مع إغلاق أبواب أرض المعارض بمدينة نصر مساء أمس, انفضت الدورة الثانية والأربعين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب فيما سبقها قبل أيام قليلة اختتام فاعليات النشاط الثقافي بالمعرض, الذي اقتصرت مدته في هذا العام علي12 يوما فقط من أيام المعرض السبعة عشر(!!) . وقد ساد دورة هذا العام هدوء نسبي إذ خلت تقريبا من المنغصات المعتادة المفسدة لأجواء هذا الحدث الثقافي المهم والتي دفعت عددا من المبدعين والناشرين في إحدي السنوات للتردد علي أقسام الشرطة بأكثر من عدد المرات التي ترددوا فيها علي المعرض, ليسجل قسم قصر النيل عدد تسعة بلاغات لأديب واحد في يوم واحد(!!). فكان من نصيب مشكلة المصادرات كتابان فقط هما رواية علوية صبح اسمه الغرام ورواية ادريس علي الزعيم يحلق رأسه. بينما أثار كتاب تحقيق الجيلاني العالم الصوفي الكبير الذي ظهر في أكثر من دار نشر قضية تزوير الكتب وقرصنة الناشرين. وفي ظني أنه بالرغم من حالة الهدوء التي سادت المعرض وأهمية عدد لا بأس به من المحاور التي طرحها والتي اختار فريق العمل بصفة دنيا الثقافة أن يسلط عليها الضوء في الاسبوع الماضي وعلي صفحة اليوم, إلا أنه يتعين علينا أن نشير لعدد من الملاحظات التي استرعت انتباهنا أثناء متابعة فاعليات معرض هذا العام, والتي يمكن تلخيصها فيما يلي: 1 بالرغم من أن بعض الندوات تم تخصيصها لأدب الطفل وثقافته, إلا أنه من الواضح أن غياب معرض متخصص لكتاب الطفل قد أثر سلبا, سواء من حيث عدد رواد المعرض من الأطفال أو عدد الكتب المخصصة للأطفال أو تلك التي تتناول الجوانب التي تتصلب عمليات التنشئة الثقافية وعدد الندوات المخصصة للطفل وللمتخصصين. الأمر الذي أتصور أنه لابد أن يعاد النظر فيه خاصة في ظل الاهتمام المتزايد بالطفولة محليا, عالميا ووثيقة حقوق الطفل المزمع اصدارها بالتزامن مع النداء العالمي الذي سيوجهه أطفال مصر لأطفال العالم في هذا الشهر من منطقة الأهرامات بالجيزة لحماية حقوق الطفل والتفاعل الثقافي بين أطفال العالم. ولعل التقرير الذي نقدمه اليوم حول المبدع الصغير والاهتمام العالمي بجيل الأطفال المبدعين وظهور المؤلف الصغير الذي فتحت التكنولوجيا المتقدمة أمامه فرصا لم تكن موجودة من قبل, يؤكد أهمية عودة معرض متخصص لكتاب الطفل وضرورة تكثيف الأنشطة الثقافية الموجهة له. 2 رغم أنه لا توجد بين أيدينا احصائيات موثقة توضح عدد رواد المعرض أو نسبة الاقبال علي شراء الكتب أو نوعية الكتب الأكثر مبيعا, إلا أن ما رصده فريق العمل بدنيا الثقافة يشير إلي شكاوي عدد من الرواد من ارتفاع أسعار الكتب وتذمر عدد من الناشرين من ضعف حركة البيع مقابل الاقبال علي مطبوعات الأجهزة الثقافية الحكومية مما يؤكد ضرورة عدم تخلي الدولة عن دعمها لصناعة النشر والكتاب. في نفس السياق أتصور أنه من الضروري دعم مشروع المكتبات المتنقلة وزيادة عدد منافذ المكتبات العامة التي توفر الكتاب والأنشطة الثقافية الجاذبة التي تدور حوله. 3 أعترف أنني لم أجد مبررا منطقيا واحدا لاختتام البرنامج الثقافي للمعرض قبل أيام من انتهاء دورة المعرض نفسه. فعبر سنوات متابعتي لمعرض الكتاب لاحظت أن هذه الأنشطة كانت وسيلة فعالة لاجتذاب الجمهور العادي واستثارة اهتمامه بعدد من القضايا التي قد تكون خارج أجندته اليومية, بل والترويج للكتب. وأزعم أنني في عدد لا بأس به من الندوات كنت ألاحظ استمرار متابعة جمهور الصدفة ممن دلفوا للمخيم أو القاعة المخصصة لإحدي الندوات لمجرد التقاط الأنفاس فيما بين تنقلاتهم بين أجنحة المعرض المختلفة, لفاعليات الندوة, بل وحرصهم علي البحث عن الكتب المتصلة بموضوعها فيما بعد. وأزعم أن اختزال هذه الأنشطة قد أثر سلبا علي الحضور وأهدر وسيلة جيدة لترويج الكتب, يخيل إلي أنها أكثر فاعلية من حفلات التوقيع التي ازدحم بها المعرض وأنهكت الناشرين بحثا عن حضور غير مستعد لأن يخرج من حافظة نقوده جنيهات لشراء كتاب, اللهم إلا إذا كان لكاتب معروف أو لمضمونه ليستثير فضوله وشهوته للمعرفة, وهو الأمر الذي كان يتحقق من خلال النشاط الثقافي وموائده وحلقاته النقاشية. 4 ولعل من أهم الايجابيات التي شهدها معرض هذا العام التي لابد أن نتوقف أمامها تلك المتابعات المسموعة والرسائل الصوتية التي كان البرنامج العام يبثها بالإذاعة المصرية يبثه خلال فترة الضحي والمساء والتي قدمت جرعة مكثفة من خلال الفترة الثقافية التي تحمل عنوان تنويعات علي لحن الحياة. فقد استطاعت د. مشيرة كامل وفريق العمل بالبرنامج من خلال اللقاء الحي مع المشاركين في الندوات ورواد المعرض وتلخيص الندوات أن تنقل المستمع المصري أينما كان لأرض المعارض بالقاهرة ليتابع القضايا الثقافية الملحة ويشارك برأيه فيها ولو عن بعد من خلال المداخلات الهاتفية. وفي ظني أن تعميم هذه التجربة سواء في الاذاعة المسموعة أو المرئية وتكرارها علي مدار اليوم يعد خطوة حقيقية للخروج بالعمل الثقافي لكل الناس. وأخيرا, اسمح لنا عزيزي القارئ قبل أن نسدل الستار علي دورة معرض كتاب هذا العام أن نسلط الضوء علي عدد من المحاور المضيئة والندوات التي اختارها لك فريق عمل دنيا الثقافة.. وكل معرض كتاب وأنتم بخير..