بعد انهيار سعر الدولار.. الجنيه يحقق مكاسب جديدة اليوم    سعر كرتونه البيض اليوم الأربعاء 1اكتوبر 2025فى المنيا    ارتفاع توقع البقاء على قيد الحياة في مصر عام 2025    الإصدار السادس والأربعين لسندات التوريق يرفع إجمالي إصدارات شركة ثروة للتوريق إلى 35.3 مليار جنيه، بضمان محافظ متنوعة وتصنيفات ائتمانية متميزة    ميدو يفتح النار: فيريرا لازم يمشي .. أقل من الزمالك    تعرف على أسماء 11 عامل مصابي حادث انقلاب سيارة ربع نقل علي طريق المعصرة بلقاس في الدقهلية    بدء المدارس في تنفيذ أول تقييمات الفصل الدراسي الأول لصفوف النقل    ظهور فيروس اليد والفم والقدم (HFMD) بين طلاب مدرسة في الجيزة.. تفاصيل وإجراءات عاجلة لطمأنة الأهالي    في اليوم العالمي للمسنين.. أهم الإرشادات للتغذية السليمة وحماية صحة كبار السن    أرقام من مواجهة برشلونة وباريس قبل المواجهة الأوروبية    بالتزامن مع جلسة النواب لمناقشة قانون الإجراءات الجنائية.. تعرف على المواد التي اعترض عليها رئيس الجمهورية    بدء صرف معاشات شهر أكتوبر 2025 بالزيادة الجديدة    الإدارة العامة للمرور: ضبط (112) سائقًا تحت تأثير المخدرات خلال 24 ساعة    نقابة المهندسين: البدء في تنفيذ لائحة ممارسة المهنة الجديدة    خالد بيومي يهاجم اتحاد الكرة بعد سقوط شباب مصر أمام نيوزيلندا    فوز مصر ممثلة في هيئة الرعاية الصحية بالجائزة البلاتينية في المبادرة الذهبية فئة الرعاية المتمركزة حول المريض    تعزيز الشراكة الصحية بين مصر ولبنان على هامش القمة العالمية للصحة النفسية بالدوحة    الأخبار المتوقعة اليوم الأربعاء الموافق الأول من أكتوبر 2025    الاثنين أم الخميس؟.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين بعد قرار مجلس الوزراء    محمد كامل: أمانة العمال بالجبهة الوطنية صوت جديد للطبقة العاملة في الجيزة    بالصور.. البابا تواضروس الثاني يدشن كاتدرائية مارمرقس بدير المحرق في أسيوط    «الإحصاء»: 45.32 مليار دولار صادرات مصر خلال عام 2024    «مدمن حشيش».. السجن 3 سنوات ل"طفل المرور" بتهمة تعاطى المخدرات    إصابة 14 عاملًا في انقلاب سيارة ربع نقل على طريق الفيوم الصحراوي    أمن المنوفية يكثف جهوده لكشف غموض حادث مقتل سيدة داخل منزلها بالمنوفية    تعاون بين «بحوث الصحراء» و«الأكاديمية الصينية للعلوم» لدعم التنمية المستدامة    «الدفاع المدني بغزة»: إصابة 7 ضباط إنقاذ بقصف للاحتلال    كتابان من وزارة الخارجية بشأن زيارات رئيس الجمهورية وإنجازات الدبلوماسية المصرية    بث مباشر| انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب لدور الانعقاد العادي السادس    «وزير الصحة»: مصر تترجم التزامات الأمم المتحدة إلى إجراءات وطنية ملموسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 1-10-2025 في محافظة قنا    عاجل| الدفاع المدني بغزة: الاحتلال استهدف طاقمنا بمدرسة الفلاح بحي الزيتون بشكل متعمد    ما حكم ظهور ابنة الزوجة دون حجاب أمام زوج أمها؟.. دار الإفتاء توضح    في بداية الشهر.. أسعار الفراخ اليوم تحلق عاليًا    روسيا تتولى رئاسة مجلس الأمن الدولي    مغامرة وحماس واستكشاف .. تعرف على أكثر 5 أبراج مفعمة بالشغف    طقس اليوم الأربعاء.. بداية محدودة لتقلبات جوية    وزير الخارجية يترأس اجتماع مجلس إدارة الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية    مع اقترابه من سواحل غزة.. رفع حالة التأهب ب"أسطول الصمود"    الحوثيون: استهداف سفينة بصاروخ مجنح في خليج عدن    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص إثر اصطدام سيارتين ملاكى بصحراوى البحيرة    كرة يد - موعد مباراة الأهلي ضد ماجديبورج على برونزية كأس العالم للأندية    ماجد الكدواني وغادة عادل وحميد الشاعري في عرض "فيها إيه يعني"    انهيار "الروصيرص" السوداني خلال أيام، خبير يحذر من استمرار الفيضان العالي لسد النهضة    «محدش وقف جنبي.. وخدت 6000 صوت بدراعي».. رد غاضب من مجدي عبدالغني بسبب مقولة ولاد الأهلي    أيمن منصور: الزمالك قدم شوطا جيدا أمام الأهلي والخسارة محزنة بعد التقدم    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 1-10-2025 في بني سويف    المحكمة الدولية تطلع على حيثيات بيراميدز في قضية سحب الدوري من الأهلي    موعد معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026.. انطلاق الدورة ال57 بمشاركة واسعة    د.حماد عبدالله يكتب: الإدارة الإقتصادية فى المحروسة (1) !!    محمد منير: الأغنية زي الصيد.. لازم أبقى صياد ماهر عشان أوصل للناس    محمد منير: «خايف من المستقبل.. ومهموم بأن تعيش مصر في أمان وسلام»    ماذا يحدث داخل الزمالك بعد القمة؟.. تمرد اللاعبين ومستقبل فيريرا    ضياء رشوان: نتنياهو سيحاول الترويج بأن خطة ترامب انتصار له    ضياء رشوان: أي مبادرة إنسانية في غزة يجب قراءتها سياسيًا وحق العودة جوهر القضية الفلسطينية    باسم يوسف يعود إلى الشاشة المصرية عبر برنامج "كلمة أخيرة" على ON    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فض الاشتباك بين الخارجية والمخابرات

كانت محاولة الحديث عن العلاقات البينية ما بين وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة فى مصر وحقيقتها بمثابة المشى فى منطقة ألغام قبل ثورة 52 يناير، وكان الحديث فى مجمله يدخل دائما فى دائرة إعلاء هذه المؤسسة على تلك أو العكس بما يظهر ضعف إحداهما وقوة الأخرى وذلك على الرغم من كون المصلحة الوطنية تقتضى أن تكون كلتا المؤسستين الوطنيتين فى كامل عافيتهما لحيوية دور كل منهما فى منظومة الأمن القومى المصرى وأن نكشف مسار وطبيعة ما يدور بينهما وهل هو تعاون وتنسيق كما يقول المسئولون فى السنوات الأخيرة أم أن المسألة بلغت مرحلة تنازع الاختصاص أو حرب المهام والتى دفع إليها - كما يذهب العديد من التحليلات - غياب منصب مستشار الأمن القومى طوال العقود الثلاثة الماضية..
عمر سليمان
ولم يكن مستغربا أن الصورة انتقلت من أحاديث الشارع السياسى إلى السينما والأدب المصرى أيضا، فتجد على سبيل المثال فى فيلم «الرهينة» للنجم أحمد عز الشخصية الأكثر ظهورا فى البعثة الدبلوماسية هو «المستشار الأمنى للسفارة» وكذلك تجد فى رواية «شيكاغو» للأديب علاء الأسوانى تصويرًا لدور رجل المخابرات فى البعثة المصرية فى الولايات المتحدة وهكذا.
طبيعة المهام وتطورها
مبدئيا وقبل الخوض فى تفاصيل العلاقة بين الخارجية والمخابرات تكون أهمية تعريف مهام ودور كلتا المؤسستين، فمنذ أصبحت مصر جمهورية بعد ثورة يوليو 2591 يقوم رئيس الجمهورية بتحديد خطوط السياسة الخارجية وتتولى وزارة الخارجية صياغة مقوماتها بالشكل الذى يحقق أهداف هذه السياسة، مع تحمل مسئولية تمثيل الدولة المصرية بجميع مكوناتها خارجيا.. وكان وقتها جهاز المخابرات يخطو خطواته الأولى كجهاز أمنى له «رؤية سياسية» مهمته التعامل مع المخاطر التى تحيط بالأمن القومى المصرى فى حين كان الجهاز الدبلوماسى المصرى بكامل عنفوانه، إذ لم تنقطع الخارجية عن تاريخها قبل ثورة يوليو وحافظت على نسبة كبيرة من كوادرها المنتمين للطبقة الاجتماعية التى أطاحت بها الثورة المصرية آنذاك وبدأت فى استقدام أبناء الطبقة الوسطى ليكونوا جيلا آخر داخل المؤسسة الدبلوماسية..
وعن هذه المرحلة يقول السفير عبدالرؤوف الريدى سفير مصر الأسبق لدى واشنطن والذى انضم للخارجية فى أولى دفعاتها بعد ثورة يوليو: وقتها كان يتم التعاون بشكل منظم عن طريق إدارة الأبحاث فى الخارجية التى كانت تقوم بإرسال التقارير لمؤسسة الرئاسة ومنها إلى جهاز المخابرات الذى لعب أدوارا مهمة فى هذه الفترة على الرغم من حداثة نشأته آنذاك واستمرت العلاقة على هذا النحو وتميزت فى فترة السبعينيات
عبد الرءوف الريدى
بسبب وجود مستشار للأمن القومى وكان محمد حافظ إسماعيل هو وطاقم العمل الذى كان يعاونه ومنهم وزراء الخارجية السابقين أحمد ماهر السيد وعمرو موسى وأحمد أبوالغيط يقومون بعملية التنسيق بين دائرة الأمن القومى التى ترتكز على المؤسسة العسكرية ووزارة الخارجية وجهاز المخابرات، ورفض الريدى فكرة انتزاع دور الخارجية لصالح المخابرات أو العكس خلال السنوات العشر الماضية، وقال إنها متطلبات مهام تدفع بأدوار هذه أو تلك مستشهدا بأن «جورج تينت» وكان رئيسا للاستخبارات الأمريكية لعب من قبل دورا معلنا فى الصراع العربى - الإسرائيلى وقدم الورقة المعروفة بورقة «تينت» لحل النزاع الفلسطينى الإسرائيلى مؤكدا ضرورة عودة مجلس الأمن القومى ومستشار الأمن القومى مع قدوم رئيس جديد لمصر.
عمرو موسى
براءة المخابرات من النزاع على مقر الخارجية
لم يعرف مبنى حكومى فى تاريخ مصر كما من الأقاويل وحكايات النميمة حول قصته مثلما حدث مع مقر وزارة الخارجية الحالى على كورنيش النيل فى «ماسبيرو»، وطالما تغنى دبلوماسيون بقوتهم فى انتزاع هذا المقر من جهات عدة فى الدولة كانت تضع عينها عليه من بينها وزارة الإعلام والسياحة، والبعض كان يزج باسم المخابرات أيضا إلا أن المعلومات الدقيقة التى توافرت ل «روزاليوسف» فى هذا الشأن تؤكد أن المخابرات لم تدخل فى هذا الأمر من قريب أو من بعيد وأن الصراع الفعلى دار ما بين الخارجية والإعلام وكان على الأرض الفاصلة بينهما والتى أصبحت حديقة داخل وزارة الخارجية فيما بعد، إلا أن قصة هذا المبنى تستحق أن تروى وبدأت عندما خصص الرئيس جمال عبدالناصر الأرض لوزارة الخارجية دون أن يمدهم بالتمويل، ووقتها قام المهندس الاستشارى بعمل الماكيت الأساسى للمبنى بشكله الحالى وذهب به إلى المقر القديم لوزارة الخارجية «قصر التحرير» وهناك التقى بالملحق الدبلوماسى «عمرو موسى» وزير الخارجية الأسبق والأمين العام الحالى للجامعة العربية فاصطحبه موسى إلى مكتب وكيل وزارة الخارجية حينها وكان الدبلوماسى الكبير محمد حافظ إسماعيل وتوقفت عمليه البناء بسبب أزمة التمويل، إلى أن جاء وزير الخارجية إسماعيل فهمى وقدمت إليه هدية من أحد المبعوثين عبارة عن مليون جنيه فاستدعى مدير مكتبه وطلب منه استلام المبلغ واستخدامه فى بناء مقر الوزارة الجديد واستمرت عملية البناء 25 عاما وتصادف معها قدوم عمرو موسى وزيرا للخارجية، والذى قام بمفاجأة أعضاء مكتبه وأعضاء الوزارة بإبلاغهم الانتقال الفورى لمبنى ماسبيرو على الرغم من عدم جاهزيته اللوجيستية وإلا لن يدخلوه أبدا وبالفعل تم ذلك وهو الأمر الذى أثار غضب الرئيس السابق حسنى مبارك وهو ما استدعى عدم تعليق لوحة الإنشاء المعهودة فى مختلف المبانى الحكومية التى توضح فى أى عهد تم افتتاح هذا المبنى.
عمر سليمان أزمة لثلاثة وزراء خارجية
فى التسعينيات اختلف الوضع خاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك فى أديس أبابا وبزوغ نجم اللواء «عمر سليمان» نائب رئيس الجمهورية ورئيس جهاز المخابرات السابق، ويقول الدكتور مصطفى الفقى الذى عاصر هذه الفترة عن قرب من خلال موقعه كسكرتير الرئيس للمعلومات ثم سفيرا لمصر فى فيينا ومن بعدها مساعدا لوزير الخارجية قبل انتقاله للعمل البرلمانى تولى اللواء عمر سليمان رئاسة جهاز المخابرات عندما تم تعيين اللواء أمين نمر رئيس الجهاز الأسبق سفيرا لمصر فى الكويت عقب تحريرها عندئذ تولى سليمان المنصب وترك رئاسة المخابرات الحربية وحظى بثقة كبيرة من الرئيس السابق مبارك نظرا لكفاءته وهدوئه والتزامه الشديد بالتكليفات المحددة التى يتلقاها وبدأ مبارك يوكل ثلاثة ملفات رئيسية إلى جهاز المخابرات العامة وهى ملف النزاع الفلسطينى - الإسرائيلى وملف السودان إلى جانب ملف عربى عام أهم ما فيه ليبيا باعتبارها دولة جوار وظل سليمان مبعوثا شخصيا لمبارك إلى القادة العرب وللإدارة الأمريكية فى مناسبات مختلفة وامتد دور المخابرات العامة لكى يكون شريكا كاملا للخارجية بل ربما اقتطع أيضا جزءا من مسئولياتها الأساسية خصوصا بالنسبة لملفات دول الجوار وهو أمر لم يكن بدعة وأرساها العهد الناصرى عندما كان حسن صبرى الخولى هو الممثل الشخصى للرئيس جمال عبدالناصر مع وجود الخارجية كمؤسسة تقليدية ولكن كان هناك إحساس عام دائما بأن الموضوعات التى تحتاج قدرا من السرية فإن المخابرات أقدر عليها والواقع أن اشتغال المخابرات فى السياسة الخارجية ليست بدعة ومعمول به فى معظم عواصم العالم المتحضر ولكن المهم هو درجة التعاون بين جهاز المخابرات وبين الجهاز الدبلوماسى المعلن وهو ما يبدو واضحا حتى الآن فى ملفات السياسة الخارجية المصرية، وأضاف: ارتبطت فترة عمرو موسى بقدر من الاستقلالية النسبية للخارجية عن جهاز المخابرات واستمر الحال كذلك أيضا مع الوزير أحمد ماهر وازداد التعاون فى فترة أحمد أبوالغيط وأصبح مشهدا تقليديا أن نرى وزير الخارجية ورئيس المخابرات فى رحلات مكوكية فى العواصم المختلفة،
ابو الغيط
وقال: الآن لدى الدكتور نبيل العربى وزير الخارجية أكبر قدر من المرونة فى الحركة مقارنة بوزراء الخارجية الذين سبقوه وذلك لأن مبارك كان هو المسئول الأول عن ملفات السياسة الخارجية ويستخدم الخارجية والمخابرات فى تنفيذ السياسات التى كان يضع خطوطها العريضة، لذا فالوزير العربى بخبراته الطويلة ومكانته الدولية لديه ما لم يكن متاحا لأى ممن سبقوه وهو ما أتاح له أن يحدث اختراقات جديدة فى دور مصر الإقليمى خصوصا فيما يتصل بإيران والعلاقات مع إسرائيل وإعلانه مواقف قومية فيما يخص حصار قطاع غزة واحتمالات ترتيب جدول جديد لمعبر رفح الحدودى.
نبيل العربى
كانت ثقة مبارك فى سليمان بلا حدود وهى المسألة التى تناولها عديد من التقارير الإعلامية فى الصحف العالمية وذهبت بعضها إلى أن سليمان هو أقوى رجل مخابرات فى العالم وأنه بالفعل كان أزمة لثلاثة وزراء خارجية.. هكذا تحدث مصدر مصرى مطلع رفض ذكر اسمه لحساسية وضعه الوظيفى وقال إن عملية سحب الملفات من الخارجية وإسنادها للمخابرات بدأت قبل رحيل عمرو موسى من الخارجية إلى الجامعة العربية، وذلك بعدما اتخذ موسى عددا من المواقف المتتابعة تجاه إسرائيل فقامت الولايات المتحدة بإبلاغ مبارك بأنها لن تتعامل مع موسى مطلقا وطلبت منه ترشيح شخص آخر يباشر ملف العلاقة ووقع اختيار مبارك على عمر سليمان وبعدها جاء إلى الخارجية الوزير أحمد ماهر ولم يكن يريد صداما خاسرا فاستتبع ذلك سحب ملفات أخرى من الخارجية وفى مقدمتها ملف السودان، وأصبحت سيطرة الخارجية على الملف الفلسطينى شبه معدومة ثم جاء أحمد أبوالغيط ليتولى وزارة الخارجية وفوجئ بأنه لم يتبق له كوزير للخارجية سوى أن يذهب سنويا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة فسعى لصياغة علاقة جديدة تضع بها الخارجية أقدامها فى الملفات المسحوبة منها مدركا قوة عمر سليمان وصلابة علاقته بمبارك وبدأ أبوالغيط يدفع بالصندوق المصرى لدعم التعاون الفنى مع أفريقيا ليكون ذراع الخارجية فى جنوب السودان، واستتبع ذلك مباشرة الاتصالات الخاصة بعملية السلام كملف أصيل للخارجية فى حين ترك ملف المصالحة الفلسطينية لعمر سليمان، هذه العلاقة نتجت عنها التكليفات الثنائية التى كانت تضع وزير الخارجية فى الصورة مع رئيس جهاز المخابرات.
احمد ماهر
كلمة المخابرات هى الأوضح فى المجال المحيط بمصر
السفير محمد عاصم إبراهيم ارتبط اسمه بمنظومة الأمن القومى بداية من عمله فى مؤسسة الرئاسة مسئولا عن ملف إسرائيل ثم انتقاله للعمل الدبلوماسى فى جميع دول حوض النيل واختتمها سفيرا لمصر فى إسرائيل.. يرى من جانبه أن ملفات الأمن القومى أو الملفات السياسية الخارجية التى لها انعكاس على أمن مصر القومى كانت ملفات رئاسية فى يد رئيس الجمهورية وهو الذى يحدد الجهات التى تباشر التعامل معها، وفى النظام السابق رئيس الجمهورية اختار ألا يكون له نائب أو مجلس أمن قومى ولا عدد كبير من المستشارين وكانت سياسته أن يحكم من خلال الوزراء ورئيس مجلس الوزراء، ومثال ذلك موضوع مياه نهر النيل وهى «الأخطر» على الأمن القومى.. تم تكوين لجنة عليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء وكان بداخلها وزير الخارجية لأن لديه بعثات دبلوماسية لها تقديرها للموقف، وكذلك تضم وزير الموارد المائية والرى لأنه الذى يباشر عملية التفاوض بالإضافة إلى جهاز الأمن الخارجى أو «المخابرات» فضلا عن الخبراء والقانونيين، هذه اللجنة تجمع هذه الرؤى وتقدم توصياتها، ولكن علينا أن نلتفت أن العلاقة ما بين الخارجية والمخابرات هى علاقة جدلية موجودة فى جميع النظم بالعالم، فمثلا «هنرى كسينجر» كان مستشار الأمن القومى للولايات المتحدة ثم أصبح وزيرا للخارجية محتفظا بمنصبه فى الأمن القومى، لذا من الممكن أن تكون هذه العلاقة فى شكل تعاون وممكن أن تكون فى شكل تنافس وفى النهاية يتم الاحتكام لرئيس الجمهورية، وبالنسبة للوضع فى مصر ستلاحظ أن كلمة المخابرات كانت الكلمة الأوضح فيما يتعلق بدول الجوار، سواء فلسطين وإسرائيل أو السودان أو ليبيا إنما لا تدخل فى أمور تخص العلاقات مع أمريكا اللاتينية أو المسائل الخاصة بالأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبى لأنها ملفات دبلوماسية بحتة يصعب للمخابرات أن يكون لها دور حيوى فيها إنما تكون متواجدة فى مجال خط الدفاع المحيط بمصر والخارجية أيضا تكون متواجدة ولها رأى كجزء من منظومة الأمن القومى، وحسب «معلوماتى» فإن اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات السابق كان على علاقة جيدة بجميع وزراء الخارجية السابقين وكان بينهم تعاون، قد يختلفون فى بعض الأحيان فى وجهات النظر أو التقييم ووقتها يتم العودة إلى رئيس الجمهورية وبدوره كان يحدد السياسة التى سيتم اتباعها وسواء كانت هذه السياسة صائبة أو خاطئة إلا أن ذلك ما كان يحدث أما الحديث عن «سرقة الورق» وانتزاع الملفات فهذا أعتبره ترفا فكريا وإحداث للوقيعة لأن هناك دولة مصرية لها أجهزتها ومؤسساتها بغض النظر عن الأنظمة الحاكمة، كما أنه من الممكن أن تجد خلافات فى وجهات النظر داخل الطاقم الدبلوماسى فى أى بعثة أو سفارة مصرية وقد تجد أيضا أمرًا مشابهًا داخل طاقم المخابرات فى أى مكان.
الجميع يعمل داخل منظومة واحدة، وأعتقد أن ما يقال عن احتكار المخابرات للخارجية وأنها استولت على ملفاتها كلمة ليست سليمة.
المخابرات لم تنفرد بالقرار عبر تاريخها
سامح سيف اليزل
فى حين قال اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمنى والاستراتيجى: يجب أن نعلم أن المخابرات جهاز دولة هدفه الأساسى الحفاظ على الأمن القومى المصرى وخدمة السياسة الخارجية لمصر على جميع الأصعدة وجميع الدول وليس فقط دول الجوار، سواء كانت دولاً عربية أو غيرها، والمخابرات المصرية فى تاريخها لم تكن يوما منفردة بالقرار فى أى موضوع كلفت به، بل على العكس خلقت صيغة تعاونية مع مختلف أجهزة الدولة المعنية خاصة وزارة الخارجية فى جميع الملفات السياسية المكلفة بها، ومؤخرا وعندما كلفت المخابرات بملف «مياه النيل» كان هناك تعاون مع الجهات المعنية مثل وزارة الرى والموارد المائية وكذلك وزارة الخارجية والتى لم يتم إغفال دورها فى أى من الملفات المسندة للمخابرات، وأعتقد أن المخابرات كانت تجربتها ناجحة فى الملفات التى أسندت إليها كما أن الطرف الآخر - أى الدول الموكل للمخابرات ملفاتها - كانت ترحب بهذا الدور وتعاونت بشكل جيد وظهر هذا التعاون فى كثير من الأحيان بنتائج ملموسة رضيت بها جميع الأطراف.. من هنا يكون القول بأن المخابرات انفردت بدور الخارجية أو انتزعت ملفاتها أراه قولا خاطئا والتجربة والخبرة العملية أثبتت عدم صحته.
مصطفى الفقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.