يبلغ إجمالي ما تستهلكه مصر من القمح نحو41 مليون طن سنويا بمعدل استهلاك571 كجم للفرد لسكانها البالغ عددهم ثمانين مليون نسمة. يستخدم هذا القمح بشكل أساسي في تصنيع الخبز سواء المدعم أو الحر, بالاضافة إلي فينو المدارس والمهم لطلاب المدارس والجامعات. ومختلف الفئات العمرية ثم الفينو والمخبوزات الحرة سواء الراقية أو الشعبية. وبخلاف هذه المخبوزات يستخدم القمح أيضا لتصنيع المكرونة بشكل أساسي وهي سلعة إستراتيجية مهمة وتشكل مكونات رئيسية علي المائدة المصرية وكبديل إستراتيجي وتبادلي مع الأرز, وارتفاع أسعار كليهما كما هو حادث الآن يؤدي إلي زيادة الضغط علي الرغيف خاصة المدعم منه لكونهما أيضا بديلين مهمين للخبز وهذا الضغط علي الرغيف يؤدي إلي زيادة الضغط علي البقول والبطاطس وباقي سلسلة الغذاء التي تؤكل مع الخبز في حين لا يقدم الخبز مع الأرز أو المكرونة. تبلغ كميات القمح التي تطحن شهريا لانتاج الرغيف المدعم نحو057 ألف طن بإجمالي9 ملايين طن سنويا بما يمثل56% من إجمالي استهلاك القمح في مصر, ويضاف إليها نحو طنين علي الأقل من القمح للرغيف الحر وفينو المدارس الشعبي حيث يخفف الرغيف الحر الضغط علي الرغيف المدعم بنسبة52% علي الأقل ويؤدي ارتفاع اسعاره دوريا سواء بسبب جشع منتجيه أو لعدم وجود رقابة فعلية عليه إلي عودة مستهلكيه إلي الرغيف المدعم بما يزيد من طوابيره ومشاحناته ويضغط علي اقتصاديات الدولة ويزيد من أعباء الدعم. وبالمثل أيضا فإن فينو المدارس أو الفينو الشعبي من الأهمية بمكان وعادة ما تضطر الدولة إلي إعادة دعمه في حال الارتفاع الكبير في أسعار القمح عالميا أو ارتفاع أسعار الدولار نظرا للغالبية الشعبية التي تستخدم هذه النوعية وهو ماحدث من قبل في عامي5002, ثم8002 وقت ما عرف في الأخيرة باسم شهداء طوابير الخبز. من الواضح الآن ان الخبز يستهلك نحو11 مليون طن سنويا( مدعم وحر ومطاعم), وأن المكرونة لا تقل أهمية عن الخبز وبديل جيد له, وبالتالي فإن إجمالي استهلاكنا من الخبز والمكرونة يصل إلي31 مليون طن والمليون الباقية للمخبوزات الراقية والدقيق المنزلي. الشفافية في الأرقام المعلنة خاصة خلال السنوات الخمس الماضية بشأن إجمالي إنتاجنا من القمح تصل إلي أدني مصداقياتها لأن إجمالي واردات مصر من القمح خلال العامين الأخيرين وصل إلي أكثر من عشرة ملايين طن ومع ذلك تصر وزارة الزراعة علي أن إنتاجنا من القمح يصل إلي8 ملايين طن وكأن الحسابات العلمية الدقيقة عن إجمالي استهلاكنا من القمح البالغة41 مليونا غير صحيحة ولكنها بالفعل صحيحة ولكن الحقائق تشير إلي أن إنتاجنا من القمح في العامين الآخيرين قد تدهور كثيرا ولم يتجاوز4 ملايين طن سنويا وهو ما تفضحه قيمة وارداتنا من القمح. الأمر الثاني الذي يفضح إجمالي إنتاجنا من القمح هو ما يورد إلي الدولة من القمح المحلي كل عام والذي لم يتجاوز1.2 مليون طن في العام الماضي, وخلال السنوات الخمس الماضية لم يتجاوز4.2 مليون طن ومازال أعلي رقم توريد مسجل في مصر عام5002 في عهد الوزير أحمد الليثي بمعدل3 ملايين طن فقط. فإذا كنا ننتج ثمانية ملايين طن فاين يذهب باقي إنتاجنا؟ وليس من الصحيح الافتراضي بأن الفلاح يبيع ربع إنتاجه فقط من القمح ويخزن الباقي لأن هذا غير كاف لسداد إيجار أرضه ولا تكاليف السماد والمبيدات والعمالة والحصاد والدراس, كما أنه لن يكون كافيا لتكوين سيولة مالية للإعداد للزراعة الصيفية التالية والتي تتطلب سداد0002 جنيه لايجار الأرض في العروة الصيفية وألفين مثلهما للإنفاق علي التقاوي والأسمدة والعمالة وإعداد الأرض بخلاف اعباء المنزل والأسرة خلال الأشهر الستة القادمة, وهذا ما يوضح قصور الشفافية في الاعلان عن حقيقة إنتاجنا من القمح ومعدلات التوريد إلي الدولة. فإذا كان معدل توريد القمح للدولة خلال السنوات الست الماضية من القمح المحلي لم يتجاوز5.2 مليون طن سنويا في المتوسط, والقول بأن احتياجنا من القمح لانتاج الخبز هو فقط9 ملايين طن وهذا غير صحيح لأنه بالرغيف الحر يصل إلي11 مليون طن مع عدم إهمال طنين آخرين للمكرونة لأهميتها الاستراتيجية فإن القول بأن إنتاجنا من القمح يصل إلي8 ملايين طن سنويا وأنه يمكن خلال عامين فقط الوصول به إلي9 ملايين طن لهو قول غير دقيق ونظري, ويبتعد بنا تماما عن منظومة استهلاك الغذاء في مصر, والتي يسجب فيها القمح ومنتجاته نحو05% من مكونات المائدة المصرية. اصطلاح الاكتفاء الذاتي من القمح لا يطلق إلا علي الكميات الكلية لاحتياجات الدولة ولا يجوز تقسيمها إلي اكتفاء ذاتي في الخبز المدعم وآخر في الخبز الحر, وثالث في الفينو والمخبوزات والدقيق ورابع في قمح المكرونة لان كلا منها مجرد احتياجات من إجمالي اكتفاء ذاتيا. وبالتالي فإذا كان موسم الحصاد لم ينته وموسم توريد القمح يستمر حتي نهاية يوليو فإن من العقل إن إجمالي إنتاجنا من القمح لم يتحدد بعد علما بأن إجمالي سعاتنا التخزينية للمخزون الاستراتيجي للقمح تكفي لمدة ستة أشهر بما يعادل7 ملايين طن. كلية الزراعة جامعة القاهرة المزيد من مقالات د.نادر نور الدين محمد