ذاكرة الأمة هي حافظة التاريخ تهدف لتقوية الهوية, هكذا أكد الدكتور محمد العزيز بن عاشور. مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من خلال المحاضرة التي القاها في المنتدي الثقافي المصري وأدارها السفير أحمد الغمراوي, وحضرها العديد من المثقفين والأدباء والمفكرين المصريين والعرب. حيث أفصح بن عاشور عن جائزة عربية كبري للتراث أطلقوا عليها الالكسو بهدف دعم التراث باعتباره رمز الذات ومكونا أساسيا للهوية العربية. وقال مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إن الجائزة تهدف إلي دعم الانجازات البارزة وتقديم الأعمال النموذجية في مجال الحفاظ علي التراث بشعبتيه المادية وغير المادية مع الاستخدامات الحديثة لتكريم الباحثين والمهنيين والمتخصصين وتشجيعهم وحثهم علي مزيد من الاسهام في تنمية التراث وتنشيط ذاكرة الأمة في الوطن العربي, باعتبارها بيت الخبرة التي تعمل علي بلورة الخطاب الثقافي الجديد وتعزيز المهارات ونشرها عبر الحدود, فالجائزة تستجيب إلي تأكيد دعم التراث كعنصر استراتيجي من التنمية المستدامة, وأوضح ابن عاشور أن الجائزة تبلغ قيمتها المالية05 ألف دولار أمريكي بالإضافة إلي وسام وشهادة تقدير موقعة من المدير العام للمنظمة. وحددت المنظمة مجالات الجائزة في البحوث والمشاريع المنجزة للمحافظة علي الآثار والتراث, والصيانة والترميم والمتاحف والأحياء والتثمين بما في ذلك احياء الصنائع التقليدية في البناء والزخرفة وغيرها من مجالات التراث المعماري. وفي سؤال ل الأهرام حول العديد من المدن الأثرية العربية التي يهددها العنف المسلح والتداعيات العسكرية وما دور الالكسو في حماية هذه الأثار؟ أجاب بن عاشور: قائلا التراث هو من صلب عمل واهتمام الالكسو, حيث وضعت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في أواخر ثمانينات القرن الماضي الخطة الشاملة للثقافة العربية, فأفردت للتراث صفحات عنها, ضمنتها قراءة جديدة للتراث, نحن نعلم ان التراث ليس جزءا ساكنا من الماضي بل هو حركة لازمة في صياغة الحاضر وبناء المستقبل, والتراث هو السؤال الصعب في الثقافة بل في الحياة الحضارية والتنموية علي مختلف الأصعدة سواء السياسية أو الاجتماعية والاقتصادية وغيرها, لذلك كله كان هذا التوجه نحو خطة شاملة استراتيجية خاصة بالتراث تكشف عن طبيعة علاقتنا به وتستكشف خريطته وتضاريسه وتحدد ميادين عمله وترسم سلم أولوياته وتقنن الجدل القائم بينه وبين الثقافة وبينه وبين الحداثة والعولمة والاعلام والتربية والتعليم وثورة الاتصالات وقضايا العصر جملة. وفي الحقيقة فان التراث كامن في مجتمعنا وشخصيتنا كجزء يسري فيها سريان الدم في الجسم, إننا نحاول توليد صيغ ثقافية جديدة من خلال التراث الماضي, وهو التحدي الذي يطرحه العصر علي الثقافة العربية, وفي هذه الصيغ الجديدة تكمن الأصالة وتكمن القدرة علي الحياة الحديثة, ولابد هنا من التذكير بأن التراث بمفهوميه المادي واللامادي يشكل كلا لا يتجزأ, فالتراث المادي مثلا أي المعالم والمواقع والتحف الأثرية والفنية هو أكثر بكثير من ان يكون سوي مادة من حجارة أو معادن أو طين إذ هو تعبيرات مادية لمعتقدات وسلوكيات وقيم ومفاهيم جمالية ورموز كانت تمتاز بها الشعوب والحضارات في كل مراحل, تطورها لذلك فانه يحق لنا القول إن التراث الثقافي المادي واللامادي هو فعلا مرآة صادقة تعكس سمات المجتمعات والحضارات أضاف بن عاشور قائلا للأسف فان أوضاع التراث الثقافي المادي العربي تبدو غير باعثة علي الاطمئنان في ظل العنف المسلح والنزاعات العسكرية رغم الجهود المبذولة من قبل الدول والمنظمات الدولية, كما ان التحولات العميقة التي يشهدها العالم في ظل العولمة وأسلحة الاختراق الإعلامي تبدو أشد وطأة واعمق تأثيرا علي التراث اللامادي منه علي التراث المادي, وبناء علي ذلك أولينا في المنظمة مسألة الحفاظ علي التراث الثقافي وجعلناه في موقع الصدارة في مخططاتنا وبرامجنا, كما أننا بصدد اقامة ندوة كبري خلال شهر أكتوبر بالتنسيق مع الدول العربية لرصد الأماكن الأثرية التي أصيبت خلال الفترة السابقة مع وضع برامج محددة ومشاريع خاصة لحماية هذه المدن والأماكن الأثرية من الاعتداء والمحافظة عليها. وأشاد بن عاشور بالربيع العربي المتجدد والذي يتجول في الوطن العربي ويهدف إلي مزيد من الحرية والديمقراطية, مشيرا إلي ان هناك روحا جديدة ويقظة غير مسبوقة تؤسس لرؤية واضحة عصرية.