قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( سيفتح الله عليكم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم نسبا وصهرا). يوضح فضيلة الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية أن أهل مصر وقت أن قال الرسول صلي الله عليه وسلم هذا الحديث كانوا الأقباط لأن الفتح الإسلامي لم يكن قد جاء إلي مصر, فقد فتحت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه, وحين يوصي رسول الله صلي الله عليه وسلم بقبط مصر وهو لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي, فيعني هذا أن الأمة الإسلامية تلتزم وصيته وتوجيهاته, وتعمل دائما علي أن تكون علاقتها بالأقباط علاقة طيبة يكتنفها الحب والود والعدل والسلام, فالرسول صلي الله عليه وسلم يؤكد علي التواصل والتكامل مع قبط مصروأهلها, فإن لهم نسبا, والنسب يأتي من هاجر أم نبي الله إسماعيل عليه السلام, وزوج سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء, فقد كانت مصرية, وكانت من بلدة في المنيا تسمي الآن الشيخ عبادة, وقد تزوجها نبي الله إبراهيم عليه السلام وقد بلغ من الكبر عتيا, وكان يشتاق إلي إنجاب الولد, فأنجبت له إسماعيل عليه السلام, ويشاء الله حين تلد أن يؤمر بأخذه وأمه ويضعهما مكان بئر زمزم حاليا, في وقت لم يكن في هذا المكان من أسباب الحياة إلا الهواء, وتركهما في هذا القفر الموحش, ولم يترك لهما إلا تمر وماء, ثم قفل راجعا, فامسكت هاجر بتلابيبه ووجدت الإصرار في عينيه, فقالت له: آلله أمرك بهذا, ام وضعتنا هنا برأيك, فقال: بل أمرني ربي, فقالت له قول الواثق المطمئن إلي نصر الله وإلي حفظ الله وإلي رعاية الله إذهب فلن يضيعنا , أما الصهر فإنه لماريا القبطية التي تزوجها رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنجب منها إبراهيم, فأقباط مصر أخوال لابن رسول الله صلي الله عليه وسلم. ويقول فضيلة الشيخ محمود عاشور أن هذه الوصية جاءت قبل مجيء الإسلام لمصر لتأكد أن العلاقة قديمة وقائمة وموثقة بين أقباط مصر وبين الرسول صلي الله عليه وسلم, والبشرية بكل أديانها وأشكالها وألوانها تنتسب لآدم وحواء ويجب أن تظل العلاقة بين الناس جميعا قائمة علي الرحمة والتعاون والسلام, يقول تعالي:( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا), فلا يؤذي المسلم الآخرين بالقول أو الفعل وإنما يتواصل مع الناس جميعا بخلق حسن وسلوك طيب, يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم:( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده).