مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    توقعات برفع سعر الفائدة خلال اجتماع البنك المركزي المقبل    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    فلسطين.. المدفعية الإسرائيلية تقصف الشجاعية والزيتون شرقي غزة    الزمالك: هناك مكافآت للاعبين حال الفوز على دريمز.. ومجلس الإدارة يستطيع حل أزمة القيد    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    هاني حتحوت يكشف كواليس أزمة خالد بوطيب وإيقاف قيد الزمالك    إعلامي يفجر مفاجأة بشأن رحيل نجم الزمالك    مصر تسيطر على نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية (PSA 2024) للرجال والسيدات    «عودة قوية للشتاء» .. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الجمعة وخريطة سقوط الأمطار    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    فيلم «النداء الأخير- Last C all» يختتم حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية القصير الدورة 10    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    أحمد أبو مسلم: كولر تفكيره غريب وهذا تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    مجلس جامعة الوادي الجديد يعتمد تعديل بعض اللوائح ويدرس الاستعداد لامتحانات الكليات    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خفايا التبشير الشيعي في مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 04 - 2011

هل سمع أحدكم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي‏,‏ رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين‏,‏ وهو يحذر من خطورة المد الشيعي‏,‏ ومحاولاتهم لغزو المجتمع السني, بما لديهم من ثروات, وكوادر مدربة علي التبشير بالمنهج الشيعي!
هل رأيتم الدكتور أحمد راسم النفيس زعيم الشيعة في مصر- كما يلقبه البعض- وهو يتباري علي الفضائيات, في شرح المذهب الشيعي, والدفاع المستميت عن الشيعة, ومبادئهم, وأفكارهم, ومعتقداتهم هل صادفتم أحدا ذات يوم, في مترو الإنفاق, أو أمام مساجد آل البيت, يدعوكم للتشيع, أو يمنحكم كتيبات صغيرة أو مطويات, تتحدث عن عقائد الشيعة؟
وذات يوم, سأل الدكتور سعد الدين هلالي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر, فضيلة الشيخ محمد الغزالي: أليس هناك من سبيل لإنهاء النزاع والخلاف بين السنة والشيعة؟
أجاب الشيخ: لعله من الصعب, مع أن القضايا التي كانت سببا في الخلاف بينهم هي قضايا قديمة تعود لزمن سابق كمقتل الحسين في موقعة كربلاء, فبالإمكان أن نترك الماضي, وننظر للمستقبل عملا بقوله تعالي' تلك أمة قد خلت لها ما كسبت, ولكم ما كسبتم, ولا تسألون عما كانوا يعملون'..
وربما يجهل كثير من الناس, معتقدات الشيعة وأفكارهم, وربما لا يعلم الكثيرون, إن هناك جمعية أهلية للتقريب بين المذاهب الإسلامية, ولجنة لذات الغرض, يتولي رئاستهما الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر سابقا, وتضم اللجنة نحو9 أعضاء فيها علماء من الأزهر, ومن خارجه, من بينهم إيراني هو عبد الله القمي, وكان والده أمينا عاما للجنة.
ويتذكر الشيخ عاشور أنه سافر إلي إيران علي رأس وفد من الأزهر, وقام بزيارة الحوزات الدينية, موضحا أن هناك اتفاقا علي الأصول بين السنة والشيعة, كشهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله, وإقامة الصلاة, وأداء الزكاة, وحج البيت.. في حين ينحصر الخلاف في نحو10% من الفقه, فنحن كسنة لا نؤمن مثلا- بولاية الفقيه, كما أننا لا نؤمن بأن الإمام الغائب سيعود في آخر الزمان, وأنه سيملأ الأرض عدلا, ويأتي الخلاف الثالث حول قضية نكاح المتعة..
وفي الأذان نؤمن بما يقول الشيعة أيضا, فبعد أشهد أن محمدا رسول الله, يقولون أشهد أن عليا ولي الله, وأنا- والكلام مازال للشيخ عاشور- اشهد بذلك, فالأذان لم ينزل من السماء.
وذات مرة, ألقي الشيخ عاشور خطبة الجمعة في مسجد جامعة طهران, وهو المسجد الذي يضم ساحة واسعة تتسع لنحو3 ملايين مصل, لكن بعض الناس من الطرفين( سنة وشيعة) يفهمون القضية خطأ, ويحاولون الإساءة لهذا الطرف أو ذاك, وربما يغيب عن الناس, أن الأزهر بدأ شيعيا, وقد بناه الفاطميون لنشر المذهب الشيعي, ثم حوله صلاح الدين الأيوبي من الشيعة إلي السنة, ومنذ يومنا هذا, وحتي الآن, وهو الحارس الأمين علي سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم, كما أن المذاهب نشأت بعد الفتنة الكبري أيام علي ومعاوية, وكان الخلاف بينهما كان سياسيا, وليس دينيا, غير أنه تم إقحام الدين فيه لاستمالة الناس.. وقد قلت للإيرانيين إن المصريين جميعا يحبون آل البيت, ويهيمون بهم حبا.
التقريب بين السنة والشيعة
ويجري مناقشة التقريب بالتركيز علي أن وحدة الأمة الإسلامية أهم بكثير من الخلافات السياسية, والدينية, لاسيما أن الخلاف المطروح بين السنة والشيعة لا يؤثر علي صحة العقيدة.. وقد ناقشنا قضية سب الصحابة, وقلت للإيرانيين: لا ينبغي ذلك, فوجه الرئيس القائد في إيران وقتها بعدم سبهم, كما دعوت لئلا تكون هناك مساجد للسنة, وأخري للشيعة, فالمساجد لله جميعا.
وحين سألته عما يحدث من ممارسات وسلوكيات خلال احتفالات عاشوراء, التي تسيل فيها الدماء في ذكري استشهاد الإمام الحسين, يري الشيخ عاشور, أن هذه السلوكيات تنطوي علي قدر كبير من الرعونة الشديدة, وإذا كان الشيعة يجلدون ذاتهم بدعوي تقصيرهم في الدفاع عن الإمام الحسين, فإن ذلك يتنافي مع الإيمان, والتسليم بقضاء الله وقدره, ويري أن ذلك خروج علي الدين.
الشيعة الزيدية
وبشكل عام, تري الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر, أن هناك مسائل أصولية, ومبادئ أساسية في الشريعة الإسلامية متفق عليها بين أهل السنة, والشيعة المعتدلة( الزيدية) وهم أتباع زيد بن علي في صنعاء, وحين تراجع كتاب الروض النضير تجد أن مذهبهم قريب جدا لمذهب الإمام أبو حنيفة, لاسيما أن مذهب أبو حنيفة نشأ في الكوفة, وهم كانوا موجودين وقتها في العراق.
أما الفروع الفقهية, فالاختلاف فيها له أسبابه, السبب الأول: قد يرجع إلي أن اللفظ القرآني في لغة العرب يطلق علي كثير من المعاني, وهو ما يسمي باللفظ المشترك, مثل لفظ النكاح, فهو يطلق علي عقد النكاح, وعلي الوطء وهو الدخول بالزوجة, وأيضا لفظ القرء الذي يطلق علي الحيض, وكما يطلق علي الطهارة منه. والسبب الثاني: هو السنة النبوية من حيث طرق روايتها, فعند الشيعة لا يأخذون إلا بالراوة الذين ينتسبون إلي أهل البيت, فيستدلون بهذه الأحاديث فقط, أما عند أهل السنة فطالما الحديث صحيحا, فهم لا يلتفتون علي الراوي بشرط أن يكون هذا الراوي عدلا منضبطا سواء كان من أهل البيت أم لا, والاختلاف ظهر في نكاح المتعة, حيث أن الشيعة الإمامية وغيرهم يقولون بجواز نكاح المتعة استدلالا علي ما جاء عند ابن عباس, وهو من أهل البيت, حيث قال: أنه رخصة, وأنه مباح, بينما يناقش القرآن دليلهم في قوله تعالي' فما استمتعتم به فآتوهن أجورهن فريضة', وهم أي الشيعة- يقولون إن التعبير بلفظ الاستمتاع, وهو يفيد المتعة, ويقولون أن الآية الكريمة تنص علي كلمة الأجر, ولم تقل مهرا, ونكاح المتعة في مقابل أجر, ونحن نرد عليهم بأن المقصود بالاستمتاع هو الدخول التام بالزوجة في الزواج الصحيح المؤبد, وأن التعبير بالأجر عن المهر, فقد ورد في آيات كثيرة أنه يفيد المهر وليس الأجرة لان المرأة مكرمة ولا تستأجر.
أما السبب الثالث للخلاف, فيرجع إلي التعارض الظاهري بين الأدلة, حيث يوجد دليل عام, كما يوجد دليل آخر يخصصه, أو دليل مطلق, ويوجد دليل آخر يقيده, وقد اختلف الفقهاء في منهج الجمع بين الدليلين.. وأذكر هنا الاختلاف في نظام الأسرة في الإسلام, ففي مسالة الإشهاد علي الطلاق, يقول الشيعة أن الطلاق لا يعتد به شرعا إلا إذا وقع أمام شهود, واستدلوا علي ذلك بقوله تعالي في سورة الطلاق' فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف, واشهدوا ذوي عدل منكم, وأقيموا الشهادة لله', أما جمهور الفقهاء من أهل السنة فقالوا إن أمر الإشهاد هنا للإرشاد والندب( الاستحباب), بدليل أن الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يطلقون من غير شهود, غير أن الشيعة قد استدلوا بظاهر النص القرآني, بينما استدل السنة بفعل الرسول والصحابة, وقد رجحت رأي الشيعة في ذلك, فعندما يحدث اختلاف بين الجانبين فإننا ننظر علي المقاصد الشرعية.
أما الشيعة المتطرفين, فهم يكفرون الخلفاء الراشدين, لتعصب هؤلاء الشيعة للإمام علي, ولإحساسهم بأحقيته بالخلافة بعد الرسول, خاصة إن الإمام علي وهب حياته لإنقاذ الرسول, فضلا عن أنه زوج ابنته فاطمة, وهي بضعة من الرسول كما قال, كما أنهم يكفرون السيدة عائشة لأنها خرجت في موقعة الجمل مع عثمان بن عفان رضي الله عنه ضد الإمام علي, وحدث ما حدث من فرقة نعيشها حتي الآن, وقسمت الأمة إلي أحزاب وفرق.
اختلاف عقائدي
والحقيقة, أن الاختلاف بين السنة والشيعة اختلاف عقائدي' ويقول المولي عز وجل' ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة, ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك, ولذلك خلقهم', وقد جعل الله الاختلاف سنة من سنن الكون, في التفكير, والأجناس, والعقائد.. وفي كل الأحوال, فإنني أهيب بمؤسسة الأزهر أن تقيم حوارا علنيا للمناظرة بيننا وبينهم إفهام الناس أن الاختلاف بين السنة والشيعة ليس اختلافا في العقيدة, فهم يؤمنون بالله, ورسوله, وإقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, وأداء فريضة الحج, وإذا كان بعضهم يكفر الخلفاء الراشدين, فهم فئة قليلة, ولا ينبغي أن نجعلها فرصة للخلاف بيننا وبينهم.
الخلافة بداية الصراع
و بعد رسول الله( صلي الله عليه وسلم) استقرت الأوضاع قرابة20 عاما, بخلافة أبي بكر, وعمر, وعثمان, إلي أن جاء الإمام علي وهدأت الأوضاع بخلافته, ثم حدث صراع علي الخلافة بين علي, وبين معاوية بن أبي سفيان الذي كان أميرا في الشام, وكان يرغب في استمرار خلافته بعد عثمان رضي الله عنه, وقبل الإمام علي التحكيم, والذي انتهي بتسويد( سيادة) إمامة معاوية, فحدثت بعدها الخلافات والصراعات التي كونت الفرق والجماعات, فمنهم من خرج علي الإمام علي وخطأه, ومنهم من بقي علي شيعته, ومنهم من ترك الخوارج والشيعة, وعاش مسالما يتبع القرآن والسنة, ويفوض الأمر إلي الله عز وجل في تلك الفتنة.. هكذا قال لي الدكتور سعد الدين هلالي أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر.
والمؤكد كما يقول الدكتور هلالي- أن أي فتنة يستفيد من ورائها رموز, وقد حرص هؤلاء الرموز علي بقاء تلك الفرق, والاتفاق علي وجودها وهويتها, فظهرت لكل فرقة سمات تميزها عن الأخري, ومن هذه الفرق الإمامة, أو الجماعة الإثني عشرية, وهي فرق الإمامية التي تؤمن بأن الإمامة من نسل علي إلي الإمام الثاني عشر, الذي خرج في قضاء حوائجه, ولم يعد, وهم ينتظرونه حتي الآن, فصار المسلمون بلا إمام حتي يعود هذا الإمام الغائب, وهذا الفكر قبله من قبله, وخالفه الكثيرون إذ كيف يعيش الناس بدون حاكم ظاهر, يرونه ويراهم, لكن بقيت الأفكار في نطاق العقيدة عند الشيعة الإمامية حتي لا تعطي الحق للناس في المناقشة, لان المسألة لو صنفناها عقيدة فهي بذلك لا تدخل في النقاش العقلي, وإنما تدخل مع الإيمان, والتسليم بخلاف المسألة لو كانت فقهية, فالفقه يقبل النقاش العقلي.. ومن هنا كانت قضية الإمامة داخلة عند الشيعة في قسم العقيدة, بخلاف الفقه السني الذي يراها من مسائل الفقه الذي يقوم علي إعمال الفكر, والعقل, والمناقشة والحوار, والأخذ, والرد.. وهذه هي القضية المحورية التي فرقت المسلمين شيعة, وسنة, والعجيب أن الشيعة بفرقهم الكبيرة وهي الإمامية الذين يؤمنون ويعتقدون بغياب الإمام الثاني عشر, ويصلون منفردين بلا إمام, ولا يقيمون الجمع لغياب الإمام, قد بدأوا في الآونة الأخيرة, يصلون الجماعة, ويؤدون صلاة الجمعة, ويخطب فيهم إمام, ويصلي بهم, وإن كان ذلك تحت حيلة نائب الإمام, فصار في الصورة الظاهرة أنهم يصلون الجمعة, وغيرها في جماعة, فاقتربوا من الجانب الفقهي الذي قال به أهل السنة.
عصمة الإمام
غير أن فكرة الإمامة كانت قد تطورت عندهم إلي عصمته, بمعني أن الإمام لا يخطئ, ولا يناقش, ولا يرد قوله باعتبار العصمة, وهذا بالتأكيد يجعل عامة الناس يسلمون لنائب الإمام بما يقول, ويقينا فإن هذا الفكر يقسم المسلمين إلي من هو معصوم( يقول ولا يعقب عليه), وإلي من هم من العامة الذين يسمعون ويطيعون, بخلاف الفقه السني الذي يري أن الجميع يؤخذ منه ويرد عليه, وأن المنافسة قائمة علميا بين المسلمين, فالحجة تقرع بالحجة, فلا سمع ولا طاعة إلا في المعروف, وهذه أيضا من تبعات قضية الإمامة التي ميزت هوية السنة من الشيعة.
أما سائر الأحكام الفقهية والمتعلقة بالعبادات( كالطهارة, والصلاة, والصوم, والزكاة, والحج), وتلك المتعلقة بالمعاملات( كالبيع, والإجارة, والشركة, والزواج, والهبة, وغيرها من المعاملات المالية, وكذلك عقد الزواج من الخطبة, وعقد النكاح, والطلاق وما يترتب علي ذلك من أحكام صغار, والإبلاء, وحقوق الزوجين, فضلا عن أحكام المطعومات, والمشروبات, والصيد, والذبائح, بالإضافة إلي أحكام تنصيب القضاء, وشروط الشاهد, ونظام التعامل القضائي, وأيضا أحكام القتال مع الأعداء فيما يعرف بباب الجهاد, وما يترتب عليه من أحكام الأسري والغنائم, وكل هذه الأحكام تعالج فقهيا عند السنة والشيعة بمعيار أصولي متقارب, ومقبول لدي الجميع, يختلفون, ويقبل بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه لإيمانهم بأن الأحكام الفقهية عبارة عن حكم يغلبه الظن, إذ يستنبط المجتهد بآلية بشرية معينة الحكم الذي يراه من وجهة نظره من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة, وهذه النصوص حمالة, بمعني أنها تعطي دلالات مختلفة بحسب نظرة الفقيه, فالكل إذن يعتقد اعتقادا جازما بصحة قول الإمام الشافعي( قولي صواب يحتمل الخطأ.. وقول غيري خطأ يحتمل الصواب), من هنا كانت الأحكام الفقهية مقبولة بتعدديتها, والكل يعذر الكل فيما اختلفوا فيه, حتي فيما يتعلق بجمع الصلاة ونكاح المتعة, والمسح علي القدمين بدلا من غسلهما في الوضوء.
وفي جميع الصلوات- والكلام مازال للدكتور سعد هلالي- يري أهل السنة, أن الصلاة كما قال تعالي' إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا' أي كل فرض في وقته, ولا يجوز الجمع بين الظهر والعصر, ولا يجوز أيضا الجمع بين المغرب, والعشاء إلا في حالة السفر, أو المطر, علي خلاف بين أهل السنة, فالشيعة قالوا بجواز الجمع المطلق بين الظهر والعصر في وقت أحدهما, وبين المغرب و العشاء في وقت أحدهما لتداخل الأوقات في هذه الفرائض.. وأهل السنة لا يعيبون هذا القول الفقهي, بل يتقبلونه فقهيا, وإن كانوا لا يعملون به, إلا في النوادر, كأن يحرج الإنسان في اجتماع, أو يحرج الطبيب في عملية جراحية تطول, فيجمع بين الصلاتين لهذا العذر, أو يحرج في المواصلات بسبب زحام المرور, واستدلوا بحديث رواه البخاري عن ابن عباس قال فيه: إن النبي( ص) كان يجمع بين الظهر, والعصر, وبين المغرب, والعشاء, بغير عذر سفر, ولا مطر, فسألوا ابن عباس عن الحكمة في ذلك فقال: أراد صلي الله عليه وسلم, ألا يحرج أمته, فالقضية فقهية, والخلاف فيها مقبول.
أما القضية الثانية, وهي تتعلق بنكاح المتعة, معناها الزواج المؤقت بمدة, حسب اتفاق الطرفين, وهذا الزواج أنكره أهل السنة, ويعتبرونه زنا, استدلالا بالأحاديث الصحيحة التي قالت بأن آخر عهد لرسول الله( صلي الله عليه وسلم) أنه منع نكاح المتعة بعد أن كان قد أجازه في خيبر, ولان نكاح المتعة يشبه تجارة الجنس الرقيق, وامتهان لكرامة المرأة, وأن الزواج بني علي الاستقرار من باب حفظ كرامة الزوجية, وجدية العلاقة الحميمة بالعقد الذي أسماه الله عز وجل ميثاقا غليظا, أما فقهاء الشيعة فلا يرون بأسا من نكاح المتعة, استدلالا بظاهر قوله تعالي' وآتوهن أجورهن', وبحديث الصحيح الذي يثبت أن النبي أجاز نكاح المتعة في خيبر, في السنة السادسة من الهجرة, لكي يعصم المجاهدين من الخطأ, حيث كان النبي لا يعلم مدة البقاء في حصارهم في خيبر, وبذلك تظهر القضية فقهيا, ولكنها ليست من قضايا العقيدة, ويقبل أهل السنة بهذا الخلاف فقهيا, ولا يعملون به من باب إجلال المرأة, وتعظيم حرمتها.
نأتي إلي الخلاف حول المسح علي القدمين في الوضوء, فأصل المسألة في المسح علي القدمين أو غسلهما في الوضوء هو قوله تعالي' إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلي المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلي الكعبين', ويمسح الشيعة علي أرجلهم, أما أهل السنة فيغسلونها, وهذه أيضا قضية فقهية, الكل يقبل الكل في الخلاف الفقهي فيها, حتي أنه روي عن الإمام مالك قوله إن المسلم مخير بين مسح, أو غسل القدمين.
ومما سبق يتضح أن الخلاف الفقهي بين السنة والشيعة هو مما يثري الفقه, ويظهر سعة الشريعة الإسلامية, ورحمتها بالناس, وأن النزاع بينهما في الفقه ليس نزاعا, وإنما هو منافسة في بيان أوجه رحمة الشريعة بالناس, ويبقي الخلاف الجذري, والذي نتمني ألا يكون أبديا وهو الخلاف حول الإمامة, وعصمة من يقوم مقام الإمام, فيما يعرف باسم ولاية الفقيه التي سبق بيانها, فهل يرشد المسلمون في هذا العصر, ويتركون مسألة الإمامة, وأن نتحاكم بالشرع حسب فهم العقل, لنجمع بين الشرع والعقل.. وأن يكون رئيسنا هو من نختاره ليقيم فينا العدل, فإن أساء قومناه, وإن عجزنا عن تقويمه عزلناه, دون أن تكون له عصمة ولا قدسية ترفع قدره إلي مكانة الأنبياء, فالكل بشر, ولو تم حل قضية الإمامة لأزلنا ثلثي النزاع بين السنة والشيعة, لان هذه القضية تبعها اتهام كبار الصحابة الذين أخذوا الخلافة بعد النبي دون الإمام علي بالخيانة, فضلا عن اتهام كثير من الصحابة الحافظين للأحاديث بعدم الأمانة, شكا في قدرتهم علي حفظ الأحاديث, مثل أبي هريرة الذي روي أكثر من3 آلاف حديث, برغم قصر مدة إسلامه في عهد الرسول, حيث أشهر إسلامه في السنة السادسة من الهجرة, وكذلك اتهام رموز الإسلام وأئمتهم في كل زمن لعدم موالاتهم للشيعة في قناعاتهم.. فإلي متي تظل الشيعة رافضة لقبول الآخر من أهل السنة, وإذا كان أهل السنة يقبلونهم, ويفوضون الأمر الخلافي لله سبحانه وتعالي, أفلا يكون من الإحسان, أن تعامل الشيعة بني عمومتها من أهل السنة بنفس الإحسان؟
الحديث عن التبشير باطل!
في حين يري المفكر الشيعي الدكتور أحمد هلال أخصائي الأمراض النفسية والعصبية أن ما يطلقه البعض حول ما يسمي بالمد الشيعي, أو عمليات التبشير فهي باطلة, لان الفكر سواء كان إسلاميا أو غير إسلامي هو ملك للجميع, ومن أراد أن يقرأ فليقرأ, أما الذين يحظرون الفكر, ويصادرونه فهم أصحاب فكر ضعيف, ويخافون من الآخر, وهم يعتمدون علي نظرية كراهية الآخر, وعدم قبوله, وهذه بدأت بإبليس الذي رفض أن يسجد لآدم بحجة انه خلق من مادة أحسن من الطين, مرورا بقصة قابيل وهابيل, وأخوة يوسف الذين قالوا' اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين', ثم سارت الأمور هكذا, ففي التاريخ الإسلامي كان العرب يتعالون علي العجم ويسمونهم بالموالي مع العلم بأنه لا فضل لعربي علي عجمي إلا بالتقوي.. وكلما ساد الجهل والتعصب بين الجانبين, فسيكون هناك غلاة عند السنة, وغلاة عند الشيعة, والحقيقة أن الفقه الإسلامي عند الجانبين هو ملك لكل المسلمين, وقد سبق أن قال الإيرانيون أنهم كانوا ينتظرون الفتوي من الأزهر الشريف إبان الثورة المصرية.
وفي رأيي أنه لا يجب التفريق بين مسلم, ومسلم, كما أن كل من يلعبون علي وتر السنة, والشيعة, والتفريق بينهما, من الجانبين هم مغالون, ومستفيدون بصورة أو بأخري, وبشكل عام أنا ضد الأحزاب الدينية.
الانتماء القومي للشيعة
والتشيع في العالم العربي كما يقول الدكتور عمار علي حسن الباحث في علم الاجتماع السياسي- سابق علي التشيع في إيران, ومختلف عنه في كثير من التصورات والتصرفات. فالتشيع لعلي بن أبي طالب, كرم الله وجهه, في جزيرة العرب بدأ قبل دخول الفرس الإسلام. وفي هذا الوقت كانت إيران مجوسية. فلما فتح المسلمون العراق وفارس, مالت قبائل عربية هناك إلي اعتناق التشيع, بينما ظلت الغالبية الكاسحة من الإيرانيين تعتنق المذهب السني, باستثناء قم, إلي أن تم تحويلهم قسرا سنة1500 م حين أعلن التشيع مذهبا رسميا للدولة الصفوية, بل إن الشيعة لم يصبحوا أكثرية في العراق إلا في القرن التاسع عشر, حين استقرت معظم القبائل البدوية علي أرض الرافدين, وتشيعت.
ويجب الأخذ في الاعتبار أن هناك مساحة شاسعة بين التعاطف و الولاء, وإذا كان الشيعة العرب يتعاطفون مع إيران, فإن هذا التعاطف امتد إلي السنة العرب أيضا في لحظات تاريخية محددة, مثل التي أعقبت قيام ثورة الخميني, التي بدت ملهمة للجماعات الإسلامية برمتها, ومثل فترات المواجهة بين إيران والغرب, حيث يري العرب السنة في النهاية أن إيران أقرب إليهم من أمريكا وإسرائيل, وأن هناك قواسم مشتركة بينها وبين العرب, خصوصا في مقاومة المشروع الاستيطاني الصهيوني, والتصدي للإستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
ولا يجب كما يقول الدكتور عمار علي حسن- أن تعمي الاختلافات المذهبية أبصارنا عما عداها. ومن الفطنة أن نخضع ما يخص الدين للحوار, علي أساس مبدأ نتعاون في ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه, ونخضع ما يتعلق بالسياسة للمصلحة العليا, فنعزز الوشائج التي تزيد من مناعة العرب, ليقاوموا مشروعات خارجية, يتأسس جانب منها علي بث الفرقة بينهم, علي خلفيات المذهب, والدين, والعرق, مثلما يجري الآن, في خدمة جليلة للأمريكيين الذين رفعوا شعار الفوضي الخلاقة ذاهبين إلي خيار مفتوح لإحياء النعرات الطائفية, والمذهبية في بلادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.