يرصد هذا الكتاب مشاهدات مؤلفه محمد الشماع اليومية من ميدان التحرير الذي شهد ولمدة ثمانية عشر يوما انتفاضة في الفكر والرؤي السياسية وعقدا اجتماعيا جديدا وضعه الشباب الثائرون بكل أطيافهم. يتناول الفصل الأول الذي حمل عنوان ثمانية عشر يوما اسقطت نظام مبارك تفاصيل ما حدث بين يومي25 يناير( بداية انطلاق شرارة الثورة) و11 فبراير( نهاية حكم مبارك), والتي خرج خلالها المصريون ليستنشقوا رحيق الحرية, بعد انهيار جدار القلق الأمني, تلك الأيام التي عبر المصريون فيها الخط المنيع المسمي قديما الخوف. وقدم الشماع في هذا الفصل مشاهدات من ميدان التحرير وغيره من ميادين القاهرة تحت وابل القنابل المسيلة للدموع وطلقات مطاطية ورصاص حي, حيث كان شاهدا علي نجاح شرطة حبيب العادلي في تفريق المتظاهرين يوم25 يناير بوابل من القنابل وخراطيم المياه والهراوات من الساعة الثانية عشرة ليلا إلي الساعات الأولي من صباح اليوم الذي تلاه, كما كان شاهدا علي هروبهم يوم جمعة الغضب28 يناير, ونزول مدرعات ودبابات القوات المسلحة.. هتف الجيش والشعب ايد واحدة. كما رصد الكتاب أخطر المواجهات التي كانت أمام وزارة الداخلية وبالقرب من مديرية أمن القاهرة في سجن الاستئناف وموقعة البغال والنوق والخيول وحرص أيضا علي رصد السلوك الجمعي للمصريين أوقات الشدائد أثناء اشتراكه فيما يسمي باللجان الشعبية التي حرست الأحياء والبيوت وقت انسحاب قوات الشرطة. بالإضافة إلي جوانب ولحظات انسانية أخري مثل الجلوس وسط الجموع وتناول الأحاديث والنكات والقفشات. وتأمل صور الشهداء التي انتشرت في أرجاء ميدان التحرير,ورصد دخول الباعة بعربات الفيشار والبطاطا وعلب الكشري والغزو الكبير لباعة الأعلام وستيكرات تحمل صور الشهداء. ووصف المؤلف ما شاهده من صيدليات ومستشفيات ميدانية, وإمدادات لوجيستية من بطاطين وخيم وحمامات وكيف كانت تدار دولة التحرير الصغيرة وصلوات المسلمين والمسيحيين, مؤكدا أن كل هؤلاء صاغوا مجتمعا صغيرا هو دولة التحرير. في الفصل الثاني الخريطة السياسية لميدان التحرير يستعرض المؤلف بالتحليل كل الحركات التي نشأت من رحم ميدان التحرير( وربما انتهت فيه أيضا), وهي حركات أشبه بتنظيمات علنية اكتسبت علانيتها وشرعيتها من الميدان وليس غيره, مثل: ائتلاف شباب الثورة, اتحاد شباب الثورة, مجلس أمناء الثورة, جبهة دعم مطالب الثورة, تحالف ثوار مصر, ائتلاف مصر الحرة, وحركات شباب25 يناير, وغيرها. أما الفصل الثالث الشائعات والحرب النفسية فيرصد بالتحليل أهم الشائعات التي واكبت أيام الثورة, وما لعبته من دور يبدو مهما, فبين الشائعة والحقيقة عاش الشعب المصري خلال فترة ثورة الحرية والكرامة يتخبط في خوف من شائعة قد تكون حقيقة, ومن حقيقة قد تكون عاقبتها وخيمة, وفي ظل هذا الفراغ المرير بين هذا وذاك كان للشائعة أثر إيجابي في هذه الفترة, فمنها ما أسعد المواطنين وأدخل البهجة علي قلوبهم وزادهم اصرارا في إكمال المشوار, ومنها ما دفعهم إلي الخوف وإغلاق الأبواب. كما أنها أحد أهم وأبرز الأسلحة التي تستخدم في الأزمات, وتم استخدامها في شكل متعمد من أعداء الثورة فيما يعرف بالحرب النفسية بأن تنشر بعض وسائلها أنباء حول نقص الأغذية وأن مصر تتعرض لمجاعة خلال أشهر طالما استمرت الاحتجاجات, أو شائعات أخري أكثر ضراوة مثل قتل عدد كبير من المتظاهرين في التحرير باستخدام أسلحة نارية, وهي الأمور التي تعمد الإعلام المصري إذاعتها بعد25 يناير وحتي11 فبراير يوم تخلي مبارك عن الحكم, كي يثبط من عزيمة الثوار. صدر عن شمس للنشر والتوزيع.