بعد اعتقاده بان التعددية الثقافية فشلت في فرنسا اعلن الرئيس نيكولا ساركوزي عن طرح النقاش الوطني حول دور الاسلام واحترام المسلمين للعلمانية ذلك بعد أقل من عام من منع النقاب بفرنسا وقبل أقل من عام علي الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر لها مايو 2012. والنقاش المزمع عقده في أبريل القادم سيرأسه ساركوزي شخصيا ويدعي له نخبة من المدنيين ورجال الدين لتناول كيفية تنظيم الممارسة الدينية في فرنسا بما يتوافق مع قواعد الجمهورية العلمانية فضلا عن عقد اتفاق ضمني لتحديد اماكن العبادة وفي هذه الجزئية نقل عن ساركوزي قوله لا نريد مصلين في الشوارع أو نداءات للصلاة. وبدون أدني شك أن هذا الجدل المثار أوقدت شرارته الزعيمة اليمينية المتطرفة مارين لوبن رئيسة حزب الجبهة الوطنية خلفا عن والدها المعروف عنه عداءه الشديد للمسلمين والمهاجرين العرب والأفارقة علي وجه الأخص. ويأتي إعلان ساركوزي عن هذا النقاش الوطني بعد أن وقع آخر استطلاع للرأي كوقع الزلزال في داخل الحزب الحاكم لما أظهره من نتائج تتوقع فوز الزعيمة المتطرفة لوبن الابنة في الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية علي الرئيس ساركوزي ومرشحي اليسار من الاشتراكيين. ومن اجل الانصاف فان الجدل المثار بفرنسا نابع من التصرفات غير المسئولة لبعض المسلمين الذين يقومون بقصد او بدون قصد بالإساءة الي الفرنسيين من غير المسلمين كاقامة صلاة الجمعة في الشوارع والطرقات ببعض المناطق المكتظة بالمسلمين تحت ذريعة عدم وجود مساجد كافية والواقع أن هذه الافعال تثير امتعاض الآخر لأنها تنشر ظاهرة الاسلام بصورة واضحة في بلد اعتمد العلمانية وعاني الويلات لابقاء الدين بعيدا عن الحياة العامة بفصل الكنيسة الكاثوليكية عن الدولة رسميا عام.1905 ومما لا شك فيه أن هذه التصرفات اتخذت منها الجماعات المتطرفة وسيلة للهجوم علي الإسلام والدولة التي سمحت لهم بذلك وأتاحت بدورها فرصة ذهبية لمارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية لتسحب البساط من تحت اقدام الحزب الحاكم حين وصفت صلاة المسلمين في الشوارع بالاحتلال النازي. كما أن تزايد الاقلية المسلمة في العقود القليلة الماضية مثل تحديات جديدة بفرنسا وفتح نقاشات ساخنة ومخاوف متعددة ادت بهم الي حظر الحجاب في المدارس الحكومية عام2004 وحظر النقاب في الاماكن العامة العام الماضي. ومازالت في الجعبة موضوعات اخري كالوجبات الحلال في المدارس التي تثار علي مضض ولم تسن لها قوانين بعد. ويذكر أن عميد مسجد باريس د. دليل بوبكر اعلن عن احتجاجه علي هذا النقاش مطالبا بالالغاء الفوري لهذا الجدل المشين والمحصن علي العنصرية وكراهية الاسلام.. كما قام بعض ابناء المهاجرين من المسلمين الفرنسيين بتمزيق بطاقات الحزب الحاكم التابع للرئيس ساركوزي أمام كاميرات التليفزيون للتعبير عن استيائهم من التعمد المستمر بمهاجمة الاسلام في الوقت الذي تعتمد فيه الدولة علي قانون العلمانية المفترض له التعامل مع المواطنين بكونهم فرنسيين. طارحين سؤالا: لماذا هذا الجدل حول الاسلام دون الديانات الاخري؟ جاء ذلك بعد ان أعلن الامين العام للحزب الحاكم الاتحاد من اجل الحركة الشعبية أن هذا النقاش المزمع سيتناول قضايا مثل تمويل وبناء المساجد ومحتويات خطب الجمعة وتعليم ائمة المساجد. وعلي نفس الصعيد طلبت النيابة العامة في باريس بتوقيع عقوبة السجن مع وقف التنفيذ للزعيم الاب اليميني المتطرف جان ماري لوبن, بسبب قيام حزبه بتوزيع لافتات دعائية انتخابية تحض علي كراهية المسلمين خاصة من ذوي أصل جزائري. ويذكر ان هذه القضية موضع الحسم أمام القضاء منذ فترة ترجع الي الانتخابات الاقليمية في فبراير.2010 وفي هذه اللافتة موضع الخلاف تظهر فيها امرأة منقبة تقف الي جانب خريطة لفرنسا يغطيها تماما العلم الجزائري وتخرج منها مآذن علي شكل صواريخ مع عنوان لا للاسلمة. وهو ما حفز الجالية الجزائرية والحركة المناهضة للعنصرية ومن اجل الصداقة بين الشعوب لتقديم شكوي الي القضاء الفرنسي. ومازالت القضية رهن المناقشة والحكم ربما في الجلسة المقبلة المؤجلة الي الخامس من ابريل.2011