إغفال دورها فى أى من الملفات المسندة للمخابرات، وأعتقد أن المخابرات كانت تجربتها ناجحة فى الملفات التى أسندت إليها كما أن الطرف الآخر - أى الدول الموكل للمخابرات ملفاتها - كانت ترحب بهذا الدور وتعاونت بشكل جيد وظهر هذا التعاون فى كثير من الأحيان بنتائج ملموسة رضيت بها جميع الأطراف.. من هنا يكون القول بأن المخابرات انفردت بدور الخارجية أو انتزعت ملفاتها أراه قولا خاطئا والتجربة والخبرة العملية أثبتت عدم صحته.
مصطفى الفقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.