مصر وروسيا توقعان بروتوكولاً مكملًا لاتفاقية التعاون فى بناء وتشغيل محطات الطاقة النووية    حنفي جبالي: رئيس الجمهورية اختار طريق العمل في صمت والإخلاص في أداء الواجب    هل تأثرت الشبكة المالية الرقمية للحكومة المصرية بحريق سنترال رمسيس؟    وفّر في استهلاكك وادفع أقل في فاتورة الكهرباء    النواب يوافق مبدئيًا على اتفاق قرض المرونة الغذائية    ترامب: أود رفع العقوبات الأمريكية الصارمة عن إيران    جيش الاحتلال يعلن مقتل 5 من جنوده خلال اشتباكات بشمال غزة    رئيسة المفوضية الأوروبية: الاتحاد الأوروبي ملتزم بانخراط قائم على النتائج مع الصين    الاحتلال يجبر الفلسطينيين على النزوح قسرا من مناطق في مدينة خانيونس    فران جارسيا: علينا إثبات أن ريال مدريد أفضل من سان جيرمان على أرض الملعب    الأهلي يرفض تخفيض مطالب بيع وسام أبو علي ويتمسك ب12 مليون دولار    خبر في الجول - اختبارات بدنية ومعسكرات لتجهيز الحكام للموسم الجديد    حريق سنترال رمسيس| «المصرية للاتصالات» تنعي شهداء الواجب وتعد بالدعم الكامل    عرض ماكبث المصنع كامل العدد على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    جوزيف عطية وملحم زين يجتمعان في ليلة غنائية واحدة بمهرجان جرش بالأردن    حالة الطقس في الإمارات اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو حادث سير بالطريق الدائري وواقعة السير عكس الاتجاه    لليوم الثاني.. فرق الإنقاذ تواصل جهودها لانتشال جثتين سقطت بهما سيار نقل من «معديه» بنهر النيل في قنا    ريبيرو يتمسك بالرباعي الخبرة.. ورفض رحيل عبد القادر للسعودية    فرنسا تشدد الخناق على الإخوان.. ماكرون يطلق حزمة إجراءات صارمة لمواجهة التطرف    رامي جمال: عمرو دياب أسطورة حية.. وأنا مش من جيله علشان أتقارن بيه    فيضانات تكساس الكارثية تودي بحياة أكثر من 100 شخصًا    إجراء احترازي بسبب الطقس.. مترو الأنفاق يعلن تقليل سرعة القطارات إلى 60 كم/س حفاظًا على سلامة الركاب    محافظ الجيزة: منظومة ذكية لإحكام السيطرة على نقل مخلفات البناء والهدم    الخميس.. غلق باب تلقى أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ    الطيران المدني: عودة حركة التشغيل إلى طبيعتها بمطار القاهرة    استمرار عمليات التبريد فى مبنى سنترال رمسيس لليوم الثانى وسط حالة استنفار    افتتاح قبة «سيدي جوهر المدني» في شارع الركبية بحي الخليفة    بتكلفة 2 مليون جنيه.. بدء التشغيل التجريبي لوحدة «عناية القلب» بمستشفى الحسينية المركزي    فيلم ريستارت يقفز بإيراداته إلى رقم ضخم.. كم حقق في دور العرض الإثنين؟    «هتضحك معاهم من قلبك».. 4 أبراج يُعرف أصحابها بخفة الدم    الجبهة الوطنية: نؤكد أهمية خروج الانتخابات بصورة تليق بالدولة المصرية    المصرية للاتصالات تنعي شهداء الواجب في حادث حريق سنترال رمسيس    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    تراجع أسعار النفط مع تقييم المستثمرين تطورات الرسوم الأمريكية    ضبط أدوية مغشوشة داخل منشآت صحية بالمنوفية    بالصور.. رئيس جامعة دمياط يفتتح معرض مشروعات تخرج طلاب كلية الفنون التطبيقية    تحرك برلماني عاجل بعد توقف خدمات الاتصالات والانترنت وماكينات الصرافة بسبب حريق سنترال رمسيس    وزير الإسكان يتفقد المنطقة الاستثمارية ومشروع الأرينا بحدائق "تلال الفسطاط"    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    رسميًا.. صفقة الأهلي "الحملاوي" ينضم إلى كرايوفا الروماني    رئيس الرعاية الصحية: تطوير المنشآت الطبية بأسوان وربط إلكتروني فوري للطوارئ    وكيل وزارة الصحة يتابع انتظام العمل بوحدات إدارة إسنا الصحية.. صور    استمرار تلقي طلبات الترشيح في انتخابات مجلس الشيوخ بشمال سيناء    الداخلية تضبط 10 قضايا جلب مواد مخدرة    طريقة عمل الكشري المصري بمذاق لا يقاوم    وزيرة التنمية المحلية تتابع عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس    التقديم الإلكتروني للصف الأول الثانوي 2025.. رابط مباشر وخطوات التسجيل والمستندات المطلوبة    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    معلق مباراة تشيلسي وفلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية    البرازيل ونيجيريا تبحثان التعاون الاقتصادي وتفعيل آلية الحوار الاستراتيجي    رغم غيابه عن الجنازة، وعد كريستيانو رونالدو لزوجة ديوجو جوتا    هشام يكن: جون إدوارد و عبد الناصر محمد مش هينجحوا مع الزمالك    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارئ بهاء الدين محمد يكتب: لماذا تفشل الثورات؟!
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 08 - 2011

في كتاب رائع بعنوان "نحو ثورة في الفكر الديني"، يقول المرحوم د. محمد النويهي "أن صراع البقاء لا يحابي ولا يجامل. فالتاريخ المحايد في جريانه وفق قوانينه الموضوعية لا يصانع أمة ولا جنسا، ولا يقيم وزنا لماض مجيد في قراره أي الأمم أصلح للبقاء في الظروف الجديدة. وإنما ينظر في حاضرها وما هي عليه. لن نستصدر إذن من التاريخ قرارا في مصلحتنا لمجرد أننا عرب (مصريون) أو لمجرد أن لنا ماضياً مجيداً... والحقيقة الثانية هي أن مجرد كوننا علي حق لن ينفعنا. فالتاريخ ..« سجل للحقوق التي ضاعت» لأن أصحابها لم يتلمسوا الوسائل العملية الكفيلة بإحقاقها".
هذه الكلمات دارت في ذهني وأنا أكتب هذا المقال؛ لتوضيح لماذا تفشل الثورات. ببساطة الثورات تفشل عندما لا تحقق التغيير الجذري الشامل المطلوب، هذا التغيير لا يتم فقط بتغيير النظام السياسي والإقتصادي ولا بإصدار القوانين والعمل علي تنفيذها، التغيير الحقيقي والثورة الحقيقة هي ثورة فكرية يقوم بها مفكرو الشعب وعلماؤه وأدباؤه وشعراؤه وفنانوه وسياسيوه وطلابه وشبابه ونساءه ورجاله الذين يقومون«بتطهير الرواسب المتعفنة للنظام القديم»، ويقومون بثورة فكرية تهدف إلي تغيير المفاهيم التي في العقول والقيم التي في النفوس والقلوب والضمائر. الثورة الناجحة لابد أن يكون هدفها الإصلاح والتغيير الشامل والبناء الحضاري.
الثورة الفكرية هي تغيير المفاهيم والقيم من خلال قيام الثوار "بحركة إقناع عظيمة يقنعون بها الشعب بمختلف وسائل الإقناع التي يحسنونها، من تنوير علمي وجدل فكري وإنتاج أدبي وفني". لابد من تمحيص النظريات والقيم والعادات والمفاهيم والصور النمطية والأنماط السلوكية التي أكتسبت بالقدم جلالا وقداسة، "فينفون عنها ما يجدون أنه لم يعد صالحا للعهد الجديد، ويحلون محلها ما يؤمنون بأن العهد الجديد يستلزمه". بدون هذه الثورة الفكرة لا يكتسب الشعب الوعي الثوري الصحيح ولا يقتنع بلزوم التغيير، ويمانع هذا التغيير. ويقول الكاتب "فليست من ثورة في التاريخ تستطيع أن تنجح إن لم تنجح في إجتذاب الشعب إليها وإقناعه إقناعا عميقا بضرورتها له وحاجته إليها. ومهما يكن من حماسة القائمين بها ومن عزيمتهم وتصميمهم فمصيرهم المحتوم هو الإنهزام أمام جمود الشعب وعزوفه عن التغيير، بل هؤلاء الحكام الثوريون سيخضعون إن عاجلا أو آجلا لفتور الشعب وتخاذله.".
هذه الثورة الفكرية، التي أعتبرناها ضرورة لنجاح الثورات، لابد أن يواجهها مقاومة شديدة من معسكري «الدين» و«الأخلاق» و«الخصوصية» ومن حراس البوابات الفكرية!. فسوف يتهم الرأي الجديد بأنه «هادم للدين» أو «مفسد للأخلاق» أو «لا يتسق مع خصوصيتنا الثقافية».
إن الإنغلاق الثقافي والتشدد الديني قد يقف عقبة أمام تطور المجتمعات. ولكن لنا حجة بسيطة في الرد علي محاربة التقدم بأسم الحفاظ علي الدين والأخلاق والخصوصية، وهي أليس التخلف والتراجع وتهديد بقاء مجتمعنا المسلم هو أمر يخالف صحيح الدين ويناقضه علي طول الخط؟، أليس درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح؟.
لابد إذن أن يأتي التغيير في إطار تكاملي يحافظ علي القيم الإيجابة للمجتمع وبدون إغراق في الخصوصية. إن أشد المجتمعات خصوصية وتجانس عرقي مثل اليابان وكوريا، أستطاعوا أن يسيروا في طريق التقدم ويستفيدوا من العولمة ويحققوا معجزات تقدم إقتصادي وإجتماعي وتنمية إنسانية ليس لها مثيل في مجتمعاتنا. فلا الخصوصية ولا الدين ضد التقدم، ولكن المشكلة في من يتحدثون بأسميهما ويخافون علي مكانتهم في المجتمع والمكاسب التي يحصلون عليها من الحديث بأسم الدين، يخافون من التقدم لانه سيؤدي إلي الإعتدال والوسطية، وسيجعل للجميع صوت مسموع، هم لا يريدون صوت أعلي من صوتهم، لذلك يخافون علي مكاسبهم أن تُهدد بأسم التقدم والبناء الحضاري، تماما كما كان يخشي سادة قريش من دعوة الإسلام التقدمية التحررية التي كانت ستهدد تجارتهم للدين الوثني وللرقيق !!.
العدل والحرية والتقدم والإيمان هي ما تريده الجماهير التي نزلت إلي الميادين وضحت بروحها من أجل هدم قلعة الفساد والإستبداد والتخلف، ولابد من الثورة الفكرية في القيم والمفاهيم من أجل إستكمال ونجاح ثورة يناير. العدل والحرية والتقدم ليسوا ضد الدين في شئ، ولا يمكن لتيار سياسي مهما كانت ليبراليته أن يحققهما منفرداً، العدالة هي القيمة المحورية العليا في الفكر السياسي الإسلامي، ومبادئ العدالة تختلف من مجال لآخر كما يؤكد «والتزر» في نظريته، ولذلك لابد من مشاركة كل جماعة للوصول إلي إتفاق عام حول المبادئ التي تحقق لها العدالة.
وبالإضافة للثورة الفكرية، لابد أن يكون هناك تغيير شامل، تغيير سلوكي من خلال توعية وقوانين، يؤدي في النهاية إلي غرس القيم الإيجابية فيحدث تغيير قيمي وحضاري. والتغيير الشامل والبناء الحضاري يقومان علي تغيير منهجي قائم علي تحديد المشكلات ودراسة البدائل المختلفة لحلها إنتهاء بإختيار الحلول المناسبة وتحويلها إلي إجراءات عملية مع تنفيذ ومتابعة الإصلاح. وهو تغيير جذري وشامل؛ لأن «التغيير الجزئي هو أشد أعداء التغيير»، التغيير الشامل لابد أن يكون في إطار تنوعي وتكاملي بحيث يساعد الإصلاح في مجال ما الإصلاحات في مجالات أخري.
إن هذا التغيير الشامل التكاملي الجذري المنهجي مفتاحه كلمتان الرؤية الإستراتيجية والقيادة السياسية، أو قيادة لها رؤية مستقبلة، قيادة قادرة علي الحلم وعلي تحقيق أحلامها بحشد قوي الشعب من خلال الوعي الثوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.