وسط محاولات الولاياتالمتحدة الضغط علي طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل ظهرت شبكة تجسس أمريكية في ايران وهذا الامر قد يقلب الامور رأسا علي عقب لصالح طهران التي تجيد الاستفادة من أخطاء الاخرين فهناك مكتسبان تستطيع طهران تحقيقهما. اولا القوة الداخلية للنظام الايراني, وان محاولة اختراقه من قبل الولاياتالمتحدة او غيرها من الدول أمر مستبعد. ولاسيما المحاولات المستمرة من الادارة الامريكية تغذيه المعارضة دبلوماسيا ومحاولة اختبار قوة النظام الايراني الذي أثبت انه متماسك وقوي بعد الكشف عن شبكة التجسس والمكسب الآخر يتمثل في إظهار الولاياتالمتحدة بالتدخل في شئون الغير وعدم احترام الاخرين فإذا كان الاتهام الموجه لطهران بالتجسس علي المفتشين لديها سيفقدها نقاطا في مواجهاتها مع الغرب فإن ضبط هذه الشبكة سيمنحها قوة في التعامل مع الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي. وفي ظل المواجهات التي لا تنتهي بين طهران والمجتمع الدولي فاجأت ايران الجميع بما فيهم الولاياتالمتحدة نفسها بتدشين وتشغيل محطة بوشهر النووية التي زادت التكهنات حولها, ولا سيما بعد مهاجمة المحطة بفيروس ستاكس نت من قبل اسرائيل والولاياتالمتحدة والذي كان من الممكن ان يتسبب في كارثة نووية جديدة مثل كارثة تشيرنوبل في اوكرانيا عام1986, وهو ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومحطة بوشهر قد تم الانتهاء من ضخ الوقود فيها منذ ديسمبر الماضي, ولكن تأخير تشغيلها يرجع الي الاختبارات المتطورة التي قامت بها طهران من أجل اجراءات السلامة النووية بعد الاخطار التي شهدها العالم مؤخرا بعد زلزال اليابان والتسونامي الذي ضرب المحطات النووية اليابانية وما زاد علي ذلك تشغيل دورة انتاج الحرارة لتوليد الكهرباء النووية في المحطة الذي من المتوقع أن يبدأ بتغذية شبكة الكهرباء الايرانية خلال شهر في ضربة جديدة للإدارة الامريكية بعد الاتهام الجديد الذي صدر من طهران فبعد ان إتهم الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الولاياتالمتحدةالامريكية بزرع الفتن بين الدول العربية وطهران خرج اتهام جديد من جانب طهران ولكن علي لسان مندوبها بالوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تعتبر القاسم المشترك بين طهران والادارة الامريكية فيما يخص البرنامج النووي الايراني يتهمها( الوكالة) بأنها تنقل معلومات عن برنامج إيران النووي إلي الولاياتالمتحدة, وأن عمل الوكالة لايتصف بالمهنية والاحترافية وأنها تعمل لحساب الولاياتالمتحدة وهو اتهام خطير وصريح للوكالة بالعمل لحساب الولاياتالمتحدة وبذلك أصبحت المواجهة مباشرة بعد أن حاولت الولاياتالمتحدة أن تجعل المواجهة بينها وبين ايران عن طريق الوكالة من خلال إظهار تحدي ايران للوكالة وبالتبعية ضد المجتمع الدولي ولكن إيران فطنت الي الخدعة الامريكية سريعا ونقلت المواجهة مرة أخري الي المواجهة المباشرة بإتهام صريح للوكالة بالعمل لدي الولاياتالمتحدة وبالتالي رفضت طهران توسيع صلاحيات عمل مفتشي الوكالة باعتبارهم جواسيس يعملون لصالح الادارة الامريكية وهو اتهام لم يمض عليه كثيرا حتي قامت الوكالة بالرد ولكن علي طريقتها الرسمية حيث اتهمت طهران بزرع اجهزة تجسس في مقتنيات المفتشين اثناء جولات التفتيش علي المنشآت الايرانية وهو في غالب الامر لن يمر مرور الكرام اذا ثبت هذا الاتهام فستكون طهران في موقف لا تحسد عليه امام المجتمع الدولي الذي يتصيد الاخطاء للنظام الايراني وتفقد بعض النقاط التي حصدتها في الجولات السابقة ضد الادارة الامريكية ودول الغرب. وهذا ليس الاتهام الاخير فطهران لا تتوقف عن توجيه الاتهامات لخصومها في إطار سعيها لعب دور الفريسة التي تتعرض لمكايد من الذئاب من أجل الإيقاع بها, فاتهمت اسرائيل والولاياتالمتحدة بالوقوف وراء هجمات فيروس الكمبيوتر ستاكس نت الذي أدي الي تعطيل محطة بوشهر لفترة من الوقت وعلي الرغم من الاثار التي خلفها هذا الفيرس الا ان طهران مازالت تصر علي انه لم يؤثر الا في الحواسب الشخصية للعاملين بالمحطة ولكن عندما يتعلق الامر بإتهام أعدائها فإنها تؤكد خطورة هذا الفيروس, ولكن فاجأت طهران المجتمع الدولي بإتهام جديد الي الادارة الامريكية بالوقوف خلف فيروس جديد أطلقت عليه اسم ستارز وتحاول طهران ان تثبت للعالم أنها تواجه حرب إلكترونية من جانب الادارة الامريكية واسرائيل من أجل وقف برنامجها النووي ولكن المتابع الجيد للأحداث يجد أنه كلما وجهت الولاياتالمتحدة ضربة جديدة الي طهران تخرج طهران علي المجتمع الدولي بخطوة جديدة في برنامجها النووي في إشارة الي ان الضربات الامريكية لن تثنيها عن مواصلة برنامجها النووي الذي تصر علي انه سلمي فلم يمر سوي ايام قليلة علي فيرس ستارز الا واعلنت طهران انها ستتمكن من انتاج وقود مفاعل طهران للابحاث داخل ايران بشكل كامل في خلال العام القادم, و انه تم بالفعل انتاج اكثر من40 كيلوجراما من وقود مفاعل طهران للابحاث الطبية داخل ايران وأن80 كيلوجراما أخري ستنتج محليا في غضون العام القادم, وانها ستنتج حتي العام القادم صفائح الوقود النووي والذي امتنعت دول مجموعة(5+1) من تزويدها بها, وبذلك استطاعت طهران ان ترد عمليا علي محاولات الولاياتالمتحدة التي طلبت من فرنسا من خلال مندوبها بالوكالة ان تضغط علي ايران وتتعاون بشكل أكبر من أجل تطبيق العقوبات المفروضة علي طهران غير أن الولاياتالمتحدة بدأت تجري اتصالات مع الدول الحليفة لإيران مثل تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي من أجل تطبيق العقوبات الامريكية ضد طهران واغلاق فروع البنوك الحكومية في تركيا ولكن في أكثر من مناسبة أعلنت طهران عدم جدوي هذه العقوبات بل وصفها الرئيس الايراني احمدي نجاد بأنها عار علي المجتمع الدولي. وهو ما دفع الولاياتالمتحدة في التفكير في فرض بعض العقوبات علي بعض المؤسسات التي مازالت تتعامل مع النظام الايراني خاصة البنوك التي قد وضعتها الولاياتالمتحدة قي القائمة السوداء. وتهدف الولاياتالمتحدة الي كبح جماح البرنامج النووي الايراني عن طريق الاختيار بين التعامل مع الانظمة المالية التي تقودها الولاياتالمتحدة نفسها او التعامل مع النظام الايراني وتركز الولاياتالمتحدة جهودها خلال هذه الفترة في تعقب المؤسسات والبنوك التي مازال لها أعمال ونشاطات مع البنوك الايرانية الحكومية او البنوك التي تمول البرنامج النووي الايراني, وتتجاهل عقوبات الاممالمتحدة العقوبات الامريكية أحادية الجانب, لأنه مهما ضغطت وزارة الخزانة الأمريكية علي إيران لن تنجح في شل الاقتصاد الإيراني إلا بتعاون وثيق مع باقي الدول ويحذر الكونجرس الامريكي من قدرة طهران علي التحايل علي العقوبات المفروضة ضدها, ولذلك هناك مطالبات داخل الكونجرس بقرار مشروع جديد يسعي الي سد الثغرات في قانون العقوبات الحالي بفرض عقوبات اضافية علي الشركات التي تتعامل في مجال الطاقة مع الحرس الثوري الايراني الذي يقوم بدور متزايد في كل قطاعات الاقتصاد الايراني كما ان هناك مجالا خصبا للولايات المتحدة من أجل فرض عقوبات جديدة تتمثل في ملف انتهاك حقوق الانسان في ايران, والذي يحاصر ايران في الاونة الاخيرة بسبب حالات الاعدام الكثيرة التي تطبقها ايران علنا ضد مهربي المخدرات, الامر الذي دعا أحد قادة النظام الايراني الي التصريح بأن ايران ستترك المهربين لإغراق اوروبا بالمخدرات اعتراضا علي الضغوط التي تمارس ضدها بشأن عمليات الاعدام. ولكن اذا نظرنا من الناحية السياسية والاستراتيجية البحتة فإن من حق إيران أن تفعل كل ما من شأنه تعظيم مكانتها الإقليمية وتوسيع نفوذها والاستعداد لصد أي هجوم مرتقب ضدها ولن تتراجع عن دورها ونفوذها الإقليمي, سواء في دول الخليج أو في المنطقة العربية ككل ولن تتراجع عن ملفها النووي الذي تري أن نجاحه هو الداعم الأكبر من أجل تنفيذ حلم التمدد والسيطرة, ومنافسة الكبار بل وفرض المذهب الشيعي علي الجيران العرب, فإيران تعتبر المنطقة امتدادا طبيعيا لرؤيتها الاستراتيجية من خلال ارتباطها التاريخي والتجاري والاقتصادي والثقافي والديني.