حالة من الارتباك واللخبطة تضرب المجتمع المصري بقوة, وترج أساساته كما لو أنها تحاول أن تخلعها أو تطيح بها, هل هذا تدريب علي الحرية التي ليس لنا تراث فيها عبر تاريخنا الحديث وتاريخنا الوسيط أم هي محصلة أو تجميع لما درجنا عليه ومارسناه من خروج علي الناموس والقانون لسنوات طويلة؟! والأسواء أن جزءا من هذا الارتباك وتلك اللخبطة صار عنفا في التصرفات والالفاظ ضد بعضنا البعض, فهل نحن نصفي حسابات الظروف الصعبة التي كنا نعيشها والفساد الذي أحاط بنا مع أنفسنا أولا؟! قد يكون شيئا طبيعيا أن تنقلب حياتنا رأسا علي عقب, فالذي حدث هو زلزال وليس مجرد إقصاء رئيس أو نصب محاكمات لرموزه, وأي زلزال له توابع تقصر مدتها أو تطول حسب الطبيعة الجغرافية, ويبدو أن زلزالنا قد حدث في طبيعة إنسانية وسلوكية تتيح للتوابع أن تفعل فعلها دون توقف.. والسؤال الذي يشغل بال أغلب الناس في مصر الآن: أما آن الآوان للتحكم في التوابع أو الضغط عليها حتي تتوقف ونعود إلي حياتنا الطبيعية؟! بالقطع هناك قطاع منا غير قليل تستهويه لعبة الثورة والثورة المضادة, فحالة السيولة الأقرب إلي الفوضي هي الفرصة الأعظم أمام هؤلاء ليكون لهم أدوار وتأثيرات علي حركة المجتمع, لا فرق هنا بين البلطجية أو من يثيرون الفتنة الطائفية أو يعتصمون ويتظاهرون من أجل أشياء لا تفيد المجتمع بقدر ما تضره, ولا فرق بين الذين ينتمون إلي النظام القديم ويعملون علي عدم استكمال هدمه لأنه مصدر مصالحهم ويحميها, وبين الذين يتمردون عليه ويستميتون في أن تظل حالة التمرد سائدة لأن استقرار المجتمع يعني أن يتواروا من علي خشبة المسرح إلي الصفوف الخلفية, ولا فرق بين الذين يعتدون علي المحاكم ويروعون القضاء أو الذين يكيلون الاتهامات إلي النائب العام ويربطون بينه وبين مباحث أمن الدولة, من باب التشكيك في المحاكمات التي تجري! باختصار نريد بعض الهدوء والعقل والاستقرار, فالمشوار طويل لبناء نظام قائم علي العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والديمقراطية, صحيح أننا لا بد أن نحاسب من ارتكبوا جرائم في حقنا, لكن في نفس الوقت يجب أن نشكل جماعة ضغط جديدة من أجل ان تعود الحياة إلي طبيعتها ونقاوم الابتزاز الذي نتعرض له جميعا سواء من البلطجية أو الذين يعطلون حياتنا! [email protected] المزيد من أعمدة نبيل عمر