لم أجد تشبيها للبيان الصادر عن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي مساء الخميس الماضي سوي وصف العسل المر.. وربما تأتي هذه التسمية لإختلاط أمور مطمئنة بأخري مقلقة. فتثبيت عائدي الإيداع والإقراض مرة أخري سبقتها مرات عديدة يشير إلي ثبات الوضع الإقتصادي ومعدلات التضخم بما لا يدعو لتدخل من المركزي سواء برفع او خفض العائد, وهو ما يعني أن أمورنا مستقرة بالرغم من حالة المخاض الصعب التي يعانيها الإقتصاد المصري.. معدلات التضخم لازالت مقبولة حيث إنخفض المعدل السنوي للتضخم العام إلي11.79% خلال مايو الماضي مقابل12.07% خلال إبريل. بينما إرتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي بزيادة طفيفة للغاية ليصل إلي8.81% في مايو مقابل8.76% في إبريل.. وقد أوضح البيان في صيغة تحذيرية أن الأوضاع الخاصة بالتضخم قابلة للتغيير نتيجة الإرتفاعات المتفاوته في أسعار السلع الغذائية, وعدم مرونة في أليات العرض, وإختناق في قنوات التوزيع للسلع المختلفة, والزيادة المحتملة في أسعار السلع الغذائية العالمية, كل ذلك في حال إستمراره سيؤدي لزيادة المخاطر المحيطة بمعدلات التضخم. وإذا كان ثبات الوضع يمثل من وجهة نظرنا الجانب المريح إلا أن ما كشف عنه البيان فيما يتعلق بأوضاع الإقتصاد ومعدل النمو في الناتج المحلي يمثل الجانب المر أو غير المطمئن في بيان المركزي. حيث أشار إلي إنكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو4.2% في الربع الثالث من العام المالي الجاري والمتمثل في الشهور من يناير الي نهاية مارس2011, مقارنة بحجم الناتج المحلي في الربع المماثل من العام المالي الأسبق, مسجلا بذلك أول معدل نمو سالب منذ إتاحة البيانات الربع سنوية عن معدلات النمو منذ العام المالي2001/.2002 وبالرغم من التوقعات بانخفاض ملحوظ في النشاط الإقتصادي في بداية أحداث الثورة إلا ن الإنخفاض الفعلي جاء أكبر مما كان متوقعا وذلك بسبب الإنخفاض الملحوظ في قطاعات السياحة والصناعة والتشييد, كما شهدت الإستثمارات تراجعا بنحو26% خلال الربع المنتهي في مارس الماضي مقارنة بمثيله عام.2010 وأكد البيان في توقعاته للمستقبل أن المتغيرات السياسية الحالية يمكن أن تؤثر علي قرارات الإستهلاك والإستثمار, إضافة إلي حالة الترقب لتعافي الإقتصاد العالمي من تصاعد الأسعار العالمية للبترول بسبب الظروف السياسية في المنطقة, وكل ذلك يؤدي لزيادة مخاطر الإنخفاض في معدل الناتج المحلي مستقبلا. إلا أن التباطوء في نمو الإقتصاد المحلي قد يحد من المخاطر التصاعدية المحيطة بالرؤية المستقبلية للتضخم. المزيد من أعمدة نجلاء ذكري