كان بريد الجمعة8 ابريل بعنوان الآنسة... هذه الكلمة الرقيقة المرتبطة بالشباب والحيوية.. والشياكة والدلال والدلع.. والأحلام الغضة الدافئة.. لكن صاحبة الرسالة جعلت منها فزاعة.. كلها خوف وتوجس وألم.. والسبب في العنوسة.. وعلي أساس ثقافة مجتمعية تجعل زواج البنت منتهي النجاح.. وقمة السعادة.. وماعدا ذلك نكدا وسوء حظ.. ليكن ذلك واقعا يصعب تجاهله.. وبه نبرر أحزان صاحبة الرسالة.. لكن الحياة أكبر من ذلك.. فهي عطاء رباني ذو أبعاد ومعان تفوق حدود الخيال.. وغنية بالنعم التي تستعصي علي الحصر.. وبنص قرآني صريح وبديع وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.. قد نتعجل إحدي النعم زمانيا ومكانيا... كما وكيفا.. لكن حكمة الله الواهب المانح.. جعلت له عز وجل الكلمة الفصل لعلمه المسبق والمطلق بما يصلح لعباده..... وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والعكس صحيح.. نعم.. نحن مكلفون بالأخذ بالأسباب المباحة والمتاحة لكن يبقي التحقيق بيد صاحب الأمر كله.. ومسبب الأسباب. لذلك لابد من الالتزام بحدود عبوديتنا لخالقنا ورازقنا, ومدبر كل أمورنا.. فهو الأعلم بها وبنا.. والأكثر لطفا ورحمة.. والأقرب إلي كل منا من أنفسنا... وسكة السلامة الوحيدة لنا كبشر... في التوحد مع الله عز وجل... حبا وطاعة وأملا.. لكن الآنسة صاحبة الرسالة تختزل هذه القضية الكبري في كلمة الحظ... فتقول حياتي ينقصها الحظ.. ثم توضح بالقول أشعر أن شيئا ما يحول دون رؤية بعض الرجال لي ثم تنتهي إلي مطلق الفراغ اليائس قائلة لا أحد يشعر بي ولا أحد يحاول مساعدتي..!! هكذا.. سجنت نفسها في قناعات غيبية.. فكل شيء ضدها قدرا مقدرا... ونسيت أو تناست.. وربما جهلت أن الله عز وجل قد حرم الظلم علي نفسه, وعلي عباده.. وأنه قريب يجيب دعوة الداعي... وأن رحمته وسعت كل شيء.. إن صاحبة الرسالة تحبس كيانها كله في زاوية العنوسة.. تنام وتصحو علي أوجاعها!! لاشك في أن الزواج حق لكل أنثي.. لكن تأخر الزواج لا يعني نهاية العالم.. ولا يلغي مباهج الحياة الأخري, والتي اعترفت ببعضها عندما تقول أسمع كلمات إطراء ومديح كثيرة ممن أتعامل معهم.. وأشعر بحبهم واحترامهم لي.. وشهادتهم بحسن أخلاقي وخلقي.. وتبقي المشكلة في أننا كبشر ضعاف لا نلتفت إلي ما بين أيدينا من نعم.. ونسعي إلي المجهول كردكم.. وأقول للآنسة صاحبة الرسالة يا أختاه... أخرجي من ذلك النفق النفسي الضيق... إلي الحياة علي اتساعها وعمقها.. وما تحويه من جماليات صنع الخالق... وكما قال الشاعر الفيلسوف.. إفرح بدنياك وأشبع من مشاهدها فبعدها لن تري شمسا ولا قمرا ولاشك أنك كفتاة متعلمة.. تعرفين أن العنوسة مشكلة عامة.. وليست إثما يعيب.. ولا ذنبا يخيف.. بل هي عارض اجتماعي.. ولظروف طارئة... سوف تزول.. وحتي يتحقق المراد قريبا وبإذن الله.. هيا نغني للحياة.. ونبتهج..!!.