أكد بيورن فورد مدير معهد الأحزاب والديمقراطية الدنماركي أن تحية واجبة علي العالم بأسره للشعوب العربية وخاصة في مصر وتونس لتقديمهم نموذجا يحتذي به في العالم لكيفية التغيير لواقع شديد الوطأة بأساليب متحضرة سلمية. وأضاف الرجل في المؤتمر الذي عقد بالعاصمة الدانمركية كوبنهاجن الماضيين بعنوان مستقبل الديمقراطية في مصر وتونس ودور شركائهما الخارجيين أن ما يعني بلاده حاليا هو كيفية المساعدة علي كافة الأصعدة, والأهم هو التعرف علي الأولويات وذلك بهدف تأمين فترة انتقالية أقصر واقل تعقيدا. وأوضح فورد في المؤتمر الذي حضره عشرات من نواب البرلمان والحكومة وممثلي منظمات دولية أن أحد أهداف المعهد الذي يرأسه هو التأكيد علي ان الديمقراطية ليست فقط انتخابات حرة تجري كل أربع سنوات, وإنما هي التفاعلات التي تجري فيما بينهما سياسيا واجتماعيا. وتحدثت الدكتورة فاطمة خفاجي الخبيرة المصرية في حقوق المرأة بالمنطقة العربية ومستشارة كل من لجنة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في هذا الشأن حيث أكدت أنه بعد نجاح الثورة في إزالة النظام, فإن القدرة علي المحاسبة والشفافية ودعم التعددية التي تجسدت في ميدان التحرير تمثل مطالب عاجلة لمنع اختطاف الثورة. وضربت الخبيرة المصرية أمثلة علي التحديات المطروحة حاليا ومن بينها صعوبة جمع الأحزاب الجديدة خمسة آلاف توكيل لكي تجاز, ناهيك عن التحديات المالية مع قرب موعد انتخابات سبتمبر القادم, بالإضافة إلي اختلال الحالة الأمنية بما يؤثر علي الانتخابات القادمة. وأدت السيدة خفاجي في عرض مزيد من التحديات مشيرة إلي بوادر الفتنة الطائفية التي كانت قد غابت تماما في التحرير وهو ما يزيد الحاجة لدعم مدنية الدولة, بالإضافة إلي تراجع قضايا المرأة ومشاركتها مؤخرا بالرغم من الدور البارز الذي لعبته خلال الثورة. أما العياشي حمامي المحامي والصحفي التونسي فقال إنه بالرغم من صعوبة المرحلة الانتقالية بكل ما يكتنفها من مخاطر إلا أنه أفضل وتهون أمام أهوال الديكتاتورية. وكما أوضحت الخبيرة المصرية من صعوبة وعدم صحة إجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر بمصر, فإن الناشط التونسي احتج علي إصرار سلطات بلاده التعجيل بالانتخابات في يوليو القادم وخاصة مع تزايد المعاناة بسبب تدفق آلاف اللاجئين من ليبيا. إلا أن الرجل عاد فأكد ثقته في قدرة تونس علي المواصلة علي الطريق السليم بمساعدة الأصدقاء وهي المساعدة التي وصفها بأنها واجبة. وأكد الرجل أن المساعدات سياسيا لا يمكن أن تكون بالتمويل الذي هو مجرم بالقانون ولكن الأهم هو المساعدة بنقل الخبرات والحوار الذي يسهم في تأسيس منظومة قيم ديمقراطية لا تدفع بالغير في حال تداول سلمي للسلطة إلي إلغاء إنجازات من سبقوه. أما الدكتور جمال عبدالجواد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فقد تحدث عن البعد الإقليمي للثورة في مصر وتونس, حيث أكد أنه بالرغم من الأسبقية الزمنية للثورة التونسية, إلا أن الثورة المصرية أعادت إلي الوعي تأثير وثقل القاهرة بعد سنوات من الشك في فقدانه. أيضا, فقد لفت عبدالجواد النظر إلي أن الثورة أعادت إلي الأذهان عوامل مشتركة في تلك المنطقة غابت لفترة طويلة ألا وهي عوامل اللغة والثقافة والدين, وهي العوامل التي تسهل انتقال الأفكار, وساعد في ذلك ظهور الفضائيات العربية عابرة الحدود. وأشار عبدالجواد إلي اعراب المراقبين عن استغرابهم لغياب أي شعارات خلال الثورات العربية تتعلق بالقضية الفلسطينية, وهو الأمر الذي سرعان ما تغير لتحتل القضية مكانتها لدي الثورة المصرية شعبيا ورسميا, وذلك في شكل المظاهرات المخصصة لدعم القضية أو رسميا باحتفاء الدولة والمجلس العسكري بالمصالحة بين فتح وحماس. والسؤال هو: هل سيؤدي كل ذلك للتشدد؟ الإجابة تعتمد علي ما ستفرزه الانتخابات, ولكن في كل الأحوال فإن العرب بعد الثورات سيكونون أقل قبولا لشروط أي تسوية من ذي قبل. وقد اختتم السيد بيورن فورد المؤتمر بالتأكيد علي أن التعاون بين الجانبين العربي والدنماركي ليس محوره المساعدات المادية فحسب, وإنما هو تعاون في الفكر والقيم, بالإضافة إلي تأكيده علي أنه مهما كان مستوي الفقر في دول عربية, فإن الغالبية متعطشة إلي الحرية والديمقراطية في المقام الأول.