أدت حادثة نجع حمادي الأخيرة في محافظة قنا الي تركيز الأضواء علي تجربة اللواء مجدي أيوب كمحافظ قبطي في قناة, وفتح نقاش واسع حولها, وذلك بسبب طبيعة هذا الحادث التي أثارت الكثير من المخاوف المشروعة التي وصلت إلي حد الهلع, واستدعت ردود أفعال داخلية وخارجية علي مستويات عدة حول مدي اتساع نطاق الاحتقانات الطائفية وانتقالها الي مدي جديد غير مسبوق. المتأمل لردود الأفعال هذه يمكنه أن يلحظ فيها اختلاط الإيجابي والسلبي معا, فعلي الجانب الايجابي أدت هذه الحادثة إلي استنفار كل أجهزة الدولة والمجتمع والمؤسسات السياسية والتشريعية والحقوقية لمحاولة فهم ما حدث, ومن ثم التحرك النشط للسيطرة علي تداعياته ومعالجة آثاره, ووضع السياسات والاحتياطات اللازمة لمنع تكراره, واتخاذ وقفة حازمة تجاه حوادث الاحتكاكات الطائفية التي أصبح معدل تكرارها يمثل تهديدا حقيقيا لوحدة النسيج الوطني للبلاد. وقد أدي هذا الحادث الي اعلان الرئيس مبارك لموقف حازم ومتكامل, يعتمد علي المواجهة الشاملة المستمدة من إعلاء قيم المواطنة عبر المواجهة القانونية الحازمة, مع التأكيد علي دور النظام التعليمي ونهوض الخطاب الديني المستنير من الأزهر والكنيسة, كما دعا الرئيس الكتاب والمثقفين الي التقدم لأخذ دورهم في هذا المجال متكاتفين مع الدولة لمواجهة مخاطر الارهاب والتطرف ومحاولات الإخلال بالسلام الاجتماعي. غير أننا نجد علي الناحية الأخري أن هناك أطرافا اتخذت من حادثة نجع حمادي مناسبة لمحاولة صب الزيت علي النار, أو استغلال الحادث بشكل غير موضوعي وإخراجه من إطار الحرص علي المصالح العليا للبلاد. وفي هذا السياق يمكن ملاحظة أن هناك اتجاهين أحدهما سعي كما يفعل دائما الي نقل الأمر الي الخارج محاولا استدعاء تدخلات ضارة ومغرضة ومرفوضة بشكل قطعي من الغالبية العظمي من المصريين بمسلميهم وأقباطهم, رغم أن ما يقع من حوادث واحتكاكات هي شأن داخلي محض لا يمكن علاجه أو التغلب عليه إلا بمواجهته في الداخل واقتلاع جذوره عبر التأكيد علي القيم الحقيقية والاصيلة لمجتمعنا وبلادنا, وهذا التوجه لدي البعض ليس جديدا وقد ثبت خطؤه وعدم جدواه تاريخيا بالاضافة الي أضرار ليس فقط بالأمن القومي لمصر, وانما بالأقباط أنفسهم لأن هذا سوف يحدث نوعا من الارتباك والالتباس في طريقة التعامل أو المواجهة, قد ينتج عنها فقدانهم لتعاطف ودعم ومساندة بعض شرائح المجتمع وقواه الحية, الحريصة عليهم حرصها علي المجتمع نفسه وعلي أمن وسلامة وحقوق كل فرد فيه دون تمييز أو تفرقة. أما الأمر الجديد والمستغرب, والذي تصاحب مع حادثة نجع حمادي, فقد تمثل في الاندفاع الهائل من اطراف قبطية بالاساس لمهاجمة تجربة اللواء مجدي أيوب كمحافظ قبطي في قنا, سعيا للتصعيد والاصطياد في الماء العكر, أو لتحقيق أهداف شخصية ومكاسب رخيصة أو لتحقيق شهرة أو زعامة متوهمة, وبدا لفترة من الوقت ان هذا التوجه بدأ يمثل ظاهرة, فكل من يريد أن يلفت النظر اليه يقوم بمهاجمة مجدي أيوب, دون وعي أو ادراك أو حتي توافر الحد الادني من الالمام الكافي بمعطيات هذه التجربة وأبعادها, أو ما قام به مجدي أيوب من انجازات في قنا. في سعي محموم لافشال هذه التجربة الرائدة والناجحة بكل المقاييس. لقد جاء تعيين اللواء مجدي ايوب محافظا لقنا في اطار سياسة الدولة لتأكيد حق المواطنة وقيمها بشكل عملي وملموس وكان من المفترض أن تتم رعاية هذه التجربة أو احتضانها, فتعيين الاقباط في المناصب والمواقع العليا كان ومايزال مطلبا اساسيا لتصحيح الخلل الناتج عن غياب الاقباط عن المشاركة بشكل مناسب في ادارة البلاد والحياة العامة بكل مناحيها, سواء في الاجهزة التنفيذية أوالتشريعية أو في الاطار السياسي العام, وكذلك استجابة لمطالب الكثير من الاخوة الاقباط وشكواهم المبررة عن عدم وجود محافظين أو رؤساء جامعات.. الخ. بحكم هذا الموقع من المفترض أن يؤدي المحافظ مهامه كمسئول رفيع المستوي مسئول عن تطبيق القانون ورعاية مصالح المواطنين مسلمين واقباطا دون تمييز, وقد نجح مجدي أيوب في ذلك باقتدار. ومن الواضح أن المشكلة لدي البعض في تصورهم أن المحافظ القبطي هو من أجل الاقباط وهذا فهم معوج وغير صحيح, ويتناقض مع حق المواطنة الذي يجري الحديث عنه ليل نهار, بل انه يؤدي الي نسف كل الحلول المطروحة لمشاكل التمييز أو الاحتقان الطائفي, فهل المطلوب هو تحقيق المواطنة والمساواة ليتعافي المجتمع وتستقيم الأمور, أم ان يقوم هذا المسئول أوذلك بممارسة الانحياز وبدء عملية تمييز جديدة في الاتجاه العكسي في هذه المرة. كما يجب ألا ننسي في هذا السياق ان بعض الشكاوي من تأخر اصلاح بعض الكنائس في محافظة قنا علي سبيل المثال, يحمل في طياته توصيفات غير دقيقة وغير مطابقة للواقع, ولأغراض خاصة لدي بعض من بالغوا فيها وجعلوها قضية في وسائل الاعلام, وللقضاء الكامل علي هذه الشكاوي لا يتم إلا بمعالجة شاملة لهذا الملف عبر المؤسسات المختصة في الدولة, والقواعد المعمول بها الآن لا يضعها المحافظ وليس هو الجهة المنوط بها تغييرها, كما أن الحادث الاخير في نجع حمادي وكيفية مواجهته وحسمه علي الفور, هو من صميم عمل الاجهزة الامنية التابعة لوزارة الداخلية التي ينسق معها المحافظ ولكنه لا يقودها, ومن ثم فلا يجب الخلط بين تجربة مجدي أيوب كمحافظ وبين قضاياأخري هو غير مسئول عنها بحكم موقعه أو صلاحياته. لقد تعرض مجدي أيوب وتجربته لحملة ظالمة غير مبررة, ونقول لهؤلاء ليس هكذا تورد الابل ان كنتم راغبين في الاصلاح وتجاوز الفتنة والانشقاقات أم ان البعض يريد العيش في جيتو مغلق ويجد له مصلحة في استمرارها فاذا تمت الاستجابة بعمل جاد وحقيقي يبدأ الرفض وإثارة الغبار, ويسعي لافشال التجربة لكي يعود الي الشكوي من جديد, فماذا يريد هؤلاء؟.