عبدالحسيب الخناني: يعد الأدب الشعبي تراثا قوميا, ويمثل جزءا من أمن مصر القومي, لما يحويه من خبرات وتجارب ورصد لتاريخ الأمة بكل مافيه.. والريف المصري, خاصة في الصعيد, كنز من كنوز الأدب الشعبي الذي يستهوي الباحثين وإن كان العمل البحثي يتطلب جهودا كبيرة للتنقل بين القري وتسجيل الحكايات الشعبية علي ألسنة الرواة من الرجال والنساء. وقد اقتحمت هذا المجال الباحثة أسماء عبدالرحمن كأول امرأة صعيدية تدخل عالم الحكاية الشعبية لتحلل قصصه بأسلوب علمي, وتدق ناقوس الخطر لإنقاذ هذا التراث الذي يتعرض للاندثار بسبب ضعف ذاكرة الكثيرين من الرواة أو موتهم. ونبهت الباحثة إلي أن عمداء الأدب الشعبي في مصر مثل الدكتورين: أحمد مرسي وشمس الدين الحجاجي طالبوا بضرورة تبني جامعة أسيوط فكرة إنشاء مركز لجمع التراث الشعبي باعتبارها منارة الصعيد, إلا أن الجامعة كما تقول الباحثة تجاهلت ذلك رغم عراقتها. وإذا كان هذا التخصص من الأدب الشعبي يواجه العديد من الصعوبات لما يتطلبه من عمل ميداني شاق علي الباحثين, بالإضافة إلي شبكة علاقات مختلفة, فإن أسماء كانت أول باحثة تقوم بجمع الحكي الشعبي من الشباب والكبار والرجال والنساء من ريف الصعيد الذي يعد أول محمية طبيعية للحكايات الشعبية. وتلفت الباحثة انتباهنا إلي أن إسرائيل عندما احتلت سيناء كانت أولي خطواتها تتمثل في إنشاء مرصد لجمع التراث البدوي ليكون الطريق الذي يفتح لهم عالم البدو المغلق حتي يمكن السيطرة عليهم. أسماء التي حصلت علي الماجستير من آداب أسيوط في الحكي الشعبي صممت علي أن تواصل تحمل المشقة وتستكمل مشوارها من خلال رسالة الدكتوراه التي تشمل جمع التراث من قري محافظة أسيوط, ورغم ذلك ترفض الكلية إدراج تخصص الأدب الشعبي بقسم اللغة العربية وتترك غير المتخصصين لتدريس هذه المادة, مما يتسبب في ضياع التراث الإنساني الذي يعد من أهم الآثار القديمة.