محافظ المنيا يرفع درجة الاستعداد لمواجهة تداعيات فيضان النيل    أسطول الصمود العالمي: المساعدات الإنسانية في السفن المحتجزة موثقة بالصور    وكيل جهاز المخابرات الأسبق: مصر لم تكن تعلم مسبقا بعملية بطوفان الأقصى    بحضور المحافظ، أوقاف سوهاج تفتتح 3 مساجد جديدة    تعرف على أسعار الأسمنت اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 فى المنيا    محافظ أسوان يتابع تطوير طريق كيما - السماد بتكلفة 155 مليون جنيه ونسبة إنجاز 93%    جامعة قناة السويس تنظم مهرجان الكليات لسباق الطريق احتفالًا بانتصارات أكتوبر    المحامون يقودون معركة تعديل قانون الإجراءات الجنائية.. النقيب العام: استجواب المتهم بغير وجود محامٍ إهدار لحقه الدستوري.. ونطالب بحوار مجتمعي موسع    غزة مقبرة الصحفيين.. كيف تحاول إسرائيل محو تاريخ القطاع؟    اليونيفيل: على إسرائيل التوقف عن شن أي هجمات على عناصر حفظ السلام    ميرز وماكرون يحذّران من محور استبدادي يهدد الديمقراطية الليبرالية في أوروبا    ماريسكا: مواجهة ليفربول ستبقى صعبة رغم خسارته الأخيرة    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    تشكيل فريق البنك الأهلي لمواجهة المصري في الدوري    هدف الشحات بمرمى الزمالك الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    أموريم: مانشستر يعيش ضغوطات كبيرة    محافظ المنوفية يتفقد المواقع المتضررة من ارتفاع منسوب النيل ويوجه برفع الجسر وتقديم الدعم الكامل للأسر المتضررة    المخرج المغربي عبد الحكيم بن عباس: الإبداع والخيال أساس تجربتي السينمائية    وزير الخارجية يثمن دور موريشيوس في توحيد الموقف الإفريقي    نجاة فنانة شهيرة من الموت في حادث سير بأكتوبر    ليلة فولكلورية أوريجينال    عاجل- لعشاق Peaky Blinders.. شاهد الآن |مسلسل الجريمة البريطانى الشهير يعود بموسمين    مشاركة مصرية في القمة العالمية السادسة للصحة النفسية بقطر    17 وجبة خفيفة مثالية لمرضى السكري    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات بشوارع حى غرب سوهاج    التنمية المحلية: بدء أعمال إزالة 35 عقارا بدون ترخيص رصدتها المتغيرات المكانية في الشرقية    افتتاح 3 مساجد بمراكز محافظة كفر الشيخ    الداخلية تكشف حقيقة قيادة شرطي سيارة ب «لوحات مطموسة» في البحيرة    محاكمة سارة خلفية وميدو وكروان مشاكل.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    الحلو وثروت وهانى شاكر يحيون حفل ذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    وزير الرياضة يهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم في بطولة العالم للأندية لكرة اليد    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بمحافظة الغربية ويُشيد بأداء الأطقم الطبية    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    الكاريكاتير يسخر من الهزيمة ويحتفي بالنصر في معرض أكتوبر بدار الكتب    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة    عاجل- تعرف على سنن يوم الجمعة وفضل الدعاء وقراءة سورة الكهف    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    عبدالعاطي: اعتقال النشطاء في أسطول الصمود جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الدولي    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    قطة تعقر 3 أشخاص بقرية الأخيضر في المراغة بسوهاج    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    الشرطة البريطانية تكشف هوية منفذ هجوم مانشستر بالقرب من كنيس يهودي    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بناء الكنائس وأحكام القضاء أيضا
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 02 - 2010

كلما استطال حديثنا عن الفتنة الطائفية‏,‏ استطال التساؤل الذي قد يكون مريرا أو بريئا أو هما معا‏..‏ اذا كان الجميع يجمعون علي ضرورة وأد هذه الفتنة فورا والي الأبد. فلماذا لا نبدأ بالقرار الحاسم والذي يمثل أكثر من نصف مسببات الفتنة؟ لماذا لا يصدر القانون الموحد لبناء دور العبادة؟ ولعلي لاحظت دون تصريح من أحد أو حتي تلميح‏,‏ أن ثمة ترددا في هذا الأمر‏,‏ وإذ يسهم الكثيرون معي في المطالبة بإصدار القانون ومحو هذا التردد فإننا اعتدنا أن نستند الي الفقه والدستور والقانون والممارسات الإسلامية الإولي‏,‏ التي اتسمت بالعدل واحترام حقوق المسيحيين في بناء كنائسهم‏,‏ فإذا كان هذا كله لا يكفي فإننا نعتقد أن مراجعة حصرية لأحكام القضاء في هذا الشأن سوف تضعنا جميعا في موقف التخلي التام عن أي تردد في هذا الشأن‏,‏ فقط وقبل أن نقرأ أحكاما قضائية حكيمة نذكر الجميع أن الحكم القضائي هو عنوان الحقيقة‏.‏
ونبدأ‏:‏
ففي عام‏1924‏ أصدرت محكمة النقض حكما ينص علي أن من حق المواطنين عقد اجتماعات في أي مكان شاءوا لإلقاء المواعظ الدينية والصلاة وذلك دون الحصول علي إذن من جهة رسمية‏,‏ أو حتي دون حاجة لإخطارها‏,‏ وقد صدر هذا الحكم بناء علي طلب القمص سرجيوس وذلك بعد ملاحقة البعض له بدعوي أنه يقيم الصلوات المسيحية في مكان غير مخصص أو مرخص بالعبادة فيه‏.‏
وثمة حكم آخر في‏1954‏ أصدرته محكمة سمالوط قضت فيه بما يلي‏:‏ ولا جدال في أنه من حق القس بأن يتخذ من مسكنه الخاص مكانا يقيم فيه شعائر الصلاة وترتل فيه الترانيم الدينية حتي ولو ارتفعت أصواتهم بما يترتب عليه إقلاق راحة جيرانهم‏,‏ ويمضي الحكم القضائي قائلا ذلك أن علينا أن نقارن ما يفعلونه بمن اعتادوا دون احتجاج من أحد تلاوة القرآن بصوت مسموع وإلقاء الشعائر الدينية بين جماعة من الناس‏.‏
لكن الحكم الأكثر حسما والأكثر أهمية يأتي من أستاذ أساتذة القانون في مصر بغير منازع الدكتور عبدالرازق السنهوري وهو الحكم في القضية رقم‏538‏ سنة‏5‏ قضائية والمقامة من حنا سليمان جرجس والذي قال في صحيفة دعواه إنه أقام بناء خصصه فيما بعد للصلاة مع اخوانه من الأقباط الأرثوذكس وأطلق عليه اسم كنيسة القصاصين‏,‏ ولما كان قد صدر قرار إداري بإيقاف ممارسة الشعائر الدينية بالكنيسة حتي يصدر مرسوم ملكي يسمح بإنشاء هذه الكنيسة‏,‏ فإن الشاكي يطلب في دعواه ابطال القرار الإداري المشار إليه في صحيفة الدعوي‏,‏ فماذا كان رأي أستاذنا الدكتور عبدالرازق السنهوري؟ لنقرأ معا من حيث أن المدعي ينعي علي الأمر المطعون فيه أن وزارة الداخلية لا يدخل في اختصاصها منع الاجتماعات الدينية وتعطيل الشعائر لمنافاة ذلك للحرية الفردية ولحرية العقيدة وحرية العبادة وكل هذه أمور كفلها الدستور‏,‏ وليس في القوانين واللوائح ما يمنع حرية الاجتماع لممارسة الطقوس الدينية وشئون العبادة في مكان مملوك للمدعي أطلق عليه اسم كنيسة القصاصين‏,‏ فإن المحكمة تري أن الدستور يحمي هذه الحريات مادام انها لا تخل بالنظام العام‏,‏ ولا تنافي الآداب‏,‏ ومن ثم يكون الأمر بتعطيل الاجتماع الديني قد وقع باطلا مما يتعين معه إلغاء الأمر المطعون فيه‏,‏ أما عن الخط الهمايوني وبرغم أن محكمة القضاء الإداري لا تملك الحق في الحديث عن مدي دستوريته إلا أنها تجد أنه من الضروري ألا يؤدي إعماله الي حرمان مواطنين من حقهم في إنشاء دور عبادة خاصة بهم يمارسون فيها شعائرهم الدينية‏,‏ ويمضي الدكتور السنهوري في حكمه ومن حيث أنه مما تجب مراعاته فوق ذلك أن اشتراط الحصول علي ترخيص في إنشاء دور العبادة علي نحو ما جاء في الخط الهمايوني لا يجوز أن يتخذ ذريعة لإقامة عقبات لا مبرر لها تحول دون إنشاء هذه الدور‏,‏ الأمر الذي لا يتفق مع حرية إقامة الشعائر الدينية إذ إن الترخيص المنصوص عليه في هذا الخط الهمايوني لم يقصد به عرقلة اقامة الشعائر الدينية بل أريد به أن يراعي في إنشاء دور العبادة الشروط اللازمة التي تكفل أن تكون هذه الدور قائمة في بيئة محترمة تتفق مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها‏,‏ وتمضي المحكمة لتطالب المشرع بإصدار تشريع يحدد الإجراءات اللازم مراعاتها في إنشاء دور العبادة والشروط الواجب توافرها‏,‏ حتي اذا ما استوفيت هذه الشروط وروعيت هذه الإجراءات تعين صدور الترخيص في مدة يعينها المشرع فإذا لم تصدر جهة الإدارة في هذه المرة قرار الترخيص كان الطالب في حل من اقامة دور العبادة التي طلب الترخيص لإنشائها‏,‏ وبعد ذلك يصدر الدكتور عبدالرازق السنهوري حكمه التاريخي ويقول ولذلك كله حكمت المحكمة بإلغاء الأمر الإداري الصادر من وزارة الداخلية بوقف الاجتماعات والشعائر الدينية والتي تقام بالمكان الذي خصصه لها المدعي بناحية القصاصين وألزمت الحكومة بالمصروفات‏.‏
والآ‏..‏ هذا هو الدستور‏,‏ وهذا هو القانون‏,‏ وهذا هو العقل والحق‏,‏ وهذه هي المصلحة الوطنية التي تعلو فوق أي تردد أو همهمات من هنا أو هناك‏,‏ وهذه هي أحكام القضاء‏,‏ بل هذا هو حكم أستاذ أساتذة القانون وقاضي قضاة مصر مهما امتد بها الزمان‏.‏
وفوق هذا وذاك‏,‏ هناك الممارسات الحكيمة التي امتدت أمدا طويلا وعبر قرون عديدة وهي ممارسات عاقلة وعادلة وتحترم حقوق الأقباط في إقامة دور عبادتهم‏.‏
وفوق هذا وذاك‏,‏ هناك القرآن الكريم إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصاري والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏.‏
وأيضا شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه‏.‏
والآن‏..‏ وبلا تردد‏..‏ فلم يعد ثمة وقت للتردد‏,‏ فليصدر هذا القانون فورا‏,‏ حتي لا نعود فنلوم أنفسنا‏.‏

المزيد من مقالات د. رفعت السعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.