لأنه من المستحيل أن تستسلم أي أمة ناهضة للجمود الذي يعني أن يكون مستقبلها محاكيا لماضيها تنشأ وتتعزز ثقافة التغيير بالقوي الإصلاحية المستنيرة التي تدق علي أوتار التبشير بأن الغد لابد أن يكون أفضل من الأمس. وعندما نتحدث عن ثقافة التغيير ومسئولية القوي الإصلاحية المستنيرة في نشرها وزيادة الوعي بها فإن ذلك ليس سوي الخطوة الأولي علي طريق التغيير الذي لا يتحقق بالكلام والوعظ والإرشاد وإنما يتحقق بخطط وآليات وبرامج قابلة للتنفيذ علي أرض الواقع. ولأن التغيير ليس مجرد حلم مشروع يمكن بلوغه بالتمني والأمل والرجاء وإنما هو عملية ميكانيكية معقدة تصطدم بتحديات وعقبات ومصاعب متنوعة فإنه من الطبيعي أن تسبق ولادة التغيير مواجع وآلام تعكس ما يشبه حالة المخاض الصعبة التي لا يخفف من حدتها سوي الأمل في انتظار سماعة الصرخة الأولي للمولود الجديد. وإذا كانت خبرة الكبار ضرورية عند وضع أجندة التغيير فإن تنفيذ الأجندة يقع علي عاتق الشباب الذين يملكون الحيوية والطاقة والقدرة علي اكتساب المهارات الحديثة واستيعاب المستجدات والمتغيرات في كافة المجالات. ومن هنا تأتي أهمية الفهم الصحيح بأن التغيير بحثا عن الأفضل وعن الجديد لا يعني هدم كل ما هو قديم وإنما يتطلب الأمر بناء الجسور المتينة التي يمكن من خلالها تأمين عملية انتقال الخبرة والمعرفة والتي يصطلح علي تسميتها علميا باسم ثقافة تواصل الأجيال. وكل الحضارات التي ازدهرت علي طول التاريخ لم يكتب لها القدرة علي الاستمرار وتحدي عوامل الزمن سوي بالقدرة علي بناء جسور التواصل بين الأجيال التي تحمي ماضي الأمم من عبث الهدم ولا تصادر الحق الواجب المشروع في التغيير لضمان امتلاك المستقبل. وهذه الجسور التي تضمن تواصل الأجيال ليست جسورا من الطوب والأسمنت والحديد وإنما هي جسور من الثقة والحب والاحترام المتبادل بين الأجيال. خير الكلام: ومن يجعل المعروف في غير أهله... يكن حمده ذما عليه ويندم! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله