منذ أغلقت ملف الحكم العسكري في عام1999, شهدت نيجيريا يوم السبت الماضي لأول مرة انتخابات رئاسية نزيهة طبقا لتقارير المراقبين والتي جاءت بالدكتور جودلاك جوناثان(53 عاما) خبير علم الحيوان المسيحي الجنوبي, من بين عشرين مرشحا في اقتراع دعي إليه نحو74 مليون مواطن. من بين155 مليون نسمة هي تعداد نيجيريا صاحبة أكبر كتلة انتخابية في أفريقيا, وذلك في ثالث انتخابات رئاسية تشهدها البلاد بعد انتخابات2003 و2007. وجاءت الانتخابات الرئاسية بعد أسبوع من الانتخابات التشريعية وقبل10 أيام من الانتخابات المحلية في السادس والعشرين من إبريل الجاري, وذلك لاختيار حكام ولايات الاتحاد ومجالس الولايات وهي حزمة الانتخابات التي سبق تأجيلها قبل عدة أسابيع لعدم توافر الدعم الإداري الانتخابي كبطاقات الاقتراع والنتائج مما أصاب البعض بخيبة أمل بعد عام من تأرجح أحوال البلاد عقب وفاة الرئيس السابق' عمر يار ادوا' في مايو الماضي والذي لم يتبع قبيل سفره للعلاج في السعودية الاجراءات الدستورية اللازمة لتعيين نائب له, مما دفع البرلمان النيجيري إلي اختيار د.جوناثان في فبراير2010 للقيام بمهام نائب الرئيس وحماية البلاد من الفراغ الدستوري وهو ما اعتبره البعض انقلابا أبيض لعدم دستورية الإجراء, نظرا لعدم وصول ما ينص من يار أدوا أو من طبيبه علي عجزه عن ممارسة مهامه وتفويض نائب. وكان أعضاء من حزب الشعب الديمقراطي الحاكم طالبوا بترشيح مسلم من الشمال خلفا ليارادوا الذي لم تتجاوز فترة رئاسته3 سنوات والذي جاء خلفا للجنوبي اولوسيجون اوباسانجو الذي انتهت فترة رئاسته لمدة ولايتين في2007 وهو ماجاء في إطار تفاهمات حول تداول السلطة بين أبناء الشمال والجنوب في دولة تحتفظ بمكانة مميزة ضمن ال10 اقتصاديات الأكثر نموا في العالم حيث تأتي في المركز الثالث بعد أنجولا والصين وتحتل المرتبة الثالثة عشر بين الدول المصدرة للنفط. وقد تغلب جوناثان علي نحو20 من المنافسين وعلي رأسهم الحاكم العسكري السابق للبلاد ما بين1984 و1985 الجنرال' محمد بخاري'(69 عاما) ابن الشمال المسلم الذي فشل في تكوين تحالف معارض مع' نوهو ريبادو' رئيس وكالة مكافحة الفساد والمشهود له بالنزاهة, فضلا عن ابراهيم شيكارو الحاكم المنتهية ولايته لولاية' كانو'. وقد أحاطت بمنصب الرئيس النيجيري مشاكل جمة خاصة بعد ان تسلم مهامه د.جوناثان وهو ما زجي الاضطرابات الطائفية التي تعصف بنيجيريا من حين لآخر وكانت أحدث هذه الاضطرابات ما شاب عملية الانتخابات من أعمال عنف ومقتل35 شخصا وانفجار قنبلتين شمال شرق البلاد.. ود.جوناثان الجنوبي القادم من ولاية بايسلا النفطية الواقعة علي دلتا النيجر ينتمي الي جماعة' إيجاو' الكاثوليكية التي تمثل نحو10% من السكان. في نيجيريا التي تعد سادس أكبر دولة إسلامية من حيث الكثافة السكانية, ويبلغ عدد مسلميها78 مليونا. وتظل الأزمة الطائفية بأوجهها الدينية والقبلية والجغرافية من أهم المشكلات في مواجهة الرئيس الجديد وهو ما يستلزم التعامل بحكمة افتقدها د. جوناثان بقرار إيقاف منتخب بلاده القومي عن المشاركة في أية بطولات عالمية بسبب تعثر الأداء الملحوظ مما عرض د.جوناثان لهجوم دولي شديد إضطره للتراجع عن قراره. في الوقت نفسه ينتظر الناخب العادي تنفيذ الوعود بشأن بنية تحتية ملائمة ونظام صحي عادل للجميع وتعليم مناسب ومياه نظيفة بينما يدعو المتابعون للشأن النيجيري الرئيس الجديد بالإسراع في الكشف عن خطة واضحة حول الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والدستورية فضلا عن فتح ملفات الفساد. وهكذا يبدو المشهد النيجيري حافلا بالمطالبات التي ترتكز جميعها إلي خطوات محسوبة ومحددة سلفا من الرئيس الجديد الذي لن يحتاج لوقت طويل قبل تحديد أولويات نيجيريا لسابق معرفته بالمشهد السياسي في البلاد. [email protected]