في ظل استمرار المحاولات المفضوحة لفلول النظام لاحتواء واجهاض الثورة بات من الضروري أن يراهن الشعب, ومن الآن علي رئيس الجمهورية الجديد الذي يتحتم أن يتمتع بكامل الأوصاف الثورية ليكون الحارس الأخير للثورة الضامن لاستمرار مبادئها والتأسيس لمجتمع حر جديد. دعونا نعترف بأن النظام السابق نجح في تنفيذ سيناريوهات متقنة لتجفيف المنابع القيادية والقضاء علي كل مشروع قيادة يمكن أن تتبوأ في يوم من الأيام منصب الرئيس الذي كان حكرا عليه وعلي أولاده من بعده. كانت كلمة السر عند اختيار القيادات هي ترشيح الضعفاء لاختيار الأضعف من بينهم وياحبذا لو كان منحرفا أو فاسدا.. لا مكان لكل من يضبط متلبسا بالموهبة, وعلي المتسربين منهم أن يثبتوا أنهم جهلاء كي يبقوا في مواقعهم, وعندما كان يخضع أي منهم للعقاب الجزافي لاختبار مدي ولائه للنظام كان يتوجب عليه أن يعلن استحقاقه للعقاب علي جريمة لم يرتكبها! أما المسئول السياسي الأطول عمرا فهو الذي كان يجيد ترجمة الصهد المنبعث من وجه الرئيس أي رئيس إلي توجيهات لإعفاء الرئيس من عناء التوجيه, وكان المرشح الأقوي للصعود هو القائد الذي يتميز بأنه( يشتم وينشتم) وتتقطع هدومه دفاعا عن النظام, وكان بعض القادة المشتاقين يحرصون علي نفي أي صلة لهم بالتيار الإسلامي الذي كان القشة التي تقصم ظهر كل بعير مهما كان ولاؤه وانتماؤه للنظام, وفي واحدة من الوقائع الطريفة قال أحد القادة الكبار ردا علي منتقديه: كل الحكاية إنني أشرب كأسا واحدة بعد صلاة العشاء!. لابد أن نعترف بأن النظام السابق نجح أيضا في اختراع ثقافة الأقنعة التي تخفي حقائق مفزعة كانت تؤكد أن الأخلاق يجب أن تتنحي وأن التزوير المعنوي يسبق التزوير في الانتخابات, وأنه لا مانع من المؤامرة علي الانصهار بين المسلمين والمسيحيين. أرجو ألا نصاب بفقدان الذاكرة ونحن نؤسس لمجتمع جديد فإن كل من كان يصلح للقيادة في النظام القائم لا يصلح أن يكون رئيسا للنظام القادم. وأري وأنا اجتهد أن المرشح الثوري يجب أن يكون حاصلا علي شهادة الكراهية المعتمدة من النظام السابق وأن يخلو تاريخه من أي ممالأة أو محاباة أو محاكاة أو مماحكة أو صمت علي الجرائم الصغيرة للنظام, وأن يكون قد نال شرف العقوبة السالبة أو غير السالبة للحرية وأن يستخرج شهادة من أرشيف الصحف تثبت تضخم الحملة عليه وتقطيعه هو ومناصريه إرضاء للنظام. تلك هي ملامح الرئيس الجدير بالترشيح في انتخابات الرئاسة المقبلة, والكلمة الأخيرة لميدان التحرير. المزيد من مقالات محمود معوض