إيرادات الأحد.. "روكي الغلابة" الأول و"أحمد وأحمد" في المركز الثاني    القولون العصبي وأورام القولون- 3 أعراض للتفريق بينهما    رابط المناهج المطورة للصفوف من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعدادي    غدًا.. إعلان النتيجة الرسمية لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 (تفاصيل)    رئيس الوزراء يتوجه إلى عمان للمشاركة في فعاليات الدورة ال33 للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة    تفاصيل قرار تعديل رسوم السحب من "فودافون كاش"    المصريون علمونا كل حاجة.. العبار: الاستثمار والعمل في مصر أفضل من الإمارات    وزير الخارجية: مصر لا تمانع نشر قوات دولية في غزة    الرئيس اللبناني يؤكّد المضي قدماً في تنفيذ قرار تحقيق حصرية السلاح بيد الدولة    طائرتا إطفاء يونانيتان تتجهان لدعم ألبانيا في مواجهة الحرائق    موعد مباراة بيراميدز وأوكلاند سيتي في كأس إنتركونتيننتال للأندية    إقبال كثيف على شواطئ الإسكندرية مع ارتفاع الحرارة ورفع الرايات التحذيرية    لافتة إنسانية.. محافظ الفيوم يعلّق العمل الميداني لعمال النظافة خلال ذروة الموجة الحارة    ماس كهربائي يحوّل شحنة بطاطس إلى رماد على طريق السويس (صور)    كاميرات المراقبة تكشف لحظة دهس 9 أشخاص بكورنيش الإسكندرية (صور)    "تعليم الفيوم" يكرم المتدربين الحاصلين على البرنامج التدريبي "قيادات الغد.. تميز في عصر التكنولوجيا"    محمد قماح بعد فترة الغياب ل«الشروق»: المنافسة في موسم مزدحم تجعل المطرب يكتشف مناطق قوته وضعفه    تفسير رؤية الدجاج في المنام.. الدلالات النفسية    مستشار المفتى يحذر من الذكاء الاصطناعى فى الفتوى: «الاعتماد عليه خطر»    رمضان عبد المعز يفسر قوله تعالى: "وأما بنعمة ربك فحدث"    هل الأموات يسمعون ويراقبون أحوال الأحياء؟.. الإفتاء تجيب (فيديو)    استمرار فعاليات البرنامج الصيفي للطفل بمديرية أوقاف الفيوم بمشاركة الأئمة والواعظات    صحة مطروح: 3720 قرار علاج على نفقة الدولة ب11.2 مليون جنيه منذ بداية 2025    برعاية وزارة الشباب والرياضة.. تكريم شيري عادل في مهرجان إبداع بدورته الخامسة    "الصحفيين الفلسطينيين": استهداف الصحفيين في غزة جريمة ممنهجة لطمس الحقيقة    تداول 56 ألف طن بضائع عامة و693 شاحنة بمواني البحر الأحمر    تقارير: إيفرتون يقترب من حسم إعارة جريليش    ما حكم تأخير الإنجاب فى أول الزواج بسبب الشغل؟ .. عضو بمركز الأزهر تجيب    محافظ الأقصر يبحث مع وفد الصحة رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية بالمحافظة    تحليل المخدرات شرطا للترشح لعضوية أو رئاسة مجالس إدارات الأندية ومراكز الشباب    «يلوم نفسه».. كيف يتعامل برج العذراء عند تعرضه للتجاهل؟    بدء تداول أسهم شركتي «أرابيا إنفستمنتس» في البورصة المصرية    صراع إيطالي للتعاقد مع نجم مانشستر يونايتد    شوبير: كوبري وسام أبو علي؟ عقده مستمر مع الأهلي حتى 2029    البورصة المصرية تخسر 335 مليون جنيه في ختام تعاملات الاثنين    شيخ الأزهر يستقبل مفتي بوروندي لبحث سُبُل تعزيز الدعم العلمي والدعوي والتَّدريب الديني    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية خلية العجوزة    "اليوم" يعرض تقريرا عن الفنان الراحل نور الشريف فى ذكرى وفاته    أوسكار يراجع تقييم الأداء في الدوري مع 4 حكام بعد الجولة الأولى    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    قصة المولد النبوى الشريف مختصرة للأطفال والكبار    السقا: التعادل أمام الأهلي بطعم الفوز.. ولا أعلم سبب اعتذار حسام حسن فهو ليس كمتعب    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    إجراء 15 عملية قلب مفتوح وقسطرة علاجية في الفيوم بالمجان    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم يقرأ
الشاعرة والطاغية

شاعرة موهوبة‏.‏ ظلت طوال سبعة عشر شهرا تؤدي‏,‏ في صبر وأناة و ألم‏,‏ طقوس رحلة يومية حزينة‏.‏ كان قلبها ينفطر علي مصير ابنها منذ اعتقلته السلطات إبان حكم الطاغية السوفيتي جوزيف ستالين بدعوي مناهضته لسلطته الاستبدادية‏.‏ وكانت الشاعرة آنا أخماتوفا تخرج كل صباح من منزلها وتتجه الي السجن البكير في مدينة بطرسبرج, وتداعبها الأماني في أن يطمئنها أحد علي ابنها الذي تم نفيه في أصقاع سيبريا. لكن أحدا لم يطمئنها.
وكانت آنا أخماتوفا قد كابدت هلعا وحزنا ثقيلا عندما اعتقلت السلطات زوجها بعد ثماني سنوات من زواجهما عام1910, وتم اعدامه بتهمة التآمر عام.1921 وقد حدث ذلك في أعقاب اندلاع الثورة البلشفية في روسيا عام1917 والإطاحة بحكم القياصرة.
وكانت السلطات السوفيتية قد زجت بآنا في النفق المظلم الذي تدفع في دهاليزه بالشعراء والكتاب والفنانين الذين لا يمتثلون لاملاءات الحزب الشيوعي. ولذلك تم حظر نشر قصائدها ومصادرة دواوينها. وبرغم ذلك ظلت تكتب القصائد في هجاء الطاغية ستالين. وكان يقرؤها أصدقاؤها المقربون وكأنها منشورات سرية.
هذه الشاعرة الحزينة والنبيلة التي كانت تطاردها سلطات الطاغية وتلاحقها عيونه الفولاذية.. توهجت موهبتها في وقت مبكر من حياتها, فلم تكن قد تجاوزت الثانية عشرة من عمرها عندما حلق في حجرتها طائر الشعر الجميل وكتبت قصيدتها الأولي ونشرت ديوانها الأول تحت عنوان أمسية عام.1912 ولم يمض عامان حتي نشرت ديوانها الثاني. وكان استقبال النقاد لقصائدها عظيما, واحتفاء القراء بها كبيرا.
ولكن ما إن نشرت آنا اخماتوفا ديوانها الثالث تحت اسم السرب الأبيض عام1917, حتي بدأت معاناتها مع السلطات السوفيتية الجديدة لأنها كانت تغرد خارج السرب الشيوعي والشمولي, وبرغم اضطهاد السلطات لها إلا أن موهبتها جعلت منها أيقونة روسية وعالمية, واضحت من أشهر وأبرع شعراء روسيا في القرن العشرين.
وبرغم أن آنا الموهوبة والحزينة والجميلة قضت نحبها وحيدة ويائسة عام1966, إلا أنها ماتزال ملء السمع والبصر, وليس أدل علي ذلك من أن القراء في فرنسا يقرأون هذه الأيام قصائدها.. بينما تعرض لها دار أوبرا ميرة حياتها وسط اقبال المشاهدين من الأجيال الجديدة المولعة بالشعر والفن والحياة..
ولعل السؤال الذي تطرحه قصائد آنا ومسيرتها هو كيف يمكن للفنان أن يعيش وسط أجواء كابوسية خانقة وضاغطة وينتج فنا رائعا؟.. ومن المرجح أن أخماتوفا قد حاولت الأجابة علي هذا السؤال عندما قالت بصدق إن الشعر هو الصلة التي تربط بيني وبين الناس والحياة.
ولذلك لم يكن غريبا أن تكتب آنا أخماتوفا قصيدة ثم تقرؤها لصديقة لها.. وما إن تنتهي من تلاوتها حتي تشعل الورقة التي كتبت عليها بعود ثقاب!!.
لقد عاشت آنا حياة بالغة القسوة في ظل حكم الطاغية ستالين. فقد نصب ستالين نفسه حارسا فظا علي ابداعات الروائيين والشعراء والكتب. وحدد لهم بغلظة معايير التعبير الأدبي والفني. وأولها وأهمها الولاء المطلق للحزب الشيوعي, وله شخصيا, وكان من يجرؤ علي الخروج علي نص هذه المعايير أو يتمرد فنيا عليها يتم الزج به في معسكرات الاعتقال.
ولذلك تم حظر نشر قصائد أنا طوال الفترة من1922 وحتي.1940 ثم سمحت لها السلطات بالنشر لفترة وجيزة. وسرعان ما انقلبت عليها وطردتها من عضوية اتحاد الكتاب عام.1946
ولم تتنفس آنا الصعداء الا بعد موت الطاغية ستالين عام1953, ويشير الدارسون والمؤرخون الي أن أحوال الشاعرة تحسنت الا قليلا في الفترة التي يطلق عليها ذوبان الجليد في موسكو. وبرغم ذلك فإن آنا لم تنشر معظم قصائدها أبان حياتها. وربما كان ديوانها الأخير الذي جاء تحت عنوان موحي أشعار بلا بطل.. يشير إلي ما تعرضت له من معاناة وأحزان. وبرغم ذلك فأن نا بروجها الصافية لم تكن مقتا ولا كراهية للحياة. فقد قالت قبل سنوات قلائل من موتها أنها سعيدة لانها عاشت هذه الحياة..
وما يتعين ذكره أن ديوانها الأخير قد نشر بعد موتها..
وتكشف حياة آنا أخماتوفا عن حقيقة أن الطغاة لا يقرأون قصائد الشعراء. وتراودهم حماقة محمومة في نصب المشانق للشعراء, واضرام الحرائق في الكتب حتي يختفي الجمال وتذوي المعاني, وتمحوا مقصلة الرقابة الكلمات.
وأخيرا.. فقد كانت آنا اخماتوفا جميلة, وآثر جمالها.. ولذل رسم لها الفنان التشكيلي العالمي موديلياني أكثر من لوحة باهرة..
وتبقي أنا الشاعرة الموهوبة والجميلة.. بينما غمر غبار التاريخ الطاغية.
المزيد من أعمدة محمد عيسي الشرقاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.