تجربة الخصخصة في مصر أثارت الكثير من الجدل مما شابها من فساد, وافتقادها للشفافية, وإهدارها للمال العام, لكن هناك بعض الشركات حارب العاملون بها من أجل إعادتها إلي الدولة مرة أخري. مثل شركة قها التي كانت بمثابة الشرارة الأولي لمحاولة استعادة باقي الشركات, خصوصا شركة عمر أفندي. وتذكر جمالات رافع عضوة مجلس الشعب السابقة السيناريو الذي حدث عند بيع شركة قها حيث تم الإعلان بتاريخ 27 / 4 / 1997 ورأس مالها5 ملايين سهم, منها 90% مستثمر رئيسي, و 10% اتحاد العاملين المساهمين. وتم البيع من الفترة من27 / 4 / 1997 حتي 1 / 12 / 1998 تاريخ تسليم المستثمر للشركة, وهذه فترة طويلة لعملية العروض والترسية لأنه كان يتم في هذه الفترة توفيق أوضاع مجموعة الشركات القائمة بالشراء لأن بعضها لم تكن لها كيانات قانونية عند الإعلان عن بيع شركة قها, وهي مجموعة عوف وعقد البيع كان مفاجأة غير سارة, لأن البيع تم بالتقسيط علي خمسة أقساط مع منح فترة سماح سنتين ونصف سنة زادت إلي4 سنوات ولم يتم تسديد ولو قسط واحد. وقد توجس العاملون خيفة واستشعروا بالخطر منذ بداية ترأس المستثمر للشركة, وذلك عند قيامه برهن المخازن للبنوك والتوريدات لمصلحته واستولي علي العمليات لمصلحته, فقام العاملون بنشر أخبار الفساد في الصحف فبدأت شركة أكستريور تقلق وبدأوا في الاتصال بالعاملين وتحققوا من الأخبار, وحاولنا فرض حراسة قضائية لوقف استنزاف الشركة وإغراقها في الديون وطلبنا أن تكون الحراسة لمصلحة الشركة القابضة للصناعات الغذائية, لكن الشركة القابضة رفضت, وهذا ما جعلنا نطلب الحراسة القضائية لمصلحة اتحاد العاملين المساهمين حيث وصلت الممارسات السلبية للمستثمر إلي أقصاها علي العاملين بالشركة, فحكمت المحكمة بالحراسة القضائية في 29 / 10 / 2001 إلا أن المستثمر قام بعرقلة تنفيذ الحكم, وفي هذه الأثناء تمت مناقشة الموضوع في مجلس الشعب, وبامتناع المستثمر عن سداد الأقساط حركت الشركة القابضة دعوي بفرض حراسة قضائية بالتنسيق مع العاملين, وصدر حكم لمصلحة الشركة بالحراسة القضائية وتم تنفيذه في8/8/.2002 ويذكر الدكتور عبدالفتاح خليل أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بجامعة السويس أن شركة قها شركة صناعية, والحكومة جعلتها تخسر لكي تكون عملية بيعها سهلة, ومن اشتراها أساء وأفسد إدارتها, ونرجو إعادة كل الشركات التي تم بيعها عن طريق الخصخصة لأن عملية الخصخصة بمصر كانت من أكبر عمليات السطو علي المال العام تحت سمع وبصر الدولة, وبمباركة منها. مرحلة وسطي ويقول الدكتور دياب محمد دياب مستشار مالي وخبير إدارة الأزمات: المسألة مرتبطة بمدي تحقق المصلحة العامة من عدمه, وأري أن تجربة الخصخصة في مصر تجربة لم تراع في اعتباراتها التطبيقية المسائل الحاكمة من الناحية الاقتصادية, وكذلك البعد الاجتماعي, مما كان يستوجب وجود مرحلة وسطي, هذه المرحلة تمثل فترة كان من المستوجب خلالها إعادة الهيكلة لهذه الشركات المطلوب خصخصتها. تجربة قها أما ما يتعلق بتجربة شركة قها فإنه بالاطلاع علي المتاح من المستندات والأوراق ومتابعة النشاط فيما قبل الخصخصة, فقد كانت النتائج لتدمير النشاط الاقتصادي نتائج مبهرة لأنها اعتادت علي تحقيق الأرباح, واعتادت علي استيعاب أيد عاملة جديدة, مما يقلل من أعداد البطالة الاجتماعية, وحال تحولها إلي الخصخصة تحولت بأقل من قيمتها بنسبة تتجاوز ال 170%, كما أن من استولوا علي هذه الشركة اهتموا بتحقيق خسائر مخططة لإخراج الشركة من نطاق الصناعة برغم أن كل المؤشرات المالية والاقتصادية تدلل بقوة علي أن هذه الشركة لديها مقدرة معظمة لتوليد أرباح تشغيلية, وذلك تمهيدا لتصديق معيار القيمة الاستيرادية للاستثمارات المدفوعة بجانب المسئولين علي هذه الشركة كمرحلة أولي ثم كمرحلة ثانية اتخاذ إجراءات بيع الأصول الثابتة لهذه الشركات في ظل حماية قانونية مفتعلة. المستعرض لهذه الأمور يلاحظ أن التآمر علي هذه الشركات بدأ بتسرع الحكومة في البيع, وعدم وجود فترة بينية وانتقالية تستوعب الانتقال من الاقتصاد الموجه إلي الاقتصاد الحر وآليات السوق, وعدم وضوح الأهداف من الخصخصة, وكذلك عدم مراعاة معايير الأداء الاقتصادي للمستحوذين علي هذه الأنشطة, وإهمال البعد الاجتماعي, ومن ثم فأن مسألة الخصخصة مثلت بإجراءاتها التطبيقية أقوي صورة لإهدار المال العام, وما يترتب علي ذلك من آثار سلبية علي الأداد الاقتصاد المصري.