حسنا أن قررت الجامعة العربية مساندة حق الفلسطينيين في الذهاب إلي الأممالمتحدة, سعيا إلي استصدار قرار يعلن شرعية قيام الدولة الفلسطينية في إطار حدود67, رغم الرفض الأمريكي الواضح لهذا الجهد بدعوي أنه لن يثمر انجازا حقيقيا. خاصة أن القرار يمكن ان يصدر عن الجمعية العمومية, وربما لا تكون له قوة إلزام كافية لضمان التطبيق, لأن صدور القرار عن مجلس الأمن يبدو مستبعدا بسبب عزم الأمريكيين استخدام الفيتو رغم انه سوف يعزل الموقف الأمريكي مع الموقف الإسرائيلي, وسوف يدمر ما تبقي من مصداقية الرئيس الأمريكي أوباما في العالمين العربي والاسلامي. وتحاول اسرائيل خاصة في دول الاتحاد الأوروبي تصوير صدور قرار من الأممالمتحدة يعترف بشرعية قيام الدولة الفلسطينية علي انه ينتقص من شرعية وجود اسرائيل, بحجة ان يهودا وسامرا جزء من أرض الأجداد تتنازل اسرائيل عن معظمها طواعية لصالح الفلسطينيين وهو أمر غير صحيح لأن المنظمة الدولية تعتبر استيلاء اسرائيل علي الضفة والقدس الشرقية وبناء المستوطنات علي أرضها احتلالا لأرض عربية, وخرقا واضحا لاتفاقيات جنيف التي تلزم المحتل عدم التغيير الجغرافي والسكاني للأراضي الواقعة تحت الاحتلال. وبرغم أن الفلسطينيين ظلوا حتي اللحظة الأخيرة يؤكدون أنهم راغبون في التفاوض مع الاسرائيليين بأكثر من رغبتهم في الذهاب الي الجمعية العامة, فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي أغلق بلاءاته العديدة كل أبواب التفاوض, وفي الأغلب سوف يمارس ضغوطه علي الولاياتالمتحدة كي تمتنع عن صرف المعونات الي السلطة الوطنية التي تبلغ حدود400 مليون دولار أو خفضها, عقابا للسلطة الفلسطينية علي ذهابها للأمم المتحدة, الأمر الذي ينبغي أن يكون جزءا من خطة الدعم العربي للموقف الفلسطيني لأن توقف هذه المساعدات أو خفضها يضع الرئيس محمود عباس في مأزق حقيقي, لأنه بدون هذه المعونات ربما لا يكون قادرا علي دفع رواتب الإدارة في الضفة والقطاع. والواضح أن الرئيس الأمريكي أوباما الذي لا يملك استراتيجية واضحة لإنفاذ رؤيته المتعلقة بسلام الشرق الأوسط, لن يكون في موقف يمكنه من الزام اسرائيل بالذهاب الي التفاوض المباشر مع الفلسطينيين في إطار المرجعيات الصحيحة, نظرا لقرب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية, وحاجة الديمقراطيين المتزايدة للصوت اليهودي, واصطفاف غالبية الكونجرس الي جوار بنيامين نيتانياهو, ولهذه الأسباب يصبح ذهاب الفلسطينيين الي الأممالمتحدة أمرا حتميا لا بديل سواه, لأن صدور قرار بشرعية الدولة الفلسطينية يمكن ان تسانده170 دولة حتي لو لم يكن قابلا للتطبيق, سوف يمثل ردا صحيحا علي لاءات رئيس الوزراء الاسرائيلي يزيد عزلة اسرائيل الدولية, ويكشف ضيق المجتمع الدولي بصلف سياساتها, ويكسر غرور نيتانياهو الذي لا يريد ان يعرف ان العالم يتغير, وان الوقت ينفد وأن ما كان متاحا بالأمس لم يعد متاحا في الغد. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد