بعد ثورة 25 يناير آن الأوان لإعادة رؤيتنا للتعليم فى مصر ورسم خطط عملية جادة لبناء النظم التعليمية، بما يحقق إنشاء دولة حديثة متقدمة حرة ديمقراطية علمية صناعية زراعية، وإقرار أن العملية التعليمية ليست مسئولية الحكومة فقط، بل مسئولية مشتركة بين مؤسسات الدولة والدور المحورى للأسرة ،خاصة أن الدول المتقدمة بالغرب يحتل التعليم أكبر بنود ميزانيتها الفلكية. وإذا مانظرنا إلى واقعة مأساة التعليم فى مصر فسوف نجد جبلا تتراكم فيه المشاكل فوق بعضها البعض، بدءا من أمية الكبار، وعدم استيعاب الأطفال فى سن التعليم الإلزامي، ومشكلة التسرب وسوء حال الأبنية التعليمية، وتدهور أحوال المعامل، وبؤس حال المعلم ماديا وتراجع مستوى كفاءته، وكارثة الدروس الخصوصية ولا يمكن أن يكون هناك إصلاح بمجرد تعديل المناهج التعليمية، وإنما باعتماد خطة شاملة تستهدف إحداث تغييرات جذرية. ويقترح الدكتور جلال السعيد الأستاذ بطب القاهرة إعادة تشكيل مراحل التعليم فى مصر بأن تكون مرحلة التعليم الأساسى (9 سنوات) من سن السابعة إلى السادسة عشرة، ويكون إلزاما ومجانيا للجميع، لأنه حق دستوري، ويتلقى فيه الطالب الأسس التى يحتاجها من العلم، بمن فيهم من يرغبون فى اختصار رحلة التعليم فى حالة الرغبة فى الالتحاق سريعا بالحياة العملية، حيث يدرس الطالب، إضافة إلى العلوم الأساسية، اللغة العربية ولغة أجنبية أخرى والكمبيوتر وإدارة الأعمال، إضافة إلى الرياضة البدنية، ومباديء النظام العام للدولة والدستور، ويتربى على الالتزام بالقانون ،وفهم حقوق الإنسان واحترام الآخر. وبعد هذه المرحلة الأساسية للجميع، يختار الطالب أن يتوجه فى مسار من أثنين، إما أن يلتحق بالتعليم الفني، على أن تخطط الدولة لاجتذاب الأغلبية من الطلاب، ما لا يقل عن 80% منهم، وإما أن يلتحق بالتعليم العام. والتعليم الفني، فيجب أن توليه الدولة عناية فائقة، بتأسيسه على مرتكزات متقدمة وقابلة للتطور باستمرار ليستوعب تقنيات العلوم الحديثة أولا بأول. كما يقترح أن تكون مرحلة التعليم الفنى الأولى (سنتين) وسوف يتشجع الكثيرون على الالتحاق بها فى ظل نشر الوعى فى صفوف الطلاب وأولياء الأمور بأهمية التعليم الفنى للدخول فى الحياة العملية مباشرة فى مقتبل العمر ودون الانخراط فى الدراسة الجامعية. ويضم المنهج الدراسي، إضافة إلى استمرار مقررات المرحلة السابقة، برامج تدريب مهنى تلبى احتياجات خطط التنمية الاقتصادية فى البلاد، ويتدرب فيها الطالب على تشغيل وصيانة الأجهزة والمعدات، مع ضرورة أن تتوافق طبيعة الدراسة مع نوع الطالب ذكرا أو أنثي. ويشير إلى ضرورة التنبيه إلى أنه فى العالم المتقدم لا يعمل فنى أو حر فى مجال ما إلا بعد حصوله على شهادة فى التخصص تكون شرطا لحصوله على تصريح بمزاولة العمل. ويضيف الدكتور جلال فى اقتراحه أن تكون مرحلة التعليم الفنى العالى (سنتين) للطلبة الراغبين فى تطوير المهارات، ويتلقى فيها الطالب علوم التكنولوجيا والصناعة الهندسية الحديثة، ويتدرب على صناعة وإصلاح الأجهزة والمعدات. ويشير إلى أن التعليم العام، الذى هو بديل عن مسار التعليم الفني، لا يلتحق به إلا الطلاب المتفوقون من مرحلة التعليم الأساسي، شريطة ألا يزيد عددهم على 20% من إجمالى من أنهوا التعليم الأساسي، ويدفع الطالب مصروفات لا تتجاوز التكلفة الحقيقية للعملية التعليمية، ويستثنى من المصروفات الطالب المتفوق الذى يحصل على منحة مجانية ويسير التعليم العام فى الطريق المؤدى إلى الجامعة، التى يتخرج فيها سنويا نسبة تشكل أقلية مقارنة بمن أنهوا التعليم الفني، ليتحقق بذلك التوازن فى تخصصات خريجى العملية التعليمية الذى نراه فى الدول المتقدمة.