العريش من أحمد سليم: في محافظة شمال سيناء تم إنفاق الملايين من الجنيهات عبر السنوات الماضية لتطوير مستشفي العريش العام من مبان وتجهيز غرف الإنعاش والعمليات فيخيل إليك بمجرد النظر الي مبني المستشفي من الخارج أنك تقف أمام فندق خمس نجوم. ويزداد هذا الاحساس بمجرد دخولك لمبني الاستقبال فكل شيء معد علي أحدث الطرز الهندسية, ولكن سرعان مايتلاشي هذا الإحساس إذا كنت مصطحبا مريضا, فالمهارات الطبية غير متوافرة بالدرجة الكافية, وإذا كان المريض يحتاج الي عملية فقد يتم تحويلك فورا الي مستشفي الإسماعيلية, وهناك تنتظر قدرك من تواجد غرف خالية أم لا, وإذا لم يكن فيتم تحويلك الي مستشفي الزقازيق بمحافظة الشرقية. وقد يختلف الأمر بمستشفي رفح والشيخ زويد فظاهرها من مبان يدل علي جوهرها من نقص في الخدمات الطبية, فرحلة المريض بمدينة العريش قد تكلفه حياته. في البداية تتكرر الشكاوي وبصفة يومية من أهالي العريش وشمال سيناء من الإهمال وتجاهل حل مشاكلهم بقطاع الصحة, فيحدثنا رفعت محسن عن حالة أحد اقاربه الذي فارق الحياة نتيجة الإهمال بقوله: إن صديقه محمد رشاد, اصيب بدوار وهو يهبط سلم منزله فسقط ليصاب بكسر في الجمجمة ونزيف في المخ وهو ما أكدته الأشعة في مستشفي العريش وهو الشيء الايجابي الوحيد في هذا المستشفي, حيث إن المستشفي ليس به إخصائي مخ وأعصاب, وغير مجهزة لاستقبال مثل هذه الحالات, والعناية المركزة كاملة العدد, والحل سيارة اسعاف علي نفقة المريض لنقله الي مستشفي الإسماعيلية, دون تنسيق ودون اتصال لمعرفة إذا كانت حالتها مثل حالة مستشفي العريش أم لا؟!.. والمريض ينزف ويصل الي مستشفي الإسماعيلية ليفاجأ أهل المصاب بأن غرفة العناية المركزة أيضا كاملة العدد, ويظل المريض4 ساعات في غرفة تسمي غرفة الافاقة, علي أمل أن يخلو مكان في العناية المركزة, إلا أنه لا أمل. اتصال من الإسماعيلية لمستشفي الزقازيق الجامعي, وبالواسطة يتم ادخال المصاب الي غرفة العناية المركزة,21 ساعة والمصاب ينزف ليدخل في غيبوبة بعد أن دخل مستشفي العريش وهو واع كل أطباء مستشفي الزقازيق ومستشفي الإسماعيلية أكدوا إهمال مستشفي العريش وخطورة نقل المصاب بدون جهاز تنفس. ويضيف رفعت: إذا كانت هذه مجرد حالة واحدة, فما هو الحال إذا حدث لا قدر الله حادث أتوبيس, أو سقوط عمارة, أو انفجار لغم من بقايا حرب؟! وكان المصابون بالجملة. أما المعاناة الثانية التي يعانيها مرضي الغسيل الكلوي بالعريش رغم تطور الأجهزة وإقامة المستشفي علي أحدث النظم الطبية, إلا أن المشكلة كما يحدثنا أحد المرضي سامي قيشاوي: أعاني من فشل كلوي وأغسل بمستشفي العريش العام وتدهورت صحتي بدرجة كبيرة فذهبت الي القاهرة, وقال لي الطبيب إن المشكلة لديك هي انك تحتاج لغسيل كلوي فاخبرته إنني أفعل ذلك بمستشفي العريش, فقال إن الأمر لا يدل علي ذلك, وبالفعل قمت بغسيل كلوي باحد مستشفيات القاهرة وتحسنت حالتي الصحية بدرجة كبيرة وتبين بعدها أن مشكلة الغسيل الكلوي بمستشفي العريش أن الأجهزة تحتاج الي فلاتر خاصة ومواد كيميائية متطورة, وهي غير متواجدة بالمستشفي ويرجع ذلك الي نقص الخبرة, فعلي الرغم من وجود أجهزة إلا أن العمليات الفنية أهم بكثير من وجود الجهاز نفسه. اما المعاناة الحقيقية التي يعانيها مرضي الفشل الكلوي في مدينة رفح والشيخ زويد ولعلها الأكثر في اعداد المصابين بهذا المرض علي مستوي الجمهورية وليس المحافظة ويرجع السبب في ذلك الي قيام المواطنين بالشرب من مياه الآبار غير الصالحة لعدم وجود المياه العذبة بقراهم حسبما يؤكد محمد المنيعي من سكان مدينة رفح والمصاب بفشل كلوي. اما جراحة القلب وتركيب دعامات فهي المشكلة الأكبر بجميع مستشفيات العريش فتعرض أي شخص للجلطة في القلب يعني الاسعافات الأولية فقط أما إذا ما احتاج الي تركيب دعمات للقلب فإن القضية تصبح بعيدة المدي وعلي المريض أن يسارع في الذهاب الي المستشفيات الخاصة بالقاهرة لتركيب هذه الدعامة. والمشكلة التي يواجهها مستشفي العريش حاليا هو كثرة هروب الاطباء والهجرة العكسية حسبما يؤكد الدكتور عاطف عافية وكيل وزارة الصحة بشمال سيناء أن هناك عجزا في عدد الأطباء المكلفين بالعمل داخل المحافظة وانقطاع بعضهم عن العمل. وخاصة في تخصصات طبية مهمة منها المخ والأعصاب والعناية المركزة والعظام بالاضافة الي عدم وجود خط للمياه العذبة داخل المستشفيات نظرا لانقطاع المياه, وكذلك انقطاع الكهرباء في مستشفي رفح بصورة كبيرة مطالبا بضرورة إنشاء وحدة قسطرة للقلب داخل مستشفي العريش العام نظرا لأن أكثر من الف حالة تم تحويلها الي مستشفيات خارج المحافظة لتلقي العلاج اللازم مما يرهق المرضي.