أكد وزير الخارجية الروماني تيودور باكونسكي أن زيارته للقاهرة ستدفع العلاقات بين مصر ورومانيا نحو تعاون أكبر خصوصا في المجال الاقتصادي, وأوضح باكونسكي خلال حوار ل الأهرام في ختام زيارته للقاهرة أن رومانيا ستحث الاتحاد الأوروبي علي دعم مصر. لإعادة هيكلة مؤسساتها لترسيخ الديمقراطية والحرية, معتبرا أن الثورات التي حدثت بالمنطقة انقلاب في التاريخ ويمكنها أن تزيل الانطباع الموجود لدي الغرب بأن الإسلام غير متوافق مع الديمقراطية. وفيما يلي نص الحوار: * ما تقييمك لنتائج زيارتك إلي مصر علي ضوء المباحثات واللقاءات التي أجريتها ؟ { أري أنها كانت زيارة مفيدة جدا لدفع العلاقات بين رومانيا ومصر نحو تعاون أكبر في مختلف المجالات خصوصا المجال الاقتصادي, حيث إن حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يتناسب مع تاريخ العلاقات بينهما, فخلال العام الحالي سنحتفل بمرور106 أعوام علي إقامة العلاقات الدبلوماسية بين رومانيا ومصر, وقد لمست من الجانب المصري حرصا علي تنمية تلك العلاقات والآمال كبيرة في هذا الاتجاه, فنحن متفائلون ومقتنعون أن مصر ستستطيع أن تستفيد من هذا المستقبل المشرق الذي فتحت الثورة الطريق إليه. * برغم أنك توليت منصب وزير الخارجية منذ ديسمبر2009 فإن هذه الزيارة هي الأولي لك إلي القاهرة, كما أنها تأتي بعد مرور ما يقرب من خمسة أشهر علي اندلاع ثورة25 يناير.. ألا تري أن الزيارة جاءت متأخرة؟ { لا أعتبرها زيارة متأخرة فأنت تعلم أن رومانيا انضمت إلي الاتحاد الأوروبي عام2007, وكان من الطبيعي أن نتجه نحو شركائنا الأوروبيين وأن يصبح اقتصادنا مرتبطا أكثر بدول الجوار في القارة, ولا يختلف الأمر في السياسة عنه في الاقتصاد, لكننا نتطلع إلي علاقات مختلفة مع مصر الجديدة, وقد استعرضت خلال لقائي مع وزير الخارجية السابق الدكتور نبيل العربي تجربة رومانيا في إدارة المرحلة الانتقالية والتحول نحو الديمقراطية, وعرضت تقديم خبراتنا في هذا المجال, حيث مررنا بظروف مشابهة لما يجري الآن في مصر عقب الثورة الرومانية في1989. * هل تري تشابها بين الثورتين الرومانية والمصرية علي الرغم من الفارق الزمني الكبير بينهما؟ { هذا الفارق الزمني تمثل في التفاصيل لكن الخطوط العريضة كانت واحدة, فالثورتان قامتا من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية فهما متشابهتان في الأسباب, فالذين نزلوا إلي ميدان التحرير كانوا يعبرون عن سخطهم علي الفساد وغضبهم من غياب العدالة وكذلك من نزلوا إلي الشوارع في رومانيا عام1989, لكن ما بعد الثورة يختلف بالطبع بين رومانيا ومصر فلدينا كان الهدف أن نصبح مثل دول أوروبا الغربية ونطبق ذلك النموذج في الديمقراطية والاقتصاد الحر ثم كان الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي بعد تطبيق المعايير الخاصة به, كما اتسمت تلك الفترة بعنف كبير في رومانيا, أما مصر فلها خصوصية في محيطها العربي والإفريقي ويجب أن تفرز النموذج الديمقراطي المناسب لها في ظل الأدوار التي تلعبها ودورها في المنطقة, وأري أن ذلك لن يتأتي إلا بحوار شفاف بين كل أطياف المجتمع المصري وجميع القوي السياسية. * ما أهم الأولويات التي يجب الحرص عليها خلال الفترة الانتقالية في مصر من وجهة نظرك؟ { أري أنه يجب ألا يكون هناك أي تهاون مع المتورطين من أجهزة الأمن في تعذيب المواطنين خلال السنوات الماضية, علي أن يكون التعامل مع هذه الأمور من خلال القضاء لأنها جرائم لا تسقط بالتقادم, كما أنه لا يمكن قبول أعذار أو تبرير لما حدث في النظام السابق لأن التعذيب جريمة ولابد أن تكون هناك عقوبة علي كل جريمة من خلال محاكمة عادلة, لأن التعذيب ليس حادثا عارضا. * كيف تستطيع رومانيا أن تدعم مصر في هذه المرحلة بشكل عملي بالإضافة إلي عرض تجربتها؟ { الدول الأوروبية تعاني أزمة مالية ربما لن تتيح لها تقديم مساعدات مالية مباشرة, لكن رومانيا ستحث الاتحاد الأوروبي علي تقديم مساعدات لإعادة هيكلة المؤسسات المصرية لتعمل علي ترسيخ الديمقراطية والحرية, فمصر الآن مجتمع يبحث عن طريقه الخاص, ولهذا الطريق ملامح أساسية تتمثل في دستور جديد ورئيس جديد, ومن الضروري أن يتم كل ذلك في إطار الحوار وبشكل سلمي دون اللجوء إلي العنف الذي لا يحل أي مشكلة بل يفاقم الموجود منها, ومن المقرر أن يزور وفد من رجال الأعمال الرومانيين مصر قريبا لبحث إمكانية الاستثمار بها, فهناك مجالات كثيرة للتعاون منها السياحة والتكنولوجيا والإلكترونيات والخدمات الصحية, وفي المقابل أيضا سنمنح تسهيلات في السفر إلي رومانيا لرجال الأعمال المصريين الذين يرغبون في الاستثمار برومانيا. * في محاضرتك بجامعة القاهرة أشرت إلي أن انضمام رومانيا للاتحاد الأوروبي أدي إلي انتقال آلاف الأطباء من رومانيا للعمل في دول أوروبا الغربية سعيا وراء الرواتب الكبيرة.. فماذا استفادت رومانيا من دخولها الاتحاد الأوروبي؟ { في العلاقات الدولية لا يمكن أن يكون هناك طرف يمنح كل شيء وطرف آخر يأخذ فقط, فقد استفادت رومانيا من انضمامها للاتحاد الأوروبي وتحققت لها إيجابيات كثيرة, من بينها الحفاظ علي الديمقراطية, والفصل بين السلطات التنفيذية والتتشريعية والقضائية, وتحسين الأوضاع الاقتصادية وفتح الطريق أمام العمالة الرومانية, إضافة إلي استقبال رومانيا لاستثمارات أوروبية كبيرة, لكن من السلبيات ما ذكرت من انتقال بعض الفئات المتعلمة والمتخصصة للعمل في دول أخري. * بوصفك دارسا للأديان المقارنة.. هل تري أن بروز قوي سياسية جديدة أفرزتها ثورة25 يناير في مصر وغيرها من الثورات الشعبية في المنطقة العربية يمكن أن تجعل الدول الأوروبية تعيد حساباتها خصوصا فيما يتعلق ب'الإسلاموفوبيا'؟ { الدول الأوروبية ومن بينها رومانيا تتطلع إلي علاقات خاصة مع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا, لأنها أقرب الدول جغرافيا لها, وهناك علاقات تاريخية بين الجميع وستكون الدول الأوروبية الأكثر ترحيبا بوجود أنظمة ديمقراطية في هذه المنطقة, فنحن لانستطيع ولا يمكن أن نكون ضد أي فصيل يصل إلي السلطة عبر انتخابات نزيهة وشفافة لكننا ضد أي تيار راديكالي أيا كان انتماؤه, والثورات التي حدثت في المنطقة انقلاب في التاريخ ويمكنها أن تزيل الانطباع الموجود لدي الغرب بأن الإسلام غير متوافق مع الديمقراطية. * لعبت رومانيا في أوقات سابقة دورا مهما في عملية السلام بين العرب وإسرائيل.. فأين رومانيا الآن من هذه القضية؟ { تحقيق السلام في الشرق الأوسط يمثل أهمية خاصة بالنسبة لرومانيا, ولحسن الحظ نتمتع بقبول من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لأننا نقف علي مسافة واحدة منهما, لذلك يمكن أن نلعب أي دور فكما لنا علاقات طيبة مع الدول العربية والفلسطينيين لدينا أيضا علاقات مع إسرائيل, ونري أنه لا يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة دون ضمان الحفاظ علي أمن إسرائيل.